السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

إدواردو سيكى يكتب: تعاون إستراتيجي.. العلاقات بين القاهرة وروما على رقعة الشطرنج المتوسطي

إدواردو سيكى
إدواردو سيكى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يمكننا القول أنه لا شيء، ولا حتى محاولات الأحزاب الأوروبية لتشويه سُمعة مصر، قادرة على تغيير العلاقة التقليدية للتعاون بين الدولتين المتوسطتين التي يبلغ عمرها ألفي عام ولديهما تراث ثقافى هائل.

مصر بلد ضامن للاستقرار فى منطقة البحر المتوسط والشرق الأوسط

مصر شريك رئيسى لإيطاليا فى إفريقيا على الصعيدين الدبلوماسى والاقتصادى. الشريك الأوروبى الأول لمصر، إيطاليا، طورت خلال السنوات الخمس الماضية تقاربًا قويًا بين البلدين مع تكثيف المبادلات التى أثرت على قطاعات حساسة مثل بيع الأسلحة واستخراج الغاز.
لطالما كانت العلاقات بين إيطاليا ومصر مهمة على الدوام لأسباب لم تتغير جذريًا منذ عهد جمال عبد الناصر. يمكن أن تُعزى هذه الأسباب إلى تاريخ هذين البلدين المتوسطين، وإلى الاعتماد الإيطالى القوى على الطاقة، والثروة النسبية من الهيدروكربونات للدولة المصرية، وكذلك إلى الموقع الإستراتيجى للقاهرة فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، المجاورة لإيطاليا.
التعاون الدبلوماسى
على المستوى الاستراتيجى والدبلوماسى، عهدت إيطاليا بحكم الأمر الواقع إلى مصر بدور الضامن للاستقرار فى منطقة البحر المتوسط والشرق الأوسط على مدى السنوات الخمس الماضية. من خلال تعديل المبادئ التوجيهية التى وضعتها واشنطن وبدعم من برلين وباريس، منحت إيطاليا قيمة استراتيجية كبيرة لمصر لدورها المستمر كوسيط فى الصراع العربى الإسرائيلى، وقبل كل شيء لالتزامها بمحاربة الإرهاب. كان هذا التقارب جزءًا من استراتيجية «المحور المتوسطى» لإيطاليا، والتى تلتزم الدولة من خلالها بلعب الدور الطليعى للاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسى، من خلال شراكاتها الثنائية الخاصة مع دول مثل مصر.

الدعم السياسى والعسكرى
ترافق الدعم السياسى والدبلوماسى الإيطالى لمصر أيضًا مع تعاون استراتيجى وعسكرى وثيق بشكل متزايد، لدرجة أن مصر أصبحت رسميًا فى عام ٢٠١٩ أكبر عميل فى العالم للصناعة العسكرية الإيطالية. هذه النتيجة غير العادية، إذا اعتبرنا أنها تتعلق بدولة خارج التحالفات العسكرية التى تشير إليها السياسة الخارجية الإيطالية رسميًا، تستند إلى شبكة كثيفة من الاتفاقيات والتبادلات التى تطورت بالفعل منذ يناير ٢٠١٥، مع توقيع اتفاقية جديدة، وتكثفت مع الزيادة التدريجية فى مبيعات المعدات العسكرية، بما فى ذلك الأسلحة الصغيرة وبرامج المراقبة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التعاون الوثيق بين إيطاليا ومصر فى المجال العسكرى مستمر، لكن الأمر الأهم هو الصفقة البالغة ٩ مليارات دولار التى تم التوصل إليها فى مايو ٢٠٢٠ لبيع أنظمة عسكرية إيطالية ضخمة لمصر. تشمل هذه الاتفاقية بيع فرقاطتين من طراز Fremm متعدد الأدوار وأربع سفن و٢٠ زورق دورية و٢٤ مقاتلة متعددة الأدوار من طراز Eurofighter والعديد من طائرات التدريب M٣٤٦.
التبادلات الاقتصادية
من الناحية الاقتصادية والتجارية، أكدت إيطاليا نفسها فى عام ٢٠٢١ كشريك رئيسى لمصر بين دول الاتحاد الأوروبى. على المستوى العالمى، كانت إيطاليا الدولة الشريكة الخامسة (بعد الصين والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وتركيا)، متجاوزة الهند فى المركز الخامس. كما تعد إيطاليا ثانى وجهة للبضائع المصرية بعد تركيا وقبل الهند. وبلغت الصادرات من إيطاليا إلى مصر ٣.٨ مليار يورو (+ ٢٣.٥٪) بينما تجاوزت الواردات من مصر ٢ مليار يورو (+ ٢٥.٤٪). بلغ إجمالى التجارة ٥.٨١ مليار يورو (+ ٢٤.١٪).
الوجود الإيطالى
من بين أهم الشركات الإيطالية العاملة فى مصر شركة إينى ENI المشغل الرئيسى للنفط والغاز فى البلاد، والمتواجدة منذ عام ١٩٥٤. فى مارس ٢٠١٥، وقعت ENI اتفاقية استثمار بقيمة خمسة مليارات دولار تهدف إلى تنمية الموارد المعدنية المصرية.. تبع ذلك اكتشاف حقول غاز بحرية ضخمة على الساحل المصرى. حقل ظهر للغاز الطبيعى، الذى اكتشفته شركة ENI فى أغسطس ٢٠١٥، هو اليوم أكبر خزان للغاز فى البحر المتوسط وواحد من أكبر مخازن الغاز فى العالم. لذلك، بالنسبة لشركة ENI تعد مصر اليوم أحد أهم أحواض الإنتاج وعنصرًا مهمًا فى إنشاء مركز أكبر للغاز فى شرق البحر المتوسط.




بالإضافة إلى ENI، يوجد فى مصر أيضًا Intesa Sanpaolo Bank (أحد أوائل المستثمرين الإيطاليين فى مصر، والذى استحوذ على ٨٠٪ من رأس مال بنك الإسكندرية)؛ Mairie Tecnimont (إنشاء مصنع للأسمدة فى أسوان بحوالى ٥٠٠ مليون دولار) ؛ Ansaldo Energia (توريد التوربينات وبناء محطات توليد الطاقة) ؛ غلايات التيار المتردد (Ansaldo Caldaie سابقًا) ؛ دانييلى (مصانع الصلب) ؛ مطحنة القطن البينى والفلمار (إنتاج الخيوط والأقمشة) ؛ الخطوط الجوية ITA Cementir (من خلال شركتها الفرعية Alborg Portland تمتلك حصة أغلبية فى مصنع سيناء للأسمنت لإنتاج وتوزيع الأسمنت)؛ مابى (مع شركتها الفرعية فينافيل مصر، تنتج بوليمرات أسيتات الفينيل ومضافات للخرسانة ومنتجات تعتمد على راتنجات الإيبوكسى والبولى يوريثان لصناعة البناء) ؛ Technip Italia التى أبرمت فى أوائل عام ٢٠٢٠ عقدًا لتمديد مصفاة ميدور مقابل ١.٧ مليار دولار، مما يعزز دور المجموعة فى البلاد؛ مجموعة ليوناردو Saipem (موجودة فى مصر منذ الخمسينيات من القرن الماضى، وتقوم بتنفيذ مشاريع كبرى بما فى ذلك بناء وتركيب العديد من المنصات).
.. والخلاصة
باختصار، يمكننا القول إنه لا شيء، ولا حتى محاولات الأحزاب التقدمية الأوروبية لتشويه سمعة مصر، كانت قادرة على تغيير العلاقة التقليدية للتعاون والصداقة بين هاتين الدولتين المتوسطتين التى يبلغ عمرها ألفى عام ولديهما تراث ثقافى هائل. معترف بها تاريخيا فى جميع أنحاء العالم.

معلومات عن الكاتب  
إدواردو سيكى.. الرئيس المؤسس لمجموعة إيطاليا وفرنسا ونادى إيطاليا وفرنسا.. رجل أعمال ومستشار اقتصادى وكاتب عمود فى كل من فرنسا وإيطاليا.. يتناول، هنا، كل ما يقرب بين هذين البلدين الرئيسيين من البحر المتوسط، ويشير إلى ما يربط البلدين، خاصةً منذ العصور القديمة.