الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

الدكتور على الدين هلال يكتب.. كيف يمكن تقليل الخسائر المترتبة على حالة الاضطراب فى العالم؟

على الدين هلال
على الدين هلال
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الغرب لا يزال يرسل أسلحة لأوكرانيا.. وموسكو مصممة على الاستمرار فى الحرب

أدى انتشار عناصر القوة العسكرية والتكنولوجية بين عدد كبير من الدول الإقليمية إلى اتباعها لسياسات الإكراه والقوة فى علاقاتها بجيرانها ومن أمثلة ذلك حالات إسرائيل، وإثيوبيا، وإيران.


أدى انتشار عناصر القوة العسكرية والتكنولوجية بين عدد كبير من الدول الإقليمية إلى اتباعها لسياسات الإكراه والقوة فى علاقاتها بجيرانها تصاعد أعمال «الإرهاب الداخلى» فى الولايات المُتحدة على يد جماعات الاستعلاء العُنصرى الأبيض كما كشفت السلطات الألمانية عن تنظيم مُتطرف فى ديسمبر الماضى كثير ما نقرأ أننا نعيش فى عالم خطر تسوده الحروب والنزاعات، أو أن العلاقات الدولية تمر بحالة من اللا يقين وعدم القُدرة على التنبؤ بالأحداث. ومثل هذه التقييمات تؤثر على الدول والشعوب والأفراد، وتتطلب منهم الوصول إلى صيغ للتعايش معها. 
من أهم الإسهامات الفكرية التى تُساعد على فهم ما يحدث فى العالم هى أفكار أستاذ العلاقات الدولية الأمريكى جيمس روزيناو الذى أصدر على مدى ١٧ عامًا ثلاثة كُتب مُهمة فى هذا الشأن: الأول عن «الاضطراب فى السياسة العالمية: نظرية التغير والاستمرارية» فى عام ١٩٩٠، والثانى عن تفاعلات ما بعد العولمة والتى درس فيها التأثيرات النابعة من أماكن بعيدة فى ٢٠٠٣، والثالث عن تصاعد دور الأفراد كفاعلين فى العلاقات الدولية فى ٢٠٠٧. والمفهوم الرئيسى الذى انطلق منه روزيناو هو فكرة «الاضطراب» Turbulence ويُشير إلى أن العالم دخل مرحلة من التغيرات والتقلبات غير المُتوقعة وغير المُنضبطة والتى قد تكون أحيانًا عنيفة وممتدة الأثر، والتى تخلق حالة من عدم الاستقرار والفوضى فى سلوك الدول. 
 

إن متابعة سلوك الدول الكُبرى فى قرننا الحالى تُوضحُ استخدامها المُتكرر للقوة فى حل مشاكلها والدفاع عن مصالحها وذلك بالمخالفة لمبادئ النظام الدولى الذى تم الاتفاق عليه فى مؤتمر سان فرانسيسكو وميثاق الأمم المُتحدة. والأمثلة كثيرة مثل الحرب الأمريكية على العراق فى ٢٠٠٣ والحرب الروسية فى أوكرانيا فى ٢٠٢٢. 
وأدى انتشار عناصر القوة العسكرية والتكنولوجية بين عدد كبير من الدول الإقليمية إلى اتباعها لسياسات الإكراه والقوة فى علاقاتها بجيرانها ومن أمثلة ذلك حالات إسرائيل، وإثيوبيا، وإيران. 
وهُناك ما أسماه روزيناو بالجماعات الفرعية، والتى توقع أن يؤدى ازدياد دورها إلى إضعاف مؤسسات الدول وعدم قدرتها على الوفاء بمهامها، والمقصود بهذا التعبير المنظمات التى تعملُ خارج سُلطة القانون والدولة ومن أمثلتها التنظيمات الدينية المتطرفة التى استخدمت سلاح العنف والإرهاب لتحقيق أهدافها السياسية، وتنظيمات الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر، والغالبية العظمى منها جماعات عابرة لحدود الدول.
بعض هذه التنظيمات لها ميليشيات وفصائل عسكرية وتُسيطر على أجزاء من إقليم الدولة، وتفرض على القاطنين فيها الإذعان والولاء لها. ولا يقتصر وجودها على الدول النامية والفقيرة ولكن امتد إلى الدول الصناعية المُتقدمة، يدل على ذلك تصاعد أعمال «الإرهاب الداخلى» فى الولايات المُتحدة على يد جماعات الاستعلاء العُنصرى الأبيض، والتنظيم المُتطرف الذى كشفت عنه السُلطات الألمانية فى ديسمبر ٢٠٢٢. 
حالة الاضطراب فى العالم تبلورت فى مطلع هذا القرن، وجاءت أحداث عام ٢٠٢٢ والتى تستمر تداعياتها فى عامنا الحالى كحلقة مهمة –وربما تكون فاصلة-فى مسلسل هذا الاضطراب. فقد شهد العام الماضى نشوب حرب كُبرى فى أوروبا لم تشهد القارة العجوز مثيلها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وما ترتب عليها من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وتزايد أعداد النازحين واللاجئين، وخفض توقعات مُعدل النمو العالمى. وزاد الأمر، ظهور التأثيرات السلبية للتغيرات المُناخية التى برزت فى شكل ارتفاع درجة الحرارة فى عدد من العواصم الأوروبية بدرجات غير مسبوقة، وغير ذلك من مظاهر شهدها العالم كحرائق الغابات، والأمطار الموسمية الكثيفة التى تحولت إلى سيول مدمرة. 

استجابت حكومات الدول لهذه التحديات باتباع سياسات عامة لكبح جماح ارتفاع الأسعار، ودعم الطبقات المُتوسطة والفقيرة. ولكن تكلفة هذه السياسات ما زالت كبيرة بالنسبة لأغلب الدول النامية المُثقلة أصلًا بالديون وتُعانى من انخفاض مُعدلات نموها الاقتصادى، وهو ما يزيد من أهمية التعاون الدولى.
ولا يوجد من المؤشرات ما يُفيد بأن هُناك نهاية سريعة لانتهاء حالة الاضطراب، ولا يبدو أن المُتحاربين على الأرض الأوكرانية يشعرون بضرورة وقف إطلاق النار فى وقت قريب. فمازالت الدول الغربية تُرسل أنماط مُتقدمة كدبابات برادلى الأمريكية وليوبارد الألمانية إلى أوكرانيا، وما زالت موسكو مُصممة على الاستمرار فى الحرب حتى تقبل كييف والدول الغربية نتائج الاستفتاء الذى أجرته روسيا فى الأقاليم الأربعة المُتنازع عليها والذى بمقتضاها تم ضم هذه الأقاليم إلى روسيا. 
علينا إذن التعايُش مع حالة الاضطراب فى العالم والسعى تدريجيًا إلى تقليل الخسائر المُترتبة عليها والعمل على تجاوزها.




معلومات عن الكاتب

د.على الدين هلال.. مفكر سياسى وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية من عام 1994 إلى 1999، وأستاذ العلوم السياسية بالكلية حتى الآن. وزير الشباب المصرى من عام 1999 إلى 2004. له عشرات الكتب والبحوث المنشورة باللغتين العربية والإنجليزية، وشارك فى العديد من المؤتمرات العلمية والسياسية.. يطرح رؤيته لكيفية التعامل المضطرب من حولنا.