بدأ تنظيم داعش الإرهابي تنفيذ خطة استراتيجية موسعة لكسب أتباع جدد عبر فتح بوابة جديدة للصراع يثبت من خلالها وجوده وقوته، حيث اختار إشعال الأراضي الأفغانية بمعركة واسعة مع طالبان.
وبالطبع يتحرك تنظيم داعش في تلك المنطقة من خلال ذراعه المسماة بولاية خراسان الإسلامية، التي شنت هجوما انتحاريا أمام السفارة الروسية في كابول، أسفر عن مقتل أكثر من أربعة.
وتثير تحركات تنظيم داعش مخاوف الخبراء والمتابعين من أن ينجح التنظيم في التمدد وتوسيع رقعة العمليات التي ينفذها، بحثا عن أكبر قدر ممكن من البروباجندا التي تساعده على جذب أتباع جدد.
ويرجع الخبراء مخاوفهم إلى أن التنظيم شن تجاوز الحدود الأفغانية في هجماته الأخيرة مستهدفا بلدانا أخرى في المنطقة، حيث أطلق عدة صواريخ على طاجيكستان وأوزبكستان المجاورتين، وهو ما يرى معه الخبراء الأمنيون أن التنظيم أضحى يشكل تهديدا حقيقيا للمنطقة.
ولا يمكن إغفال التاريخ العنيف لمنطقة آسيا الوسطى، والذي يعزز من فرص داعش في صناعة بؤر واسعة للإرهاب، فهذه المناطق عانت منذ سنوات طويلة جراء النزاعات الحدودية، والانهيار الاقتصادي، خاصة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، الذي كان الضامن الوحيد للأمن فيها، وصولا إلى قيرغيزستان وطاجيكستان، وأوزبكستان.
ومن الأدلة القاطعة على استهداف تنظيم داعش لتلك المنطقة بخطة دعائية خاصة، هو ظهور العديد من قنوات Telegram التي تروّج لخطاب داعش خرسان باللغة الطاجيكية، واللغات المحلية الأخرى المنتشرة في تلك المنطقة، وهو ما يتكرر في أوزبكستان.
سياسة إثارة الضجة
يرى الدكتور عمرو عبدالمنعم، المتخصص في شئون الجماعات المتطرفة، أن تحركات تنظيم داعش تستهدف إثارة أكبر قدر من الضجيج الإعلامي، حتى يقنع أتباعه بقوته، ويستطيع إحياء فرصه في كسب المزيد من الأتباع الجدد.
وحذر عبدالمنعم من أن رغبة داعش في إحداث ضجة كبيرة، ستدفعه إلى تنفيذ هجمات شديدة العنف، وهو ما بدا واضحا في استغلاله لهجمات كوسوفو عبر مواد إعلامية نشرها باللغات المحلية لدول جنوب ووسط آسيا، وأيضا افتتاحه فروعًا لوسائل الإعلام المحلية، غرضها الأول إقناع الشباب بجدوى الانضمام إلى صفوفه.
وطالب دول وسط وجنوب آسيا بالتحالف لوقف محاولات داعش للتمدد قائلا: "التجربة تؤكد أنه بدون التحالف خاصة على الصعيد الأمني، والمعلوماتي لن يكون إيقاف داعش متاحا، وبالتالي سيمنح ذلك التظيم فرصة ذهبية للعودة من بوابة جنوب ووسط آسيا".
وأشار عبدالمنعم إلى أن ولاية خراسان أطلق حملات دعائية مضادة، بهدف إدماج عناصر رقمية إلى كتيبته العسكرية، تكون قادرة على اختراق المعلومات المهمة للدول المستهدفة، وتسريبها لقادة التنظيم.
داعش يعيد تخطيط قدراته
مبديا تأييده للرأي السابق؛ أكد عمرو فاروق الباحث في شئون التنظيمات المتطرفة، أن تنظيم داعش يستغل وجوده في جنوب آسيا من أجل إعادة تخطيط قدراته، وتنظيم صفوفه؛ مشيرا إلى أن ولاية خراسان التي أسست في عام ٢٠١٤، وبما تضم من مقاتلين منشقين عن حركة طالبان باكستان، وتنظيم القاعدة، وطالبان الأفغانية، أصبحت بوتقة لاختلاط الخبرات، التي تدين الآن بالولاء لتنظيم داعش، ما يجعل تحركاتها في وسط وجنوب آسيا، شديدة الخطورة.
ولفت فاروق إلى أن تنظيم داعش، ومن خلال ذراعه المحلية ولاية خراسان يعمل على صياغة مخططات لتجنيد الإرهابيين، من خلال توظيف شبكة الدعاية الضخمة التابعة له عبر الإنترنت للاستفادة من حالة الشحن التي ستنجم عن عمليات في المناطق الضعيفة بسبب وجود الأقليات الطائفية في جميع أنحاء وسط وجنوب آسيا.
وأكد أن تنظيم داعش يخطط أيضا لاختراق باكستان، عبر العمل على تعزيز قدرات الفرق العاملة هناك، ومساندتها لوجيستيا حتى تستطيع تنفيذ هجمات عنيفة، تشعل نيران الطائفية المستعرة أصلا في باكستان، من خلال استهداف الأقلية الشيعية، وبالتالي صناعة أجواء تسمح بخروج الأوضاع الأمنية عن السيطرة، ومنح التنظيم بالتالي حرية الحركة.
وأشار فاروق إلى أن داعش يعتمد في خطته على التركيز الدعائي على الانقسامات خاصة في بلوشستان، وخيبر باختونخوا، اللتين تملكان حدودا طويلة مع أفغانستان، وشهدتا زيادة في عمليات إطلاق النار والتوغلات عبر الحدود في أعقاب استيلاء طالبان على السلطة.