أكملت حبرية البابا فرنسيس بابا الفاتيكان عشر سنوات وهي بمثابة استكمال مسيرته على خطى أسلافه مع الجهود في بناء الجسور مع أي شخص يظهر حتى وميض رغبة لاستعداده للدخول في حوار مع العالم أجمع، حيث تحدث البابا فرنسيس عن توحد المسيحيين من مختلف الكنائس، وقد تعانق مع البطريرك المسكوني للقسطنطينية برثلماوس، وتمكن من تحقيق الحلم الذي لم يحققه أسلافه المباشرين في لقاء بطريرك موسكو. وعموم روسيا للمرة الأولى، فإن الوحدة المسيحية ليست فقط مهمة في حياة الكنائس، ولكنها أيضاً مؤشر هام علي السلام في العالم.
وبمناسبة مرورعشر سنوات علي حبرية البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، قال المطران فراس دردر، مطران البصره للسريان الكاثوليك، إنه وجه ملائكي يوجه أسبوعيا رسائل سلام يفتقدها العالم، ببساطة امتزجت بعمق الإيمان، وروح محبة ما زالت تنظر إلى أعماق الإنسان، بعيدا عن لونه أو جنسه أو ديانته، فالبابا فرنسيس بابا الفاتيكان، حالة فريدة من نوعها تميل إلى البسطاء والفقراء والمرضى والمحتاجين، ليتربع على كرسي التواضع قبل أن يكون بابا للفاتيكان، جسد رسالته بهدوء ومثالية جذبت له أنظار المسيحيين ومن بعدها العالم، الذي بات يتابع اجتماعه الأسبوعي متأثرين بعظمة شخصه.
وأضاف مجلة «تايم» الأمريكية رشحته وجعلته يفوز بشخصية عام 2021 في استفتاء للمجلة، فالبابا هو أخيرا مثلنا رجل ولكنه يتمتع بأشياء كثيرة تميزه عن غيره، حيث حصل على درجة الماجستير في الكيمياء، وعمل 3 سنوات في مجاله، اتجه إلى الطريق الكنسي وعمره 21 عاما، وهذا صغير جدا حيث انضم إلى الرهبنة اليسوعية عام 1958، ودرس الفلسفة واللاهوت في المعهد الإكليركي، وحصل على البكالوريوس من جامعة سان ماكسيمو دي مغيل، ثم درس علم النفس والأدب في جامعة ديلا أنماكيولادا وسيم كاهنا عام 1969، كل تلك الأحداث الحياتية أهلته للحكم الكاثوليكي، فهو أول بابا يتكلم ضد الإنفاقات من قبل الكنيسة، فمتوسط مجموعة من الملابس التي يلبسها الكاردينال يكلف حوالي 20000 دولارا، فهو حث المسئولين على لباس أكثر تواضعا وعدم إهدار هذه الأموال، وتحدث بدون حرج في أمر أسقف ألماني لشرح كيف أنه صرف 3 ملايين دولار على فناء من الرخام وهو ذاته الذي دعا صبي مصاب بمتلازمة داون لركوب ناقلته الخاصة خلال المقابلة العامة، وهو صبي يبلغ من العمر 17 عاما مصاب بمتلازمة داون، للركوب في ناقلته الخاصة حين شاهد الآلاف هذا وعانق وقبّل الشخص المصاب بمرض جلدي وهذا المرض كان يقتله كل يوم وكان كثيرا من الناس يضحكون عليه ويسخرون منه، وتعرض بعدها بفترة بسيطة لأزمة صحية انتهت باستئصال إحدى رئتيه، وأصبح بعدها أستاذا للاهوت، وظل يقيم التدريبات الروحية للرهبان الجدد حسب قواعد الرهبنة اليسوعية في إسبانيا، إلى أن تم اختياره رئيسا إقليميا للرهبنة اليسوعية في الأرجنتين، وأصبح عميد المعهد اللاهوتي، وظل يعمل به حتى عام 1986 واختاره البابا يوحنا بولس الثاني عام 1992 ليكون أسقفا مساعدا لرئيس أساقفة بيونس آيرس، وعُين قائما بالأعمال الفعلي لأبرشية عام 1997 مع حق الخلافة التلقائية بعد تقدم سن رئيس أساقفتها وتعثر صحته، وبعد أن توفى خلفه بيرجوليو، وأضيفت إلى مهامه الإشراف على الكنائس الكاثوليكية الشرقية، واشتهر حينها بالتواضع بعد أن فضل سكن شقته الصغيرة عن مقر رئاسة الأساقفة الفخم، وتخلى عن سيارة الليموزين والسائق، ليكتفي بالمواصلات العامة حيث كانت له إصلاحات واسهامات واضحة في حركة التبشير الإنجيلية خلال فترة رئاسته، وحين بلغ الـ75 عاما قدم استقالته للبابا بنديكت السادس عشر إلا أنه رفضها، وبعد وفاة البابا يوحنا الثاني، انتخب بنديكت بابا للفاتيكان، وانتخب بيرجوليو عضوا في مجلس الأساقفة، وقدم بنديكت استقالته في 11 فبراير 2013 بدافع تقدم السن بعد حبرية دامت ثماني سنوات، ثم قدم التحية التقليدية إلى المدينة والعالم، وتقلد منصبه بشكل رسمي في قداس احتفالي يوم 19 مارس واختار البابا اسم "فرنسيس" تأثرا بالقديس فرنسيس الأسيزي، وبدات عملية تواصل وتعاون بين الكنائس، ومع اليهود أيضا، ودون أن ننسي تجديده للحوار مع جامعة الأزهر عندما زارها وفد من المجلس الحبري للحوار بين الأديان، وقد دعوا الإمام الأكبر لزيارة روما وكللت بوثيقة الأخوة الإنسانية.
وعمل أيضا علي التهدئة على المستوى الاقتصادي، فإن البابا فرنسيس يحاول أن يقوم بثورة في المجتمع وعلى مستوى الاقتصاد معارضًا «ثقافة الهدر» والنفعية والمضاربات المالية من خلال إعادة إطلاق العمل وتقدير الأشخاص والعائلات محررًا العالم من عبادة المال الذي يجب أن يخدم ولا أن يحكم.