في إصدار جديد، يستكمل الدكتور ثروت الخرباوي، الباحث في شئون الجماعات الإرهابية، مواجهته الفكرية ضد الجماعات المتأسلمة في كتابه الجديد "إخفاء تركة الرسول" الصادر عن "منشورات إبيدي" والمشارك ضمن إصدارات الحديثة للدار في الدورة الحالية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب بالتجمع الخامس.
في كتابه، يوسع "الخرباوي" رؤيته هذه المرة لتشمل الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي اعتمدت على خطاب نابع من الأهواء بهدف تضليل الناس، حيث تعمدت هذه الجماعات إخفاء "تركة الرسول" والمتمثلة في جوهر الرسالة المحمدية، كاشفا في الكتاب عن مدى الالتباس الذي وقعت فيه هذه الجماعات التي اعتمدت الأهواء لتفتي للناس، وتظن أنها تقربها إلى الله لكنا تسعى بجدية تامة في ضلالها، وتحويل نفسها إلى أصنام بديلة.
وقال "الخرباوي" في تصريحات لـ"البوابة نيوز": إنه ركز في الكتاب على تفكيك الخطاب الديني للجماعات المتأسلمة، الإخوان وغيرها، بكل هدوء ومنطقية ولغة سهلة بسيطة مشوقة لكي تصل إلى كل الناس؛ موضحًا "إنني أفكك خطابهم بهدوء ومنطقية ومن خلال دحض تصوراتهم التي أقاموا بها فقههم الديني ومنهجهم الحركي، ورغم أنهم أقاموا تصوراتهم من خلال الفكر السلفي إلا أنني أحاكم تلك الخيارات الفقهية التي أخذوها وتركوا غيرها".
وأضاف، أرد من خلال القرآن الكريم على تصوراتهم عن الكفر والكفار، من هم؟ أرد على تصوراتهم عن أن الله نسخ آيات الرحمة بآيات العذاب، وأتحدث عن الوصية وما فعلوه بخصوصها من تحريف، وعن قضية الرق حيث اعتبروه من الدين وتمسكوا به لذلك قامت داعش باسترقاق غير المسلمين، وأشياء أخرى كثيرة، ولكنني كنت حريصا على أن يكون الكتاب بلغة سهلة بسيطة ومشوقة لتصل إلى كل الناس.
وعانت المنطقة العربية من جماعات إرهابية رفعت لواء الإسلام مبطنة القتل والتدمير على رأسها جماعة الإخوان الإرهابية وأخواتها من حركة حسم وأجناد مصر وأنصار بيت المقدس، وتنظيم القاعدة، وتنظيم داعش، وغيرها.
نقرأ له من مقدمة كتاب "إخفاء تركة الرسول": "ما الدنيا إلا قِصةٌ طويلة، ولكل شيء في هذه الدنيا قصة، كل الخلائق لهم قصة، حتى الحجر المرمي في الطريق له قصة، والنظرة الأولى من الأم إلى وليدها لها قصة، وحمل الأب المكلوم لنعش ابنه له قصة، الشيء الوحيد في الكون الذي نتوه في دروب قصته هو حب الإنسان لله، فحب الإنسان لله هو حالة شعورية تطغى عليه وتتملكه، فإذا اجتاحت قلبَه أمواجُه، فاض منه الحبُ.
وقتئذ سيحاول التعبير عن تباريح أشواقه، ولكنه سيعجز عن ذلك، حتى ولو كان أبلغ البلغاء وأشعر الشعراء، فما كانت اللغات إلا محدودة تُعبِّر عن محدود، فإذ ما استخدمها المحدود ليُعبِّر عن حبه للامحدود عجز عن البيان. أما الإنسان فله قصة، وللشيطان أيضا قصة، ولا تظن أن قصة الإنسان تبدأ منذ مولده وتنتهي عند مماته، فقصة الإنسان تبدأ من عالم الغيب ثم تمتد إلى الدنيا، ولا تنتهي أبدا في غيب الآخرة.
قصة الإنسان هي القصة الفريدة التي ليست لها نهاية بل تمتد إلى اللامنتهى، نحن بلا نهاية، بل نذوب في سرمدية الآخرة، وآهٍ من جهالة الإنسان "إن الإنسان لربه لكنود"، ويا للهوى الذي يعشش في نفس الإنسان فيستوطن فيها، ومع ذلك فإن مِنَّا من يصرع هواه، ومِنَّا من يصرعه هواه، "أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ".
وكما يقولون: الهوى إله يُعبد من دون الله، وداخل كل إنسان صنم يُسمى الهوى، ذلك الهوى يتحرك داخل نفس الإنسان ــ الذي أضله الله على علم ــ مثل الحية الرقطاء حركة ناعمة هادئة بطيئة، الخطوة تلو الأخرى، حتى يستحوذ على نفسه ويهيمن عليها، فيفتي الناسَ من هواه، ويُضل الناسَ وهو يعلم، ولكنه يبرر لنفسه أنه إنما يفعل ذلك ليُقَرِّب الناس إلى الله، ألا ويلٌ لهذا التقريب إلى الله، وويلٌلهم حين يفعلون، أما كانت عبادة الناس للأصنام إلا لتقربهم إلى الله زلفى؟! أما كانت النوايا الطيبة أحد أسلحة إبليس التي يخدع بها أصحاب العلم الديني؟"
يشار إلى أن "الخرباوي" يشارك بكتاب آخر جديد بمعرض الكتاب، بعنوان "مغامرات أبو المفاهيم في مملكة الدنيا" صدر عن دار نفرتيتي، وهو كتاب في مجال "الأدب السياسي الساخر".
