الجمعة 04 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الإخوان والعسكر والـ "سي آي إيه"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ليس غريبا أن يعثر صحفي أمريكي –إيساندر العمراني- وهو يتقصى رؤية القادة العسكريين الجدد للولايات المتحدة على بحث كتبه الفريق صدقي صبحى رئيس الأركان الجديد عندما كان طالبا لدرجة الماجستير في كلية الحرب الأمريكية عام 2005، يحذر فيه الولايات المتحدة من “,”الإقدام على تغيير الأنظمة الحاكمة في المنطقة بالقوة لأنه قد يمهد الطريق لصعود تنظيمات إسلامية متطرفة، ويؤدى إلى فراغ وفوضى وصراعات مسلحة“,”، وينصح “,”بضرورة انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة وأن تسعى لتحقيق أهدافها بسياسات اقتصادية واجتماعية وبتطبيق عادل للقانون الدولي“,”، ويتهم “,”القيادات الأمريكية بالتحيز لإسرائيل وعدم فهم الأنظمة والمجتمعات العربية“,”، ويؤكد أن التحول للديمقراطية في العالم العربي سيُرفض وسيفتقد للشرعية إذا اقترن في أذهان العامة بأنه مطلب أمريكي، وأن عملية التحول الديمقراطي يجب أن تستند إلى “,”شرعية دينية وثقافية واجتماعية حتى تؤتى ثمارها“,”.
ما جاء في البحث ليس غريبا ولا استثنائيا ولا يحوي أسرارا، بل هو رؤية مقبولة وتمثل توجهات قطاع كبير من الرأي العام المصري.
وليس غريبا أيضا أن يحتفظ أرشيف فروع أجهزة الاستخبارات في البنتاجون –وزارة الدفاع الأمريكية- والمخابرات المركزية الأمريكية بما هو أكثر من “,”الكلام العادي“,”: تفاصيل كاملة عن كبار القادة العسكريين المصريين، خاصة من تدربوا أو تعلموا في الولايات المتحدة، أو شاركوا في مناورات مشتركة منذ سنوات طويلة، والمعلومات تمتد من البيانات الشخصية إلى الرؤى العامة وطريقة التفكير والدوائر القريبة منهم.
الغريب في الحقيقة ألا نتوقف –على سبيل المثال- أمام استجابة حكومة الإخوان الحالية بمنتهى السهولة- لشروط صندوق النقد الدولي من أجل الموافقة على القرض، ومن بينها رفع قيمة الدولار إلى 7 جنيهات، رغم المشاكل السياسية المحتملة، ورغم رفض محافظ البنك المركزي ومحاولته احتواء توابع هذا القرار، والغريب أيضا ألا نتوقف عند مثال أسبق.. هو السرعة التي أنجز بها الرئيس مرسي تغيراته في قيادات القوات المسلحة، في مقابل البطء الشديد في اختيار وزراء حكومة قنديل، فلا نتساءل عن قاعدة البيانات التي اعتمد عليها الرئيس في تصنيف من هم الأفضل والأحق بالترقي، ومن هم أجدر بالإقالة أو التهميش في مناصب شرفية مؤقتة، وفي معرفة مدى رضا أو غضب صغار الضباط تجاه رؤسائهم.
الغريب ألا نتوقف أمام “,”القرارات الذكية“,” – والمفاجئة أحيانا- لجماعة الإخوان المسلمين، وتوقيتاتها الملفتة للانتباه، بدءا من العزوف عن المشاركة في مظاهرات 25 يناير 2011، ثم اختيار عدم الظهور الصريح وسط المتظاهرين في الأيام الثمانية عشر من 25 يناير حتى 11 فبراير، ثم الإعلان يوم 10 فبراير عن عدم ترشيح “,”إخواني“,” للرئاسة في وقت لم يكن يرد على بال أحد موضوع الانتخابات من أصله، ثم الدفع بخيرت الشاطر مرشحا للرئاسة، وبعدها تقديم البديل محمد مرسي، والإصرار على التقدم منفردين إلى منصب الرئيس قبيل انتخابات الإعادة، ورفض تحالف مع آخرين كان يمكنه أن يجعل من فوز مرشحهم مضمونا بأغلبية كبيرة.. ثم انتهاء بمواقف أخرى تتعلق بإسرائيل وغزة من بينها: تصريحات عصام العريان، القيادي الإخواني، مؤخرا عن دعوة اليهود المصريين للعودة إلى مصر، وموافقة الرئيس مرسي على وضع أجهزة تنصت أمريكية في منطقة الحدود مع إسرائيل والتي رفضها مبارك قبل سنوات –بناء على ممانعة المشير طنطاوي والقيادة العسكرية- وتصريحات عصام الحداد، ساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية والتعاون، عن الدور الذي ارتضته مصر في مراقبة منع تهريب السلاح إلى غزة، وما يؤكده من إعلانات متوالية عن قيام مصر –الإخوانية- بضبط صواريخ جراد متوجهة إلى إسرائيل، وكأن الواقع الذي لم نتخيله يؤكد من جديد أن الإخوان المسلمين أصبحوا الكنز الاستراتيجي لإسرائيل.
اختيارات تنم عن تخطيط وتقدير موقف واستشارات وقاعدة بيانات وتوجه محدد على الرغم من مخالفته للسياق والتوقعات أحيانا.
الغريب ألا نتوقف أمام معلومات مهمة للغاية، وضعها على الطاولة صحفيون أمريكيون.. دافيد إجناتيوس – من واشنطن بوست- قال في حوار مع صحيفة الوطن في 25 يونيو 2012 إن “,”خمسة من كبار قيادات جماعة الإخوان المسلمين -خيرت الشاطر أحدهم- يتلقون تثقيفا وتدريبا منتظما من مسئولين في السفارة الأمريكية ومن آخرين يأتون خصيصا من الولايات المتحدة منذ فترة طويلة“,”، ولم يحدد إجناتيوس الجهة التي ينتمون إليها، ولم يحدد صفة “,”مسئولي السفارة الذين يقومون بالتثقيف والتدريب“,”، هل هم دبلوماسيون أم رجال مخابرات يرتدون بدل دبلوماسيين ويحملون جوازات سفر دبلوماسية؟
الصحفي إريك شميدت كشف في واشنطن بوست أيضا في 25 يونيو 2012 عن أن الإدارة الأمريكية التزمت عدم الإعلان عن اتصالات وزير دفاعها ووزيرة خارجيتها ورئيسها أوباما بالمشير طنطاوي والفريق سامي عنان قبل إعلان نتيجة الإعادة في انتخابات الرئاسة بناء على نصحية السفيرة الأمريكية في القاهرة آن باترسون، خوفا من تفاقم الوضع المتوتر.
في نيويورك تايمز كشف الصحفي ديفيد كيركباتريك في 15 يوليو 2012 عن أن السفيرة باترسون طالبت المجلس العسكرى مراراً بعدم حل البرلمان لعلمها المسبق أن المحكمة الدستورية قد تبطل قانون الانتخابات البرلمانية، وكشف كيركباتريك أيضا عن أن الرئيس أوباما شخصيا هدد فى اتصال هاتفى المشير طنطاوى بقطع المعونة عن مصر.
ما يتكشف في الصحافة الأمريكية وغيرها عما كان يدور في الكواليس بين الإدارة الأمريكية ورجال المجلس العسكري “,”السابقين“,” ورجال الحكم الجدد “,”الإخوانيين“,” من اتصالات ونصائح واستشارات هو مجرد قمة لجبل من الجليد فوق سطح المياه، أما الغاطس فكثير وهائل، ومن المهم أن نتذكر على سبيل المثال لا الحصر أن أول من وطأت أقدامه أرض مطار القاهرة عقب اندلاع مظاهرات 25 يناير كان فرانك ويزنر (وصل يوم 31 يناير)… ويزنر رسميا مبعوث شخصي للرئيس الأمريكي لكنه في الوقت نفسه رجل مخابرات قديم، ويمثل شركة “,”باتون بوجز“,” التى تقدم خدمات استشارية للحكومة المصرية وللجيش المصري ووكالة التنمية الاقتصادية المصرية، ومثّلت مصر في قضايا تحكيم وتقاضي في أوروبا والولايات المتحدة، وتعمل في مشاريع البترول والغاز والاتصالات والبنية التحتية، وتقوم بالترويج للتجارة وتشجيع الاستثمارات الأجنبية في مصر، ونجحت من قبل في حل خلافات حول اتفاقات مبيعات الأسلحة الناجمة عن قانون المبيعات العسكرية الأمريكية، ويزنر هذا ورط مبارك في الإعلان عن أنه مستمر حتى نهاية ولايته حتى تشتعل الأزمة أكثر فتتمكن الولايات المتحدة من تغيير النظام!