الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

طارق فهمي: دول الربيع العربي تعرضت للفوضى.. ومصر تم إنقاذها في 30 يونيو

الدكتور طارق فهمي
الدكتور طارق فهمي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن هناك وجهتي نظر في ثورات الربيع العربي وما تلاها، أولها هي أنها تجربة جيدة للدول العربية، منوهًا إلى أنه تم إساءة توجيه بوصلة الأحداث خلالها، فهذه الثورات قامت بالأساس من أجل تغيير وجه الحياة السياسية، ولكن ما حدث من دخول جماعة الإخوان الإرهابية على الخط، واستيلائها على السلطة، ومحاولة بناء شراكات تحت مبدأ مغالبة لا مشاركة، وتم اختطاف حدث التغيير في مصر كمثال.

وأضاف فهمي في حديثه لـ"البوابة نيوز"، أن هذه الثورات لا يطلق عليها ثورة ولكن يطلق عليها حالة حراك في المجتمع، لافتًا إلى أن هذه الأحداث والحراك والتغيير الذي حدث في الدول العربية كانت مرتبطة بأمرين أولهما تغيير النظام السياسي، وبناء استحقاق سياسي جديد، لافتًا إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية التي وصفها بمحدودة الأفق بخطف حالة الحراك، وانقلبت على المسار الذي اتفقت عليه القوى السياسية آنذاك، وكان تحت شعار "مشاركون لا مغالبون"، وبدأوا في مشروع أخونة الدولة، من أجل خلق كيان مواز للدولة يسير في مسار خاص بهم بعيدًا عن كل القوى السياسية.

وتابع أستاذ العلوم السياسية، أن تجربة مصر تشابهت مع بعض الدول العربية، وذهب البعض إلى أن تجربة تونس هي الأفضل، ولكن تجربة مصر هي الأفضل وهي التي كانت بوصلة للبقية وليست تونس، مدللًا بأن أغلب النظم التي تعرضت لمحاولات التغيير تحولت إلى فوضى، وتحولت هذه الدول التي سعت للتغير إلى فوضى كبيرة والجميع شهدها، ولكن نموذج مصر تم إنقاذه بثورة 30 يونيو، وهذه الثورة غيرت وجه الحياة في مصر، وأعادت السلطة للشعب، وتغيير المخطط الإخواني بشكل كبير.

ويقول "فهمي": أما تونس فلم تشهد التطورات الإيجابية التي شهدتها مصر، رغم مقاومة مصر للإرهاب الذي ما زال يخيم بظلاله من وقت لآخر، واستطاعت بناء مؤسسات قوية صامدة في وجه ما يحدث، لافتًا إلى أن تونس ما زالت تشهد فوضى رغم وجود رئيس وحكومة إلا أن هناك محاولات لاستعادة المؤسسات ولا يوجد استقرار عام أو سياسي بشكل كبير.

واستطرد فهمي، أن الدول الأخرى التي شهدت محاولات تغيير ظلت كما هي، فسوريا التي رسمت حدودها بالدم بعد عدة محاولات للتغير ما زالت تشهد فوضى عارمة في شوراعها، واليمن لم تشهد أي استقرار أيضًا، بينما تم تقسيم ليبيا إلى ليبيا الشرقية والغربية.

أما عن وجهة النظر الأخرى في ثورات الربيع العربي، كشف الدكتور طارق فهمي، أنه بالتزامن مع الذكرى الثانية عشرة لثورة يناير هناك دراسات غربية تحذر إلى احتمالية وجود موجة أخرى جديدة من ثورات الربيع العربي وموجة للتغيير السياسي، وهذه المرة بشكل أوسع يشمل كل دول المنطقة.

ودلل "فهمي" على حديثه بأن العراق يشهد حاليًا موجات غضب وفوضى، وجنوب الأردن أيضًا، بينما تواجه مدن الضفة الغربية بفلسطين حالة من عدم الاستقرار، وإسرائيل تواجه نفس الأمر حاليًا وآخرها تظاهر ما يزيد على 150 ألف إسرائيلي خلال الأسبوع الماضي، فضلًا عن الأحداث التي تشهدها المغرب، وكل هذه الشواهد تشير إلى أن إقليم الشرق الأوسط وما يجاوره مهدد بموجة جديدة من الفوضى.

وشدد أستاذ العلوم السياسية على أن ما يحمي الدول من هذه الفوضى هو وجود مؤسسات قادرة على البقاء والمواجهة، ومؤسسات قوية، وهذا ما تتمتع به مصر من وجود مؤسسات القوة التي لا علاقة لها بأنظمة الحكم، وتونس أيضًا تتمتع بذلك إلى حدٍ ما، ولكن إشكالية تونس تتمثل في عدم قناعة المواطن التونسي بما يجرى على أرض الواقع وعدم اعترافه بالنتائج التي تصدر، وهناك بعض الدول مهددة بالفوضى في حالة عدم القدرة على المواجهة، منها فلسطين وليبيا والعراق واليمن.

وأكد فهمي، أن النموذج الأقوى الذي استطاع المواجهة والتحرك بشكل جيد على أرض الواقع هو مصر، بما لها من مقومات ومؤسسات راسخة استطاعت مواجهة محاولة تغليب المصلحة.

وحول التدخلات الخارجية من الدول الغربية في الدول العربية واستغلال ثورات الربيع العربي قال أستاذ العلوم السياسية، إن البُعد الخارجي كان موجودًا في الثورات السابقة في كل الدول العربية بشكل كبير، ولم تكن ثورات خلاقة مثلما قال بعض المسئولين الغربيين آنذاك، ولكن كانت هناك تحركات مدروسة لنشر الفوضى وتحريض مباشر لإسقاط الأنظمة في الدول العربية.
وتابع أن هناك دكتورًا أمريكيا في العلاقات الدولية يدعى جيم شارب، وهو الذي وضع كل أفكار الثورات والفوضى والتغيير ومحاولات إنهاك الأجهزة الأمنية في الدول التي وقعت فيها ثورات مشابهة، لدرجة أنه قال "أنا من قمت بالثورة في ميدان التحرير وليس الشباب المصري".

واستطرد فهمي، أن الدول الغربية لا تستطيع التدخل مرة أخرى في نشر الفوضى أو التدخل في الدول العربية، وذلك لأسباب عدة منها أن هذه الدول منهكة الآن في اقتصاداتها، وتعاني من مشاكل عدم الاستقرار وأوروبا تعاني من نقص في الطاقة ولديها أزماتها، فضلًا عن الحرب الروسية الأوكرانية والتخوفات من وقوع حرب عالمية ثالثة، منوهًا إلى أن الدول الغربية لن تكون قادرة على التأثير في الدول العربية مرة أخرى والتدخل فيها وهذا العصر انتهى.

وحول استيعاب الدول العربية لما حدث، أكد فهمي أن أغلب الدول العربية ستظل تعاني من حالة عدم الاستقرار، وكل دولة لها ظروفها الخاصة، فالحالة اليمنية كمثال كما هي، وليبيا تم تقسيمها والأمر نفسه تم في فلسطين، والعراق تشهد فوضى غير منضبطة، لافتًا إلى أن حالة مصر تمثل ركيزة الاستقرار في الإقليم والشرق الأوسط، ومؤسساتها قوية وقادرة على ضبط حركة المجتمع الداخلي، وأما الناحية الاقتصادية فالعالم كله يعاني من نفس الظروف، ولكن لدينا حالة من التباكي وليس العمل، فالعالم يواجه ونحن نهول.

وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أنه نتيجة لكل هذه الأحداث فإن الحراك الشعبي الذي حدث في 2011 من ثورات الربيع العربي لم يؤت ثماره لاعتبارات متعلقة بأن هذه الدول وضعت نموذجا واحدا للتغير وحاولت تطبيقه في آن واحد، وليس أن يكون لكل دولة نموذجها الخاص بها، وهو ما أدى إلى الفشل في تحقيق التغيير السياسي لهذه الدول، والمخطط فشل في مصر لأنها كما قلنا لديها مؤسسات قوية قادرة على التحرك لمواجهة الأزمات.