تعد قلعة “الجندي” أو “الباشا”، التي أنشأها صلاح الدين الأيوبي، أحد القلاع الحربية المشهورة في محافظة جنوب سيناء، كنوزا أثرية وتاريخية توضح عظمة جيش مصر فى مختلف العصور، وقلعة الجندي والتى تسعى وزارة السياحة والآثار لرفع ملفها لليونسكو لإدراجها على قائمة التراث العالمي تبعد حوالى 65 كيلو متر شرق مدينة رأس سدر من عند أبو صويرة، وسميت بهذا الإسم لوقوعها على رأس تل يشبه رأس الجندي.
وأكدت دراسة حديثة، أن قلعة الجندي موقع جيو-أثري فريد من نوعه في سيناء ، يعكس تقدم العمارة العسكرية الإسلامية في عهد صلاح الدين الأيوبي ، مؤسس الدولة الأيوبية (1174-1260 م).
واستوفى موقع القلعة معيارين رئيسيين: الأول جغرافي حيث تقع القلعة على تل 655 م فوق مستوى سطح البحر و 152 م فوق هضبة التيه المحيطة، مما يوفر للقلعة موقعًا عسكريا دفاعيا قويا ضد غزوات الصليبيين لمصر (1163-1169 م)، وكذلك حماية طريق قوافل الحجاج من شمال إفريقيا عبر سيناء في الطريق إلى مكة وتوفير أماكن الإستضافة والراحة والصلاة أثناء الرحلة.
والثاني هيدروجيولوجي فهو يؤمن وصولا استثنائيا إلى كلا من المياه السطحية المختزنة خلف السدود والمياه الجوفية عبر نبع سدر . تلك المياه الجوفية المختزنة في متكون المالحة من الحجر الرملى النوبي. هذه المياه تجمعت في العصور المطيرة وقد قدمت الدراسة من الدلائل مايثبت ان هذه المنطق ة كانت غزيرة الأمطار منذ عصر البلستوسين وحتي وقت أن كانت القلعة مستخدمة في عصر صلاح الدين.
وأثبتت الدراسة الجيولوجية لطبيعة صخور القلعة تقدم المصري في هذا العصر في العمارة والبناء فقد استخدمت صخور الدولوميت الصلبة لمتكون الواطا في بناء القواعد والصهاريج والكمرات ودعامات وأعمدة السور بينما استخدمت صخور متكون سدر الطباشيري في مليء البلاطات والأرضيات، و استخدم خليط منه مع الطين الأسناوي في صناعة الملاط الذي استخدم في طلاء المصلى.
وأكدت دراسة المرئيات الفضائية لمنطقة القلعة ان موقع السدود شمال القلعة يقع في منطقة المنبع علي عكس المتعارف عليه هندسيا حيث توجد السدود دائما في مواقع المصبات. وبدراسة حوض وادي سدر وجد انه يتكون من 9 احواض فرعية منها 3 احواض تغذي عيون سدر وأبو رجوم والديسا عبر فوالق وفواصل أرضية وبأستخدام مرئيات عالية الدقة أمكن استنتاج احواض اخري داخل الأحواض الفرعية منها الحوض الذي تقع فيه السدود قريبة من القلعة مما يرجح بناء هذه السدود في هذا الموقع لحماية التل والقلعة من آثار السيول ويدعم هذه الرؤيا وجود الخندق المحيط بالتل من الجهة الشمالية شديدة الإنحدار بعمق 5-6 مترا مؤكدة ان الخندق لم يكن بهدف حماية القلعة من التسلق من الجهة شديدة الإنحدار بل انه كان بغرض حجز أي بقايا من مياه السيول.
وخلصت الدراسة إلى أن القلعة يجب أن تكون جزءا من مسار رحلات سيناء السياحية ويتم الترويج لها عالميا كموقع جيو-أثري للسياحة الدينية والأثرية. بالإضافة إلى ذلك ، يجب على الحكومة تنفيذ استراتيجية للحفاظ على المواقع التراثية وإعادة تأهيلها وإدارتها ، لتحسين المرافق وزيادة الوعي العام بهذه المواقع لتعظيم النتائج.
جدير بالذكر ان هذه الدراسة تم نشرها اليوم الخميس 5/1/2023 في مجلة علم التراث الأمريكية التابعة لدار نشر شبرينجر- ناتشر ذات تصنيف Q1 طبقا لموقع Scopusو تصنيف Q2 طبقا لموقع Web of Science قام صندوق تنمية البحوث بأكاديمية البحث العلمي في مصر بتمويل نشر هذا البحث.