تصاعدت خلال الأشهر الماضية وتيرة المواجهات بين القوات الحكومية المدعومة بعناصر عشائرية، بعد إعلان الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود، حربًا شاملة ضد حركة الشباب الإرهابية، أملًا فى القضاء عليهم وتحرير جميع المناطق التي تسيطر عليها.
ويشهد الصومال، خلال الأشهر القليلة الماضية، تحولًا لافتًا فى الحرب الشاملة على الإرهاب، والتي ارتفعت وتيرتها منذ بداية يناير 2023، وعلى الرغم من الانتصارات المتتالية للحكومة الصومالية- المتحالفة مع قوات محلية- خلال الأشهر الماضية، ما أدى إلى استعادة الجيش الصومالي السيطرة على مدينة ساحلية «استراتيجية» كانت تحتلها جماعة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، منذ أكثر من 10 سنوات، وهى مدينة ساحلية تقع على مسافة 500 كيلومتر شمال العاصمة مقديشو.
رئيس الحكومة: 2023 عام الحرية والقضاء على جماعة الشباب
إلا أن هذه المنطقة المُستعادة حديثا والتى تضم "هرارديري"، تعد نصرًا تاريخيًا حيث يُعتقد أن هذه البلدة هى مسقط رأس زعيم جماعة الشباب مهاد كاراتي.
وقال رئيس الحكومة الصومالية عبدى برى فى بيان "إنه انتصار تاريخي، لقد حرر الأعضاء الشجعان فى القوات المسلحة الوطنية مدينة هرارديرى الساحلية الاستراتيجية"؛ مضيفًا: "٢٠٢٣ سيكون عام الحرية والقضاء على جماعة الشباب وستتحرر بلادنا بكاملها".
بدوره؛ قال وزير البريد حسين أحمد خلال تفقده الجبهة إن "المعلومات التى أشرنا إليها هى أن الإرهابيين كانوا يستخدمون البلدة الساحلية للحصول على المؤن".
وأفاد الوزير ومصادر أمنية وكالة الصحافة الفرنسية بأن المدينة استعيدت من دون قتال، وأن "جماعة الشباب" انسحبت قبل وصول القوات الحكومية.
كما أعلنت وزارة الدفاع الصومالية، استعادة مدينة "جلعد" وسط البلاد من قبضة جماعة الشباب. جاء ذلك فى تصريح أدلى به وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد جامع لإذاعة مقديشو الحكومية.
وقال جامع إن الجيش الصومالي تمكن صباح الاثنين، من استعادة مدينة "جلعد" بإقليم "جلجدود" فى ولاية جلمدغ وسط البلاد من قبضة جماعة الشباب.
ويواصل الجيش الصومالي الضغط على المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الشباب فى ولاية جلمدغ، حيث سيطر على القرى والبلدات المحيطة بمدينة "جلعد" ما أدى إلى انسحاب مسلحي الشباب منها بعد ٧ سنوات من سيطرتها بحسب مصادر أمنية.
وجاءت استعادة الجيش الصومالى مدينة "جلعد" بعد ساعات من تفجير انتحارى استهدف مركزا عسكريا حكوميا وسط البلاد وتبنته جماعة الشباب.
دور القبائل فى الحرب الشاملة
تصاعد دور القبائل فى مواجهة النشاط العملياتى لحركة “الشباب”، بعد مشاركة ميليشيا قبلية مسلحة لقوات الجيش فى عمليات ضد عناصر الحركة فى إقليم هيران بولاية هيرشبيلي. ويأتى التصعيد الأخير من القبائل بعدما باتت الحركة تمثل تهديدًا مباشرًا لها عقب سلسلة استهداف لوجهاء القبائل بزعم تعاونهم مع الحكومة الفيدرالية، فضلًا عن مساعى تأمين المناطق المحررة من قبضة “الشباب”. ويأتى هذا التصاعد فى دور القبائل من خلال السماح بتشكيل ميليشيات موالية للحكومة المركزية، فى إطار حشد كافة أشكال الدعم للجيش والقوات الأمنية، فى عمليات مكافحة الإرهاب لمواجهة النفوذ المتزايد لحركة “الشباب” الإرهابية.
ورغم أن دعم القبائل لجهود الحكومة المركزية فى تحجيم حركة “الشباب”، بدأ قبل أشهر؛ إلا أن التحول اللافت هو مشاركة ميليشيا مسلحة “قبلية” فى مواجهات عنيفة ضد عناصر الحركة فى إقليم هيران بولاية هيرشبيلى وسط البلاد، أسفرت عن مقتل العشرات من عناصر الحركة، بعد استهداف الحركة ثلاثة وجهاء من القبائل فى إقليم هيران بلغم أرضى فى ١٦ سبتمبر ٢٠٢٢.
وتأتى المواجهات بين ميليشيات مسلحة موالية للحكومة الصومالية، وحركة “الشباب”، فى سياق ما وصفته وسائل إعلام محلية بـ”انتفاضة القبائل”، للقضاء على التهديدات المرتبطة بـ”الشباب”.
وحسب الباحث محمد الفقى فى ورقته المنشورة على الحائط العربى يمكن النظر إلى التصعيد الأخير من قبل ميليشيا “قبلية” موالية للحكومة ضد حركة “الشباب”، فى إطار الرد المباشر على استهداف الحركة لقافلة مساعدات إنسانية، مطلع سبتمبر ٢٠٢٢، فى ولاية هيرشبيلي، على نحو أسفر عن مقتل مدنيين وتدمير الشاحنات التى كانت تحمل المساعدات.
وبشكل عام، فإن الوضع الميدانى فى وسط الصومال كان يُرجح حشد القبائل وميليشيات مسلحة لمواجهة حركة “الشباب”، فى ضوء ما يلي:
١- صدام تاريخى بين “الشباب” والقبائل: تُعد القبائل أحد الأطراف الفاعلة فى المشهد الصومالي، بفعل التركيبة القبلية، وتضطلع بأدوار على المستوى السياسى فى مختلف الولايات، وتنظر بعض القبائل إلى حركة “الشباب” كأحد أبرز مصادر التهديد للنظام القبلي، خاصة أن الجذور التاريخية للحركة منذ تأسيس “اتحاد المحاكم الإسلامية” كانت قائمة على عدد من أبناء القبائل، وتقوم بالأساس على الصدام مع النظام القبلى فى الصومال، إذ كان “اتحاد المحاكم” يرى ضرورة سيادة النظام الإسلامى كبديل للنظام القبلي، من خلال مبايعة تشكيل مجتمع إسلامى بدلًا من مبايعة قادة القبائل.
وكان لتلك الرؤية دور فى مواجهات بين بعض القبائل و”اتحاد المحاكم” ولاحقًا حركة “الشباب”، منذ عقد التسعينيات من القرن المنصرم، وبدا أن ثمة علاقة طردية بين تصاعد مواجهة القبائل للحركة، وتزايد معدلات النشاط العملياتى على مدار ما يزيد على عقدين.
٢- اتجاه الحركة للسيطرة الميدانية: خلال ما يزيد على عام ونصف العام، وتحديدًا منذ مطلع عام ٢٠٢١، بعد قرار الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية المشاركة فى الحرب على حركة “الشباب”، يمكن ملاحظة النشاط العملياتى المتزايد للحركة، وكانت السمة الرئيسية فى هذا النشاط هى التوسع الميدانى فى مناطق جنوب ووسط الصومال لاستعادة السيطرة على القرى التى كانت تحت سيطرة الحركة قبل التدخل الأمريكى وتحجيم نشاط “الشباب”.
وتكشف بعض التقديرات المحلية عن سيطرة الحركة على خُمس الأراضى فى الصومال، اعتمادًا على نمط “التمرد الريفي” الذى يشير إلى التمدد والتوسع فى القرى والمناطق النائية التابعة للأقاليم الرئيسية فى الولايات.
٣- إعلان الحكومة الفيدرالية “الحرب الشاملة”: منذ وصول الرئيس حسن شيخ محمود إلى الحكم، وهو يضع مواجهة حركة “الشباب” على رأس الأولويات، باعتبارها أبرز التحديات التى تواجه الصومال، خاصة مع النشاط المتزايد للحركة، وتنفيذ عمليات إرهابية فى قلب العاصمة مقديشيو، كان أبرزها الهجوم على فندق “حياة” الذى يُعد مقرًا لمسئولين حكوميين بارزين، الشهر الماضي.
وسبقها عدة استهدافات لمقر البرلمان، والهجوم على منطقة تضم مكاتب دولية فى مطار مقديشيو فى شهر مارس الماضي. وأطلق الرئيس الصومالى ما وصفه بـ”الحرب الشاملة” على حركة “الشباب”، لتحرير المناطق التى تخضع لسيطرتها، إضافةً إلى تقليص القدرات التمويلية الكبيرة خلال الفترة المقبلة، مع اتخاذ عدد من الخطوات منها عودة القوات التى تلقّت تدريبات فى إريتريا، إضافة إلى قرار أمريكى بعودة قوات “الكوماندوز” مجددًا إلى الصومال لدعم مواجهة الحركة فى مايو الماضي.
وهنا يمكن الإشارة إلى أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، وتحديدًا منذ شهر يونيو الماضي، لجأت قوات الجيش إلى ميليشيات قبلية لدعم جهود مكافحة نشاط “الشباب”.
٤- تصعيد ضد “الشباب” فى ولاية هيرشبيلي: بموازاة التوسع الميدانى لحركة “الشباب” فى ولاية هيرشبيلي، عبر سلسلة هجمات وسط الصومال للسيطرة على عدد من القرى، تصاعدت شكاوى السكان من إقدام الحركة على تخريب الآبار والممتلكات وتنفيذ عمليات قتل ضد المدنيين، إضافة إلى استهداف مسئولين فى الولاية، مثل محاولة استهداف وزير الصحة ووزيرة المرأة، من خلال هجوم انتحارى على فندق بمدينة جوهر فى يوليو الماضي.
وأمام النشاط العملياتى المتزايد للحركة، فإن مسئولى الولاية لجأوا إلى اتخاذ خطوات فى هذا الإطار، منذ يوليو الماضي، بعد زيارة رئيس الولاية على عبد الله حسين إلى العاصمة مقديشيو، ولقاء الرئيس ورئيس الحكومة، لتنسيق الجهود وإعلان الحرب على الحركة فى إقليم هيران، وإطلاق عمليات فى إقليم شبيلى الوسطى.
الشباب ومعاقبة القبائل
وحول رد فعل حركة الشباب تجاه ما تقوم به القبائل، أفادت تقارير صومالية بإقدام حركة «الشباب» المتطرفة على استهداف مزارع تابعة لقبائل تدعم السلطات الحكومية فى حربها ضد الحركة.
وأشار ناشطون محليون إلى أن عناصر من «الشباب» أطلقوا النار على قطعان من الماشية بمناطق سبق تحريرها من نفوذهم، وقتلوا ما يزيد على ٣٠٠ رأس منها، الأمر الذى اعتبره الناشطون «نوعًا من العقاب» للقبائل، كما أنه «يفاقم من المعاناة الإنسانية» فى المناطق التى تعانى من أزمات جراء الجفاف ونقص المواد الغذائية.
وبحسب إفادات لنشطاء صوماليين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» فوجئ سكان قرية «محاس» بمحافظة «هيران» وسط الصومال، باستهداف عناصر من حركة «الشباب» لماشيتهم، وأشاعوا أن ذلك «عقاب للقرويين» الذين يدعمون الحكومة الفيدرالية والقوات المناهضة للشباب، التى نجحت فى طرد مقاتليهم من المنطقة.
وقالت هبة شوكري، وهى طبيبة وناشطة صومالية، إن عناصر حركة «الشباب» صعدت من نشاطها عقب نجاح القوات الحكومية المدعومة من القبائل فى تحرير محافظة «هيران»، بهدف الضغط على القبائل والعشائر المساندة للقوات الفيدرالية، وللضغط كذلك على السكان المحليين.
وأشارت "شوكري" إلى أن هذا التصعيد «ليس الأول من نوعه»، فقد سبق لعناصر «الحركة الإرهابية» ردم آبار للمياه فى «هيران»، وبخاصة خلال هذا الموسم الذى عانى السكان فيه من الجفاف وقلة الأمطار واعتماد الرعاة على تلك الآبار لتوفير احتياجات قطعانهم من المياه.
ولفتت إلى أن الحركة دأبت طوال السنوات الماضية على عدم المساس بمصالح القبائل، ولم تتخطَ الخطوط الحمراء باستهداف الماشية والمياه، وكانت تركز عملياتها ضد الشخصيات والإدارات الحكومية، لكن من الواضح أن هناك تحولًا فى نهج الحركة، خاصة بعد انضمام العديد من عناصر العشائر، لدعم جهود القوات الفيدرالية.
وهو ما يعنى أن الحركة فقدت الحواضن التى تمركزت فيها على مدى الـ١٥ عامًا الماضية، الأمر الذى دفعها إلى اتخاذ «خطوات متهورة تضر بالسكان المحليين، وتزيد من حدة الاحتقان الشعبى ضد ممارسات الحركة وعناصرها.
وأوضح الناشط الصومالى محمد عبد القادر أن عناصر حركة «الشباب» لجأت عند خروجها من المناطق التى كانت تسيطر عليها إلى تدمير أبراج الاتصالات وتسميم آبار المياه، فى محاولة للقضاء على ما تبقى من سبل العيش فى تلك المناطق، والضغط على السكان المحليين.
وأضاف عبد القادر أن الحركة نفذت تفجيرًا إرهابيًا فى الرابع من الشهر الحالي، بسيارتين مفخختين فى «محاس» أسفر عن مقتل نحو ١٩ شخصًا من سكان المنطقة، لافتًا إلى أن عناصر الحركة تلجأ إلى «تكفير» السكان المحليين بسبب تعاونهم مع السلطات الحكومية، وبالتالى «تستحل استهداف ممتلكاتهم ومصالحهم».
وأشار إلى أن الحركة نفذت خلال الأشهر الأخيرة العديد من عمليات الاستهداف لقوافل المساعدات الإغاثية من أغذية وأدوية، سواء بهدف الاستيلاء عليها أو منع وصولها للمناطق المتضررة جراء الجفاف وعمليات القتال كجزء من استراتيجية الحركة لإخضاع هذه المناطق لسيطرتها.
وترى الدكتورة نيرمين توفيق، الباحثة فى الشئون الأفريقية، والمنسق العام لمركز «فاروس» للدراسات، أن مناطق القبائل فى وسط وجنوب الصومال كانت هى المعقل الأساسى للحركة طيلة السنوات الماضية، وأن «الموقف السلبى للقبائل من المواجهة بين الحركة وبين القوات الحكومية ساهم فى احتفاظ الحركة بحواضن آمنة لسنوات طويلة»، إلا أن تنامى الاستهداف الدولى لنشاط الحركة دفعها إلى ممارسات فى المناطق التى تسيطر عليها حشدت ضده القبائل والعشائر الصومالية.
وأوضحت "توفيق"، فى تصريحات صحفية، أن تحول نهج الحركة واستهدافها المدنيين وتنفيذ عمليات للسطو والقرصنة وجمع «الإتاوات» من السكان المحليين، فى ظل معاناة تلك المناطق ظروفًا معيشية قاسية ساهم فى إشاعة حالة من الغضب والرفض لوجود عناصر الحركة، وشجع القبائل على مساندة القوات الحكومية، وبخاصة فى محافظة «هيران» ذات الأهمية الاستراتيجية، التى تعتبر نقطة اتصال بين الأقاليم الصومالية، كما تحتل أهمية عسكرية كبيرة لمن يسيطر عليها.
ولفتت الباحثة فى الشؤون الأفريقية إلى أن حركة «الشباب» كانت تجمع فى منظومتها الآيديولوجية بين العقيدة الدينية المتطرفة والشعور القومي، وكذلك الاعتبارات القبلية، وهو ما وفر لها فى سنوات سابقة قدرة على استمالة العديد من العناصر وتحييد أطراف داخلية عن الصراع معها.
وأوضحت أن لجوء الحركة إلى استهداف مصالح المزارعين والرعاة والقبائل سيؤدى إلى نتائج عكسية ضدها، وسيحشد المزيد من المتضررين إلى صف الحكومة الفيدرالية، أملًا فى التخلص من سيطرة الحركة وممارسات عناصرها.
حرب شاملة
كانت حكومة حسن الشيخ محمود التى وعدت بشن "حرب شاملة" ضد هذه الجماعة، أرسلت قوات من الجيش، بما فى ذلك قوات خاصة، فى سبتمبر الماضي، لدعم قوات مسلحة معروفة باسم "ماكاويسلي".
وسمحت هذه الحملة التى تساندها قوة الاتحاد الأفريقى فى الصومال، وضربات جوية أمريكية، باستعادة مناطق شاسعة فى ولايتين فى وسط البلاد هما هيرشابيل حيث تقع مقاطعة هيران وغالمودوغ.
وأشاد الصوماليون بالسيطرة على مدينة هاراديرى الساحلية ووصفوها بأنها انتصار كبير فى القتال ضد جماعة الشباب المتشددة.
وكان الميناء، الذى كان فى السابق قاعدة للقراصنة الصوماليين، مصدر دخل رئيسى للمسلحين. لكن محللين يقولون إن التمسك بالأراضى الأخرى التى تم الاستيلاء عليها من المسلحين أثناء انتصارهم على السكان المحليين سيكون تحديًا.
وربما يكون السيطرة على هاراديرى هو أكبر فوز منفرد للجيش الصومالى والميليشيات العشائرية التى تشن هجومًا بريًا مستمرا على جماعة الشباب منذ يوليو من العام الماضي.
فى ذروة القرصنة فى الصومال فى عام ٢٠١١، كانت هرارديرى ميناء التشغيل الرئيسى للقراصنة الذين يختطفون السفن فى البحار للحصول على فدية. لكن جماعة الشباب استولت عليها منذ ذلك الحين لتوليد إيرادات بفرض ضرائب على السلع المستوردة.
حجب الحسابات البنكية للميليشيات الإرهابية
فى سياق الحرب الشاملة على الإرهاب؛ أعلنت الحكومة الفيدرالية الصومالية فى ١٥ يناير الجارى عن حجب ٢٥٠ حسابًا بنكيًا مشبوهًا فى البنوك المحلية، وذلك ضمن حملة حكومية لمكافحة غسل الأموال. وأكد وزير المالية الصومالى، علمى محمود نور، فى مؤتمر صحفى، فى العاصمة مقديشو، أن الحكومة الصومالية بذلت جهودًا كبيرة لتعقُّب الحسابات البنكية المشبوهة فى الآونة الأخيرة، حتى تمكنت من تجميد الأموال المودعة فى ٢٥٠ حسابًا وإغلاقها نهائيًا.
وأعلن نائب وزير الإعلام، عبدالرحمن يوسف، أن الحكومة الفيدرالية حجبت ٧٠ رقمًا هاتفيًا تستخدمها عناصر حركة الشباب لتلقى التمويلات عبر تطبيقات ذكية بالهواتف الخلوية، لتحويل الأموال. وأوضح يوسف أن حجب تلك الحسابات وتجميد الأموال جاءا عقب شهور من التعقب والمراقبة، إثر تقديم شكاوى من قبل المواطنين حول تلك الهواتف وتلك الحسابات البنكية، وبعد تحقيقات أثبتت صحة الادعاءات وبينت أنها حسابات مشبوهة بما لا يدع مجالًا للشك.
وأعلن رئيس الوزراء الصومالى، حمزة عبدى برى، فى وقت سابق، أن الحكومة الصومالية تكافح حركة الشباب عسكريًا وجغرافيًا واقتصاديًا، لافتًا إلى شروع الحكومة فى تجميد حسابات بنكية وحجب بعضها. وتأتى تلك الحملة الحكومية لتجفيف منابع مصادر دخل حركة الشباب، فى وقت تكبدت فيه الحركة المحسوبة على تنظيم القاعدة الإرهابى خسائر عسكرية واستراتيجية فادحة؛ إذ تمكنت قوات الجيش الصومالى بمساعدة الأجهزة الاستخباراتية والشركاء الدوليين من طرد حركة «الشباب» من قرية دار نعيم، أحد أهم معاقلها ومواقعها الاستراتيجية وسط البلاد، منتصف ديسمبر الماضى، وذلك إثر عملية أمنية أسفرت عن مقتل ٧٩ مسلحًا، بينهم القيادى البارز يوسف جنكاب، فى خطوة وصفتها الحكومة الصومالية بأنها «ضربة موجعة» للحركة.
ضربة موجعة لداعش
وفى إطار الحرب الشاملة على الإرهاب استطاع الجيش الصومالى القضاء على زعيم تنظيم داعش فرع الصومال، فى هجوم مسلح يوم الخميس ١٢ يناير الجاري، فى ولاية بونتلاند شمال شرق البلاد.
وحسب الشرطة المحلية، فإن أبو البراء العمانى قتل خلال تبادل لإطلاق نار بين عناصر من الجيش المحلى ومسلحين من داعش، فى منطقة باري، ويقود أبو البراء العمانى فرع داعش فى المنطقة منذ يوليو ٢٠٢١، بعد مصرع أبو وليد المهاجر، القائد السابق للتنظيم فى القرن الأفريقى والذى قتل فى أثيوبيا. وينتمى العمانى إلى إقليم أمهرة فى أثيوبيا، ويتهم بإرغام عدد من الإثيوبيين على الانخراط فى صفوف تنظيمه "الإرهابي".
ويعتبر القرن الأفريقى ثالث منطقة فى أفريقيا، بعد الساحل ونيجيريا، ينشط فيها تنظيم داعش، ويستهدف مسلحوه المدنيين والمنشآت الحيوية وقوات الجيش والأمن، ما تسبب فى زيادة انعدام الأمن والاستقرار الذى تعيشه المنطقة.
وفى نهاية العام المنصرم، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات تستهدف التنظيم وقيادات "إرهابية"، قالت أنها تساهم فى "تهريب الأسلحة للإرهابيين" فى الشرق الأفريقي.
وبين تقرير للأمم المتحدة، نشر مؤخرا، أن هجمات تنظيم الشباب المحسوب على القاعدة، ومسلحين آخرين محسوبين على تنظيم داعش، هى السبب الأول لعدم الاستقرار فى المنطقة.
وفى عام ٢٠١٨، كشفت إحصائيات أممية أن عدد ضحايا الهجمات المسلحة، بلغ ١٥١٨، بينها ٦٥١ قتيلا، فى الصومال لوحدها، وتواصل عداد القتلى ليصل إلى ٥٩١ فى ٢٠١٩.
أبرز قادة حركة الشباب
أحمد ديري، المعروف أيضًا باسم أحمد عمر أو أبوعبيدة، هو أكبر زعيم لجماعة الشباب منذ سبتمبر ٢٠١٤، وفقًا للسفارة الأمريكية فى كينيا.
عبدالرحمن محمد ورسام، الملقب بـ"مهاد كاراتي"، وأسماء أخرى، هو نائب زعيم الشباب، ويعتبر من أقوى الشخصيات فى الحركة.