تحتفل الكنيسة الكاثوليكية اليوم بالقديس جياكومو إيلاريو باربال كوسان الراهب الشهيد.
ولد "إيمانويل باربال كوسان في 2 يناير 1889م "، بمدينة لريدا الواقعة في إقليم كاتالونيا بإسبانيا. إلتحق مانويل بإلإكليركية التابعة لإيبارشية أورجيل الكاتالونية في عام 1911م أي بعمر الثانية والعشرين، إلا أنه سرعان ما عانى من مشاكل في السمع، أجبرته على الانسحاب من المعهد الإكليركي، وبذلك لم يتحقَّق حلمه في أن يصير كاهناً.
لكن رغبته الشديدة في أن يعيش حياته مُكرَّساً لخدمة الرب، دفعته عام 1917م للالتحاق بدير الابتداء بجمعية إخوة المدارس المسيحية المشهورة بسم (إخوة القديس ﭼـون دي لاسال) ومقرها مدينة إيرون، وهناك أُعطىَ اسماً رهبانياً مُركّباً هو "يعقوب إيلاريو ،نسبة للقديس يعقوب بن زبدىَ أحد تلاميذ السيد المسيح، والقديس إيلاريون الناسك تلميذ القديس أنطونيوس الكبير، كما ارتدى الزي الرهباني كراهب مُبتدئ في 24 فبراير 1917م.
برغم ما عاناه الأخ يعقوب إيلاريو من مشاكل في السمع إلا أنه كان مُتميزاً في التكوين الديني، وحتى عام 1933م، كان يتم انتدابه للتدريس والتكوين بالمدارس المسيحية بوصفه مُعلِّم استثنائي له أثره في تكوين النشئ.
كما كان مُتقناً للغة اللاتينية، وكان يؤمن بأن التعليم حق للفقراء كما الأغنياء، وكان يودّ أن يصل التعليم العام لكل البلاد.
مع بداية ثلاثينيات القرن العشرين كانت قد تفاقمت مشاكل السمع لديه، لدرجة دفعت رؤسائه لإعفائه من التدريس برغم تميُزه وتحويله لمهنة حارس على مقر القديس يوسف التكويني التابع للرهبنة في مدينة تارّاجونا الكاتالونية.
في منتصف عام 1936م، اندلعت الحرب الأهلية بإسبانيا، بين الوطنيين المنتمين للديمقراطية، واليسار الشيوعي المُسمّى بـ "الجمهورية الإسبانية الثانية"، ولكون الأخير مُعاديا للأديان عموماً وبشكل خاص للمسيحية كديانة محلية للشعب، فقد اضطُهِد الإكليروس والمكرسين أشدّ الاضطهاد، وبدأ اعتقالهم في الأماكن التي كانت تحت سيطرة قوات "الجمهورية الإسبانية الثانية"، وإذ كان الأخ يعقوب إيلاريو في توقيت بداية الحرب الأهلية، مُسافراً لزيارة عائلته، قامت قوات الجمهورية الإسبانية الثانية باعتقاله بتهمة انتمائه لجماعة رهبانية مسيحية. وفي أواخر عام 1936م تم إرساله لمعتقل ماهون الواقع بمدينة تارّاجونا.
في صباح يوم 15 يناير 1937م، حُوكِمَ بتهمة انتمائه لرهبنة إخوة القديس ﭼـون دي لاسال، وقد ادّعىَ الدفاع الموكَّل عنه بأنه مجرد حارس وبستاني بمقرّ القديس يوسف، لكنه ليس راهباً، كان ذلك ليحاول إنقاذه من حُكم الإعدام، إلا أن الأخ يعقوب أصرّ على أن يعترف في المحاكمة بأنه راهب، وأنه لن يتنكَّر لتكريسه حتى ينجو من الموت، فتمّ الحكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص، وأُقتيدَ في مساء يوم 18 يناير 1937م إلى منطقة مونتي دي لوس أوليڤوس ومعناها جبل الزيتون، وهي منطقة واقعة بمدينة تارّاجونا، لتنفيذ حُكم الإعدام، ويقال أن فرقة الإعدام فشلت في إصابته، فقام قائدها برميه بخمس رصاصات من مسدسه الخاص على مسافة قريبة، وكانت آخر كلمات الأخ يعقوب إيلاريو باربال: "الموت من أجل المسيح هو حياة". وكان هو أول شهيد من أصل 97 راهباً استشهدوا من رهبنة إخوة القديس ﭼـون دي لاسال في إقليم كاتالونيا خلال الحرب الأهلية مابين عامي 1936 إلى 1939م.
تراه الكنيسة قديسا شجاعا كان ضحية القتل على الهوية المسيحية والرهبانية، ومن ثم فهو شهيد، كما أن مسيرة حياته التقية كانت رغم قصرها (46 عاماً) مليئة بخطوات واضحة نحو القداسة منذ الحداثة، لذلك لم يحتاج سوى لمعجزة واحدة بشفاعته لإعلان قداسته.
تم إعلان تطويبه في 29 إبريل 1990م عن يد البابا القديس "يوحنا بولس الثاني".
كما تم إعلان قداسته في 21 نوفمبر 1999م أيضاً عن يد البابا القديس "يوحنا بولس الثاني".