دائمًا ما كنت أكره مادة التاريخ، وأتساءل باستمرار: لماذا ندرس أشياء مضتْ ولا سبيل إلى تعديلها؟ إلى أن أدركت الحكمة بعد مرور أكثر من 20 عامًا من هذا التساؤل عندما ذهبت بأحد أبنائي إلى الطبيب، وكان أول سؤال هو ماذا حدث؟ هنا شردت في الإجابة عن السؤال السابق؛ إذ الماضي يفسر لنا الواقع لوصف علاج للمستقبل.
بناءً على ما سبق، تأتي أهمية دراسة الوضع الماضي للمشاريع صغيرة ومتوسطة الحجم أثناء أزمة فيرس كورونا لتفسير الوضع الحالي واستشراق المستقبل. بعد أزمة فيرس كورونا المستجد عانت العديد من الشركات والعمالة في مختلف أنحاء العالم وبالأخص الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم والعمالة في منطقة الخليج من العديد من التبعات الخطيرة؛ إذ تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن دخل العمالة في العالم قد انخفض بنحو 11% كما أشار البنك الدولي إلى أن ما يصل إلى 150 مليون عامل قد يسقطون في براثن الفقر المدقع كسبب مباشر لأزمة فيرس كورونا.
تأثرت الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر (أقل من 20 عاملًا) على نحو لا يتناسب مع مواردها وبدرجة أكثر من غيرها، حيث شهدت انخفاضًا في مبيعاتها بنسبة 50% وتسريح لمعظم العاملين بها والكثير منها اغلق النشاط.
كانت الأنشطة المتصلة بالضيافة والمطاعم من بين الأنشطة الأشد تضررًا، في دراسة حديثة تمت تحت دعم من كرسي بنك الاستثمار لدراسات الوعي الاستثماري في المملكة العربية السعودية (Chair29) علي اكثر من 600 رائد أعمال (يدير ويمتلك مشروع صغير).
أشارت إلى أن قلة الموارد المادية كانت من ضمن الأسباب في عدم قدرة العديد من الشركات إلى التعافي ولكن ليست هي السبب الرئيسي لعدم التعافي ولكن كان السبب الرئيسي في ثلاثة عوامل رئيسية:
أولًا: عدم توافر المرونة وانعدام القدرة على تقبُّل التغيير مع المتغيرات الخارجية، مثلا كثير من أصحاب المطاعم زادت وارتفعت أرباحهم أثناء الأزمة على الرغم من الإغلاق بسبب تطوير نظام توصيل للطاعم امن وسريع للزبائن.
ثانيًا: افتقاد المنشاة الي الإدارة الجيدة القادرة على تحويل التهديد الي فرصة في ظل خروج العديد من المنافسين المباشرين.
وأخيرًا: امتلاك العلاقات المباشرة وغير المباشر مع الشركاء وأصحاب المصلحة كانت من الأسباب الرئيسية لصمود رواد الأعمال أثناء الأزمة والتعافي بعدها بشكل سريع.