عن العشاق سألوني
وأنا في العشق لا أفهم
سمعناهم يقولوا العشق
حلو حلو وأخره علقم
سهاد في الليل ووليل على ويل
وشيء منه العذاب ارحم
ومن اعلن هواه يتعب
ومن خبا هواه يعرم
قولوا قولوا مين من العاشقين
وهب قلبه ولم يندم
عن العشاق سألوني
وأنا في العشق لا أفهم
عن العشاق لا نسأل
وخلينا بعيد بعيد اسلم
تجمع العشاق فيما أسموه "شلة أهل الهوى، وكان من شروطها أن لا يدخلها إلا المغرمين، لا يهم لمن الحب، المهم ان تكون محبا، هذا هو تصريح الانضمام لهذه الشلة، واوجه التثبت من ذلك الأمر كثيرة، منها الكلمة أو اللحن أو فضح الهوى نفسه لأصحابه، فالعاشق لا يستطيع مهما حاول إخفاء عشقه.
كان مؤسس تلك "الشلة" الشيخ زكريا أحمد وأبرز أعضائها فنان الشعب سيد درويش وهرم الزجل عمنا بيرم التونسي وكل من أحب، يعرفونه أو لا يعرفونه، فالأرواح تتواصل.
وحكي الروائي العالمي نجيب محفوظ أنه عاش أيام مع شلة أهل الهوى، ففي ليلة خرج لحن أغنية أم كلثوم "إيه أسمي الحب معرفش"، كان زكريا يلحن كل مقطع منها ويعرضه عليهم، حتى جاء الصباح فكان اللحن قد نضج، كذلك كان لحن "الأولة في الغرام" لأم كلثوم، حيث كانوا يسهرون في بيت أحدهم وزكريا يدندن اللحن على العود حتى أتى الصباح فذهبوا إلى مطعم فول وأكلوا على رصيفه قدرة كاملة وقفص جرجير، وما تيَسَّر من البطيخ، ثم ناموا في منزل أحدهم واستيقظوا مساءً ليستأنفوا السهرة، وهكذا ظلوا لمدة 7 أيام، حتى انتهى الشيخ من تلحين الأغنية التي حين غنتها أم كلثوم لأول مرة استعاد الجمهور مطلعها ست مرات.
ووصف بيرم أعضاء الشلة في قصيدته "أهل الهوى" فكتب:
اهل الهوى يا ليل فاتوا مضاجعهم
واتجمعوا يا ليل صحبة وأنا معهم
يطولوك يا ليل ويقصروك يا ليل
يطولوك يا ليل من اللى فيهم
وانت يا ليل بس اللى عالم بيهم
فيهم كسير القلب والمتألم
واللي كتم شكواه ولم يتكلم
واللي قعد بعد الحبايب وحده
وبات حزين يشكي هيامه ووجده
يشكوا ولا مخلوق سمع شكواهم
إلا الكواكب فى السما سمعاهم
ثلاثية السلطنة
وكما قلنا "شلة الهوى" ليس شرطا أن يجمعها مكان فمهما تباعدت المسافات يجمعهما الحب وربما الخطابات التي حرص على تبادلها الشيخ زكريا أحمد مع عمنا بيرم التونسي في منفاه.
ولأن ثومة كانت أيقونة أهل الهوى وسلوانهم في لياليهم وبما أن الكلمة موجودة واللحن موجود كان لابد أن تكتمل الثلاثية بصوتها.
كان أول لقاء بين بيرم وأم كلثوم في نهاية عام ١٩٤٠ بعدما طلبت من شيخ الملحنين زكريا أحمد أن يعرفها به، واتفقت معه على مجموعة من الأغاني يلحنها زكريا أحمد، وبدأ بيرم في أول أعماله الغنائية مع "ثومة" في أبريل عام ١٩٤١، بتأليف أغنية «أنا وأنت»، ثم تبعها بأغنية أخرى وهي أغنية «كل الأحبة» حتي وصل مجموع أغانيه لكوكب الشرق إلى ٣٣ أغنية.
وبرغم أن كوكب الشرق من سعت للغناء من كلمات بيرم إلا أن هناك قصة شهيرة عن تخوفها من غناء قصيدة «الآهات» لولا إقناع الشيخ زكريا لها، وعلى الرغم من ذلك حققت الأغنية نجاحًا قويًا جدًا، حتى وأنها ما إن انتهت من الغناء حتى تواصل التصفيق لأم كلثوم أكثر من عشر دقائق، وكانت هذه أطول مدة تصفيق استقبل فيها الجمهور أغنية من أغانيها.
آه من لقاك فى اول يوم ونظرتك ليا بعينك
خاصم عيونى ليلتها النوم
وبت اسأل روحى عليك
يا هالترى راح يعطف على فؤاد متلهف
تقول لى روحى آه آه
أقول لقلبى يا قلبى حبه يعادل حبى
يقولى قلبى آه آه
وارجع واسأل عقلى هو الزمان حايروق لى
يقولى عقلى آه آه
العقل ياربى ضايع ومتبرد
والقلب فى جنبى يسكت ويتنهد
آه من لقاك فى اول يوم ومن رجايا ومن حبى آه
وتوالت الأغاني التي قدمها بيرم لأم كلثوم نذكر منها « حلم» «أنا في انتظارك» و« الأولة في الغرام» و« حبيبي يسعد أوقاته» و« أهل الهوى» و« شمس الأصيل» « الحب كده» و« القلب يعشق كل جميل»، وهناك أغاني أخرى غنتها أم كلثوم لبيرم وربما كانت أقل شهرة من الأغاني السابقة مثل «أكتب لي من غير تأخير» و«البدر أهو نور» و«أنا ليه أجاسر وأعاتبك»، و«في أوان الورد ابتدا حبي» و«يا قلبي ياما تميل بنظرة» و«حيران ليه يادموعي». كما غنت له بعض الأناشيد الوطنية مثل أغنية «صوت السلام»، والتي كانت سببًا في حصوله على ميدالية برونزية من المجلس الأعلى للفنون.
بكاء الندامى إبداع
بكاء وجسدت واقعة وفاة محمد ابن الشيخ زكريا أحمد، مدى عمق العلاقة بين الشيخ زكريا وبيرم، فعندما زارته أم كلثوم لتواسيه وجدته في حالة سيئة وخشيت ان يقضي الحزن عليه، فقالت أرسلوا إلى نديمه بيرم التونسي، وكان بيرم وقتها بالإسكندرية ولم يعلم بما جرى، وعندما عاد الى القاهرة، كان قد مرّ على موت محمد ابن الشيخ زكريا ثلاثة أيام، فلما دخل بيرم عليه، لم يشعر به زكريا، عندها أدرك بيرم أن عليه ان يجد طريقة لإخراجه من أحزانه وليس هناك من سبيل لذلك غير الموسيقى والشعر، فأسمعه "الأولة في الغرام" حتى وصل إلى:
حطيت على القلب إيدي
وأنا بودع وحيدي وأقول يا عين
يا عين بالدمع جودي
وهنا انسابت دموع الشيخ زكريا ومسك عوده ودندن باللحن وهو يبكي ويبكي معه بيرم.
آخر لقاء بين ثومة ونجمي "شلة الهوى"
بعد مشوار طويل من الإبداع الذي وصل عنان السماء، كان آخر لقاء جمع كوكب الشرق مع نجمي "شلة الهوى" في ديسمبر ١٩٦٠ في "هو صحيح الهوى غلاب" قبل أن يطوي بيرم أوراقه ويترجل إلى السماء في يناير ١٩٦١ ليحمل الشيخ زكريا عوده ويلحق به بعد ٤٠ يوما.
هو صحيح الهوى غلاب
ما أعرفش انا
والهجر قالوا مرار وعذاب
واليوم بسنة
جاني الهوى من غير مواعيد
وكل مادا حلاوته تزيد
ما أحسبش يوم ح ياخدني بعيد
يمني قلبي بالأفراح
وارجع وقلبي كله جراح
إزاي يا ترى
اهو ده اللي جرى
وانا ما اعرفش