شهدت حركة الطيران فى الولايات المتحدة الأمريكية أزمة غير مسبوقة، حيث ألغت شركات الطيران عشرات الآلاف من الرحلات الجوية هذا الشتاء، وفرضت المزيد من التأخيرات، مما تسبب فى أسوأ فوضى تشهدها الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد من الزمان فى دولة تعتمد على الطائرات فى الرحلات الطويلة.
جاء أحدث الاضطرابات الأربعاء الماضى عندما تسبب خلل فى الكمبيوتر فى إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية فى إيقاف الطائرات فى جميع أنحاء البلاد لمدة ساعتين، وتم إلغاء أو تأخير أكثر من ١٠٠٠٠ رحلة، وفقًا لموقع «FlightAware» لتتبع الرحلات الجوية.
الطيران والعاصفة
وكشفت صحيفة «فايننشال تايمز» أن ذلك جاء فى أعقاب مشاكل واسعة النطاق نجمت عن عاصفة شتوية فى عيد الميلاد، حيث عانى العديد من شركات الطيران الأمريكية من التأخير بينما تركت شركة «Southwest Airlines»، وهى شركة طيران منخفضة التكلفة، بعض المسافرين عالقين لعدة أيام.
وخلال موسم العطلات بين ٢٠ ديسمبر و٤ يناير، تحمل المسافرون جوًا فى الولايات المتحدة معظم عمليات إلغاء وتأخير الرحلات الجوية وفقًا لبيانات من «FlightAware»، وتجاوزت أكثر من ٣٢٠٠٠ رحلة تم إلغاؤها أعلى مستوى سابق بأكثر من ٥٠ فى المائة.
وبلغت نسبة الإلغاءات حوالى ٨ فى المائة من الرحلات فى هذه الفترة، فى حين تأخر ٣٧ فى المائة، وفقًا لبيانات FlightAware. فى المتوسط ، بينما تم إلغاء ٢ فى المائة فقط من الرحلات بين عامى ٢٠١١ و٢٠٢١، فى حين تم تأجيل ٢٢ فى المائة.
هشاشة النظام
من جانبه؛ قال دان أكينز خبير بشركة فلايت باث إيكونوميكس الاستشارية: «إنها بالتأكيد بداية غير معتادة لموسم السفر الشتوي». معتبرا أن هذا يشير إلى هشاشة النظام الذى نعتمد عليه كأداة مساعدة، من منظور الشركة الخاصة إلى الإشراف العام على إدارة الطيران الفيدرالية».
تأتى الخدمة المتدهورة مع عودة الركاب إلى السماء بعد إغلاق جائحة فيروس كورونا وتواجه شركات الطيران مع نقص الطيارين. شكاوى الركاب بنسبة أعلى 3 مرات مما كانت عليه قبل الوباء، وفقًا لمكتب إحصاءات النقل.
وتعهد المشرعون الغاضبون ووزير النقل الأمريكى بيت بوتيجيج باستئصال أسباب الفوضى فى جنوب غرب البلاد وتم وقف الخدمات الأربعاء الماضي.
وحذرت شركة يقع مقرها فى دالاس من أن الانهيار التشغيلى لجنوب غرب سيكلفها نحو ٨٢٥ مليون دولار.
وقالت الشركة إن أزمة الأربعاء، جاءت بعد أن أغلقت إدارة الطيران الفيدرالية الحركة الجوية المحلية بعد أن توقف نظام تنبيه الطيارين من المخاطر المحتملة عن العمل بسبب ملف قاعدة بيانات تالف.
وقال ديفيد سوسى مفتش السلامة السابق التابع لإدارة الطيران الفيدرالية، إنه لم يشهد قط عطلًا مماثلاً منذ أربعة عقود فى مجال الطيران.
وأضاف سوسى إن ما يسمى بنظام إشعار المهام الجوية «معقد بشكل لا يقاس»، حيث يتلقى تغذية المعلومات من مئات المصادر، بدءًا من المطارات حتى وزارة الدفاع الأمريكية.
إن تحديث وتحسين أنظمة تكنولوجيا المعلومات للجهة التنظيمية عملية تستغرق سنوات وتكلف مئات الملايين من الدولارات، ومع ذلك فإن الذين يديرون إدارة الطيران الفيدرالية «ليسوا فى مكانهم بما يكفى لرؤية هذه الأمور والتأكد من وجود تمويل فى الكونجرس».
ولم يكن لإدارة الطيران الفيدرالية رئيس دائم منذ مارس الماضى ويقودها القائم بأعمال المدير بيلى نولين، ويتم تمويل الوكالة حتى نهاية هذا العام، بموجب اتفاقية مدتها خمس سنوات أقرها الكونجرس عام ٢٠١٨.
وسيحتاج المشرعون إلى إعادة اقرار التمويل هذا العام، وهى عملية تواجه صراعا بين الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلس النواب والديمقراطيين الذين يسيطرون على. مجلس الشيوخ ، بحسب «فايننشال تايمز».
إيقاف غير مبرر
من جانبه؛ قال سام جريفز، الرئيس الجمهورى للجنة النقل والبنية التحتية فى مجلس النواب الأمريكي، إن إيقاف رحلة إدارة الطيران الفيدرالية كان «غير مبرر»
واضاف جيف فريمان، رئيس المجموعة التجارية لجمعية السفر الأمريكية، إن الاقتصاد الأمريكى يعتمد على السفر الجوى الموثوق به، وأن إشارات فشل إدارة الطيران الفيدرالية تشير الى «أن شبكة النقل الأمريكية بحاجة ماسة إلى ترقيات كبيرة».
وأدى الانهيار الأخير إلى زيادة الضغط على بوتيجيج، الذى يضم قسمه إدارة الطيران الفيدرالية. يبلغ من العمر ٤٠ عامًا، وهو عمدة سابق لمدينة ساوث بيند الصغيرة بولاية إنديانا، وأصبح أحد أعضاء مجلس الوزراء البارزين فى حكومة جو بايدن، حيث يظهر بانتظام فى القنوات الإخبارية ووسائل الإعلام الأخرى كممثل للرئيس.
وأصبح بوتيجيج شخصية وطنية عندما كان مرشحًا ديمقراطيًا للرئاسة فى عام ٢٠٢٠. وبصفته باحثًا من رودس ومحاربًا عسكريًا قديمًا، يُنظر إليه على أنه يمتلك طموحات تتجاوز إدارة بايدن، حيث يتوقع الكثيرون فى واشنطن ترشحه للرئاسة مرة أخرى فى المستقبل.
وقالت كارين جان بيير، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، إن بايدن حافظ على ثقته فى وزير النقل. وقال بوتيجيج للصحفيين إن «أولويته القصوى ضمان عدم تكرار الحادث.