كشفت شبكة "روسيا اليوم" أن شركة صينية تابعة للحكومة وقعت اتفاقا مع حكومة طالبان التي تتولى رئاسة أفغانستان، بقيمة 540 مليون دولار من أجل تطوير حقول نفط وغاز في الدولة.
وبينت الشبكة أن هذا الاتفاق يعد أكبر استثمار من نوعه يتم تنفيذه في أفغانستان منذ وصول حركة طالبان إلى الحكم عن طريق الحرب المسلحة في أغسطس 2021، عقب انسحاب القوات الأمريكية من هناك.
ورغم أن الصين لا تعترف بطالبان، كحكومة شرعية في أفغانستان، لكنها تدرك أن هذه الحركة المتطرفة تسيطر على الدولة المجاورة لها والتي تتمتع بموارد طبيعية هائلة، الأمر الذي يجعلها ضرورية للصين من الناحية الاقتصادية والاستراتيجية.
ورغم غياب الاستقرار الطويل للبلد التي عاشت ظروف احتلال، وكذلك وجود جماعات متطرفة وعلى رأسها تنظيم داعش، لكن البلد تشكل كنز استراتيجي يجذب أعين الصينيين.
تمتلك أفغانستان احتياطات معدنية هائلة، فهناك 1.75 تريليون قدم مكعب من احتياطات الغاز الطبيعي المؤكدة، كما أن لديها بعض النفط أيضا.
تدرك الصين أيضا حاجة هذه البلد الفقيرة والتي تسعى للحصول على استثمار أجنبي لإنعاش اقتصادهم المنهار، فلم يسبق لأفغانستان وطالبا منذ عقود أن أتيحت لهم الفرصة لتلقي مثل هذه الأموال، الأمر الذي يخلق تقارب لأقطاب أيديولوجيين متناقضين، وهم الإصوليون الإسلاميون المتمثلين في حركة طالبان الحاكمة لأفغانستان، ودولة تتبنى نظام شيوعي مثل الصين، من أجل اتفاق لصفقة بقيمة تقترب من نصف مليار دولار.
تكشف التحولات الأخيرة في الصين، كيف أن الصينين يتبنون مبادرة عكسية لباقي الدول في التعامل مع حركة طالبان، ففي الوقت الذي فر الدبلوماسيون الغربيون من كابول عقب استيلاء حركة طالبان على الحكم، بقى الدبلوماسيون والمفاوضون الصينيون في هذه الدولة حتى الآن.
تشير الشبكة إلى أن قرار عقد الصفقة مع طالبان، يظهر امتداد المعضلة الاستراتيجية التي تعيشها الصين حينما يتعلق الأمر بأمن الطاقة، إذ تعد الصين أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، كما تشكل عملاق صناعي هام يحتاج إلى الطاقة، إضافة إلى كونها أكبر مستهلك في العالم لمواد النفط والغاز.
ولا تحظى الصين بأي موارد كافية في الداخل لتلبية متطلباتها الخاصة في مجال الطاقة، والتي تتزايد باستمرار مع تطور البلد السريع، كل هذا جعل من بكين مستورد صافِ ورئيسي للنفط والغاز الطبيعي.
ورغم أن علاقات الصين مع الكثير من بلدان العالم تظل قوية، ولكن يحكمها كثير ملف الطاقة الاستراتيجي بالنسبة لبكين، لكن الصين تجد نفسها أمام معضلة كبيرة، إذ أن غالبية حاجاتها النفطية والغازية تأتي عبر البحر، باستثناء ما تقوم باستيراده من روسيا.
وبالنسبة للاستيراد من البحر، فهناك معضلة كبيرة، في ظل صراع العيمنة على بحر الصين الجنوبي، بين بكين وواشنطن، إذ تحاول هذه الأخيرة فرض الخناق على الصين.
تلفت شبكة "روسيا اليوم"، أن الصين تدرك أن أي توتر بين بكين والولايات المتحدة، قد يجعل الولايات المتحدة تسعى لحظر الشحن ببحر الصين الجنوبي، في محاولة لقطع إمدادات الطاقة عن بكين.
وإدراكا لهذه المعضلة، تسعى الصين لتأكيد وجودها البري مع جيرانها من خلال بناء مبادرة الحزام والطريق، في محاولة لتحقيق ربط طرق وخطوط سكك حديدية عابرة للقارات وإنشاء طرق لوجستية جديدة يمكن أن تسمح للبضائع بالدخول والخروج من الصين. وتشكل هذه المبادرة أنها ليس في متناول الولايات المتحدة.
لكن تدرك بكين أن أي خريطة طريق استراتيجية، لن تكتمل بدون دمج أفغانستان، التي تشترك في امتداد قصير من الحدود مع الصين، وتقع كمفترق طرق بين الشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا، الأمر الذي يجعل كابول جزءا مهما من أمن الصين واستراتيجيتها، كل هذا يضاف إلى الكنوز الطبيعية غير المستغلة في أفغانستان.