شهدت المشروعات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة اهتمامًا كبيرًا خلال السنوات الأربع الماضية بعد أن كلف الرئيس عبدالفتاح السيسى محافظ البنك المركزى بتخصيص 200 مليار جنيه على أن يتم تمويل أصحاب المشاريع من الشباب بفائدة 5% متناقصة سنويًا، مع تعليمات بمنحهم تسهيلات ضمن القروض ليكون «جدية المشروع» هو الضمان الأساسى لمنح القروض.
والأكثر من ذلك أن مساعدة أصحاب هذه المشروعات لم تتوقف على الدعم والتمويل المالى بل امتدت إلى الدعم الفنى والمعنوى والمساعدة فى إدارة المشروعات محليًا وخارجيًا بما يتماشى مع الاستراتيجيات التكنولوجية لرفع مستوى الجودة ونجاح المنافسة داخل الأسواق ليتسنى لهم البقاء والاستمرارية وهكذا خرجت هذه المشاريع من متاهة الروتين والبيروقراطية.
تسهيلات بالبنوك لمنح قروض لمشروعات الشباب.. والمنتجات الصينية تنافس بقوة المنتج المصرى
أنشأت الحكومة جهاز المشروعات لمنح الشباب التراخيص وموافقات التشغيل بل إنها أنشات تجمعات صناعية تم تأسيسها، حيث يصبح دور هذه الصناعات المغذية للمصانع الكبرى، مما يضمن الترويج لبضائعها وبقائها داخل الأسواق.
وبلغ إجمالى ما تم ضخه فى تلك المشروعات حوالى ٦٠ مليار جنيه حتى نهاية يوليو الماضى ٢٠٢٢، من أصل ٢٠٠ مليار جنية تم تخصيصها لتمويل المشروعات المتناهية الصغر.
وكشفت بيانات جهاز تنمية المشروعات، أنه تم توفير تمويل ٣٢٣.٤ مليون جنيه لمشروعات البنية الأساسية والتنمية المجتمعية والتدريب ونتج عنها توفير ١.٥ مليون يومية عمل خلال ٢٠٢١ بزيادة كبيرة قياسا على تمويلات عام ٢٠٢٠.
وبشأن قروض المشروعات الصغيرة تم تمويل ١٩٩ ألف مشروع صغير ومتناهى وفرت ٤٣٠.٨ ألف فرصة عمل خلال ٢٠٢١، وبلغ إجمالى المنصرف ٢.٦ مليار جنيه للمشروعات الصغيرة ومولت ٣٤.٩٧٧ وفرت فرص عمل ٤٢.٢٤١ فرصة عمل، وبلغت تمويلات المتناهى الصغر ٤.٥ مليار جنيه لتمويل ١٦٤.٣٤ مشروع وفرت ٣٨٨.٥٥١ فرصة عمل خلال ٢٠٢١.
تصدير المنتجات للاتحاد الأوروبي
يقول المهندس أحمد عماد، صاحب مشروع لتصنيع بعض مكونات الأجهزة الكهربائية المنزلية، إنه كان يعمل قبل السعى لافتتاح مشروعه فى شركة تصنع الأجهزة المنزلية والكهربائية، واكتشف أنها تستورد بعض العناصر الحساسة مثل الشمعة ذاتية الاشتعال داخل المواقد وخلال أزمة الدولار التى شهدتها مصر العام الماضي، كاد مصنعه يتوقف عن العمل لعدم حصوله على السيولة النقدية، وهنا قد هدانى تفكيرى لتصنيع هذه الأجهزة الدقيقة فى مصر.
وأضاف لـ«البوابة»: «بالفعل قمت بزيارة أحد البنوك المصرية للحصول على قرض قيمته مليون جنيه بفائدة ٥٪، ونجحت فى الحصول عليه وإنشاء مصنعى الذى يستوعب أكثر من خمسمائة موظف ومهندس وفنى والآن وبعد الاستعانة بأحدث التكنولوجيا العالمية أقوم بتصدير منتجات المصنع إلى أكثر من دول فى الاتحاد الأوروبي».
وأوضح «عماد»، أن البنك لم يطلب منه ضمانات «مستحيلة» كما كان الحال من قبل، ولكن جدية المشروع، وبالتالى الآليات داخل المصنع هى الضمان الرئيسى للمشروع، وليس لديه ما عدا ذلك وأصبح المصنع ليس لديه مشاكل سوى محاربة إغراق الأسواق المصرية ببضائع رديئة الجودة مستوردة من الصين ليس لها ضمان بأسعار منخفضة وللأسف بعض الشركات والمصانع المصرية تشترى تلك المنتجات، الأمر الذى يهدد مصنعه بالتوقف مما يجعله غير قادر على دفع الأقساط بشكل منتظم، وطالب وزارة التجارة باتخاذ موقف شديد ضد هذه المنتجات الرديئة التى تهدد السوق المصرية.
تشجيع الشباب
ويقول أحمد مصطفي، فنى تشطيبات: «كنت أعمل لدى شركات تشطيب الشقق وفى وقت معين فكرت أفتح مشروعى الخاص بعد حديث الرئيس عن المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع الشباب لها فجاءت فكرة إنشاء مشروع عبارة عن محل حدايد وبويات ولكى تتمكن من افتتاح تلك المشروع تحتاج إلى خبرة فى مجال التشطيبات، ومنطقة جديدة تحت الإنشاء مثل الشيخ زايد مثلًا، لتزويدها بالعدد اللازمة للبناء، ولتحقيق أكبر ربح قمنا بإعداد قائمة بالمستوردين حتى تتواصل معهم بشكل مباشر، اخترت أقرب مكان لي، وتوجهت إلى منطقة الرويعى بالقاهرة التى تتميز بتوفير كل المنتجات بأرخص أسعار لعمل دراسات الجدوي».
ويضيف لـ«البوابة»: «توجهت إلى أحد البنوك للحصول على القرض بفائدة ٥٪ لكى أبدأ المشروع وفوجئت بالتسهيلات فى الإجراءات وبمجرد إعداد كل الأوراق تسلمت القرض خلال أقل من شهرين وافتتحت المشروع بالفعل والآن يعمل معى حوالى ١٥ شابا أتكفل بمرتباتهم الشهرية ومعظمهم متزوجون ولديهم أولاد وبفضل الله مستمر فى دفع الأقساط للبنك وأقوم بتوزيع المنتجات المصرية ولا أقبل بيع المنتجات الصينية التى يتم ترويجها بأرخص الأسعار ولكن جودتها تحت الصفر والحمد لله أصبحت معروفا فى المنطقة، وبمجرد الانتهاء من أقساط القرض سأفكر جديا فى فتح أول فرع للمحل فى منطقة جديدة تحت الإنشاء فالعميل يعرف يفرق جيدا بين المنتج الأصلى والمنتج المضروب، ولأننا نعمل فى مجال الحديد والبويات فالعميل لدينا يريد أن يشترى منتجا يستخدمه لمدة ١٠ سنوات أو مدة الضمان لأن تلك المنتجات من الأدوات المعمرة فى المنازل».
عقبات تواجه المشروعات
وقال عبدالباسط المشد، صاحب أحد مشاريع الشباب، إن فكرة مشروعه تعتمد على مشروعات التفريخ لتوفير زريعة الأسماك للمزارع والأقفاص السمكية فى المناطق التى يتركز فيها نشاط الاستزراع السمكى بمحافظة البحيرة، ويتضمن متوسط تكلفة المشروع حوالى ٧٠٠ ألف جنيه وقد قام بالحصول على قرض من أحد البنوك بحوالى ٥ ملايين جنيه لإنشاء مشروعه.
وأضاف لـ«البوابة»، أن المشروع يواجه بعض العقبات بسبب عدم توافر العلف المطلوب لطريقة الاستزراع السمكي، بالإضافة إلى انخفاض القدرات الإنتاجية للبحيرات والبحار طوال فصل الصيف بسبب النوات، مما يؤدى عادةً إلى ارتفاع التكاليف.
ويكمل «المشد»: «ظهر أمامنا بعض المنتجات الصينية التى تتميز بالأسعار الرخيصة فقط ولا توجد بها أى جودة مما نضطر أحيانا لاستخدامها لفترة مؤقتة لحل العجز، وما نطالب به هو توفير منتجات مصرية لأنها تتميز بالجودة ويشدد إن ما كنا نسعمه من صورة سلبية عن المنتحات المصرية انتهى تمامًا بفضل الجودة واستخدام أحدث التقنيات الحديثة والتكنولوجيا فى الزراعة والصناعة».
دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة
من جانبه، يقول المهندس طارق شاش، نائب الرئيس التنفيذى لجهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي، يقدم دعمًا غير مسبوق لقطاع المشاريع بكل أنواعه، مؤكدًا أن دعم الرئيس السيسى هو أكثر ما يميز هذا القطاع، وقد شهد قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغير حالة اهتمام وتطور ودعم من الدولة المصرية بمجمله.
وأوضح، فى تصريحات لـ«البوابة»، أن الخبرة المصرية فى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة أصبحت عملاقة وسريعة بالفعل، مشيرًا إلى أنه تم إنشاء جهاز دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى عام ٢٠١٧، لتصبح المهمة المنوطة به تطوير ودعم القطاع مع باقى أجهزة الدولة.
وأضاف «شاش»: «تجربة الدولة المصرية فى دعم قطاع المشروعات الصغيرة وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بتوفير حزمة كبيرة من الخدمات لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، حيث يقوم الجهاز بمساعدة الشباب فى عمل دراسات الجدوى للمشروع واستخراج المستندات المطلوبة للمشروع من التسجيل، البطاقة الضريبية، ترخيص مراقبة نشاط، منح التمويل، بالإضافة إلى تقديم خدمات التسويق المتعددة».
وأكد نائب الرئيس التنفيذى لجهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، أن الجهاز ضخ فى المرحلة الأولى نحو مليار وأربعمائة مليون جنيه تدخل ضمن القروض لمساعدة الشباب لأن الجهاز يرأس اللجنة الاقتصادية المسئولة عن توفير فرص العمل والتنمية الاقتصادية من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة، مشيرًا إلى أن هناك حوالى ٦٠ ألف مشروع يأتى ويستمر خلال المرحلتين الثانية والثالثة.
تحديث المصانع
ويؤكد الدكتور يحيى عياد، الباحث فى جمعية بحوث الاقتصاد، أن مبادرة «مشروعك» هى واحدة من أهم المبادرات الوطنية التى تم إطلاقها خلال الأشهر الماضية، فى إطار الاهتمام بتشجيع الشباب على استخدامهم فى برنامج «مشروعك»، وتوفير آليات لجذب الشباب، والعمل على توفير دراسات عملية لكل ذلك، يتبنى ويقدم مبادرات جادة للربح من المشروع ويلهم الأعمال المستقلة.
وأضاف لـ«البوابة»، أن قانون تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة يهدف إلى تحقيق نظام متكامل للبئية الصناعية الناشئة ويوفر جوًا اختياريًا لتحفيز قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة وتشجيعه وتطويره لدوره الحيوى فى مكافحة البطالة، وتوفير فرص عمل ودفع عجلة التنمية الاقتصادية التى صدرت لائحته التنفيذية.
وأوضح «عياد»، أن المشروع القومى يهدف إلى تذليل المعوقات التى تواجه الجهات التمويلية المتنوعة من خلال التعاون بين المواطن والدولة وأيضًا البنك، ويتم تشجيع الشباب إنشاء المشاريع المتوسطة والصغيرة وعدم الانتظار لوظيفة حكومية.
فيما أكد المهندس محمود سرج، رئيس لجنة المشروعات الصغيرة باتحاد الصناعات، أنه لن تحدث التنمية الاقتصادية فى أى دولة إلا من خلال صناعة قوية، مع الإشارة إلى أن توفير التراخيص للصناعة لا يحدث بالسرعة التى ترغب فيها الدولة، ولكن هناك تطور حدث فى الفترة الأخيرة.
واقترح فى تصريحاته لـ«البوابة نيوز» أن تقوم الدولة بتقديم جوائز لكل شاب يصنع مستلزمات الإنتاج ويوفر احتياجات الإنتاج من خلال استخدام مواد خام مصرية ويجب التنسيق بين الدولة والقطاع الخاص، ويجب حل كل المشكلات التى تواجه العمل، وضرورة قيام الدولة بمساعدة تحديث المصانع من خلال الإعفاء الضريبى على الآلات المنتجة وغير ذلك مما يساهم فى سرعة الإنتاج وزيادة الصادرات.
ودعا علاء السقطى، رئيس اتحاد مستثمرى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى تطوير الكثير من الآليات الاقتصادية الجديدة لتطوير قطاع المشروعات متناهية الصغر نتيجة أهميته للنظام المالى الاقتصادى الوطنى فى ظل العوائق العديدة التى واجهها خلال السنوات الماضية.
وأضاف «السقطي»: «يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقنين أوضاع هذا القطاع بحيث يتم تأهيله للحصول على التدريب والاقتراض من البنوك ذات المصلحة المباشرة لتلبية التحديات المتنوعة ورفع قدراته التنافسية وتعديله للدخول بقوة فى الإنتاج وتحقيق قيمة مضافة».
وأوضح أن البنك المركزى المصرى أتاح العديد من المبادرات لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وقدمت تمويلًا ميسرًا بفائدة ٥٪ من خلال برامج طويلة ومتوسطة الأجل تصل إلى ثلاث سنوات.
تنمية المشروعات متناهية الصغر
ويقول على سعد، مدير عام الاتحاد المصرى للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر: «جاءت التعديلات التشريعية الأخيرة التى ساعدت بدورها فى دعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغيرة»، مشيرًا إلى أنه قد حدث حوار مجتمعى ضخم قبل التعديلات شارك فيه الدكتورة منى ذو الفقار رئيس الاتحاد، وذلك للوصول التشريع النهائى للاتحاد، من أجل الخير للعميل ومصلحته فى النهاية، مُعلقًا أن الحوار المجتمعى الذى تم على جميع المستويات.
وأشاد، خلال تصريح خاص لـ«البوابة»، بدور هيئة الرقابة المالية لأنها تلعب دورًا حيويًا خلال الفترة السابقة فيما يتعلق بالضمانات والضوابط التى تحكم منح الأموال، حيث بذلت مجهود مضاعف لحماية أموال العملاء، مؤكدًا أن لدى الاتحاد العديد من المبادرات فى الوقت الحالي، بالإضافة إلى وجود طريقة دورية للدراسات والتحليل، أولها يتعلق بالأثر الاقتصادى والاجتماعى الذى يقع على المؤسسات من خلال خدمات تنمية المشروعات متناهية الصغر فى مصر، وذلك بالشراكة مع مركز البحوث للدراسات الاجتماعية والإحصائية ونهاية الشهر الجارى ستظهر النتائج النهائية له.
بيانات هيئة الرقابة المالية
كشف تقرير الربع الأول من عام ٢٠٢٢ الخاص بالهيئة العامة للرقابة المالية نموًا ملحوظًا فى قيمة أرصدة التمويل بنسبة ٤٦.٢٪ حيث بلغت نحو ٣٠ مليار جنيه كما ارتفعت أعداد المستفيدين بنسبة بلغت نحو ١٣.٢٪ حيث بلغ العدد حوالى ٣.٦ مليون مستفيد فى نهاية الربع الأول عام ٢٠٢٢، مقارنة بنهاية الربع الأول من عام ٢٠٢١، والذى كان فيه عدد المستفيدين نحو ٣.٢ مليون مستفيد.
وجاءت الشركات بالترتيب الأول فى نهاية الربع الأول من عام ٢٠٢٢ من حيث قيمة أرصدة التمويل، وذلك بقيمة تمويل قدرها ١٧.٨ مليار جنيه، بينما جاءت بالمركز الثانى بالنسبة لأعداد المستفيدين، حيث بلغت نحو ١.٥ مليون مستفيد، مقارنة بنهاية الربع الأول من عام ٢٠٢١، والذى بلغت فيه قيمة أرصدة التمويل ١١.٥ مليار جنيه لعدد مستفيدين بلغ نحو ١.٣ مليون مستفيد.