حذر النائب محمود بكري، عضو مجلس الشيوخ، من بعض المخاطر والآثار السلبية لسوق العمل غير الرسمي.
وقال النائب في كلمته خلال الجلسة العامة لمناقشة دراسة تقدم بها النائب أحمد أبو هشيمة بعنوان "الشباب وسوق العمل غير الرسمي مخاطر راهنة ومقاربات واعدة"، إن أهم تلك الآثار يتمثل فى إحداث خلل هيكلى فى موازنة الدولة وضعف الشمول المالى وحرمان الموازنة العامة للدولة من حصيلة ضريبية تقدر بأكثر من 400 مليار جنيه، أيضًا من سلبيات "الاقتصاد الموازى" بأنه متهرب من دفع الضرائب والرسوم كونه غير مُراقب من قبل الحكومة، سواء الباعة الجائلين أو أولئك الذين لا يتعاملون بفواتير ضريبية، والاقتصاد غير الرسمي يضم العديد من المخاطر الأخرى مثل ضياع حقوق العاملين به لعدم تسجيلهم في التأمينات الاجتماعية، وعدم تطبيق معايير السلامة في الورش والمصانع التي يعملون بها، ويعتبر التوظيف في القطاع غير الرسمي أو العمل غير الرسمي هو عمل بدون تعاقد أو تأمين اجتماعي، ويكون له عواقب وخيمة على المستويين الشخصي والمجتمعي.
واستطر "بكري": أن الأفراد الذين يعملون بصورة غير رسمية لا يحصلون على الحماية الكافية من مختلف المخاطر التي قد يتعرضون إليها، مثل المعاناة من المرض أو المشكلات الصحية، والعمل في ظروف غير آمنة، والتعرض لفقدان الدخل، وهذه الوظائف غير الرسمية لا توفر أي حماية للمشتغلين بها، وبالتالي فقد أحد الأفراد عمله، لن يكون له أي مصدر رزق، أما فيما يتعلق بالوظيفة ذاتها، فلا يحصل العاملون بها على إجازات مدفوعة الأجر، ولا تأمين اجتماعي، ولا إجازات مرضية، بالإضافة إلى عدم انضمامهم إلى نقابة ما، وهذا يعني أن هذا النوع من الوظائف هي وظائف خالية من جميع الحقوق.
وأكد النائب: إننا بحاجة إلى إعادة تصحيح الخطاب العام الخاص بالسياسات المتعلقة ببطالة الشباب واتباع استراتيجية تعتمد على وجود مناخ اقتصادي يفضي إلى خلق المزيد من فرص العمل بظروف أفضل، وكذلك تمكين العاملين في ظل الاقتصاد غير الرسمي، لأن هذا القطاع لن يتلاشى تمامًا، فهناك حاجة ملحة لحماية العاملين في الشرائح الأدنى بالقطاع غير الرسمي عن طريق اعتماد حد أدنى من الحماية الاجتماعية للتحويلات النقدية وتنفيذ برامج المساعدات الاجتماعية،
وذكر النائب محمود بكرى "التجربة الدنماركية" في مجال مكافحة الاقتصاد الخفي، في الدنمارك حتى عام 2015 كان 59٪ من الأشخاص يعملون سرًا و77٪ على علم بالعقوبات والغرامات لكن السلطات لم تقف مكتوفة الأيدي، وخلال السنوات الماضية اعتمدت الدنمارك سلسلة من الإجراءات ضد المعاملات غير المعلنة، أهمها حظر الدفع نقدًا وزيادة التخفيضات الضريبية، والقيام بحملات توعية وتعزيز المراقبة، وفي أقل من عشر سنوات، حققت الدنمارك تقدما هائلًا في مجال مكافحة العمل غير المعلن عنه، السلطات الدنماركية حاربت بنجاح الإقتصاد الخفي، وهي قادرة اليوم على تقديم المشورة إلى الدول الأعضاء الأخرى.
واعتبر النائب أن التجربة تؤخذ كمثال يحتذى به خلال المناقشات التي تنظم في إطار محاربة الجهاز الأوروبي الجديد لمكافحة العمل غير المعلن، متساءلًا: هل الحكومة المصريّة قادرة على إنجاح عمليّة دمج الاقتصاد غير الرسميّ تحت مظلّة الدولة؟،ّ خاصة وأن كلّ الدراسات الميدانيّة التي تمّت عن قطاع الاقتصاد غير الرسميّ في مصر أوضحت استعداده الدخول ضمن الاقتصاد الرسميّ، خصوصاً قطاع الملابس الجاهزة، لكن المشكلة الوحيدة التي تواجه دخول القطاع غير الرسميّ ضمن القطاع الرسميّ للاقتصاد، هي التكلفة الماليّة الكبيرة التي تقابل أصحاب تلك المشاريع أو العاملين فيها، لكن إذا تمّ تشريع قوانين محفّزة، تضمن لهم مكاسب مقابل التكاليف المدفوعة منهم، ومنها التمويل للتوسّع في المشروع، وفتح الأسواق العالميّة لهم من أجل التصدير، وخفض الضرائب عليهم، إذا تمّ ذلك سوف يتمّ دمجهم بنجاح، لأنّهم سوف يشعرون بأنّ مكاسبهم تحت مظلّة الدولة أكبر.
ودعا النائب بضرورة دراسة عمليّة دمج كلّ نشاط اقتصاديّ داخل القطاع الاقتصاديّ غير الرسميّ في شكل منفصل، فقطاع الملابس الجاهزة يختلف عن قطاع الأغذية وعن قطاع الأثاث وهكذا، حتّى نحدّد احتياجات كلّ قطاع ومشاكله ونحلّها بالطريقة الأفضل والأنسب لها.