قبل أيام، زار الموت بيت سلطان الطرب، الفنان اللبناني الكبير جورج وسوف، ليرحل ابنه وصاحب اسم شهرته "وديع"؛ وذلك بعد ساعات من إعلان العائلة نقل الشاب الراحل إلى أحد مستشفيات العاصمة اللبنانية بيروت بحالة حرجة، إثر عملية تكميم المعدة التي كان قد خضع لها منذ أكثر من أسبوع.
وعلى الرغم من إعلان نجاح العملية حينها، فإن وديع تعرّض لنزيف داخلي أودى بحياته، ما فتح الباب، مرة أخرى، للحديث عن مخاطر تكميم المعدة وغيرها من العمليات الجراحية التي تؤدي إلى إنقاص الوزن.
ما هو "تكميم المعدة"؟ عملية تكميم المعدة Sleeve gastrectomy، هي خيار طبي جراحي، قد يلجأ له البعض لإنقاص وزنهم بعد أن واجهوا الفشل باتباع أنظمة غذائية تساعدهم في ذلك. عبر هذا الإجراء، يتم تقليل حجم المعدة بحيث تصبح أصغر، وبالتالي الاستهلاك اليومي للطعام يكون أقل، مما يدفع الإنسان لخسارة الوزن، كما تحفز هذه العملية بعض التغيرات الهرمونية التي من شأنها تحفيز خسارة الوزن. وتتم العملية عن طريق استخدام منظار، وإدخال أدوات ذات حجم صغير عبر شقوق يشقها الجراح المختص في أعلى البطن، وبهذا الإجراء سيتم إزالة 80% من المعدة، بحيث يصبح حجم وشكل المعدة قريب لحجم وشكل ثمرة الموز. وقد تساعد العملية على السيطرة على بعض أنواع الأمراض المزمنة والتخفيف من مخاطرها، مثل "الارتجاع المعدي، أمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع نسبة الدهون في الدم، مرض السكري، والسكتات الدماغية".
لكن، كما هو الحال في أي عملية جراحية، هناك مخاطر مترتبة على إجراء عملية تكميم المعدة. والتي تتضمن "النزيف الشديد، الإصابة بعدوى ما، ردود فعل تحسسية من الجسم للتخدير الذي تم استعماله أثناء العملية، إصابة الشخص بجلطات الدم، وصول المضاعفات إلى مشاكل في الرئة أو التنفس، حدوث تسربات من مكان الجرح في المعدة (الأمر الذي يتطلب جراحة متكررة ويمكن أن يؤدي التسرب المستمر إلى تكوين ناسور أو عدوى متكررة داخل البطن)، عدم القدرة على تحمل تناول الطعام، تضرر الأعضاء القريبة أثناء العملية".
ووفق ما ذكره أحد المواقع الطبية المتخصصة، فبشكل عام، يمكن أن تكون جراحة تكميم المعدة خيارًا مناسبًا بالنسبة لمن كان مؤشر كتلة جسمه يبلغ 40 فأكثر، وهو ما يُسمى "السمنة المفرطة"؛ أو إذا كان مؤشر كتلة الجسم يتراوح بين 35 و39.9، وهو معدل السمنة، وكانت هناك مشكلة صحية خطيرة مرتبطة بالوزن، مثل داء السكري من النوع الثاني، أو ارتفاع ضغط الدم الشرياني، أو انقطاع النفس النومي الحاد.
وقد تتطلب بعض الحالات أنواعًا معينة من جراحات إنقاص الوزن إذا كان مؤشر كتلة الجسم يتراوح بين 30 إلى 34 وكانت هناك مشكلات صحية خطيرة مرتبطة بالوزن.
وهناك مخاطر أخرى لعملية تكميم المعدة على المدى البعيد، وتشمل "مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الانسداد، إصابة الفرد بالفتق، الإصابة بالارتجاع المعدي المريئي، انخفاض مستويات السكر في الدم، التأثير بشكل سلبي على التغذية، الاستفراغ والقيء.
لذلك، بعد إجراء عملية تكميم المعدة يوصي الطبيب المختص الخاص بالمريض باتباع حمية معينة أو أخذ فيتامينات، لأنه من الممكن أن يصاب المريض بمشاكل متعلقة بالتغذية بعد إجراء العملية. ولهذا السبب قد يكون على المريض تناول الفيتامينات والمكملات الغذائية مدى الحياة.
ضحايا سابقين لم يكن "وديع وسوف" أول ضحايا عمليات التخسيس وتكميم المعدة، فقد سبقته الفنانة الراحلة سعاد نصر في عام 2007، والتي دخلت في غيبوبة لمدة عام، إثر خضوعها لعملية شفط الدهون التي قررت إجرائها بعد زيادة وزنها، لكنها تسببت في مضاعفات عدة. بعد تلك الغيبوبة، أفاقت سعاد نصر، لمدة 5 دقائق، لتلقي على عائلتها وصيتها الأخيرة. أيضا، كادت أن تنهى واحدة من هذه العمليات حياة الإعلامية الكويتية فجر السعيد، والتي تعرضت لنزيف حاد وتوقف في عضلة القلب، أدى إلى بقائها في العناية المركزة لمدة شهر كامل، بعدما حاولت القيام بعمل بعض عمليات التخسيس، ولكنها أدت إلى نتيجة عكسية دون أن تحقق الهدف الأساسي منها.
وفي هذا السياق قالت الدكتورة أسماء الدحدوح، خبيرة تغذية السمنة: من أبرز وأبشع أضرار تكميم المعدة استئصال جزء من المعدة وهو الجزء المقوص والأكبر من المعدة حيث يترك ربع المعدة فقط، ومن ثم تم خسارة ثلاث أرباع الحامض المعدي والأنزيمات والأملاح المعدنية وغيرها، الخسارة الأكبر بعد العملية أن الأكل لا يهضم يذهب الأمعاء مباشرة بالتالي يحدث حموضة لأنه لم يستهلك الحامض المعدي الذي يفرز من أجل الطعام.
مؤكدة في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن بعد العملية يدخل الإنسان في دوامة الفيتامينات مدى الحياة لأن الجزء المستئصل تخلص من جميع الفيتامينات الطبيعية التي تدخل الجسم وعلى رأسها فيتامين دال وكذلك امتصاص الدهون الذي كان يستكمل امتصاصها في الأمعاء، كل ذلك يدخل المريض في طريق هشاشة العظام وغيره من المشاكل الصحية.
وتابعت: "الأضرار أصعب من محاولات خسارة الوزن بشكل آمن "الرياضة وتنظيم الطعام"، وهذا ما يتم التعامل به بعد العملية، لذلك لا يوجد فائدة من العملية.
مشيرة في حديثها لا يلجأ للعملية إلا من صاحب السمنة مرض قوي مزمن مثل السكر والضغط أو أمراض القلب، ومالم يكن ارتفاع الوزن تخطى الـ٣٥ كيلو. ومن الآثار السيئه للعملية والتي تتجاوز 15% يحدث ارتخاء في عمليات البطن نتيجة الجراحة واستئصال جزء المعدة، كما أن هناك أشخاصا قاموا بعمل المرارة بعد التكميم بنسبة 12% لأن نتيجة ارتفاع الحامض المعدي والأنزيمات الصفراء يحدث تكوين حصوات وذلك يؤدي إلى انتزاع المرارة.
موضحة أن الحلول البديلة للعمليات، إعطاء عدة فرص للتخسيس الأمن بداية من نظام اللقيمات، والطعام بمقدار كف اليد على مدار اليوم مع شرب المياه الكثير قبل الأكل، بالإضافة إلى الحركة والنشاط الرياضي، والبعد عن الأكلات التي تؤدي للتخمة، البعد عن السكريات والقمح بشكل تدريجي، التركيز على المفيد وإدخال كمية بروتين مناسبة.
ومن جانبه قال الدكتور محمد عز العرب، أستاذ الباطنة والكبد بالمعهد القومي للكبد والأمراض المعدية: يستدعي عمل تكميم المعدة إذا كان معدل كتلة الجسم للسمنة المفرطة أكثر من ٤٠، الوزن بالكيلو جرام على مربع الطول بالمتر، إذا تعدى ٤٠ يتم عمل السمنة إذا كانت تكميم أو تغيير مسار، وإذا كان المعدل ما بين ٣٥ و٤٠ يتم عملها للأشخاص الذين يعانون من مشاكل الدورة الدموية وتدهن في الكبد بدرجة كبيرة ومشاكل القلب لأنهم معرضون لمخاطر، أما للأشخاص أقل من ٣٥ لا يفضل عمل تكميم.
مؤكدا في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن أي عملية جراحية لها مخاطر ابتداء من مخاطر التخدير قد يحدث مضاعفات وإجراء العملية وهناك مخاطر بعد العملية مثل ارتجاع نهاية المريء نتيجة حدوث فتق في الحجاب الحاجز.
وأشار إلى أن عمليات التجميل مثل شفط الدهون وهي تجميلية أكثر من التخسيس يتم عمل منظار جراحي أو عملية شفط موضعيا خاصة منطقة الخصر وذلك لا يؤدي إلى نقص الوزن وبعدة تعود مثلما كانت ويتم إعادة توزيع الدهون في الأماكن التي تم الشفط بها، وهناك الميزوثرابي يتم حقن دهون موضعية بمنطقة البطن أو الأرداف وعلى المدى الطويل تعود مثلما كانت، ناصحا قبل إجراء أي تدخل لابد من الاستشارة الطبية للعديد من الأطباء، الشرط الأساسي للعملية هو تنظيم الأكل على المدى الطويل، لأن المعدة تتمدد حتى بعد إجراء العملية.
مؤكدا أن الحلول البديلة 70% تنظيم غذائي بسعرات حرارية لأن الأنظمة الغذائية مختلفه من شخص لآخر حسب نشاطه والأمراض العضوية، لذلك لابد من معالجة السبب.
محذرًا عدم أخذ الأدوية التي تساعد في خسارة الوزن إلا عن طريق طبيب وكذلك الأعشاب الطبية وغيره لأن لها أضرارا جسيمة على حياة الإنسان.