بين الحين والآخر تتنامى إلى مسامعنا جرائم دموية يتعرض لها أطفال صغار، لم تكن لتخطر على بال أحد، يتفنن مرتكبوها فى أبشع وسائل القتل وإزهاق أرواح ضحاياهم الذين لم يقترفوا أى ذنب يُذكر، إلا أن الظروف أوقعت بهم بين أنياب شياطين فى هيئة بشر، كل ما يريدونه فقط هو إرضاء شهواتهم الدنيئة فى بلوغ المال، حتى ولو على أنقاض الآخرين، ومع الغلاء المعيشى فى الآونة الأخيرة تعددت وقائع قتل مشابهة، كان العامل المشترك بينها هو استهداف الأطفال بغرض سرقة أغراضهم الذهبية التى صارت أسعارها تتزايد اليوم تلو الآخر، ما أثار طمع الكثيرين من معدومى الإنسانية والضمير.
فى محافظة قنا، تمكنت قوات الأمن من ضبط متهمة قامت بقتل طفلة وقطع يدها وقدميها وحرق جسدها، بالقرب من إحدى المدارس بمركز نجع حمادى شمال محافظة قنا بهدف سرقة المصوغات الذهبية التى ترتديها الطفلة، وعقب سرقتها قامت المتهمة بخنق الطفلة وقطع يدها وقدميها وحرق جسدها بالقرب من مدرسة النقراشى، بمدينة نجع حمادى شمال محافظة قنا.
كما ألقت أجهزة الأمن أيضا، القبض على قاتل «طفلة» من أقاربه، استغل صغر سنها وأثناء لهوها فى الشارع، استدرجها إلى زراعات القصب المجاورة من منازلهم، وأنهى حياتها خنقًا وسرق حلقها وفر هاربًا.
وفى محافظة سوهاج ألقت الأجهزة الأمنية، القبض على سيدة، مقيمة بدائرة المركز لاستدراجها طفلة تبلغ من العمر سن ٤ سنوات حال لهوها برفقة أطفال آخرين، بالقرب من مسكنهما، حيث تمكنت القوات من العثور على جثة الطفلة بكامل ملابسها بالناحية ذاتها من دون قرطها الذهبى، وبمواجهة المتهمة اعترفت باستدراج المجنى عليها وقتلها لسرقة قرطها الذهبى، لمرورها بضائقة مالية.
اضطرابات شخصية
قال الدكتور أحمد فخرى، استشارى الطب النفسى وخبير السلوك بجامعة عين شمس، دائما وراء أى جريمة مجموعة من العوامل وليس عامل واحد فقط، فتلك الجرائم للوهله الأولى تجعلنا نظن أنها بغرض سرقة قرط أو خاتم أو عقد من الذهب ثمنه لا يتعدى الألف جنيه،
ولكن وراء جرائم السرقة والقتل فى نفس الوقت ما يشير إلى اضطرابات الشخصية السيكوباتية المضادة للمجتمع فهى شخصية تستهان بجميع الأعراف والديانات السماوية والتقاليد الشخصية وليس لديها وازع دينى أو أخلاقى ومنعدمة الضمير ولا تشعر بالذنب أو تأنيب الضمير، فهى تتلذذ بإيذاء الآخرين وتبرر جميع جرائمها بتبريرات غير منطقية، ولا تبالى بالرأى الآخر أو الانتقاد، ولا تطلب المساعدة ولا التغيير أو العلاج، ومن هنا تكمن خطورة تلك الشخصية.
وأضاف «فخرى» أن هناك من يرتكب تلك الجرائم البشعة بحجة غلاء المعيشة والظروف الاقتصادية وقلة الدخل ويبرر لنفسه تلك الجرائم بحجة سد الجوع والفقر،
وهناك من يرتكب الجريمة ويشعر بالرعب من افتتضاح أمره فيقوم بقتل الضحية وتشويه معالمها حتى يتأكد من عدم اكتشاف جريمته ويبعد الشك عنه، وهناك من يتلذذ بالانتقام من الجثة وتشويه معالمها وهو أيضا نوع من الاضطرابات السيكوباتية وتشعر القاتل بالانتقام والانتصار والبطولة لصراعات نفسية لديه مترسبة منذ فترة الطفولة.
وهناك من ينتقم من أهل الضحية من خلال سرقة وقتل الضحية وتشويهها رغبة فى الانتقام، وأرى مع تشابه الحوادث وكلها بغرض السرقة نجد أنها حوادث فردية تتطلب تقييما نفسيا واجتماعيا للجناة قبل أن نصدر الأحكام عليهم. وتابع «فخرى» لا بد أن يكون هناك تحليل دقيق لملابسات الموقف حتى نخرج بالدروس المستفادة من الموقف وحتى نعطى عبرة وعظة للآخرين، ونحتاج أن ندعم فئات المجتمع وشرائحه بالمعرفة الجيدة والتوعية بخطورة تلك الجرائم ونعلم الأبناء كيفية حماية أنفسهم والدفاع عنها فى مواقف الخطر، وعلى الأهالى أن يكونوا حذرين من خلال حمل الأطفال لأشياء ثمينة وهم صغار السن مثل التليفونات المحمولة مرتفعة الثمن والكماليات باهظة الثمن.
العقوبات
ويقضى القانون المصرى بالحكم على فاعل جناية القتل العمد بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى كما جاء بالمادة ٢٣٤٤ من قانون العقوبات، حيث إن القتل العمد لا بد أن يتحقق فيه أمران، وهما سبق الإصرار وعقوبته الإعدام، والترصد وهو تربص الجانى فى مكان ما فترة معينة من الوقت سواء طالت أو قصرت بهدف ارتكاب جريمته وإيذاء شخص معين وعقوبته الإعدام أيضا وهنا يتوفر الأمران.
والقتل المقترن بجناية عقوبته هو الإعدام أو السجن المشدد أحدهما قصد الشخص بالقتل، فلو كان غير قاصد لقتله، فإنه لا يسمى عمدًا؛ وثانيهما، أن تكون الوسيلة فى القتل مما يقتل غالبًا، فلو أنه ضربه بعصا صغيرة، أو بحصاة صغيرة فى غير مقتل فمات من ذلك الضرب فإنه لا يسمى ذلك القتل قتل عمد؛ لأن تلك الوسيلة لا تقتل فى الغالب.