من العراق والشام إلى أفريقيا، المهمة الأصعب لتنظيم الدولة «داعش» والتي حاول تنفيذها في 2022، ولكنه لم يفلح حتى الآن إلا في تنفيذ بعض أجزاء منها، وهذا لأن عام 2022، قد حمل الكثير من الضربات للتنظيم الذي يحاول أن يلم شتاته وهزائمه المتتالية منذ العام 2019.
وكانت من أهم تلك الضربات استهداف زعماء التنظيم فقد أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الخميس 3 فبراير 2022، تنفيذ القوات العسكرية الأمريكية عملية خاصة ليلة الأربعاء 2 فبراير 2022 في شمال غربي سوريا توّجت بتصفية زعيم تنظيم الدولة «داعش» أبوإبراهيم الهاشمي القرشي حيث فجّر نفسه أثناء تعرضه للهجوم عبر حزام ناسف كان يرتديه.
وفي بيان لتنظيم الدولة الإسلامية في 10 مارس 2022، أكد التنظيم مقتل زعيمه أبوإبراهيم الهاشمي القرشي والمتحدث الرسمي السابق له أبوحمزة القرشي، وأعلن عن تعيين أبوالحسن الهاشمي القرشي خلفًا له وأبوعمر المهاجر خلفًا لأبي حمزة القرشي.
الخليفة الثاني لتنظيم «داعش»، بويع بعد مقتل أبي بكر البغدادي في 27 أكتوبر 2019، وأعلن عن اختياره بواسطة «مجلس شورى الدولة الإسلامية» في 31 أكتوبر 2019. جاء الإعلان عن خلافته في تسجيل صوتي للمتحدث الرسمي الجديد باسم التنظيم أبي حمزة القرشيّ، مطالبًا عموم المسلمين لمبايعة الخليفة الجديد للتنظيم.
التنظيمات المتطرفة تستغل غياب الأمن فى الدول الأفريقية لبسط نفوذها فى مناطق الصراع معارك مستمرة للسيطرة على مالى.. ونيجيريا ساحة كبيرة للقتال.. و«داعش» اتخذ من غرب القارة موقعا لهزيمة «بوكو حرام» دول توجو وبنين وغانا الهدف الجديد للإرهابيين فى أفريقيا
وفي يوم ٣٠ نوفمبر سنة ٢٠٢٢، أعلن أبوعمر المهاجر، المتحدث باسم تنظيم الدولة، في كلمة صوتية، مقتل أبي الحسن القرشي أثناء إحدى المعارك واختيار أبوالحسين الحسيني القرشي خلفا له. ذكرت القيادة المركزية الأمريكية في بيان في اليوم نفسه أن أبا الحسن الهاشمي القرشي قُتل في منتصف أكتوبر، في محافظة درعا في عملية نفذها الجيش السوري الحر.
أما على مستوى التنظيم الثاني في الوحشية والإرهاب «تنظيم القاعدة» فما حدث لتنظيم داعش ليس بعيدا عنه وقد قُتل زعيم التنظيم أيمن الظواهري في غارة أمريكية بأفغانستان، في الأول من أغسطس ٢٠٢٢، في أكبر ضربة للجماعة المتشددة منذ مقتل مؤسسها أسامة بن لادن عام ٢٠١١. وأكّد الرئيس الأمريكي جو بايدن، حينها مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، في غارة جوّية في أفغانستان.
واستهدفت طائرة مسيّرة الظواهري في عملية أشرف عليها جهاز الاستخبارات الأمريكية في العاصمة كابول يوم الأحد، وقال «بايدن»، إن الظواهري مارس القتل والعنف ضد الأمريكيين، مشيرًا إلى أن العدالة قد تحقّقت الآن.
وأضاف قائلًا، إنه هو من أعطى الموافقة النهائية على تنفيذ ضربة دقيقة استهدفت زعيم القاعدة البالغ من العمر ٧١ عامًا.
وحثت الولايات المتحدة مواطنيها في مختلف أنحاء العالم على توخي الحذر خشية أعمال عنف محتملة بعد مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري.
وحذرت وزارة الخارجية الأمريكية من أن مقتل الظواهري قد يدفع مؤيدي القاعدة أو الجماعات الإرهابية التابعة لها لاستهداف المنشآت والأفراد الأمريكيين، إلا أنه حتى الآن لم يقم تنظيم القاعدة بردة فعل على مقتل زعيمه، نظرا لما يمر به التنظيم من صراعات وجود في الأساس.
أولها وجوده على الأراضي الأفغانية وما يسببه من توتر وقلق لقادة طالبان، ووجوده بشكل عام وتمركزات أفرعه سواء على مستوى قارة آسيا أو أفريقيا، والصراع الدائر من جهة أخرى بين أذرع تنظيم القاعدة في أفريقا وبين تنظيم داعش، على السيطرة على مناطق نفوذ داخل القارة خصوصًا في المناطق الحدودية لدول بحيرة تشاد.
تزايد وتيرة الصراع
يستغل تنظيما داعش والقاعدة غياب الأمن في الدول الأفريقية، وذلك نظرًا لحالة الصراع المستمر الذي تشهده هذه الدول منذ سنين طويلة، لبسط نفوذهما في هذه المناطق.
ومنذ سبتمبر ٢٠٢٢، وتتسارع وتيرة صراع الجماعات المسلحة شمالي مالي على سبيل المثال للسيطرة على مناطق استراتيجية، وبلغت ذروتها بمعارك متوازية شرسة بين فرعين لتنظيمي «داعش» و«القاعدة» وحركة إنقاذ أزواد المدعومة من الجيش، في منطقة تلاتايت بولاية غاوا.
وشهدت منطقة تلاتايت في سبتمبر ٢٠٢٢، معارك طاحنة استمرت ٣ ساعات، بين حركة إنقاذ أزواد وتنظيم داعش الصحراء الكبرى التابع لتنظيم «داعش»، شرق المنطقة، ومعركة أخرى في جنوبها بين «داعش» وجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم القاعدة، وكل طرف من الثلاثة هدفه السيطرة على تلاتايت.
وسيطرت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» على الجزء الجنوبي، فيما سيطر «داعش» على المنطقة الشرقية، والخاسر الأكبر كان حركة إنقاذ أزواد، بعد انسحابها.
وقامت عناصر من تنظيم داعش صباح السبت ١٧ ديسمبر ٢٠٢٢، بالهجوم على ميليشيا تابعة لتنظيم القاعدة، الذي تصفه داعش بالمرتد قرب قرية تادجالالت بمنطقة تيسيت في مدينة غاوا شمالي مالي، وليست هذه هي المرة الأولى التي يهاجم فيها تنظيم داعش مناطق تمركز تنظيم القاعدة، فمنذ انهيار تنظيم داعش في سوريا والعراق وهو يحاول إيجاد موطئ قدم في أفريقيا.
بينما يركز «داعش» على استهداف السكان المحليين، تركز جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة، على قوات الجيش المالي وفاجنر الروسية، لتسويق نفسها على أنها تواجه قوات أجنبية، وتكسب بيئة حاضنة لها.
ومع نهاية الأسبوع الأول من ديسمبر ٢٠٢٢، أدى قتال عنيف بين عناصر مسلحة من تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين في شرق مالي إلى مقتل العشرات ونزوح المدنيين. وبحسب مسئولين في حكومة محلية شرقي مالي فإن عشرات المدنيين لقوا حتفهم ونزح المئات على مدى بضعة أيام بسبب اندلاع قتال عنيف بين جماعات إرهابية متناحرة. وتشهد المنطقة نزاعًا بين إرهابيين من تنظيمي داعش والقاعدة في محاولة للسيطرة على أراض في منطقتي غاو وميناكا.
أهمية شمال مالى
وتعود أسباب الصراع من أجل السيطرة على تلاتايت وشمال مالي إلى مجموعة من العوامل أهمها:
• أنها نقطة استراتيجية لوقوعها على الطرق المؤدية إلى ولايتي ميناكا وغاوا، ومن يسيطر عليها يتحكم في شريان الحياة المتجه إليهما، لهذا تشهد قتالًا عنيفًا بين الجماعات الثلاث حولها.
• لها أهمية خاصة أخرى لتنظيمي «داعش» و«القاعدة»، وهي قربها من الطرق المؤدية لحدود النيجر وبوركينا فاسو، مما يسهل التمدد الإقليمي وتهريب المقاتلين والأسلحة والأموال والتجارة غير المشروعة.
• أما أهميتها الخاصة لحركة أزواد، فهي أنها إحدى قلاع المقاومة الأزوادية، ومؤخرًا طرد تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين أفرادًا تابعين إلى الحركة الوطنية لتحرير أزواد من المنطقة.
ويستمر الصراع بين تنظيم داعش والمنتمين للقاعدة من أجل فرض السيطرة والهيمنة على مناطق نفوذ جديدة أو الاحتفاظ بمناطق النفوذ القديمة وكذلك التنافس على الهيبة وتعظيم الانتصارات وكثرة المجندين والموارد، مما يؤدى إلى انتشار التهديد وخلق ما يعرف بالمزايدة.
والواقع يقول، إنه في الآونة الأخيرة زادت حدة الصراع، وأفادت تقارير صحفية الخميس ٨ سبتمبر ٢٠٢٢، أن تنظيم الدولة «داعش» في غرب أفريقيا هاجم مجموعة من مقاتلي «بوكو حرام» في باما إل جي في بورنو، حيث قتل «داعش» العشرات من إرهابيي «بوكو حرام» الذين ينتمون لتنظيم «القاعدة» حتى الآن في ولاية بورنو.
واستمرارًا للصراع على الوجود في أفريقيا بين أكبر تنظيمين إرهابيين في القارة السمراء، قتلت ولاية غرب أفريقيا التابعة لتنظيم «داعش» أكثر من عشرين إرهابيًا من «بوكو حرام» في محور شيلاريا في غابة سامبيسا في ولاية بورنو.
تم القضاء على الإرهابيين في ٢١ نوفمبر ٢٠٢٢، في اشتباك مستمر بين المتنافسين في مخابئ غابة شيلاريا، وكشف خبير مكافحة الإرهاب في منطقة بحيرة تشاد، زغازولا ماكاما، الأربعاء ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٢، في مايدوجوري، أن إرهابيي داعش نصبوا كمينًا لقافلة متحركة لمقاتلي بوكو حرام، مشيرًا إلى أن ذلك أدى إطلاق مدفع كبير لمدة ٤٠ دقيقة.
ووفقًا له، اتخذ تنظيم داعش في غرب إفريقيا مواقع استراتيجية لهزيمة مقاتلي «بوكو حرام»، مما أسفر عن مقتل عدد غير محدد منهم. كما كشف المصدر العسكري في مايدوجوري عن ضبط شاحنة ودراجات نارية وأسلحة أخرى من طراز هيلوكس من «بوكو حرام».
كما توقع «ماكاما»، أن الاشتباكات المتفاقمة بين الجماعات الإرهبية قد تؤدي إلى تدمير الذات بشكل لا رجعة فيه، وأشار إلى أن «داعش» غرب افريقيا الإرهابية تعهدت بمواجهة أعضاء من جسدها الرئيسي السابق أكثر من قتال قوات عملية «Hadin Kai OPHK».
ليست نيجيريا وحدها التي تعد مسرحًا للصراع بين الجماعات الإرهابية المتصارعة، فهناك أيضًا احتمال قوى لانتشار العنف فى أفريقيا، فقد امتد الصراع من مالى إلى كوت ديفوار وبنين وبوركينا فاسو، وقد تكون دول مثل غانا والسنغال هى التالية.
أخيرًا، لا يزال الوجود العسكرى الغربى غير مؤكد. بعد رحيل القوات الفرنسية من مالى، وقد أعطى انسحاب القوات الفرنسية، وكذلك سحب القوات الأمريكية كجزء من التركيز المتجدد على منافسة القوى العظمى مع روسيا والصين، مع حرمان الجيوش الإفريقية فى الوقت نفسه من المساعدات الأمنية الحيوية. مساحة أكبر للمتطرفين على ترتيب أوراقهم واستدعاء عناصر جديدة والتركيز على الهجمات النوعية التي تعزز مكانتهم. ويؤكد ما حدث في الأشهر القليلة الماضية احتدام الصراع وحرب النفوذ بين التنظيمين الإرهابيين أن هناك امدادات ودعم لوجستي كبير تحصل عليه داعش غرب أفريقيا من مصادر دولية، للقضاء على بوكو حرام المرتبطة بتنظيم القاعدة لاستهدافها المصالح الأمريكية في منطقة الساحل وغرب أفريقيا تطبيقًا لنظرية العدو البعيد التي يتبعها تنظيم القاعدة، إلا أن لعبة المصالح التي تنتهجها بعض الدول في دعم أحد التنظيمين، يؤدي إلى كوارث على أرض الواقع وقد شاهدنا وعايشنا ما حدث وما زال يحدث في العراق والشام.
تأخر مبايعة الخليفة الجديد ودلالاتها
رغم تأخر البيعة للخليفة الجديد لتنظيم «داعش» فقد أصدرت الولايات التابعة للتنظيم مبايعات متتالية بالولاء للخليفة الجديد بعد وفاة الخليفة السابق في أكتوبر ٢٠٢٢، ولا تشير هذه المبايعات إلى تغيير كبير في ولاءات المنتمين إلى تنظيم الدولة «داعش» أو قدراتهم أو نفوذهم الإقليمي.
كما أصدرت مجموعتان غير رسميتين مواليتين لداعش مبايعات للخليفة الجديد. قد يزيد بعض المنتسبين من الهجمات انتقامًا لمقتل خليفة تنظيم «داعش»، مما يعكس الزيادات في النشاط الإرهاب بعد تغيير القيادة.
وتؤكد مبايعات الفرع النيجيري لتنظيم «داعش» تنامي شبكات التنظيم في وسط نيجيريا، حيث أعلنت ستة فروع تابعة لتنظيم «داعش» في غرب أفريقيا «اسواب» ولاءها لخليفة تنظيم «داعش» الجديد منذ ١ ديسمبر ٢٠٢٢. مبايعة في ٥ ديسمبر من مجموعة فرعية جديدة لـ«اسواب» في وسط نيجيريا، وظهر في المبايعة خلال ثلاث صور فوتوغرافية نشرتها وكالة أعماق لـ١١ مقاتلًا، من المحتمل أن تكون هذه الشبكة صغيرة وتفتقر إلى الوصول إلى الأسلحة؛ أحد المقاتلين يحمل مسدسًا، لكن لم يتم عرض أسلحة أخرى.
كان فرع وسط نيجيريا هو أيضًا المجموعة الفرعية الوحيدة لـ«اسواب» لتصوير مبايعاتهم في الداخل، مما قد يشير إلى أن هذه المجموعة ليست آمنة بما يكفي للتجمع في الهواء الطلق. إن إضافة مجموعة جديدة منذ حملة المبايعة السابقة في مارس يسلط الضوء على الوجود المتزايد لـ«اسواب» في وسط نيجيريا.
تبنى تنظيم «داعش» في غرب أفريقيا «اسواب» هجماته الأولى في وسط نيجيريا في أبريل ٢٠٢٢ ونفذ العديد من الهجمات في المنطقة منذ ذلك الحين. «اسواب» كان مسؤول أيضًا عن مؤامرة هجوم في العاصمة النيجيرية أبوجا في أواخر أكتوبر. يوضح مبايعة «اسواب» من وسط نيجيريا رغبة «اسواب» في تسليط الضوء على توسعها في مناطق جديدة من ذلك البلد.
وتُعيد مبايعات تنظيم «داعش» من منطقة الساحل وموزمبيق التأكيد على التغييرات التنظيمية لهذه الجماعات التابعة لكنها لا تظهر التوسع. أصدرت منطقة الساحل التابعة لتنظيم داعش «ISGS» و«داعش» في موزمبيق «IS-Mozambique» مبايعاتهما بالولاء لأول مرة بعد مبايعتها كجزء من الجماعات التابعة لتنظيم «داعش» في مارس ٢٠٢٢.
واعترف تنظيم «داعش- ISGS» و«IS-Mozambique» بصفتهما فروع رسمية ومستقلة في مارس ومايو ٢٠٢٢ على التوالي. قبل ذلك، تبنت «ISGS» الهجمات والمبايعة لقادة جدد كجزء من «اسواب»، وبالمثل، أعلن تنظيم «داعش» في موزامبيق عن وقوع هجمات وأعلن عن مبايعته كجزء من ولاية وسط أفريقيا التابعة لـ«ISCAP».
وتؤكد المبايعات الأولى لـ«ISGS» أنها تحافظ على وضعها المستقل عن «اسواب». مبايعة مسلحو «ISGS» في منطقة الحدود الثلاثية بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر في ٣ ديسمبر، ومبايعة المقاتلين المتمركزين في ميناكا، شمال شرق مالي، في ٤ ديسمبر. لا تشير الصور الفوتوغرافية إلى تغيير كبير في أعداد مقاتلي «ISGS» أو قدرات الأسلحة منذ مارس ٢٠٢٢.
ومن المحتمل أن تسعى «ISGS» إلى إضفاء الطابع الرسمي على وجودها في ميناكا، لكن مبايعتها في هذه المنطقة لا يمثل توسع «ISGS» إلى مناطق جديدة، وتبنت «ISGS» هجمات منتظمة في هذه المنطقة في عام ٢٠٢٢ وكانت نشطة بشكل متقطع حول ميناكا منذ تشكيل المجموعة.
مبايعة «IS-Mozambique» بشكل منفصل عن «ISCAP» لأول مرة في ٦-٧ ديسمبر، وهذه المبايعة تؤكد استقلاليته التشغيلية عن «ISCAP» ويظهر استمرارًا للمكان الذي يعمل فيه «IS-Mozambique». لا تحدد الصور الملتقطة في ٦ ديسمبر أي موقع.
لكن مجموعة الصور التي تم التقاطها في ٧ ديسمبر تشير إلى أن مقاتلي «داعش موزمبيق» يتمركزون في نانجادي، شمال موزمبيق، حيث هاجم تنظيم «داعش» في موزمبيق مؤخرًا. ربما يقوم تنظيم «داعش» في موزمبيق بتسمية هذا الموقع لأنه لا يزال لا يرى تهديدًا قويًا من القوات المناوئة لتنظيم "داعش" في هذه المنطقة.
مبايعة المسلحين المؤيدين لتنظيم «داعش» في تونس ولبنان بإثبات علاقتهم المستمرة واتصالهم بشبكة داعش الأوسع. لم يعترف تنظيم «داعش» قط بفروعه في تونس أو لبنان باعتبارها فروعًا رسمية لداعش، ويرجع ذلك على الأرجح إلى عدم قدرة هذه الجماعات على شن هجمات متكررة أو بارزة.
أطلق المقاتلون الموالون لتنظيم «داعش» في تونس مبايعة الخليفة الجديد لـ«داعش» في ٧ ديسمبر، وأعلن المقاتلون التونسيون مبايعتهم لتنظيم «داعش» في عام ٢٠١٩، وتظهر الصورة التي نشرتها وكالة أعماق أربعة مقاتلين في غرفة بدون أسلحة.
وكانت مبايعة المقاتلين الموالين لتنظيم «داعش» في عام ٢٠١٩، عددا أكبر نسبيًا من الأسلحة والقوى العاملة في الأماكن المفتوحة مقارنة بمبايعة ديسمبر. ليس من الواضح ما إذا كان الأفراد في مبايعة ٢٠٢٢ ينتمون إلى نفس المجموعة التي ينتمي إليها مبايعة ٢٠١٩. أدت العمليات التونسية ضد تنظيم «داعش» إلى إضعاف التنظيم بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
وكما في مبايعة المقاتلين المؤيدين لتنظيم «داعش» في لبنان للخليفة الجديد لداعش في ٨ ديسمبر، فقد أصدر المقاتلون ثلاث صور نشرتها وكالة أعماق تظهر ما مجموعه ١٧ مسلحًا. لم يشارك مقاتلو «داعش» المتمركزون في لبنان مطلقًا في حملة المبايعة، لكن «داعش» أعلن عن هجمات نادرة في لبنان في الماضي، كان آخرها إطلاق نار على قوات الأمن في مايو ٢٠١٩.
لا يزال من غير الواضح ما إذا كان المقاتلون الذين بايعوا الآن قد شاركوا في هجمات سابقة في لبنان أم لا. من غير المرجح أن يرفع تنظيم «داعش» الجماعات في تونس أو لبنان إلى مرتبة التبعية الرسمية بسبب استمرار افتقار تلك الجماعات إلى المقاتلين والموارد وعدم قدرتها على الهجوم.
وتُظهر الصور المنشورة للمبايعات من تونس ولبنان أن تنظيم «داعش» يحتفظ بوجود مادي، وإن كان صغيرًا ومتباينًا، في هذه البلدان وتسلط الضوء على رغبة هؤلاء المقاتلين في البقاء على اتصال بحركة «داعش» الأكبر.
وقد يحاول تنظيم «داعش» تنسيق حملة هجوم باسمه لإحياء ذكرى خليفته الراحل، وقد تصعد بعض الجماعات التابعة له الهجمات. شاركت عناصر تنظيم «داعش» في حملة هجوم بالاسم في أبريل ٢٠٢٢ للانتقام لمقتل الخليفة الراحل أبو إبراهيم القريشي مارس ٢٠٢٢، وقد تحاول عناصر داعش القيام بذلك بعد مقتل أبوحسن القريشي.
وزاد تنظيم «داعش» من معدل هجومه خلال حملة هجوم الربيع، مقارنة بالأشهر السابقة، على الرغم من أن الديناميكيات المحلية والأهداف الموجودة مسبقًا للفروع التابعة لها ساهمت على الأرجح في هذا الارتفاع. ربما يكون تنظيم «داعش» قد حدد توقيت تصعيد هجمات أبريل ليتزامن مع شهر رمضان المبارك، الذي تصاعد خلاله التنظيم الهجمات في السنوات السابقة.
وقد يؤخر تنظيم «داعش» حملة الهجوم للانتقام لمقتل أبوحسن القريشي حتى شهر رمضان في مارس ٢٠٢٣، لكن هذا من شأنه أن يمثل زيادة في الفارق بين مقتل خليفة داعش وإعلان تنظيم «داعش» عن حملة هجوم عالمية. تأخر تنظيم «داعش» قرابة شهر واحد فقط بعد إعلان مقتل خليفته قبل إعلان الحملة الهجومية في أبريل ٢٠٢٢.
مستقبل الإرهاب فى أفريقيا
يحتمل أن تشهد الفترة القليلة المقبلة، تقدم وانتشار للجماعات الإرهابية فى غرب أفريقيا بشكل أكبر إلى كل من «توجو- بنين - غانا»، حيث إن الانتخابات الرئاسية القادمة والتأثير المرتبط بها فى كل من «ساحل العاج - غينيا - توجو»، ستؤدى إلى المزيد من التوترات التى تستغلها الجماعات الإرهابية، كجزء من التراجع العالمى للولايات المتحدة الأمريكية والذى ترتب عليه، مغادرة القوات العسكرية لغرب أفريقيا، وترك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس»، فرنسا، والمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل، بمفردهم وقدراتهم المحدودة لمواجهة الركود ومحاولة منع انتشار الإرهاب فى غرب أفريقيا.
من جهة أخرى، فإن ضعف قوات أمن الحدود، والقدرات المتزايدة للجماعات الإرهابية فى «بوركينا فاسو»، والاهتمام الواضح فى توسيع العمليات إلى البلدان المجاورة، سيؤدى كل ذلك إلى تزايد الخطر والتهديدات فى كل من «توجو وبنين وغانا».
وعلى الرغم من فترة الصمت المؤقت بسبب التنافس بين كل من «تنظيم داعش - حركة شباب المجاهدين» وممارسة القمع من قبل قوات الأمن، إلا أنه لا يزال تنظيم الدولة «داعش» وأيديولوجيته جذابة، خاصة لأعضاء حركة الشباب الساخطين، الأمر الذى يُدعم تطلعات تنظيم «داعش» إلى ما وراء حدود الصومال.
إذ يواصل تنظيم «داعش» إظهار دوافعه التوسعية فى كل من «كينيا - إثيوبيا»، وذلك تعويضًا عما لاقاه من انهيار لنفوذه فى سوريا والعراق، فيعمل على جذب الانتباه مجددًا من خلال ممارسة التهديد الذى يشكله ويمارسه فى شرق أفريقيا والقرن الإفريقى، سواء علانية منه بمسئوليته عن أى أحداث إرهابية أو مسئولية جماعة أخرى تابعة له «الإعلان بالوكالة»