لا تزال أسعار الغذاء تواصل جنونها مع بداية العام الجديد، ويبدوا أن الأسعار لن تهدأ على المدى القريب طالما استمرت الأزمة الروسية الأوكرانية، فبحسب تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو"، فإن أسعار المواد الغذائية العالمية ارتفعت بنسبة 14.3 في المائة في عام 2022 مقارنة بالعام السابق على وقع ارتفاع أسعار الطاقة والأسمدة بسبب الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا.
وكشف تقرير "الفاو" الصادر مساء أمس الجمعة، أنه خلال عام 2022، أظهرت المؤشرات الفرعية للمنظمة ارتفاعا في أسعار الحبوب بنسبة 17.9 في المائة عن عام 2021، بينما ارتفعت أسعار الزيوت النباتية بنسبة 13.9 في المائة، وأسعار منتجات الألبان بنسبة 19.6 في المائة، وأسعار اللحوم بنسبة 10.4 في المائة، وأسعار السكر بمقدار 4.7 في المائة.
وفي ديسمبر 2022، انخفض مؤشر الفاو لأسعار الغذاء بنسبة 1.9 في المائة مقارنة بالشهر السابق، مسجلا انخفاضه الشهري التاسع على التوالي. لكن المؤشر ارتفع بشكل حاد خلال الأشهر الأولى من العام لدرجة أنه اختتم 2022 بنسبة أعلى بكثير من متوسط 2021.
وأفادت المنظمة التي تتخذ من روما مقرا لها، أن الانخفاض في شهر ديسمبر يعزى إلى تأقلم الأسواق مع اضطرابات التوزيع، وارتفاع أسعار النقل، وانخفاض مستويات الطلب نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
وعلى أساس شهري في ديسمبر، انخفضت أسعار الحبوب، وهي أكبر عنصر في المؤشر العام، بنسبة 1.9 في المائة، وأسعار اللحوم بنسبة 1.2 في المائة، وأسعار الزيوت النباتية بنسبة 6.7 في المائة، فيما ارتفعت أسعار منتجات الألبان بنسبة 1.1 في المائة، وارتفعت أسعار السكر بنسبة 2.4 في المائة.
وحذرت منظمة الفاو مرارا من أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يهدد الأمن الغذائي العالمي لا سيما في البلدان الفقيرة، حيث قال كبير الاقتصاديين في "الفاو"، "ماكسيمو توريرو" في بيان صحفي "من المهم أن نظل يقظين وأن نواصل التركيز بشدة على التخفيف من انعدام الأمن الغذائي العالمي بالنظر إلى أن أسعار الغذاء العالمية لا تزال عند مستويات مرتفعة، مع اقتراب العديد من السلع الأساسية من مستويات قياسية مرتفعة، ومع ارتفاع أسعار الأرز، واستمرار وجود مخاطر عديدة مرتبطة بالإمدادات المستقبلية".
ويعتمد مؤشر أسعار الغذاء على الأسعار العالمية لـ23 فئة من السلع الغذائية التي تغطي أسعار 73 منتجا مختلفا مقارنة بسنة الأساس. ومن المقرر إصدار مؤشر منظمة الأغذية والزراعة المقبل في 3 فبراير 2023.
وفي هذا الشأن، يقول الدكتور أحمد عبد الحافظ، أستاذ الاقتصاد، أن هناك العديد من المشكلات الاقتصادية التي تواجه الأسواق في مصر والدول العربية، بل ودول العالم أجمع، والتي تتبلور حول مشكلة رئيسية وهي الاحتكار للسلع بغرض رفع أسعارها بشكل مبالغ فيه نتيجة لضعف الرقابة على الأسواق، وتحاول الحكومة بشتى الطرق السيطرة على الأسواق.
وأضاف "عبد الحافظ" في تصريحاته لـ "البوابة نيوز" أن الدولة تحاول مكافحة ظاهرة الاحتكار وارتفاع الأسعار من خلال توفير السلع وبخاصة السلع الغذائية عبر الأسواق المتنقلة ومنافذ القوات المسلحة والداخلية والتموين، وكذلك معارض السلع على مدار العام، ولعل مصر أفضل حالا من بعض الدول العربية مثل سوريا وتونس نتيجة للاضطرابات التي تضرب هذه البلاد.
وتابع: "الحكومة لا تزال تدعم عدد كبير من السلع الأمر الذي يحد من الارتفاعات المستمرة للأسعار، وبخاصة السلع الغذائية وتتحملها الموازنة العامة للدولة، وبالتالي تظل السلع الأساسية تظل مؤمنة إلى حد ما بالمقارنة بسلع أخرى.
من جهته، قال أشرف كمال، أستاذ الاقتصاد الزراعي، أن اهتمام الدولة المصرية بقطاع الزراعة سيكون له انعكاس مهم على التنمية الاقتصادية في مصر خلال السنوات المقبلة، وعلى رأسها حل العديد من المشكلات المتعلقة بالأمن الغذائي.
وأضاف "كمال" أن توجه الدولة المصرية للاهتمام بصعيد مصر يأتي ضمن التوزيع الجغرافي للتنمية الاقتصادية في مختلف أقاليم مصر، كما أن الصعيد يهيمن على 65% من المشروعات الزراعية ومنها مشروع المليون ونصف فدان، إلى جانب إطلاق مبادرة حياة كريمة التي تستهدف القضاء على الفقر وتوفير الرعاية الصحية والتعليمية للمواطنين.