عبّر تاريخ طويل وحقب مختلفة كتب الأقباط معاناة إيجاد دور للعبادة او مباني للعبادة وإقامة الشعائر الدينية منذ القرون الأولي عاشوا مرارة الإضطهاد حتي وصل الصلوات في مغائر صحراوية ومنازل في الخفاء بعيدا عن عيون القانون الجائر مرورًا بصدور قيود وعراقيل الخط الهمايوني، وحتي مبدأ "دواعى أمنية" الذي كان بمثابة حجر زاوية أزمة كبرى عاني الجميع من تبعاتها.
ظل الحال حتي تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي سدة الحكم ليبدأ تاريخ غير مسبوق من جهود رائدة وفريدة لترسيخ دعائم المواطنة والوحدة التي يعيش في ظلالها الجميع، ضرب نموذج للإدارة ورسم خريطة جديدة للتعامل حجر الزاوية فيها حقوق الجميع سواء والتسامح والتعايش هو غاية الجمهورية الجديدة.
رجل تحمل تركة ضخمة من الإشكاليات والأزمات المتراكمة عبر القرون، وإدرك قساوة القيود التي يعانيها المسيحيين في إيجاد دور للعبادة، مما أنتج هوة كبري من كنائس تبدو غير مطابقة للمواصفات المعروفة، حيث كان يلجأ الأقباط لأي مبني يمكن إقامة وتأسيس دور عبادة فيه لممارسة الشعائر.
ورغم الملفات المتراكمة والحساسة علي طاولة الرئيس السيسي والتوقيت العصيب الذى عاشته البلاد، لم يغض الطرف عن جروح وأوجاع الأقباط، بينما بادر الرئيس بمواقف سطرها التاريخ بحروف من ذهب، بدأت من مبادرة إصلاح وترميم ما أفسده الإرهاب في أعقاب ثورة ٣٠ يونيو ويتجاوز أعدادها ٧٥ كنيسة ومنشأة تابعة في ربوع الجمهورية طالها إرهاب الإخوان وأعادتها الدولة لأفضل صورة بالترميم والإصلاح أو إعادة البناء.
قانون لتنظيم بناء الكنائس
لا يعرف أسلوب المسكنات بينما طريقة واحدة هى المواجهة للمرض وعلاجه بالاجتزاز علي طريقة عملية معهودة في رجال القوات المسلحة وأبنائها، لم يكتف بترميم ومحو ركام الدمار الذي صنعه الإرهاب، بينما استهدف تقنين أوضاع كل ما شُيّد وسط الظروف السابقة، ولذا صدر في باكورة سنوات الرئاسة أول قانون متوافق عليه من الكنيسة مع الدولة ينظم أعمال بناء وترميم الكنائس وحمل رقم ٨٠ لسنة ٢٠١٦؛ ولم يغفل إجراء تقنين ما هو قائم من كنائس ووحدات ومبان كنسية وتابعة، وجاء القانون جسرا حقيقيا لتفعيل أسمي معاني المساواة والمواطنة، ويحاول تصحيح أخطاء السابقين، وتقدمت اللجان الخاصة بالكنائس للجنة التقنين بملفات تصل نحو ٤٥٠٠ مبني وكنيسة أرسلت أوراقها وفتح لها ملفات بهدف تقنين الأوضاع.
وعقب دراسات وفحص وتحقيق المعايير المطلوبة لتوافرها في المباني والمنشآت وفق ضوابط القانون يصدر قرارات اللجنة المختصة وصل نحو ٢٢ قرارًا من قبل اللجنة المعنية، منذ بدء أعمالها في مايو ٢٠١٨ وحتى يناير ٢٠٢٢، بإجمالي ٢١٦٢ كنيسة ومبنى تابعًا، بواقع ١١٨٦ كنيسة و٩٧٦ مبنى وتزايد عددها في غضون الشهور الأخيرة من العام لتصل نحو ٢٤٠١ مبني ومنشأة للطوائف.
تقنين أوضاع الكنائس
وفق التوزيع الجغرافي حتي مطلع العام المنُصرم فإن غالبية المباني كانت في منطقة الصعيد حيث تم توفيق أوضاع وتقنين ٢٠٣ من كنائس ومبنى للطوائف المختلفة بمحافظة الجيزة، و١٩٨ كنيسة ومبنى بسوهاج، و٣٤٩ كنيسة ومبنى بالمنيا، و٢١٧ كنيسة ومبنى بأسيوط، و٩٣ كنيسة ومبنى ببني سويف، و٥٣ كنيسة ومبنى بأسوان، و٢٦ كنيسة ومبنى بالأقصر، و٣٣ كنيسة ومبنى بقنا.
كما جري تقنين ١٤٩ كنيسة ومبنى بالقاهرة تم تقنينها، و١٨٣ كنيسة ومبنى في الإسكندرية و١٥٠ كنيسة ومبنى بالقليوبية، ١٤٤ كنيسة ومبنى بالشرقية، و١١٣ كنيسة ومبنى بالبحيرة، و٤٣ كنيسة ومبنى بالغربية، و٣٨ كنيسة ومبنى بالبحر الأحمر، و٤٢ كنيسة ومبنى بالدقهلية، و٤١ كنيسة ومبنى بالمنوفية، و١٧ كنيسة ومبنى بكل من السويس والإسماعيلية، و١٣ كنيسة ومبنى بمطروح، و١٢ كنيسة ومبنى ببورسعيد، و١٠ كنيسة ومبنى بالفيوم، و٨ كنيسة ومبنى بكفر الشيخ، و٦ كنيسة ومبنى بشمال سيناء، و٢ كنيسة ومبنى بكل من جنوب سيناء والوادي الجديد.
ترميم وبناء
حرص الرئيس علي أن تكون المدن الجديدة لا تخلو من المسجد والكنيسة واستوقف عددا من المسئولين في اللقاءات الرسمية لافتتاح المشروعات متسائلا أين الكنيسة؟ ووضع ملمحا جديدا يعكس المضي قدما لتحقيق المساواة بصورة كاملة حيث تم إنشاء ٤٠ كنيسة، وجار إنشاء ٣٤ كنيسة بالمدن الجديدة، فضلًا عن افتتاح أكبر كاتدرائية في منطقة الشرق الأوسط بالعاصمة الإدارية الجديدة "كاتدرائية ميلاد المسيح"، وذلك في يناير ٢٠١٩.
ولم يترك منطقة دون تخصص وجعل من المدن الجديدة منظومة متكاملة ونموذج تعلو فيه قباب الكنائس ومنارة المساجد جنبا إلي جنب، حيث أصدرت الدولة تخصيص الأراضي لبناء الكنائس بالمدن الجديدة، ففي عام ٢٠١٤ تم تخصيص أراض لبناء ٧ كنائس في ٥ مدن (العبور، الفيوم الجديدة، طيبة الجديدة، سوهاج الجديدة، القاهرة الجديدة)، في حين تم في عام ٢٠١٥ تخصيص أراض لبناء ٥ كنائس في ٥ مدن (طيبة الجديدة، العاشر من رمضان، الشروق، العبور، ٦ أكتوبر).
وفي عام ٢٠١٦ صدر قرار لبناء ٩ كنائس في ٨ مدن (الصالحية الجديدة، ٦ أكتوبر، الفيوم الجديدة، أسوان الجديدة، ١٥ مايو، المنيا الجديدة، أسيوط الجديدة، بدر)، بينما تم تخصيص أراض في عام ٢٠١٨ لبناء ١٠ كنائس في ٦ مدن (سوهاج الجديدة، قنا الجديدة، السادات، العاشر من رمضان، ناصر، العاصمة الإدارية الجديدة).
كما أصدر قرارات تخصيص أراض عام ٢٠١٩ لبناء ١٠ كنائس في ٦ مدن (المنصورة الجديدة، حدائق أكتوبر، بني سويف، بدر، ناصر، سوهاج الجديدة)، كما تم تخصيص أراض عام ٢٠٢٠ لبناء ١٠ كنائس في ٨ مدن (السادات، ٦ أكتوبر الجديدة، حدائق أكتوبر، بني سويف الجديدة، سوهاج الجديدة، غرب قنا، ناصر، المنصورة الجديدة).
وفي ٢٠٢١ فقد تم تخصيص أراض لبناء ٥ كنائس في ٤ مدن (العبور الجديدة- العاصمة الإدارية الجديدة- القاهرة الجديدة- دمياط الجديدة).
لم يقف الأمر عند بناء الكنائس أو تخصيص الأراضي للمنشآت الدينية بينما أولى اهتماما بالغا بمسار العائلة المقدسة ويشمل الكنائس والأديرة وآبار المياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع، علمًا بأنه يمتد على ٣٥٠٠ كم ذهابًا وعودة من سيناء حتى أسيوط، بإجمالي ٢٥ نقطة يمتد بينها مشروع مسار العائلة المقدسة، وهي العريش، والفرما، والزقازيق، وتل بسطا، وبلبيس، ومسطرد، ومنية سمنود، وسمنود، وسخا، ووادي النطرون (دير الأنبا بيشوي – دير البراموس – دير السريان – دير أبو مقار)، وعين شمس (مطرية)، وبابليون مصر القديمة.
كما يمر المشروع من المعادي، والبدرشين (منف)، والبهنسا، وبني مزار، وسمالوط، ودير العذراء بجبل الطير، والأشمونيين، وملوي، وديروط، والقوصية، ومير، ودير المحرقة جبل قسقام، وأسيوط جبل درنكة. كما ساهمت المحافظات ووزارة التنمية المحلية في المشروع بأكثر من ٤٠٠ مليون جنيه لتهيئة البنية التحتية وتنسيق الموقع العام المحيط بالآثار وأعمال التنسيق بين الأطراف المشاركة في المشروع، فيما خصصت وزارة السياحة والآثار ٦٠ مليون جنيه لصالح المشروع، حيث يتم ترميم المواقع الأثرية الواقعة على خارطة مساره، وجار الانتهاء من ١١ موقعًا تم منها سمنود بالغربية، وتل بسطا بالشرقية، ومصر القديمة "مجمع الأديان"، والسيدة العذراء بكفر الشيخ.
هذا وقد تم إصدار مطويات وكتيبات ترويجية للمشروع بـ ١٠ لغات وفيديو توثيقي تم إعداده باللغتين العربية والإنجليزية، كما تقوم الوزارة بإعداد مخطط استثماري لعمل مشروعات تخدم المسار مثل إنشاء فنادق الإيكو لودج ومحلات وبازارات وكافتيريات.
كما سعت الدولة في إدراج مسار العائلة المقدسة على قائمة التراث غير المادي باليونسكو، تم صدور قرار وزاري بشأن إعداد الدراسات الخاصة بالمواقع الأثرية الموجودة على المسار في يونيو ٢٠١٨، بالإضافة إلى تشكيل لجنة مختصة لإدراج مسار العائلة المقدسة على قائمة التراث غير المادي لليونسكو. ويواصل رئيس مصر خطواته لترسيخ مفاهيم التعايش والإخاء والحياد بين رعايا الوطن دون النظر للانتماء الديني أو العرق ليحقق مبادئ الدستور وأمانة القيادة والرعاية.
البوابة القبطية
هنا مصر السلام.. هلال وصليب.. دور العبادة تُزيِّن المدن الجديدة.. ما يزيد على 70 كنيسة تم تشييدها وقيد البناء.. و2401 تدخل حيز التقنين
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق