صوت الأزهر يعلو أصوات التحريم.. تهنئة إخوتنا المسيحيين واجبة.. شيخ الأزهر يحذر من الانسياق خلف الفكر الضال والمنحرف الداعى للإساءة إلى المسيحيين أو تكفير المسلمين أو كراهية الوطن
الدكتور إبراهيم رضا: التحريم توجه لا دينى تتبناه جماعات الإسلام السياسى كالإخوان.. ولا يوجد ما يمنع شرعا تهنئة المسلم لأخيه المسيحى
مفتى الجمهورية: ميلاد الأنبياء رحمة وسلام للإنسانية جمعاء فرسالاتهم تشع من مشكاة واحدة
الدكتور عادل أمين: الشكر للرئيس السيسى على تهنئته أخوتنا الأقباط من داخل الكاتدرائية.. والرافضون لا يعترفون بوطن
هنأ فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الاخوة المسيحيين في الشرق والغرب، بمولد السيد المسيح، سائلا الله تعالى، أن يشمل عالمنا بالسلام والمحبة والأخوة، وأن يجنبنا ويلات الحروب والكراهية".
وأعربَ شيخُ الأزهر عن تمنياته للجميع بأن يكون العامُ الجديد عامًا يبشر بطالع سعيد، ويزيد فيه التوادُّ والتحابُّ والتلاحُم بين كلِّ أطيافِ الشعبِ المصري مسلمين ومسيحيين، مشيرًا إلى ضرورة الالتجاء إلى الله في الأزمات، والتقرب إليه سبحانه، سائلين الله -عز وجل- أن يحفظ مصر بمسلميها ومسيحييها، وأن يُديمَ على مصرنا والعالم كله الأمن والأمان والسلامة والاستقرار.
وأوضح فضيلته؛ أنَّ الحروبَ التي نشهدها اليوم سببها الرئيسي هو الانفلاتُ من أخلاق الدين، وانتشار الإلحاد والكفر بالله، وما ينتجُ عن ذلك من تفشي الأنانية وغطرسة وطغيان القوة والمال، والبُعدِ عن القيم والأخلاق والانسلاخ من الهوية.
كما حذر شيخ الأزهر من الانسياق خلف أي فكر ضال ومنحرف يسمح بالإساءة إلى المسيحيين أو تكفير المسلمين أو كراهية الوطن وجيشه وقوات أمنه؛ مؤكدًا أن المواطنة في الإسلام تقوم على المساواة الكاملة بين جميع المواطنين باختلاف أديانهم وأن العلاقة بين أهل الأديان هي علاقة تعارف وتعاون وليس صراع.
متفقًا مع "الطيب"؛ قال فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن ميلاد الأنبياء هو ميلاد رحمة وسلام للإنسانية جمعاء، فرسالاتهم جميعًا تشع من مشكاة واحدة، ودعوتهم هي دعوة المحبة والتعاون من أجل تحقيق الغاية التي من أجلها خُلقنا؛ وهي عبادة الله وعمارة الأرض، ولا يكون ذلك إلا بالتعاون والعيش المشترك.
بينما قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن مصر تعدُّ أنموذجًا فريدًا في الوحدة الوطنية، وترسيخ أسس العيش المشترك، والإيمان بالمواطنة المتكافئة في الحقوق والواجبات، فمصر لنا جميعًا وبنا جميعًا، والمصريون نسيج واحد وعلى قلب رجل واحد، والوطن لكل أبنائه وهو بهم جميعًا، ونسعى من خلال هذا النموذج شديد التميز لترسيخ أسس السلام العالمي؛ مثمنًا المواقف الوطنية لقداسة البابا تواضروس الثاني بابا السكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
تلك التهاني فتحت مثل كل عام الكثير من الجدل حول تحريم تهنئة المسلمين لإخوانهم المسيحيين بأعيادهم، وتنقسم الآراء بين دعوات تحريم المعايدة، وإدانة كل مسلم يشارك فيها، وأخرى بإباحتها ووجوبها وضرورتها، من باب التآخي، ورد التحية بتحية.
وبين هذه الدعوات وتلك، تقف كتيبة "البوابة" بقيادة الكاتب الصحفي الوطني عبد الرحيم علي، رئيس مجلس إدارة المؤسسة، وفريق العمل كاملا، موقف الرافض لأي نبرة خشنة، أو دعوة هدامة من شأنها جرح كبد الوحدة بين المصريين، موجهة التهنئة لكل أبناء الوطن، عامة، باحتفالات العام الجديد، وللمسيحيين، خاصة، بأعياد الميلاد.
من جانبه؛ يقول الشيخ الدكتور إبراهيم رضا، أحد علماء الأزهر الشريف، في تصريحات خاصة لـ"البوابة"، إن حكم تهنئة المسلم للمسيحي من الواجبات التي يجب أن نحرص عليها، لأن التهنئة بالأعياد هي نوع من أنواع التحية، والله تعالى يقول في محكم التنزيل: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا)، ولأن المسيحي يحيي المسلم في أعياده، لزم على المسلم، بل فُرِض عليه أن يرد التحية لأخيه المسيحي في احتفالاته الدينية، ومنها ميلاد المسيح عليه السلام.
ويضيف "إبراهيم": "لا يوجد ما يمنع شرعا من تهنئة المسلم لأخيه المسيحي في أعياده، لأن علاقة المسلم بأهل الكتاب من اليهود، والمسيحيين، هي علاقة منظمة بآية في سورة الممتحنة، حيث يقول الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، ومنها نفهم أن الله تعالى أمرنا أن نبذل البر لأجل من يختلف عنا في العقيدة من أهل الكتاب، لما لهم من مكانة وكرامة عند الله ورسوله، لأن البر في الآية السابقة اسم جامع مانع لكل معاني الخير".
ويتابع الدكتور إبراهيم رضا حديثه، كاشفًا عن أسباب هذه الدعوات الخبيثة، والدخيلة على المجتمع المصري، ومن يقف وراءها؛ حيث يقول: إن تحريم التهنئة لا يعد توجهًا دينيًا، وإنما هو توجه سياسي، تتبناه الجماعات الإسلامية السياسية، مثل جماعة الإخوان، ومن على شاكلتهم.
وعن هذا الصخب المفتعل على مواقع التواصل الاجتماعي، والمتكرر كل عام، بشأن تحريم تهنئة أخوتنا الأقباط، يقول الشيخ إبراهيم رضا: "وصل هذا الصخب ليطول فضيلة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وإهانته، لما بادر به، منذ أيام قليلة، من تهنئته لكل المسيحيين في الشرق والغرب، وفي يقيني أن هذه حرب معنوية شرسة من الإخوان ضد الدولة المصرية، ورموزها، وعلينا أن نعى هذا جيدا".
ويستكمل الشيخ إبراهيم حديثه فيقول: "تلك جماعات آثمة، لا تريد الخير لمصر، وأهلها، ولذلك تسعى هذه الجماعة كل عام لممارسة ضغوط نفسية، مستخدمة في ذلك أسلحة الچيل الرابع، ومنها مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف إخماد روح الفرح التي يتمتع بها الشعب المصري، ولكن هيهات، فسيدنا محمد ﷺ بشر بأنها أرض الرباط، وستظل في رباط إلى يوم القيامة".
وأشاد "رضا"، بالرئيس عبدالفتاح السيسي في هذا التوجه، حيث قال: "ما يفعله الرئيس هو بمثابة سُنة حسنة جديدة، فهو ولي أمر الجميع، فذهابه إلي الكاتدرائية وتهنئته لأبنائه المسيحيين، ومشاركته لهم في احتفالاتهم، رسالة قوية، أهم ما فيها تقوية اللُحمة الوطنية، وهي سابقة لم تحدث من أحد قبله، أن يذهب رئيس الجمهورية بنفسه إلي الكاتدرائية للتهنئة".
وما ذكره الشيخ الدكتور إبراهيم رضا عن الرئيس السيسي يؤكده لنا الدكتور عادل أحمد أمين، الحاصل على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية، والباحث فى مجال الأديان والمذاهب، حيث بدأ حواره معنا موجها الشكر للرئيس قائلا: "كامل الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي على تلك الخطوة التى كان سبّاقًا فيها، ومن وجهة نظرى أن الرئيس قام بما يجب، وأكثر ما أعجبني شجاعته فى اتخاذ تلك الخطوة، حيث لم يعر المتشددين انتباها".
ويتابع "أمين": "التهنئة واجبة لمصري مثلي، جار أو صديق، هذا أمر واجب حثت عليه الأديان، والأصول، والمُناسَبة ليست حِكرا على قطاع، بل هى مُناسَبة تخص المصريين، الكنيسة ليست حكرا على الأقباط، هى تسمى الكنيسة المصرية، والأزهر كذلك، لذا فالتهنئة لا تمس العقيدة فى شيء".
وينوه إلي المبررات الضعيفة التي يقدمها هؤلاء لتحريم التهنئة؛ متعجبًا: "كيف لهؤلاء أن يبيحوا الزواج من مسيحية، وهم يحرمون التهنئة في الأعياد المسيحية، أليست هذه ازدواجية؟".
ويذكر "أمين" زواج النبى محمد صلى الله عليه وسلم من مسيحية مصرية، ويذكر أيضا أنه عاد غلاما يهوديا عندما مرض؛ مؤكدا أن ما فعله مع الغلام اليهودي أكثر بِرا بمراحل من التهنئة، وعلى الطرف الآخر يذكر دور المسيحيين قائلا: "حارب المسيحيون فى نجران بجانب المسلمين، بل إن عمر بن الخطاب أدى الصلاة بجانب الكنيسة، وعلى مر التاريخ الإسلامى كان لليهود والمسيحيين دورهم الفاعل فى نهضة الدولة، بل كان شاعر الدولة الأموية 'الأخطل' مسيحيا".
ويختتم الدكتور عادل أمين كلامه محذرًا المصريين من خطورة الالتفاف حول هذه الجماعات ودعواتها، فيقول: "الهدم سهل، الهدم يثير صخبا أشد من صوت البناء، وهؤلاء لا يملكون غير الصوت العالي، هم لا يعترفون بوطن، ولا يؤمنون بالآخر، هم همج، يستندون على فتاوى قديمة، ولا يدركون أن الفتوى فى سياق، واليوم غير الأمس، هم خارج الزمان والمكان".
فيما قال الشيخ أحمد ترك، من علماء الأزهر الشريف، في ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه الصلاة والسلام: لقد تحدث القرآن عن السيد المسيح عليه السلام فى ٣٨ آية توصف مولده ومعجزاته وصفاته الخ، كما احتفى سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بأخيه المسيح عليه السلام بذكر عدد من الأحاديث التى تدل على مكانته ومقامه.
فيقول صلى الله عليه وسلم: “أنا دعوة أبي إبراهيم، وبُشرى أخي عيسى” رواه ابن حبان فى صحيحه. ويصف لنا أخاه المسيح، فيقول: "رِبعة (يعنى لا طويل ولا قصير) أحمر كأنما خرج من ديماس". أيْ حَمّام، وفي ذلك إشارة إلى جماله ونقائه ووضاءته وإشراق وجهه. رواه مسلم.
ومِن شدَّة محبته له، يدافع عنه فيقول: "أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة؛ فليس بيني وبينه نبيّ". صحيح مسلم. ويفتخر بأخيه المسيح، قائلًا: (كيف تهلك أُمّةٌ أنا في أولها وأخي عيسى في آخرها). رواه الحاكم. وفي مناسباتٍ كثيرة، يُشبِّه (نبيّ الرحمة) بعض أصحابه بالمسيح في عطفه، وشفقته، ورحمته، فمثلًا: يقول لأبى ذر: مثلكَ يا أبا ذر في أصحابي كمثل المسيح بن مريم بين الناس".
كما يوضح الشيخ أسامة القوصي، أن ميلاد السيد المسيح عليه السلام من المناسبات التي تجمع كل المسالمين والمحبين من البشر مهما اختلفت عقائدهم رغم تلك الصيحات التي يبثها كل عام أناس لا يفهمون على المستوى العالمي المعنى الكامل لكلمة (الإنسانية)، ولا يدركون على المستوى المحلي المفهوم الكامل لمصطلح (المواطنة) فضلا عن إدراكهم للمعنى العظيم لكلمة (المحبة).
ويضيف "القوصي": ليعلم القاصي والداني أن فهم المعنى الحقيقي والكامل لهذه الأُخُوَّة هو أهم أسباب الاستقرار والأمن والأمان في هذه الأرض التي نعيش عليها جميعا ولذلك يسعى الأشرار من شياطين الإنس والجن بين الحين والحين لضرب هذه الأُخُوَّة في مقتل لكي لا يعيش العالم في سلام وذلك بداية من قصة قابيل وهابيل ومرورا بكل أنواع العداوة والصدام والحروب بين أبناء آدم وحواء.
ويستطرد بقوله: إني لأعلم علم اليقين أن هذه الأٌخوة متمثلة في نسيجنا المصري الجميل كانت هي حائط الصد الأول والأهم ضد كل محاولات إسقاط الدولة المصرية بعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ ولذلك يسعى أهل الشر لكسر هذا الحائط المنيع وتمزيق ذلك النسيج المتين عن طريق نشر أفكار الكراهية وفتاوى الصدام ولكن هيهات هيهات ولن ينالوا منا أبدا مادمنا مترابطين متكاتفين ومادمنا مسالمين متحابين.
ويختتم الشيخ أسامة القوصي: جاء ميلاد السيد المسيح عليه السلام دعوة لنهاية الكراهية والحروب بين البشر ودعوة للمحبة والسلام والاستقرار والأمان والاطمئنان كل عام ونحن جميعا طيبون وبألف خير وصحة وعافية وسعادة ومصرنا الحبيبة بسلام وأمان والعالم كله بخير.