تشهد قارة أفريقيا عودة منظمة للقوى الدولية التي تبحث عن مواقع جيوستراتيجية وكسب تأييد الأفارقة لمواقفها في قضايا عالمية بالغة الأهمية؛ إذ جاب القادة والمسئولون الروس والفرنسيون والأمريكيون والأوروبيون دولًا أفريقية مختلفة عام ٢٠٢٢ نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية والمطامح العسكرية المتصاعدة، وكانت منطقة الساحل من المناطق التي تشهد هذه المنافسة، خاصة بعد سلسلة الانقلابات التي وقعت في بعض دولها، والتي أثَّرت سلبًا في الوجود الفرنسي وعززت النفوذ الروسي.
في مارس ٢٠٢٢، تأكدت أوروبا من هذا الوضع الجديد، أثناء تصويت الأمم المتحدة لإدانة العملية الروسية في أوكرانيا؛ حيث اتخذت ٢٥ دولة أفريقية موقف رفض القرار أو الامتناع عن التصويت بينما صوَّتت ٢٨ دولة أفريقية لصالح القرار. وتبعت ذلك سلسلة زيارات إلى عدة دول أفريقية من قبل وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، سامانثا باور، والسفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد.
وبين ١٣ و١٥ من ديسمبر ٢٠٢٢، استضافت الولايات المتحدة نحو ٥٠ دولة أفريقية ومسئولين من الاتحاد الأفريقي لتجديد علاقتها مع القارة.
وهو ما تتجلى معه الاستراتيجيات الأوروبية الجديدة التى تتمحور حول مواجهة روسيا والمنافسين الآخرين بحملات إعلامية، وتعزيز الوجود العسكري الأوروبي لدى الحلفاء في منطقة الساحل وغرب أفريقيا.
ارتفع مستوى الدعاية والحملات الإعلامية المضللة في أفريقيا منذ عام ٢٠١٣، وشهدت القارة مئات المحاولات المنظمة للتأثير في الرأي العام عبر الشبكات الاجتماعية. وأظهرت تقارير أن المؤسسات الروسية أو الجهات التي لها علاقة مع موسكو من الجهات الرئيسية الفاعلة في معظم الدعاية الأجنبية في أفريقيا، حيث تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر وتليجرام وغيرها لتشويه بيئة المعلومات والأخبار.
وهو ما دفع دبلوماسيين إيطاليين وألمان لإبداء استعدادهم لاتخاذ موقف أكثر عدوانية في مواجهة روسيا وخوض حرب المعلومات في الساحل، وفقًا لما كشفته «أفريكا إنتليجنس»، في ديسمبر .٢٠٢٢.
في مايو٢٠٢٢، اقترح الاتحاد الأوروبي إرسال حوالي ثلاث عمليات تدريب أو مهام عسكرية إضافية إلى منطقة الساحل وغرب إفريقيا تنفيذًا لإستراتيجية تحقيق الاستقرار في الساحل ودول خليج غينيا.