محمية وادى الريان هي واحدة من محميتين طبيعيتين توجد فى محافظة الفيوم، منها محمية قارون الطبيعية تضم بحيرة قارون والصحراء الشمالية للبحيرة وتعد من أقدم البحيرات الطبيعية فى العالم وهى البقية الباقية من بحيرة موريس القديمة، وتتميز هذه المحمية بوجود تكوينات جيولوجية هامة علميًا وتاريخيًا، والثانية هى محمية وادى الريان والتى تتميز ببيئتها الصحراوية المتكاملة، من كثبان رملية، وعيون طبيعية، ومسطحات مائية واسعة وحياة نباتية مختلفة وحيوانات برية متنوعة، وتضم بحيرات وادى الريان والشلالات ووادى الحيتان ومنطقة الغرود الرملية، ويقع وادى الريان فى الصحراء الغربية جنوب غرب الفيوم بحوالى ٧٧ كيلو مترا من مدينة الفيوم و١٥٠ كيلومترا عن القاهرة، ويوجد به مناطق طبيعية متعددة مثل منطقة العيون والشلال ومناطق مراقبة الطيور. وهناك أودية أخرى فى محافظة الفيوم مثل وادى النزلة ووادى دمو.
الشلالات مقصد الأجانب فى فصل الشتاء
قال محمود كامل، المرشد السياحى بإدارة السياحة بمحافظة الفيوم: تعتبر محمية وادى الريان أكثر منطقة يتم زيارتها طوال فصول العام، ومقصد سياحى مهم يتهافت عليه الزائرون فى الفيوم، حيث تم إعلانها كمحمية طبيعية ١٩٨٩م ومساحتها نحو ١٧٥٩ كيلو مترًا مربعًا، وتضم المحمية مجموعة كبيرة البحيرات الصناعية، فيوجد بها بحيرة عليا وأخرى سفلية وما بينهما منطقة الشلالات، وهذه المحمية هى سياحة لليوم الواحد فقط بخلاف التخييم فى الصحراء ليومين.
وأضاف لـ«البوابة»: هذه المحمية الأولى بمعدلات الزيارة فى الفيوم، ولا نغفل دور منطقة الشلالات التى أهم برنامج الزيارة، حيث يزورها المصريون والأجانب الذين يعتادون زيارتها خلال فصل الشتاء بعكس المصريين الذين يفضلون زيارتها فى فصل الصيف، ويستمتع الجميع بها وكذلك بمشاهدة الطيور المهاجرة على البحيرات الصناعية والشلالات، التى تعتاد زيارتها بموسم الشتاء فى الفيوم، كما تعتبر منطقة الشلالات من مناطق الرياضات البحرية المختلفة، ويوجد بالمحمية نحو ١٥ نوعًا من الحيوانات البرية أهمها ( ثعلب الرمل الذئب الغزال المصرى - ثعلب الفنك) كما توجد بها عدة أنواع من الصقور.
البحيرات الصناعية تجذب الرواد
أكد المرشد السياحى محمود كامل، أن البحيرة العليا والسفلى للشلالات صناعية للصرف الزراعى وتعتبر الشلالات النقطة الوسيطة ما بين البحيرة العليا والبحيرة السفلية، فهذه البحيرات تم تكوينها بشكل صناعى، مضيفا بأن الطبيعة ليست لها دخل فى تكوينها، حيث يتكون وادى الريان من بحيرة عليا، والبحيرة السفلى، ومنطقة الشلالات التى تصل بين البحيرتين، ومنطقة عيون الريان جنوب البحيرة السفلى، وحتى تكون جزءا منها يستقبل الصرف الزراعى الخاص بالفيوم، حيث تم افتتاح مشروع وادى الريان سنة ١٩٧٣م فكانت بداية المشروع فى أواخر ستينيات القرن الماضى، ولهذا تم افتتاح هذه البحيرات حتى تكون مكان لاستقبال المياه الزائدة عن الصرف الزراعى، لتصب فى منخفض وادى الريان. وأضاف: وجود هذه المياه فى منطقة وادى الريان هى المياه الحالية جديدة ولم تكن من قبل فى الطبيعة إلا من ملايين السنين من عصر الايوسينى قبل ٣٧ مليون سنة، وهذه المياه كانت موجودة من قبل واختفت، وتم إنشاء هذه البحيرات الصناعية ومشروع وادى الريان من أواخر الستينات، لتحويل جزء من مياه الصرف الزراعى لمنخفض وادى الريان، حيث كانت مياه الصرف الزراعى تصب على بحيرة قارون، إلى أن تم تحويل جزء منها بحيرات وادى الريان حافظا على مستوى بحيرة قارون من الزيادة.
وادى الحيتان منطقة تراث على الخريطة العالمية
تضم محمية وادى الريان داخلها منطقة وادى الحيتان والتى تعتبر واحدة من أهم مناطق التراث الطبيعى والتراث العالمى الموجودة على أرض الفيوم بجمهورية مصر العربية، ومصنفة كمنطقة تراث طبيعى عالمى فى مصر وهى المنطقة الأولى والوحيدة المصنفة كمنطقة تراث طبيعى عالمى، حيث تضم مجموعة من هياكل متحجرة لكائنات بحرية كانت تعيش فى هذا الجزء من الفيوم منذ ٤٢ مليون سنة حيث ظهرت فيها حفريات أقدم قرد فى العالم وبعض الأشجار المتحجرة، وهذه الهياكل تم تصنيفها لحيتان وكائنات بحرية كانت تعيش فى هذا الجزء من الفيوم من ملايين السنين.
ويقع وادى الحيتان فى محافظة الفيوم ١٥٠ كم جنوب القاهرة فى منطقة ويسمى وادى الريان وهى من أهم الأماكن التى تظهر تطور الحيتان فى العالم يحتوى على حوالى ٤٠٠ حفرية نادرة للحيتان ترجع إلى عهد سحيق أكثر من ٤٠ مليون سنة (كما قال العلماء) وفى عام ٢٠٠٥ اختارتها اليونسكو كأفضل مناطق التراث العالمى للهياكل العظمية للحيتان.
البحيرة المسحورة
أما منطقة الغرود الطبيعية فتوجد بها جبال رملية عالية للغاية منها منطقة قصور العرب ومنطقة غرود صمويل ومنطقة جبل المدورة وهذه واحدة من المناطق التى يتم زيارتها فى المحمية، نظرا لإطالتها الرائعة على أجزاء من البحيرة السفلية، بالإضافة لمنطقة الماجيك ليك، أو كما يطلق عليها البحيرة السحرية أو البحيرة المسحورة، والتى يتم زيارتها للممارسة العديد من الأنشطة منها التخييم، ونشاط رياضة التزحلق على الرمال، ومن ضمن الأنشطة التى تمارس داخل هذه المنطقة الهاى كنج السير على الرمال أو المشى.
التزحلق على الرمال والبطولات الدولية
ولفت محمود كامل مرشد سياحى، بأن رياضة التزحلق على الرمال من أهم الأنشطة التى يفضلها الشباب من طلاب المدارس والجامعات والكثير من الكبار أيضا، ويمكن أن تتم ممارسة العديد من الأنشطة هناك، مثل ركوب سيارات الدفع الرباعى والسير بها على الرمال والصحراء الشاسعة برمالها الذهبية المتدرجة وتسلق الجبال والتحليق بالمظلات، وسبق أن أقيمت فيها البطولة الدولية للتزحلق على الرمال، بفضل الكثبان الرملية الناعمة والعميقة والمتنوعة من حيث الأشكال والأحجام بسبب لونها الذى يتغير خلال النهار بحسب درجة ضوء الشمس، بالإضافة إلى موقعها وسط المنحدرات الصحراوية، الذى يعطيها أجواء السحر والجمال الرائع وسط الصحراء، بالإضافة إلى متعة التخييم ليلا مع إشعال الحطب والشاى وفرق البدو التى تشدوا بغناء أهل المناطق المحيطة بوادى الريان والحيتان.
الغرود مقصد الزائرين للتخييم ومراقبة النجوم والشهب
وفى منطقة وادى الريان ما يسمى بنشاط مراقبة النجوم ويعد من أحدث الأنشطة فى المنطقة تقدمها المحمية وهى عبارة عن تخييم الزائرين فى مناطق رملية بعيده عن التلوث الضوئى والعمران ومعزولة مثل منطقة وادى الحيتان ويتم إنشاء خيم وترقب النجوم والاستمتاع بمشاهدة النجوم التى تظهر بشكل واضح والشهب ومشاهدة مجرة درب التبانة وهى من المجرات بديعة المنظر والتى يُمكن رؤيتها بوضوح خلال فصل الصيف، فهى كبيرة الحجم لدرجة تمييزها بالعين المُجردة.
جبل المدورة
تعد منطقة جبل المدورة بصحراء محمية وادى الريان وجهة ساحرة فى صحراء محافظة الفيوم، حيث سياحة خوض رحلات السفارى، وتسلق الجبل، والتقاط الصور السيلفى والكادر الذى يشبه بالسينما لشدة لجمال المنطقة المحيطة به وهى نهاية بحيرات الريان الأشبه بخريطة مصر بمرور خطى النيل وكذلك أشبه بالقلب، هو مقصد للتسلق أعلاه للزائرين، وهواية التزحلق على الرمال كذالك، فهو عبارة عن هضبة عالية على شكل دائرة تمثل أعلى نقطة ارتفاع بالمحافظة يقابلها بالطرف الآخر ٣ هضاب قريبة الشبه بالأهرامات وينساب الماء بينها على شكل لسان من البحيرة، ويجد أسفل الجبل شاطئ بطول نحو ٥٠٠ متر ويمتاز بأنه مظلل بظل الجبل. وكشف الدكتور معتز أحمد عبد الفتاح مسئول برنامج وملف السياحة بمحافظة الفيوم فى تصريحات خاصة لـ«البوابة » بأن جبل المدورة يعود عمره قبل ٤٥ مليون عام، أى فترة ما قبل العصر الايوسينى، ومنطقة جبل المدورة تقع بالقرب من البحيرة السفلى، كما تشكل جبل المدورة والمنطقة المحيطة به نتيجة لعوامل التآكل التى ساهمت مع الكثبان الرملية فى إزالة تكوين السطح وبقايا الحيوانات التى كانت مترسبة فوقه، فهو يقاوم عوامل الزمن والطبيعة والمناخ منذ ملايين السنين.
وأضاف «عبد الفتاح» عند زيارة منطقة جبل المدورة، يمكن ملاحظة الطبيعة الخلابة بألوانها الممتعة، وتدرج الألوان من حيث وجود بعض الحشائش فى الأسفل نهاية البحيرة السفلية، ويتدرجها من الأعلى الرمال الذهبية بجمالها المبهج مع لون المياه الزرقاء التى تشكل منظرا جماليا لعين الرائى والمشاهد، فهى مقصد محبى الاستجمام والهدوء، أما خلال ساعات الليل، فتتوفر فرصة الاستمتاع بمراقبة النجوم والمجرة، حيث لا وجود للتلوث الضوئى وكذلك نشاط اليوجا الذى يعشقه الكثير من الزائرين.
رصد حركة الطيور المهاجرة
مع بداية فصل الشتاء تصل إلى الفيوم آلاف الطيور المهاجرة تأتي هنا فى شتاء كل عام تتلاقى فوق البحيرة ومحميتى وادى الريان والحيتان يعبر منها من يعبر ومنها من يقضى الشتاء فى مصر، فهناك متعة رصد حركة الطيور وكذلك الصيد فى الصباح الباكر للهواة، فيدعم الإنسان فى كفاحه ضد الآفات الضارة بالزراعة ويواجه الحشرات والقوارض كالفئران وغيرها، فلا يفلت طائر من أيدى الخبراء حتى يتم حصره ورصد هواه، وكذلك زيارتها وتمركزها لبحيرة قارون إحدى المناطق المهمة الدورية للطيور حيث يتواجد فى البحيرة أكثر من ٢٥٠ نوعا من الطيور البرية ما بين مهاجر ومقيم، فتستضيف هذه البحيرة المالحة أسرابا هائلة من مختلف أنواع الطيور المقيمة والمهاجرة، حيث البيئة المثالية والمناخ المعتدل لقضاء موسم الشتاء، ففى مثل هذه الأيام تبدأ الطيور المهاجرة بالتوافد نحو المسطحات المائية فى الفيوم.