بمناسبة حلول العام الميلادي الجديد:
«لاَ يَطْلُبْ أَحَدٌ مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مَا هُوَ لِلآخَرِ» (1كو 10: 24)
يسرني أن اهنئكم جميعًا بحلول العام الميلادي الجديد، وقد اعتدنا في مثل هذه المناسبات أن نتبادل التهاني والهدايا والأمنيات الجميلة، شاكرين الله أنه أبقانا لننعم بعام جديد، "وأتى بنا إلى هذه الساعة".
ولكن -ودون أن يتضايق البعض- تعالوا نعيّد في هذا العام بشكل مختلف. لنعيّد على الذين لا يشعرون بهذه المناسبة، ولنضحِّ قليلًا لأجلهم. لنتخلَّ عن الاهتمام بأنفسنا قليلًا لنهتم بهم، ففي غمرة الأفراح وتبادل الهدايا وارتفاع الضحكات وبسط ألوان الطعام، اذكروا أن العام الجديد سيبدأ وما يزال هناك كثير من المسجونين والمسجونات ليست لهم شهية ولا فرصة للاحتفال، ومثلهم مرضى كثيرون أقعدهم المرض عن المشاركة إذ صاروا أسرى أسرّتهم. سيبدأ العام وقد فقد البعض بالأمس القريب أحباءهم. سيبدأ وقد باعدت الظروف بين البعض والبعض الآخر. سيبدأ وهناك كثيرون سيقضونه وحدهم دون أنيس ولا صحبة ولا احتفال، إذ فارقهم الجميع راضين أو مُكرَهين. سيبدأ وكثيرون يقضونه خلف أبواب بيوتهم وفي الظل يجترّون آلامهم. سيبدأ والأيام بالنسبة لبعضهم متشابهة. سيبدأ وقد شاخ بعضهم مبكرًا. سيبدأ وهناك من يحتاج أن نضع لمسة بهجة على حياتهم دون أن يطلب، فإنه إمّا لا يرغب وإمّا لا يقدر. سيبدأ وكل السنين عند البعض متشابهة.. فهلّا استطعنا أن نسعدهم.. أولئك الذين ينظرون بعجب أو بحسرة إلينا ونحن نتهلل بهذا الاحتفال، دعونا نحتفل بهم وستبلغ سعادتنا عندئذ مداها، أكثر مما لو احتفلنا بأنفسنا لنسعدها، حتى وإن كان بالصلاة لأجلهم والإحساس بمشاعرهم «اُذْكُرُوا الْمُقَيَّدِينَ كَأَنَّكُمْ مُقَيَّدُونَ مَعَهُمْ، وَالْمُذَلِّينَ كَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي الْجَسَدِ» (عب 13: 3)
كل عام و"هم" ثم نحن بخير…
مكاريوس، أسقف المنيا
السبت ٣١ ديسمبر ٢٠٢٢م