رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أنا و2023..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا بأس أن يخصص الكاتب زاويته ولو مرة بين الحين والحين للكتابة حول شأن ذاتى؛ قد يعتقد أن نقل ما فيه من تجربة وخبرة مفيد على نحو ما لمن سيصادفه هذا المقال.
 

أغلب تجاربنا الذاتية شديدة الخصوصية؛ لأنها ليست مهمة على الإطلاق بالنسبة لمن حولنا من أقارب وأصدقاء وزملاء، إلا من كان طرفا فيها على نحو ما.
 

هى وثيقة الصلة بشخوصنا كالمرض أو البيع والشراء أو محاولة الاستثمار فى مشروع صغير " على القد"، أو حتى على مستوى علاقاتنا العاطفية والاجتماعية.
 

تفاصيل تلك التجارب لا تعنى سوى صاحبها لكن الخبرة المكتسبة منها هى ما قد يهتم به الناس حتى لا يرتكبوا نفس أخطائنا عندما يمرون بتجارب مماثلة.


هذه هى ليلة رأس السنة الجديدة وأعترف أننى لم أكن من أولئك الناس الذين يحتفلون بالعام الجديد بمراجعة تجاربهم ونجاحاتهم واخفاقاتهم فى العام المنصرم وما قبله ليضيفوا لأسباب النجاح عوامل اخرى تمكنهم من تفادى أسباب الفشل والإخفاق فيصبح العام الجديد أكثر إنجازا؛ والأهم من ذلك كله تنمية قدرتهم على الإستفادة من عملية تراكم الخبرات.
ربما هو عامى الخمسين الذى بلغته ربيع ٢٠/٢٢  الذى جعلنى ولأول مره أفكرفيما كنت عليه من أفكار وتصورات وإنفعالات كانت سببا فى ممارستى الحياة بطريقة معينه وخوض تجاربها بآدائى المعتاد والذى لم أغيره يوما.


أعترف أيضا بأننى لست متأكدا تماما من إقدامى على تغيير طريقتى فى التفكير ومن ثم سلوكى وممارستى حتى بعد حديث المراجعه الذاتيه هذا؛ لكنها المحاوله والتجربه بل وربما التحدى والذى يتعين على مواجهته فى العام الذى أقبل علينا وإلا انتهيت الى نفس النتائج.
أنا ياساده من الأشخاص الذين يتمسكون بآرائهم ومواقفهم مهما كانت النتائج ودعونى أقول " كارثيه" ؛ تصفنى شقيقاتى وكذا أصدقائى باالمستبد ولا أغير مواقفى إلا كرها وبعد فوات الأوان.
هم يفسرون هذه الطريقه فى الحياه لكونى عاطفى زيادة عن الحد ورغم ذلك كله أبدو لنفسى ذلك الشخص الذى يستمع للجميع دون غضاضه ومنطقى وعقلانى إلى أبعد حد ولاتتدخل العاطفه فى  مواقفى وقراراتى بأكثر من ٥%.
دعنى عزيزى القارئ أعترف لك بأمر صغير، عندما أصبت بإرتفاع ضغط الدم لجأت إلى الطبيب والتحاليل ولكن عندما حذرنى أحدهم من الآثار السلبية لأدوية الضغط على الأطراف العصبيه ؛ تركت الدواء واتجهت  فورا الى احتساء الأعشاب والكركديه " العناب".
ولم يمر سوى أقل من شهر واحد حتى بلغ إرتفاع ضغط الدم حدا يهدد بالإصابة بأمراض لاحصر لها ولا عد بخلاف الصداع الذى شعرت مع شددته بأنه لاعلاج له الا بتهشيم رأسى.
وصلت الى هذه المرحله رغم نصائح كل من حولى بمن فيهم الطبيب وعدت مكرها إلى الدواء وقد اكتشفت باالصدفه أن المنشور الخاص به مكتوب عليه وبالبنط العريض " لاآثار جانبيه ولا ضرر على الأطراف العصبيه ".
شاركت أحد أصدقائى فى مشروع مقهى بلدى صغير من باب تحسين الدخل،ولمجرد إننى زبون دائم فى مقاهى وسط البلد حيث أعيش وربطتنى علاقات وثيقه بإصحابها وكانت دائما مكانى المفضل حتى لمقابلات المصادر الصحفيه وكتابة موضوعاتى منذ إكثر من ربع قرن على وقع أوراق الدومينو وزهر الطاوله ودخان الشيشه ؛ لمجرد ذلك كله اعتقدت أننى خبير فى إدارة المقاهى وبدأت أحدث صديقى عن نظريات إدارة مقهى صغير وهيأت له أنى خبير الخبراء ومالك الحقيقه المطلقه فى دنيا المقاهى بل وأشطر من المعلم يس صاحب مقهى غزال المجاور لنقابة الصحفيين.
نسيت أن ٢٨ عاما كاملة قد أمضيتها فى العمل الصحفى وفقط منذ تخرجى.
استأجرنا مقهى صغير وتوليت الإداره والنتائج كانت كارثيه من أول شهر،ومر شهر تلو الشهر دون أرباح تذكر وكنت احاول إقناع صديقى أن المشروع فى بدايته وأن القادم أفضل وكان كلما حاول نصحى أنهره وأمنعه من الإسترسال حتى كان عام " الكورونا" وإنفض الناس عن الجلوس فى المقاهى.
لم تهتز ثقة صديقى فى نوايايا الصادقه ولا حتى طريقتى فى الإداره وكان يحدث نفسه "كيف أقيم اسلوب ادارته وأنا لم أجلس يوما على مقهى" حتى صادف يوما " معلم" صاحب مقهى فى محافظته " الغربيه" ورغم الكورونا لم تغلق المقهى أبوابها صحيح إنخفضت أرباحها لكنها قادرة على الإستمرار فلما قص عليه تجربتنا مع بعض التفاصيل أدرك أن جوهر المشكله أننى لم أعطى العيش لخبازه ولم أستعن بمن يفهم فى أصول ألصنعه.
جاءنى وفض الشركه ولله الحمد أنه لم يشكك فى ذمتى، لكنه أدرك إنه كان شريكى فى الخطأ عندما لم يصر على الإستعانه بقهوجى.
ومع ذلك ظل لدى اعتقاد أن الكورونا هى السبب وليس قلة خبرتى حتى مررت بتجارب أخرى على مستوى العلاقات الإجتماعيه إندفعت فيها بشكل عاطفى فتكررت النتائج وإن كانت الأضرار هذه المره نفسيه فقررت أن تكون ليلة رأس السنه هذه غير سابقاتها.
ولأننا لانغير أفكارنا وتصوراتنا ومواقفنا
بتلك البساطه كنت بحاجة الى خلوة حقيقية مع النفس ؛ ولأننى من عشاق الصحراء ذهبت برفقة صديق وقضينا يوما فى صحراء مجاوره لعرب الشرفاء جنوب شرق حلوان تسكن أطرافها بعض القبائل البدويه ألتى قدمت إلى هذه المنطقه من جنوب سيناء بعد نكسة بونيو ١٩٦٧.
وبترتيب  صديقى مع بعض من يعرفهم أمضينا يوما بين السماء المفتوحه والرمال الصفراء الممتده فى الأفق وجلس كل منا يعدد تجاربه فلما عدنا بدأ كل منا يعيد النظر فى كل مامضى.
وخصصت هذه الزاويه للكتابة عن تلك الرحلة المضنيه فلعل إفراغ مافى النفس وإشراك القارئ فيه قد يساعد على الإستمرار فى عملية المراجعة وتغيير الأفكار والمواقف وطرق التفكير التى لن تكون سهله لكنها وعلى أية حال المحاولة التى لابد منها.