«أكل العيش مر».. عبارة دارجة على ألسنة عامة المصريين، للتعبير عن اقتحام الأشخاص للمخاطر وانخراطهم وسط أناس لا يعلمون عنهم شيئا فى سبيل البحث عما "يستر الحال"، لكن أحيانا يكون بين هؤلاء من يحملون سوء النية ويتربصون بفريستهم للفتك بها من أجل حفنة من الأموال، وهذا ما حدث مع الشاب "زكريا أ" الذى أتم عامه الـ٢١ منذ أشهر قليلة، ذلك الفتى الذى شعر بمسئوليته تجاه نفسه وأسرته وشعر بصعوبة المعيشة فقرر منذ نعومة أظافره أن يتحمل المسئولية وينفق على نفسه ودراسته.
خرج "زكريا" ابن محافظة الشرقية كعادته للعمل على سيارة ملاكى كسائق لإحدى شركات التوصيل الشهيرة ليجلب ولو القليل من المال للمساعدة وحتى لا يكون حملا على كاهل أسرته، لكنه لم يكن يعلم أن اصابع الشر تتربص به، حيث تم طلبه من شخصين للركوب معه وفى الطريق الإقليمى بدائرة قسم شرطة التجمع الأول بالقاهرة، باغته أحدهما بذبحه من منطقة الرقبة أوقف الشاب السيارة وهو ينازع الموت وحاول الهرب بفتح باب السيارة ولكن هيهات فقد ترجل المتهمان من السيارة وطعناه عدة طعنات بقصد سرقة السيارة.
لحظات تملك فيها الشيطان عقل المتهمين اللذين انهالا ضربا وطعنا على ضحية لقمة العيش حتى خارت قواه وفاضت روحه البريئة لخالقها، دون أن يهز ما حدث شيئا فى قلوب الجناة ..حملا الجثة ووضعاها داخل حقيبة السيارة وقررا استكمال الجريمة واستعانا بعامل لقيادة السيارة ولكن بعد دقائق الوقود أجبرهم على التوقف "البنزين خلص.. هنعمل إيه" ليرد الآخر "أنا هتصرف".
ويتواصل مع شقيقه هاتفيا يستنجد به والذى جاء على الفور واستقلوا جميعا سيارة عقب الاستيلاء على متعلقات زكريا وتركوا الجثة ولاذوا بالفرار إلى مسكنهم بمحافظة الجيزة ظنا منهم بأنه لن تنكشف جريمتهم وأنهم فى مأمن من طبلية عشماوي.
كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهرا عند مرور أحد الأشخاص بالمنطقة التى توجد بها السيارة وبداخلها جثة زكريا وتفاجأ بوجود آثار دماء على السيارة من الخارج فتملكه الرعب وتواصل مع قسم شرطة التجمع الأول يخبره بما رأي.
على الفور حضرت قوة أمنية من ضباط البحث الجنائى بمديرية أمن القاهرة وجرى فرض كردون أمنى بمحيط السيارة وبتفتيشها عثر بداخلها على جثة "زكريا أ" به آثار ذبح وطعنات متفرقة.
بدأت رحلة البحث والتحرى بتشكيل فريق بحث بالاشتراك مع قطاع الأمن العام ومديرية أمن القاهرة ومديرية أمن الجيزة توصلت جهوده إلى تحديد وضبط المتهمين .
تفاصيل الواقعة المأساوية كما دونتها سجلات ضباط مباحث قسم شرطة التجمع الأول بمديرية أمن القاهرة كانت بورود بلاغ يفيد وجود سيارة متروكة بأحد الطرق بدائرة القسم وعليها آثار دماء، بالانتقال والفحص عُثر على السيارة المشار إليها متوقفة بجانب الطريق بالمنطقة محل البلاغ، وبداخل حقيبة السيارة جثة أحد الأشخاص، مقيم بمحافظة الشرقية بها جروح قطعية متفرقة بالجسم.
وبإجراء التحريات وجمع المعلومات أمكن التوصل أن وراء ارتكاب الواقعة شخصين، مقيمين بمحافظة الجيزة، عقب تقنين الإجراءات بالتنسيق مع قطاع الأمن العام ومديرية أمن الجيزة أمكن ضبطهما وبمواجهتهما اعترفا بارتكاب الواقعة بهدف الاستيلاء على السيارة قيادة المجنى عليه، حيث قاما باستيقاف المجنى عليه بدعوى توصيلهما إلى إحدى المناطق.
وعقب وصولهما تعديا عليه بالضرب بسلاح أبيض محدثين إصابته التى أودت بحياته، ووضعا جثته داخل شنطة السيارة، وقاما بالاستعانة بـ"عامل" لمساعدتهما فى قيادة السيارة وقاموا بالتخلى عنها بمكان العثور عقب نفاد وقودها، ثم قاموا بالاستيلاء على الهاتف المحمول الخاص بالمجنى عليه ومتعلقاته الشخصية.
عقب ذلك قام أحد المتهمين بالاتصال "بشقيقه، مقيم بذات العنوان" لاصطحابهم لمحل سكنهم وعقب وصولهم قاموا بالتخلص من متعلقات المجنى عليه والتخلص من السلاح الأبيض المستخدم فى ارتكاب الواقعة، والتصرف فى الهاتف المحمول بالبيع لدى عميلهما "سيئ النية" عامل مقيم بمحافظة الجيزة، أمكن ضبطه وبحوزته الهاتف المستولى عليه.
باستهداف باقى المتهمين أمكن ضبطهم وبمواجهتهم أيدوا ما سبق، وبالعرض على النيابة العامة بالتجمع أمرت بانتداب طبيب شرعى لتشريح جثة المتوفى "زكريا أ" وإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوفاة وصرحت بالدفن عقب بيان الصفة التشريحية لها وتسليم الجثمان لذويه.
كما واجهت النيابة العامة المتهمين بما أسفرت عنه التحريات والضبط وأقروا بارتكاب الواقعة على النحو المشار إليه وعليه أمرت بحبسهم ٤ أيام احتياطيا على ذمة التحقيقات كما اصطحب فريق من النيابة العامة المتهمين إلى مسرح الجريمة لإجراء معاينة تصويرية وتمثيل جريمتهم وطلبت النيابة تحريات المباحث التكميلية حول الواقعة ولا تزال التحقيقات مستمرة.