أصدر الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، كتابه الجديد بعنوان "وثيقة الأخوة الإنسانية نحو تعايش سلمي وعالم خالٍ من الصراعات".
تكمن أهمية الكتاب في ثلاثة أمور أساسية، أولها أن هدف وثيقة الأخوة الإنسانية هو حلم العالم كله في حياة مستدامة خالية من الحروب والصراعات وخالية من جماعات التطرف والإرهاب وحركات المتاجرة بالدين، وثانيها أنه تعزز في المقام الأول والأخير قيم التسامح والتعايش السلمي والتواصل الحضاري بين الأمم والشعوب، وثالثها حاجة المكتبات العربية والأجنبية لمثل هذه الكتب والمؤلفات التي تسعى لتغيير حياة الأمم والشعوب إلى الأفضل على المستويات الرسمية والشعبية.
يُشار إلى أن "وثيقة الأخوة الإنسانية" تبنتها الإمارات وبذلت جهوداً كبيرة من أجل توقيعها، في 4 فبراير 2019 ولعب الأزهر الشريف دوراً محورياً في هذا الشأن.
يتكون الكتاب من مقدمة شارحة للأهداف النبيلة المبتغاة من نشره، ويشتمل على ستة فصول، تقدم قراءة تحليلية واعية لبنود نص الوثيقة، وتسرد معلومات موثقة بشأن جميع الترتيبات والمبادرات الإماراتية والإسهامات المصرية التي مهدت لتوقيع الوثيقة من جانب الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، ويستعرض تجارب حوار الأديان ويقارن بينها وبين الوثيقة، ويبرز الدور المصري فيها، و علاقتها الوطيدة بـ "إرث زايد" في التسامح والأخوة الإنسانية، ويشرح كيف أنه نهج مستدام منذ تأسيس دولة الاتحاد عام 1971 إلى الآن.
يقدم الكاتب في كتابه المهم آليات مقترحة لتنفيذ بنود وثيقة الأخوة الإنسانية، بعضها محلي والآخر إقليمي ودولي، ويتضمن الكتاب رؤية شاملة مبنية على قراءات مستفيضة للقيم النبيلة في الأديان السماوية، يمكن إذا ما تم تطبيقها على أرض الواقع أن تنتهي الممارسات الدموية التي يسعى لتكريسها المتطرفون والمتعصبون من كل الأديان، وهذا ما يضفي على الكتاب صفة الكتاب الاستراتيجي.
يستعرض الكتاب مبادرة بيت العائلة الإبراهيمية من الألف إلى الياء ، باعتبارها مبادرة غير مسبوقة في مجال التسامح والتعايش السلمي والأخوة الإنسانية، ويوضح دوره المحوري المخطط له، لدعم التآخي الإنساني وتجذير قيمة قبول الآخر في قلوب الناس من كل الأديان، ويؤكد أن بيت العائلة الإبراهيمية يمثل قوة دفع كبيرة لتنفيذ بنود وثيقة الأخوة الإنسانية ودعم مسيرة انتقالها من النظرية إلى التطبيق.
ينفض الكتاب عن هذه المبادرة، غبار الانتقادات الكاذبة التي طالتها، ومنها الزعم بأنها دعوة لدين جديد يدمج الأديان السماوية الثلاثة في دين جديد أطلقوا عليه "الدين الإبراهيمي"، ويرد على هذه الانتقادات بالحجج المنطقية والمعلومات الموثقة ويصف الانتقادات بأنها افتراء زائف كاذب لا يمت للحقيقة بأي صلة، بدليل أن البيت يضم كنيسة قائمة بذاتها ومسجداً قائماً بذاته، وكنيساً قائماً بذاته، بحيث يكون لكل فرد الحرية في ممارسة عبادته وطقوسه الدينية، مما يؤكد أن بيت العائلة الإبراهيمية يدعو لتعايش الأديان وليس انصهارها ويكرس لحرية الاعتقاد لا دمج المعتقدات.
يتضمن الكتاب رؤية شاملة لتعزيز تنفيذ وثيقة الأخوة الإنسانية، تتناسب مع كونها تعالج أموراً حساسة تصطدم بأفكار وسلوكيات قديمة موروثة، بسبب أفكار الجماعات الدينية والسياسية المتطرفة، ويوضح أن تغيير هذه الأفكار ينطوي على تحديات عدة، ويحتاج إلى فترة زمنية طويلة، ويؤكد الكتاب على ضرورة التأني في تنفيذ الاستراتيجية، عن طريق تقسيم الأهداف إلى عاجلة وقصيرة المدى وبعيدة المدى، ووضع الخطط والبرامج على هذا الأساس، سواء كانت دولية أو إقليمية، وذلك لتحقيق الهدف بعيد المدى على النحو الذي تضمنته الوثيقة، المتمثل في تجذير ثقافة وقيم الأخوة الإنسانية، في الوعي الجمعي لشعوب العالم، وفي وجدان الإنسان في كل مكان.
يشار إلى أن مختلف الدوائر الثقافية والسياسية في مصر والإمارات ومعظم دول العالم تنتظر هذه المبادرة غير المسبوقة المتمثلة في هذا الكتاب غير المسبوق، إذ من المتوقع له أن يكون بداية رائعة وخطوة مشجعة للآخرين للكتابة في مجال الأخوة الإنسانية، خاصة أن العالم كله في أمس الحاجة إلى هذه النوعية من الكتب ذات الأهداف الإنسانية.