عقدت بمكتبة مصر العامة بالوادي الجديد ثاني الجلسات البحثية بعنوان "المبدع بين المعنى واللا معنى"، ضمن فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر، في دورته 35، الذي تقيمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة المخرج هشام عطوة.
أدار الجلسة د. عادل ضرغام، وتناولت ثلاثة أبحاث، الأول بعنوان "تحولات فكر النخبة" للباحث د. شعيب خلف، وتحدث به عن المأزق الحضاري التاريخي الذي حدث في الثقافة العربية الحديثة في عمومها والمصرية على وجه الخصوص، حيث كانت صعوبة المأزق تفرض على النخبة الانقسام إما بالانغماس أو الانكماش، إما بالرفض التام والعودة إلى الماضى.
وأشار إلى المحاولات الجادة التى قام بها بعض النخبة من التوفيق بين إعادة الوحدة للثقافة الوطنية بين الموروث والوافد لتجاوز الثنائية الراهنة للمشروع الحضارى بين ثقافة الأنا وثقافة الآخر، وبين السلفية والعلمانية أي توسيع رقعة الوافد مع الارتباط بالموروث، كما استعرض بعض نماذج من النخبة الذين ساهموا في تطويع التراث لمتطلبات الحضارة الحديثة، ومنهم رفاعة الطهطاوي، محمد عبده، جمال الدين الأفغاني وطه حسين، حيث أوضح الباحث المنهج الديكارتي الذى انتهجه طه حسين في تحقيق الشعر الجاهلي.
أما البحث الثاني فجاء بعنوان "تحولات دور المثقف" للباحث د. أحمد عادل، أشار فيه إلى أن المثقف هو صاحب البصيرة والمعرفة والفكر ويمتلك وعيا نافذا وإرادة حرة وقدرة على التعبير، مشيرا إلى صورة المثقف من منظور فلاسفة التنوير، بأنه واحد من النخبة الصغيرة الناطقة باسم حقول المعرفة الرفيعة من رجال الأدب والفن والفكر، كما يرى "جان بول ساتر" أن الدور الرئيسي للمثقف هو البحث عن الحقيقة وعن كينونة الأشياء والمستقبل وعن سعادة الإنسان في حياته بتمكينه من وسائل الحياة وتخليصه من الظلم والاستغلال، كما حدد الباحث أدوار المثقف الوظيفية منها المثقف "الرسولي، المنعزل، التنويرى، العضوي، السلطوي، الهجين، المتمأسس"، حيث يتضح من ذلك أن دور المثقف يتغير بتغير موقعه الزماني وبتغير علاقته بالسلطة.
وجاء البحث الثالث بعنوان "ملء الفراغات بين سلطة المؤلف وسلطة آل مستجاب" للباحث د. محمد محمد مستجاب، وفي بداية حديثه أوضح أركان الأدب التى تتمحور حول المثلث المؤلف، النص الأدبى والقارئ، وبين هذا المثلث علاقة شائكة ومعقدة وإشكالية ممتدة في كل وقت، وقد تناولت تلك العلاقة مجموعة كبيرة من الدراسات والأبحاث وبالتالي صيغت على أساسها كثير من النظريات التي تهتم بمختلف الأجناس الأدبية الخاصة بذلك المثلث. لكن مع تطور فنون السرد وتطور واتساع قاعدة المتلقى نظرا لوسائل التواصل الاجتماعى الحديثة، فإن المثلث يصير مربعا، حيث يلاحظ أنه يجب على الكاتب وهو يقدم على فعل الكتابة وإنتاج نصوصه أن يستحضر القارئ أو فعل القراءة والتأويل والمعنى الذي يريد إيصاله وكأنه بذلك يقدم الضلع الرابع للقارئ، وكأنه يشرح له ما يريده حتى لا يحدث التباس أو تصور آخر غير الذى فى ذهن وعقلية الكاتب أو كأنه يترك فى عمله الإبداعى فرجة يدخل منها القارئ ويتسلل منها إلى عمله الإبداعي، كما تحدث عن بعض المجموعات القصصية للكاتب محمد مستجاب أحد الرواد وواحد من جيل الكتاب المجددين والمطورين فى القصة القصيرة، هذا الجيل المشهور بجيل الستينيات والذين حاولوا أن يضحوا في فن القصة القصيرة دماء جديدة بعد يوسف إدريس.
أعقب ذلك فتح باب المناقشة مع الحضور، وجاءت المداخلات حول المحاور والرؤى التى طرحتها الأبحاث الثلاثة، منها مداخلة من الكاتب أيمن رجب طرح تساؤلا عن المثقف الهجين، هل كل كاتب يأتي بثقافة أخرى يكون مثقفا هجينا؟ ومداخلة أخرى من الشاعر طارق الصاوي عن الأديب المنعزل وطه حسين وعلاقته بالسلطة.
أما الشاعر أبو الفتوح المارزى فتساءل عن دور المؤسسات الثقافية تجاه تصنيفات المثقف وكيف تتعامل مع تلك التصنيف، وغيرها من المداخلات.
وتأتي فعاليات المؤتمر الذي تنظمه الإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر مسعود شومان، والإدارة العامة للثقافة العامة برئاسة الشاعر عبده الزراع، تحت عنوان "الفعل الثقافي ومشكلة المعنى"، دورة الناقد والمفكر الكبير الراحل د. شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق، والتي تعقد برئاسة الكاتب الكبير محمد سلماوي، وأمانة د.حمدي سليمان.