لا تقتصر احتفالات الكريسماس على الإخوة الأقباط فقط، فالمصريون جميعا يذهبون إلى الأسواق والمتاجر لشراء الزينة بمختلف أنواعها سواء أشجار الكريسماس الشهيرة أو مجسمات الغزلان المضيئة، وكذلك بابا نويل الذى يقبل عليه الأطفال بشكل كبير، كما أن هذه الأيام تعد بمثابة موسم للتجار والصناع والورش الصغيرة التى تقوم بصناعة تلك المجسمات، فتحدث هذه الصناعة رواجا كبيرا فى هذا الوقت.
"البوابة نيوز" قامت بعدد من الجولات داخل دروب القاهرة القديم ومنطقة العتبة وخاصة درب البرابرة الذى يعد موطنا للتحف والورود وأشجار الزينة ومستلزمات السبوع وأعياد الميلاد وخاصة ما يتعلق بالكريسماس فى هذه الأيام، فعندما تبدأ جولتك فى هذا الدرب تجد أشجار الكريسماس تزين المحال والإضاءة المنبعثة من المجسمات تتلألأ داخل الشارع لتخطف أنظار الكبار قبل الأطفال.
فى حاراته الضيقة متسع للسعادة درب البرابرة بين حى الحسين والعتبة شارع لشراء مستلزمات الأفراح والعرائس منذ أكثر من ١٠٠ عام رجع تاريخه لعصر المماليك، وكان لفظ "البرابرة" يطلق على طائفة من أبناء الريف والصعيد المصرى يكلفون بمهمة تفريق المظاهرات، وتختلف الأقوال فى تسمية الدرب فالبعض يقول إن سكان الشارع من المنحدرين من قبائل "البربر" القادمين من بلاد شمال أفريقيا والمغرب العربى.
بينما يقول آخرون إنهم النوبيون قدموا إلى القاهرة والدلتا مع بدايات القرن التاسع عشر، وكان الدرب هو مكان تجمعهم وإقامتهم. يقول كريم محسن صاحب ورشة لتشكيل المعادن بدرب البرابرة إنه يبدأ الاستعداد لموسم الكريسماس فى بدايات شهر سبتمبر حيث يجمع الأشكال الجديدة حسب السوق ويقوم برسم الماكتات ليبدأ عملية التصنيع وفق الطلبات التى يتلاقها من المحلات والزبائن ليبدأ فى تصنيع أشجار الكريسماس والغزلان المضيئة والأشكال المختلفة لوضعها أمام المحلات،وكذلك ديكور المطاعم والكافيهات وغيرها من الأماكن العامة.
ويضيف "كريم" أنه يقوم بتنفيذ أى تصميمات مطلوبة، وكذلك بمختلف الأحجام حيث يتراوح حجم شجرة الكريسماس من ٣٠سم إلى ١٥ مترا، وكذلك المجسمات الأخرى سواء على شكل تحف صغيرة أو مجسمات عملاقة لتزين الشوارع والمحلات المختلفة والفنادق والأماكن العامة، كما أنه يقوم بتركيب الإضاءة حسب الطلب والاستخدام.
ويؤكد صاحب ورشة تشكيل المعادن أن الأسعار شهدت زيادة هذا العام بسبب التكلفة العالية للخامات، فبالنسبة للحديد فقد وصل سعر الطن إلى ٢٩٥٠٠ جنيه، وكذلك أسعار الإضاءة التى تأثرت بشكل كبير نظرا لارتفاع سعر الدولار حيث إنها فى الأغلب تكون مستوردة، وقد أثر ذلك على الإقبال هذا العام الذى بحد قوله انخفض عن الأعوام السابقة.
زيادة فى الأسعار ١٥ إلى ٢٠٪
عبده منتصر صاحب محل جملة قال إن الإقبال على شراء زينة الكريسماس إلى الآن أقل من السنوات الماضية، لكنه لا يعتبر هذا المؤشر نهائى فهو يرى أن المصريين دائما يزداد إقبالهم فى الساعات الأخيرة حيث يتوقع إقبالا كبيرا خلال اليومين الأخيرين، كما يؤكد أن الأسعار شهدت زيادة هذا العام بنسبة ٪١٥ إلى ٢٠ ٪ مقارنة بالعام الماضي.
وأوضح "منتصر" أنه رغم تلك الزيادة فى الأسعار إلا أنها لا تزال فى متناول الجميع حيث تبدأ أسعار الأشجار من ١٢ جنيها، وتصل إلى ١٥٠٠ جنيه للشجرة الواحدة، وعن أكثر الإكسسوارات مبيعا، أكد أن الإقبال الأكبر يكون على شراء بابا نويل بالأحجام الصغيرة وكذلك "الطرطور" والنظارات والمسكات التى تمثل شكل بابا نويل، حيث إنه هذه الأشكال محببة للأطفال، وكذلك الشباب فى الأعمار المختلفة.
وعن الصناعة المحلية أضاف أنها غير قادرة على تغطية متطلبات السوق فهى تغطى من ١٠إلى ١٥ ٪ من احتياجات السوق كما أنها تواجه مشكلة فى الخامة وجودة المنتج خاصة أن الورشة التى تقوم بالتصنيع بدائية جدا، وتنتج كميات قليلة كما أنها تعمل بشكل موسمى وهذا لا يعطيها فرصة للتطوير، وأشار إلى أنه يفضل المنتج المحلى إذا حقق المعايير المطلوبة فهو يقلل من مخاطر الاستيراد وتوفير العملة الأجنبية، ويحقق عائدا اقتصاديا للبلد.
باعة يتغنون بالبضائع
فى طرقات درب البربرة ينتشر الباعة سواء على شكل فرشات بسيطة أو فى المحلات، كل منهم يعرض بضاعته بشكل مميز لجذب الأطفال والزبائن، ويقول محمد السيد إن منطقة درب البرابرة من أهم الأسواق التى تورد للأسواق الخارجية، فيقوموا بصناعة أشجار رأس السنة بأنفسهم وتوزيعها على التجار فى مناطق مختلفة داخل محافظتى القاهرة والجيزة، مما يجعلها مقصدا للأسر لشراء الهدايا لأطفالهم، حيث يوفرون كثيرا من الأموال وتكون الأشكال المعروضة أكثر والاختيارات متعددة.
ويوضح أحمد عبدالرحمن أن الأطفال يهتمون أكثر بالألعاب التى تصدر أصواتًا وحركات فهى تمثل لهم بهجة كبيرة ويمكن استخدامها بعد الكريسماس، وعن الأسعار أضاف أن الألعاب تبدأ من ١٥ للميدليات المضيئة وصولا إلى ٢٥٠ للمجسمات والألعاب كبيرة الحجم أما عن الأشجار فيبدأ طولها من متر و ٢٠ سم، وحتى ٣ أمتار، وتبدا أسعار أشجار رأس السنة من ٥٠ جنيهًا إلى ١٠٠٠ جنيه، وتوجد هذا العام أنواع وأشكال للأشجار مختلفة عن شكل الأشجار التقليدية والمتعارف عليها.
«عادة ربنا ما يقطعها»
فى مثل هذه الأيام لا تجد موضعا لقدم فى شوارع الدرب، فقد جاء المواطنون من أنحاء القاهرة الكبرى من مختلف الأعمار، وكذلك الأسر ليشتروا الزينة والهدايا ويلتقطوا الصور التذكارية فى أجواء احتفالية رائعة.
سعاد عبد العزيز مواطنة تجاوزة الستين من عمرها تقول إنها اعتادت أن تأتى كل عام لسوق "درب البرابرة"، من أجل شراء منتجات الكريسماس لأحفادها من أجل الاحتفال، كما أنها تشترى الهدايا لجيرانها وتختار درب البرابرة بالتحديد لشراء الهدايا بأرخص سعر، وكذلك التصميمات الحديثة والمختلفة. وقال كريم إنه فضل الحضور إلى السوق برفقة أسرته وأطفاله كنوع من أنواع البهجة والاحتفال حيث يلتقط الصور التذكارية ويشترى الهدايا واللعب للأطفال، حيث يرى أنه بخلاف الأسعار المنخفضة فى درب البرارة لكونه مركزا هذه الصناعة فإن الأجواء هى كلمة السر التى تجذب الجميع وتنشر البهجة بين الجميع.
فى مثل هذه الأيام لا تجد موضعا لقدم فى شوارع الدرب، فقد جاء المواطنون من أنحاء القاهرة الكبرى من مختلف الأعمار، وكذلك الأسر ليشتروا الزينة والهدايا ويلتقطوا الصور التذكارية فى أجواء احتفالية رائعة.
