المسيحيّة في سوريا ثاني أكثر الدّيانات انتشارًا بعد الدّيانة الإسلامية
أشهر دعابات المسلمين لإخوانهم المسيحيّين: ها قد احتفلنا معكم بعيد الميلاد فلا تنسوا أن تصوموا معنا شهر رمضان
تمتاز سوريا بأهمّيّة دينية مسيحية كبيرة، ففي الجامع الأموي بدمشق، يوجد ضريح القدّيس يُوحَنَّا المعمدان، أحد تلاميذ السّيّد المسيح وإليه يُنسب إنجيل يوحنّا، وفي سوريا أيضا قرية معلولا الشّهيرة باحتفالاتها المميّزة في عيد الصّليب ومقصد المسيحيين من جميع مناطق سوريا ولبنان والأردن وحتى السّياح الأوروبيّين وفي قرية معلولا هذه، ديران عتيقان لهما رمزيّة خاصّة، وكذلك جبل فيه فجوة تعرف بفجوة ثقلا. ورغم قلّة المرافق السياحيّة فيها، تبقى إحدى أهمّ الوجهات السّياحيّة في سوريا وعادة ما ينصب السّياح في ساحة المدينة الخيام، حيث يبيتون قبل أن يصعدوا الجبل مشيا على الأقدام يوم العيد، ولمعرفه مزيد من التفاصيل التقت عدسة «البوابة» المطران مار ديونوسيوس أنطوان شهدا، متروبوليت حلب وتوابعها للسريان الكاثوليك .
* في البداية نحن نعرف أن عددا كبيرا من مسيحيي العراق انتقل إلى سوريا ما حالة المسيحيين في سوريا ؟
- حالتنا في سوريا، ولله الحمد، جيدة وممتازة جدا واستقبلنا العراقيون، وقمنا بمساعدتهم عن طريق جمعياتنا الخيرية وقمنا بتقديم المساعدة للعائلات المشردة والتي هي بحاجة إلى مساعدة مادية ونحن نقوم بمساعدة مئات العائلات العراقية ونؤمّن لها الغذاء والأدوية والعمليات الجراحية والأقساط المدرسية وغير ذلك من المساعدات ونحن نساعد هذه العائلات كي تعود إلى أرضها رغم كل المشاكل التي تحصل هناك.
* ما الخطوات اللازمة لتقوية التلاحم الوطني بين المسلمين والمسيحيين في سوريا ؟
- الطريق الوحيد هو أن نكون كتلة واحدة وعائلة واحدة وأن ندافع كلنا جميعا، من مسيحيين ومسلمين، عن العدل في العالم وفي الشرق الأوسط خاصة، فعندما نكون عائلة واحدة وكتلة واحدة فإن أي قوة أخرى لا تستطيع أن تأخذ منا شيئا وأنا آمل من مجلس الأمن أن ينظر إلى هذه المنطقة وأن يدافع عنها ونحن سنرد بقوة على هذه الجرائم التي تحصل نحن لا نريد أن يموت شعبنا أو أن يشرد فسوريا في يد الله.
* ماذا عن المسيحية في سوريا ؟
- تشكّل المسيحيّة في سوريا ثاني أكثر الدّيانات انتشارًا بعد الدّيانة الإسلامية بنسبة 8 إلى 10٪ من إجماليّ السّكّان ويحتفل المسيحيّون في سوريا بكل أعيادهم بحرّيّة مطلقة وهي عطل رسميّة تعطّل بها جميع الجهات الرّسميّة وغير الرّسميّة.
* كيف يتم الاحتفال بميلاد السيد المسيح ؟
- في عيد ميلاد السّيد المسيح الموافق لـ25 ديسمبر، تُزيّن بيوت المسيحيين والشوارع وتضاء شجرة عيد الميلاد في أغلب المدن تعبيرًا عن الاحتفال وتنتشر موسيقى العيد والتراتيل في البيوت والكنائس وفي البيوت، تُزيّن أشجار عيد الميلاد غرف الجلوس وليلة عيد الميلاد، أي في ليلة يوم 24 من شهر ديسمبر، تجتمع العائلة الكبيرة احتفالا بالعيد وتتناول العشاء وحلويّات العيد أو كعكة العيد المصنوعة عادة على شكل جذع شجرة، إما في البيت، وهو الأكثر شيوعا، وإما في أحد المطاعم التي تخصّص لهذه المناسبة أشهى الأطباق.
* هل الاحتفالات مقتصرة على المنازل ؟
- لا تقتصر الاحتفالات على البيوت والكنائس بل تعمّ كل المدن السورية في أجواء رائعة من البهجة والتسامح.
* ما العادات السائدة في هذا الاحتفال؟
- العادات السائدة هي عرض شجرات عيد ميلاد ضخمة في المدن السورية، في ساحة واسعة أو حديقة في قلب المدينة، ويشترك المسلمون وغيرهم من المنتمين إلى ديانات أخرى بكلّ حماس في الاحتفالات وتسود في المدن السورية أجواء رائعة، حتّى أنّ أشهر دعابات المسلمين لإخوانهم المسيحيّين: "ها قد احتفلنا معكم بعيد الميلاد فلا تنسوا أن تصوموا معنا شهر رمضان وفي يوم 25 من شهر ديسمبر، ينتظم قدّاس في كل كنيسة تُتلى فيه الصّلوات ويختتم بتوزيع قطع الخبز على عادة ختم كل قدّاس.
* وما أبرز المشاهد أثناء الاحتفال ؟
- يشارك مُسْلِمُو سوريا إخوتهم المسيحيين فرحة الأعياد. وترى الفتاة المسلمة مرتدية حجابها تلتقط الصور بجانب صديقتها المسيحية وشجرة عيد الميلاد كما يزور المسلمون أصدقاءهم المسيحيين في هذه الأعياد لمشاركتهم هذه الفرحة ففرحة العيد في سوريا شاملة وعامّة، سواء كان العيد إسلاميّا أم مسيحيّا تلك هي روح التّسامح الّتي نريدها في جميع أنحاء العالم.
* ماذا عن الأوضاع في حلب ؟
- فيما يتعلَّق بالوضع الإنساني والاجتماعي الملح في هذه الأيام، حيث تشتدُّ الضائقةُ المادية على الجميع، والذي تعتبرُه الكنيسة من أولوياتها اتّفقَ الآباء على تشكيل لجنة "الكنيسة بيتٌ للمحبة"، والتي تُعتَبَر أحد أهم مقرّرات مؤتمر "الكنيسة بيتٌ للمحبة" الذي عُقِدَ في مايو 2022. وانتخَبَ الآباء سيادة المطران يوحنا جهاد بطّاح رئيسًا للجنة، وحضرة الأب ريمون جرجس نائبًا للرئيس ومن ثمّ استعرض الآباء نشاطات اللجنة الخيرية المشتركة (كاريتاس سورية) ثم تداول الآباء واقع التعليم المسيحي في سورية، واستعرضوا مع الأب رامي إلياس اليسوعي أهم المقترحات لتطوير المناهج وطباعة الكتب للأطفال والمربين وقدمت اللجان المختصة تقاريرَها، خاصةً لجان الشبيبة والعائلة، ومرشدية السجون، وطُلب من هذه اللجان وضع خطط عملية لمعالجة كل المشاكل العالقة، على أن يتم إقرارها في الدورات المقبلة.
كما قدّمت اللجنة القانونية اقتراحَها حول إنشاء هيئة تنفيذية لمجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في سوريا.
وأيضًا تدارس الآباء موضوع السينودس الروماني، وكلفوا أمانة سر المجلس بالتواصل مع أمانة سر مجلس البطاركة الكاثوليك في لبنان من أجل استيضاح بعض الأمور حول المرحلة القارية.
* وماذا عن أحوال السوريين حاليا؟
- أبناء الكنيسة هم دعاة سلام ومحبة ورغم الألم والحرب فالكنائس ستقرع أجراسها مع بزوغ فجر الميلاد في كنيسة سيدة النجاة في حمص زيدل وسط جمهور كبير من المؤمنين وأكد إما نكون أو لا نكون ويد الإرهاب لن تخيفنا بل تزيدنا قوة وثباتا، وسابقا دشن يونان كاتدرائية سيدة الانتقال للسريان الكاثوليك في حلب الشهباء والتي خضعت للترميم والإصلاحات في داخلها نتيجة ما المها خلال الحرب الأليمة التي عانت منها حلب الشهباء، وأوضح من هناك" أن الإرهابيين يدمرون ونحن نبني، وسنستمر في رسالتنا مهما تفاقمت التحديات.
* كيف يكون عيد الميلاد مع الحرب في سوريا ؟
- بكل حزن الكثير من السوريين رحلوا ورحلت معهم تلك اللحظات التي كانت سبب سعادة ومحبة بين الجميع والتي فرقتها الحرب لكن تبقى فرحة العيد وليلة الميلاد حزينة، وتظل أمنيات الأطفال مسيحيين ومسلمين ومن كل الطوائف هي رؤية بابا نويل وعربته التي تجرها الخيول لكي يحصلوا على هداياهم وهو يناولها لهم من ذلك الكيس المصنوع من القماش الخشن وهو يمازحهم ويلاعبهم ويقول الأطفال لذويهم حلوة هي أعياد المسيحيين ولكن حاليا الوضع سيئ فالشجر وسط الحطام والعائلات حزينة فكل عيلة لديها فقيد فالوضع أكثر حزنا.
* كيف كان الاحتفال سابقا في سوريا ؟
- كانت دمشق وساحاتها وخاصة في منطقة باب توما لأن غالبية القاطنين فيها من الطائفة المسيحية الكريمة والكثير من المناطق والمدن السورية تزدان بالأشجار المزينة والأضواء على مدى أيام احتفالًا بتلك المناسبة والفنادق الكبيرة كانت تخصص برامج خاصة ترفيهية ساحرة لتلك الليلة وعروضا كثيرة، وتتم الدعوات من قبل الجمعيات لحفلات وبأسعار رمزية لمن لا يستطيع تأمين ما يلزم لعائلته لكي لا تضيع عليه وعلى أطفاله بهجة العيد وكانت الكنائس تقوم بإعداد البرامج الترفيهية وحتى المسابقات وحملات التبرع للفقراء، من العائلات المسيحية الفقيرة أو المحتاجة وتأمين ما يلزم لتلك الليلة المجيدة، فكانت العائلات تتبادل الدعوات وإقامة الموائد العامرة بما لذ وطاب من مأكولات وحلويات وفواكه وحتى المشروبات بكل أنواعها.