ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية بأن حكومة طالبان بدأت تفقد سيطرتها على زمام الأمور في أفغانستان بعد استهداف دبلوماسيين ومواطنين أجانب، وفي ظل اشتباكات حدودية ربما تتطور إلى حرب كاملة مع بعض جيرانها، وخروج العديد من المستثمرين من البلاد حرصا على حياتهم.
وأضافت المجلة في تقرير لها أنه مع اختفاء بصيص الأمل في إنعاش الاقتصاد الأفغاني الذي أنهكته الحرب، تستمر الولايات المتحدة في ضخ ملايين الدولارات في أفغانستان دون أن يكون لديها أي فكرة واضحة حول مصارف هذه الأموال.
ولفتت المجلة أنه بالرغم من حالة الارتياح التي بدت على بعض الدول الإقليم بعد انسحاب الولايات المتحدة وقوات الناتو من أفغانستان في أغسطس 2021، إلا إن بعض هذه البلدان ينتابها بعض القلق حاليًا بسبب تدفق المخدرات والمهاجرين من أفغانستان إلى هذه الدول، ناهيك عن الأسلحة التي خلفتها الولايات المتحدة وقوات الحلف، خاصة بعد أن أصبحت الدولة على شفا الانهيار.
يُذكَّر أن مسلحين من طالبان كانوا قد تبادلوا إطلاق النار مع جنود باكستانيين على الحدود الشرقية للبلاد خلال الأسابيع الأخيرة، مما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات الأشخاص، بينهم نساء وأطفال؛ كما سحبت باكستان سفيرها في كابول، عبيد الرحمن نظاماني، بعد هجوم استهدفه في العاصمة الأفغانية في 2 ديسمبر الجاري، في حين ذكر بعض المعلقين السياسيين أن كلا البلدين الآن في حالة حرب.
كما لقي أيضًا 6 أفراد مصرعهم، بينهم مواطنين روسيين اثنين، في هجوم انتحاري استهدف السفارة الروسية في كابول في سبتمبر الماضي، كما اندلعت بعض الاشتباكات على حدود أفغانستان مع إيران.
لابيد أن الهجوم الذي استهدف أحد الفنادق التي يرتادها مستثمرون صينيون وسط العاصمة كابول في 12 ديسمبر الجاري ربما كان إيذانًا ببدء انهيار الوضع الراهن، حيث أطاح هذا الهجوم بآفاق التعاون للاستفادة من الفرص الاستثمارية في قطاع المعادن الواعد بأفغانستان، في ظل سعي بكين لتصبح أكبر شريك لحكومة طالبان التي تصبو إلى إحراز أي تقدم نحو الاعتراف بها كحكومة شرعية.
وحسب وزارة الخارجية الصينية، أسفر الهجوم عن إصابة 5 مواطنين صينيين، بينما أفادت منظمة "إمرجينسي" الإيطالية غير الربحية التي تدير إحدى المستشفيات أنها استقبلت 18 مصابا و3 قتلى نقلوا إليها بسبب الحادث.
وقد وقع الهجوم، الذي استمر لساعات، بعد يوم واحد من تأكيد قادة طالبان للسفير الصيني في كابول، وانج يو، على سلامة جميع المواطنين الصينيين المقيمين في أفغانستان.
ودعا السفير الصيني في كابول جميع مواطني بلاده إلى مغادرة أفغانستان في أقرب وقت ممكن، في حين ذكر دبلوماسي أفغاني سابق مقرب من بكين، رفض الكشف عن هويته، أن "الصين لا يمكنها الاعتماد على أفغانستان حاليا، لذا فالأمر قد انتهى الآن على المدى القريب".
علاوة على ذلك، كشف البنك الدولي في بيان صحفي قبل أسبوعين أن ثلثي الأسر الأفغانية تعجز عن توفير ما يكفي من النفقات لسد احتياجاتها الغذائية؛ نظرا لأن حكومة طالبان غير قادرة على عن جذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل أو إقناع المجتمع الدولي برفع العقوبات المدمرة المفروضة على القطاع المصرفي والمالي الأفغاني.
وأوضحت مجلة "فورين بوليسي" أنه منذ وصول طالبان إلى سدة الحكم، فتحت الحركة ذراعها لعشرات الجماعات الإرهابية والجهادية، بما في ذلك القاعدة وحركة "طالبان باكستان" التي تهاجم باكستان من الأراضي الأفغانية.
وفي تقريره الربع السنوي الصادر الأسبوع قبل الماضي، جدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، التأكيد على مخاوفه بشأن الأنشطة الإرهابية والأمن الحدودي وغيرها من التجاوزات الأخرى من جانب حكومة حركة طالبان، كمنع الفتيات من تلقي تعليمهن المدرسي، وغياب سيادة القانون والعدل.
في غضون ذلك، تستمر الولايات المتحدة في تقديم عشرات الملايين من الدولارات نقدًا من خلال الأمم المتحدة كل شهر في صورة مساعدات إنسانية، إلا أن أكثر هذه المبالغ يؤول في النهاية إلى حركة طالبان، مما يعزز من شعورها بإمكانية الإفلات من العقاب، على حد قول "فورين بوليسي".
واختتمت المجلة تقريرها بأن كل هذه الأمور لا يبدو أنها تمهد الطريق أمام وجود دبلوماسي أمريكي رسمي في أفغانستان؛ مما يعني أن حكومة طالبان ستظل في عزلة وبدون أصدقاء وغير مُعترف بها حتى بعد مضي أكثر من عام على وصول طالبان إلى سدة الحكم في أفغانستان.