بمزيد من الأمل يستقبل العالم العام الميلادي الجديد، محاولًا تخطي الأزمات المتعددة التي تركها عام 2022 خلفه بدون نهاية واضحة المعالم، فمن ناحية تعمل دول العالم جاهدةً على التعافي من آثار جائحة كورونا التي خلَّفت وراءها حتى كتابة هذه السطور ما يقرب من 7 مليون حالة وفاة وإصابة ما يزيد علي 640 مليون مواطن، وعلى المستوى الاقتصادي يسعي الاقتصاد العالمي إلى استرداد خسائره المتعددة في قطاعات جمة، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك بسبب الجائحة التي ما زالت تخيم بظلالها حتى اليوم.
الأمر لا يقتصر فقط على هذه الأزمات ولكن تشهد أوروبا أزمة في الطاقة، وتعاني القارة الأفريقية من أزمة ماء وغذاء، بينما تظل المعاناة الكبرى التي تلوح في الأفق بسبب التغيرات المناخية، وعلى الجانب الإنساني فهناك ملايين المواطنين مهددون بأزمة غذاء عالمية بسبب عدم انتظام سلاسل الإمدادات التي كانت إحدي نتائج الحرب الدائرة، كل هذه التهديدات توضح عدم قدرة المجتمع الدولي على تحمل المزيد من الأعباء، خاصة إذا كانت فاتورة تلك الأعباء باهظة أكثر من تلك التي يعيشها العالم حاليًا.
تهديدات بوتين
وسط هذه الأحداث المأساوية التي تعاني منها البشرية، جاءت تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتن باستخدام السلاح النووي للدفاع عن بلاده كـ"المسمار الأخير في نعش الأمل" الذي يتمسك به العالم، في سيناريو لم يقبله أحد عندما سرده هربرت جورج ويلز مؤلف الخيال العلمي الإنجليزي عندما نشر روايته «العالم حرًا» في 1914، وتحدث فيها عن نهاية البشرية بسبب حرب ذرية، وذلك قبل أن يعرف العالم هذه القنابل بـ 30 عامًا.
«أنا لا أخدع.. أمام البشرية طريقان إما المضي قِدمًا نحو الانهيار أو العمل على نظام جديد معًا، الموقف في العالم يتجه نحو السيناريو الأسوأ، والأزمة تطال الجميع وليس هناك أي أوهام».. بهذه الكلمات الصادمة هدد بوتن المجتمع الدولي، باستخدام السلاح النووي للدفاع عن بلاده مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها العاشر.
تصريحات بوتن المثيرة للجدل أعادت للأذهان ما قاله في حديث تليفزيوني في مارس 2018 مع الإعلامي فلاديمير سولوفيوف، ردًا على تساؤل عن مدى استعداد روسيا لاستخدامها ترسانتها النووية إذا ما اضطرت لذلك وقال نصًا: "إذا قرر شخص ما تدمير روسيا.. فلدينا الحق القانوني في الرد"، وأكد الرئيس الروسي أنه لا يمكن اتخاذ مثل هذا القرار إلا في حال تسجيل أنظمة الإنذار المبكر للهجوم ضد بلاده مضيفًا: "هذا الأمر سيكون بالنسبة إلى البشرية كارثة عالمية، لكنني كمواطن روسي وكرئيس للدولة الروسية، أود أن أسأل نفسي ما حاجتنا إلى عالم لا مكان فيه لروسيا؟".
وفي تصعيد جديد، أعلن ديميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، أمس الأول الإثنين، أنه إذا لم تحصل روسيا على الضمانات الأمنية التي تطالب بها فإن العالم سيواصل التأرجح على شفا حرب عالمية ثالثة وكارثة نووية، مضيفًا أن الشيء الوحيد الذي يوقف الغرب لشن حرب شاملة ضد روسيا، هو ترسانتها النووية التي تستخدمها للردع النووي.
تدريبات «الظهيرة الثابتة» للردع النووي
في النصف الأول من شهر أكتوبر الماضي، وبعد تزايد وتيرة الأحداث والتصريحات بين الجانب الروسي والجانب الغربي، انطلقت تدريبات الظهيرة الثابتة للردع النووي بمشاركة 14 دولة من دول حلف الناتو، وكانت على بعد حوالي 1000 كيلو متر من الأراضي الروسية، وتمت المناورات فوق شمال غرب أوروبا في المجال الجوي لبلجيكا وبريطانيا وبحر الشمال، وحسب التحالف البلجيكي ضد الأسلحة النووية، فإن منطقة التدريبات ضمت رءوسا حربية نووية أمريكية.
فيما صرّح ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف الناتو أن هذه المناورات سنوية ومجدولة مصممة لضمان الحفاظ على قدرات الناتو النووية آمنة وفعالة، ولا علاقة لها بالأزمة الحالية حول أوكرانيا.
ما السلاح النووي؟
طبقًا لمعاهدة تحريم الأسلحة النووية في أمريكا اللاتينية، فإن السلاح النووي هو كل جھاز یستخدم تفاعلًا نوویًا لإحداث انفجار، ويتسبب في إخراج عدة أنواع من الطاقة، وعندما ینفجر السلاح النووي تخرج كرة كبیرة من النار، كل شيء داخل ھذه الكرة الناریة یتبخر، كذلك يوجد سلاح نووي استراتيجي وتكتيكي، ويتم إطلاقها من الطواريخ أو الغواصات أو القاذفات بعيدة المدى.
وتتمثل مخاطر السلاح النووي في أنه یتسبب في تدمیر ھائل وحالات وفاة وإصابات ویؤثر على المناطق القريبة من دائرة الانفجار، فضلًا عن تأثيراته المختلفة على مناطق أخرى محيطه به.
وعن أنواع الأسلحة النووية يقول الدكتور يسري أبوشادي، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقًا، أنه توجد عدة أنواع من الأسلحة النووية أبرزها القنبلة النووية أو ما تعرف بالذرية والقنبلة الهيدروجينية.
وحول أنواع الانفجارات النووية يوضح الدكتور يسري، أن الانفجارات إما انفجار جوي عالٍ أو منخفض، أو انفجار على السطح سواء الأرض أو الماء، أو انفجار تحت السطح، وهناك العديد من العوامل المرتبطة بالحرب النووية، منها سرعة الرياح وتوقيت ومكان التفجير، موضحًا أن الانشطار النووي الذي يحدث فهو يحدث بسبب تفاعل الجسيمات الصغيرة أو النيوترونات الموجودة مع الذرة التي تحمل نظير اليورانيوم 235 أو البلوتينيوم 239، ويتم انشطار النواة إلى نصفين ونتيجة الانشطار تنتج طاقة ضخمة جدًا تبدأ بطاقة حركة ثم طاقة حرارية، ومع ازدياد درجة الحرارة والتي تصل إلى 10 ملايين درجة مئوية - وهي تزيد علي درجة حرارة الشمس - يحدث انفجار ضخم يؤدي إلى تخلخل في ضغط الهواء يؤدي بدوره إلى تفجيرات وهدم للبنية التحتية، بالإضافة إلى كتلة اللهب الناتجة عنه، فضلًا عن التأثيرات الأخرى المصاحبة مثل الإشعاع والغبار النووي.
من يملك الرءوس النووية؟
تتعامل الحكومات مع قضية امتلاك الأسلحة النووية وأعدادها الحقيقية بشكل سري للغاية، ولكن حسب آخر تقرير لاتحاد العلماء الأمريكيين، فإنه اعتبارًا من عام 2022 يوجد 9 دول في العالم تمتلك حوالي 12700 رأس نووي، و 90 % من هذه الرءوس الحربية مملوكة لروسيا وأمريكا، ومن هذا العدد يوجد أكثر من 9440 رأسا حربيا نوويا في المخزونات العسكرية لاستخدامها في الصواريخ والطائرات والغواصات والسفن، بينما تم سحب الرءوس المتبقية في انتظار التفكيك.
9 دول تسيطر على السلاح النووي في العالم.. وروسيا في المقدمة بـ 5977 رأسًا حربيًا
التقرير أشار إلى أنه من بين الرءوس النووية الموجودة بالمخزونات، يوجد 3730 رأس منتشرة مع قوات العمليات ومتأهبة على صواريخ أو قواعد قاذفات، من بينها حوالي 2000 رأس حربي أمريكي وروسي وبريطاني وفرنسي في حالة تأهب قصوى وجاهزة للاستخدام في غضون دقائق.
تمتلك روسيا النصيب الأكبر من الرءوس النووية بإجمالي 5977، منها 1588 رأس منتشرة واستراتيجية، 2889 رأس مخزون احتياطي غير منتشر، 1500 خارج الخدمة، بينما تمتلك الولايات المتحدة 5428 رأسا نوويا، منها 100 رأس منتشرة وغير استراتيجية، 1644 منتشرة واستراتيجية، 1964 رأسا مخزونا احتياطيا غير منتشر، فضلًا عن 1720 رأسا خارج الخدمة، كما يوضح التقرير أن العدد الدقيق للأسلحة النووية التي تمتلكها الدول يعد سرًا وطنيًا، وأن هذه التقديرات هي حسب البيانات المتوافرة.
ولفت التقرير إلى أن الدول التي تمتلك أسلحة نووية إلى جانب روسيا وأمريكا هي فرنسا 290 رأسا نوويا منتشرا واستراتيجيا، والصين 350 مخزونا احتياطيا غير منتشر، والمملكة المتحدة 225 منها 120 منتشرا واستراتيجيا و60 مخزونا احتياطيا غير منتشر والباقي خارج الخدمة، وباكستان 165، والهند 160 وهي رءوس غير منتشرة، وكوريا الشمالية 20 رأسا نوويا لم يوضح التقرير أي تفاصيل حول خطة انتشارها، وإسرائيل 90 مخزونا احتياطيا غير منتشر، وذلك على الرغم من عدم تأكيد إسرائيل أو نفيها امتلاك أي أسلحة نووية.
تكلفة الإنتاج
أكد الدكتور علي عبدالنبي رئيس هيئة المحطات النووية السابق، أن كل الدول المالكة للأسلحة النووية مُصنعة لها، وعلى رأسها الدول الخمس الكبار أمريكا وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة، منوهًا أن أمريكا أنفقت على الأسلحة والبرامج النووية الخاصة بها ما يقرب من 5.5 تريليون دولار من عام 1940 حتى عام 1996، لافتًا إلى أنها ستنفق الميارات من الدولارات على برامج التنظيف التي تعمل عليها حتى عام 1970.
وأضاف عبدالنبي في تصريحات خاصة لـ"البوابة"، أن تكاليف التنظيف ستذهب نحو إدارة النفايات النووية، وهذه التكلفة قد تصل إلى نفس تكلفة إنتاج هذه الأسلحة، مشيرًا إلى أن تكلفة صيانة المنشآت النووية فقط من دون إنتاج أسلحة جديدة تصل إلى 5 مليارات دولار سنويًا، فضلًا عن أنها تحتاج إلى 634 مليارا دولارا خلال الفترة من 2021 إلى 2030 في حالة زيادة القوة النووية، والجزء الأكبر من هذه التكاليف موجه إلى تطوير الغواصات والصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
82 مليار دولار تم إنفاقها على تطوير الأسلحة في 2021
وعن تكلفة تطوير الدول التسع المالكة للأسلحة النووية خلال العام الماضي 2021، أوضح رئيس هيئة الطاقة النووية السابق، أن إنفاق هذه الدول مجتمعة خلال العالم الماضي وصل إلى 82.4 مليار دولار، أنفقت أمريكا منها 44.2 مليار دولار، والصين 11.7 مليار دولار، وروسيا 8.6 مليار دولار، وبريطانيا 6.8 مليار دولار، وفرنسا 5.9 مليار دولار، والهند وإسرائيل وباكستان أنفقت أكثر من مليار، بينما أنفقت كوريا الشمالية 642 مليون دولار، مستطردًا أن هذه الدول أنفقت 156.841 دولار في الدقيقة الواحدة لإنتاج الأسلحة النووية.
معاهدات حظر الأسلحة النووية
سلكت دول العالم العديد من الطرق لحظر الأسلحة النووية، منها الحظر الجزئي للتجارب النووية، ومعاهدة عدم الانتشار، فضلًا عن المعاهدات الثنائية التي تجمع روسيا وأمريكا فقط، وكان آخر المحاولات العالمية لحظر الأسلحة هي معاهدة حظر الأسلحة النووية التي دخلت حيز التنفيذ في يناير من عام 2021، واعتبر البعض هذه الخطوة بأنها انتصار للبشرية بعد سنوات من المعاناة، إذ أنها تحظر استخدام هذه الأسلحة نهائيًا أو التهديد باستخدامها وتطويرها وإنتاجها وتجربتها وتخزينها، كما تلزم الدول الأطراف بتطهير المناطق الملوثة ومساعدة الضحايا، كما تشكل المعاهدة لبنة لا غنى عنها في سبيل تحقيق عالم خالٍ من الأسلحة النووية على المدى الطويل.
في آخر إحصاء للحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية المعروفة اختصارًا "آيكان"، فإن عدد الدول الموقعة على الاتفاقية بلغ 91 دولة، و 68 دولة طرفًا فيها.
ويقول الدكتور يسري أبوشادي أن الدول الخمس الكبار المالكة للسلاح النووي وهي روسيا وأمريكا وفرنسا وإنجلترا والصين، وقعت على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية كونها مالكة ولكن ليست مجبرة على تفكيك ترسانتها النووية، مشيرًا إلى أن الدول المتبقية وهي الهند وباكستان وإسرائيل، لم توقع على المعاهدة بينما وقعت كوريا الشمالية عليها ثم انسحبت، لافتًا إلى أن هذه هي المعاناة التي يعاني منها المجتمع الدولي، نظرًا لتنصل كل طرف من المالكين لهذه الأسلحة من وعوده بالتخلص منها.
ولكن على الرغم من دخول المعاهدة حيز التنفيذ ما زال السؤال مطروحًا، هل ستعمل الدول المالكة للأسلحة النووية على تفكيكها ومنعها نهائيًا؟ أم ستظل على موقفها بأن الأسلحة النووية هي أمن لمالكيها؟ وظهرت هذه التساؤلات بشكل أكبر بعد الحرب الروسية الأوكرانية والتهديدات المستمرة باستخدام النووي.
العميد سمير راغب الخبير الاستراتيجي، يقول إن الولايات المتحدة وروسيا تربطهما اتفاقيات ثنائية بخلاف الاتفاقيات الدولية الخاصة بحظر الأسلحة النووية، منوهًا أن اتفاقية ستارت ما زالت تعمل، ولكن إجراءات الرقابة هي التي توقفت بسبب كورونا، وعند محاولة تطبيق هذه الإجراءات بعد تخفيف حدة الوباء، توقفت مرة أخرى بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
وشدد الخبير الاستراتيجي، على أن الاتفاقيات الدولية جاءت في الأساس بسبب توازن القوى الكبرى في امتلاك الأسلحة النووية، ومؤكدًا أن سباق التسليح موجود في الأسلحة التقليدية لأنها تقود إلى اشتباكات قد تؤدي إلى تصعيد أكبر، خاصة أن الحروب التقليدية هي عودة للحرب الباردة التي تعني سباق التسلح والتموضع، مثلما يحدث في الحرب الروسية الأوكرانية حاليًا، مشددًا على أن العالم ليس في حاجة إلى امتلاك أسلحة نووية جديدة لأنه وصل إلى العدد الأقصى.
وحول القدرات التدميرية للأسلحة النووية أكد راغب، أن الأسلحة النووية تطورت عبر الزمن بشكل كبير، فعند ضرب هيروشيما وناجازاكي كان وزن القنبلة 15 و 20 ميجا طن على التوالي، منوهًا أن من 10 إلى 100 ميجا طن هي أسلحة تكتيكية، وقامت كل من روسيا وأمريكا بتطوير أسلحة أصغر تزن 0.3 ميجا طن وبقدرات تدميرية هائلة، وتم تطوير الأسلحة النووية وزيادة قدرتها التدميرية لتصل إلى 1000 ميجا طن.
قوة الردع.. لماذا تمتلك الدول الأسلحة النووية؟
قبل أيام أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، أن القيادة الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية "ستراتكوم" - وهي المسئولة عن الردع النووي الاستراتيجي والعمليات النووية والدفاع الصاروخي بالبلاد - تعمل على تحديث الثالوث النووي للقيادة الاستراتيجية "ستراتكوم"، مؤكدًا أن أمريكا تعمل على تحديث المكونات الأخرى للثالوث من خلال اعتماد غواصات من طراز كولومبيا وصواريخ سينتينيل الباليستية العابرة للقارات، وأن الحفاظ على السلام يتطلب ترسانة نووية أمريكية موثوقة وآمنة وفعالة.
وأضاف أوستن في حديثه، شهد العالم بأسره أن روسيا والصين تعملان على تحديث وتوسيع ترسانتهما النووية، وأن بوتين قد ينخرط في هجوم نووي، لذلك فإن القوى النووية تتحمل مسئولية عميقة لتجنب السلوك الاستفزازي وتقليل مخاطر الانتشار، ومنع التصعيد والحرب النووية.
في وقت سابق لتصريحات وزير الدفاع الأمريكي، أعلن تشارلز ريتشارد القائد في البحرية الأمريكية، أن أمريكا خسرت سباق الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، وأن روسيا والصين قد تجاوزتا الولايات المتحدة في هذا الاتجاه.
الحرب الروسية الأوكرانية والتصريحات المثيرة للجدل من الجانبين الروسي والأمريكي، طرحت تساؤلات مهمة حول إذا ما كانت الدول المالكة للأسلحة النووية تسعى إلى تفكيكها، أم إلى تطويرها لتصبح وسيلة ردع وحول أهمية تلك الأسلحة لمالكيها، ضاربين ببنود المعاهدات الدولية لحظر الأسلحة النووية عرض الحائط.
وحول أهمية السلاح النووي لمالكيه والعمل على تطويره، يوضح الدكتور يسري أن الدول المالكة للأسلحة النووية تثق أن هذه الأسلحة هي موازين القوة بالنسبة لها، وهي مصدر قوة بوتن حاليًا، منوهًا أن سيناريو الحرب النووية قائم، خاصة مع الضغط الغربي على روسيا وإمداد أوكرانيا بالأسلحة المختلفة، مشددًا على أن روسيا لها قدرة على التحمل وفي حالة الإحساس بالخطر أو الخوف من الهزيمة، فلا يستبعد أحد أن يستخدم بوتن السلاح النووي التكتيكي للدفاع عن بلاده، محذرًا أنه على الرغم من احتمالية استخدام الأسلحة التكتيكية فقط ولكنها ستؤدي إلى أضرار وعواقب لن يتحملها أحد.
واتفق مع هذا الرأي المحلل الألماني أندرياس كلوث، وقال في تحليل نشرته وكالة بلومبيرج، أنه لو احتفظت أوكرانيا بما كان لديها من رءوس حربية بلغ عددها نحو 1900 في ذلك الوقت، لكان مسار الحرب قد اختلف تمامًا، وما كان بوتين سيلجأ لتهديداته النووية، منوهًا أن الجميع تنبه لذلك، وأصبح امتلاك السلاح النووي أفضل وسيلة للحفاظ على سيادة أي دولة، مشددًا على أن العالم بعد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية سيشهد تغييرًا جذريًا تجاه امتلاك الأسلحة النووية، والمعاهدات الخاصة بحظرها وآليات تنفيذها.
فيما اختلف إريك بروير المدير المسئول في مبادرة التهديد النووي، مع الآراء السابقة، وفي دراسة أعدها مع آخرين أكد أن التهديدات الروسية لا تعني بالضرورة السعي إلى امتلاك النووي، مرجعًا ذلك إلى عدة اسباب أهمها، أن الطريق نحو امتلاك الأسلحة النووية مليء بالعقبات والأخطار، كما شهد العالم حالات تهديد وجودي مشابهة منها التهديد الروسي لألمانيا والتهديد الصيني لتايوان، ولم تلجأ هذه الدول إلى تطوير أسلحتها، فضلًا عن أن الدول التي تتمتع بحماية الحلفاء هي أقل عرضة من أوكرانيا للعدوان الخارجي، بالتالي فهي أقل عرضة للشعور بأنها مضطرة إلى السعي وراء رادع نووي.
فيما أظهر تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام نشر منتصف العام الجاري، أن عدد الأسلحة النووية في العالم سيرتفع في العقد المقبل، بعد 35 عامًا من التراجع، وسط تفاقم التوترات العالمية والحرب الروسية في أوكرانيا.