الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

هل تعجل الجريمة ضد الأكراد اهتمام فرنسا بالملف الكردي؟

منفذ الجريمة ضد الأكراد
منفذ الجريمة ضد الأكراد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أربكت الجريمة الشنيعة التي ارتكبها عنصري فرنسي يوم الجمعة في قلب باريس بقتله ثلاثة أكراد وإصابة ثلاثة آخرين في حالة خطرة، حسابات الفرنسيين الذين يستعدون لاحتفالات أعياد الميلاد ونهاية السنة، كما أثارت مخاوف الأجانب الذين قدموا الى فرنسا للاستمتاع بالاحتفالات الباريسية وقضاء عطلتهم السنوية في باريس.

فيما نزعت هذه العملية الإرهابية قشرة جرح عميق في جسد الجالية الكردية في فرنسا كان يتعافى فيما يبدو حيث يشعر أكراد فرنسا بالاضطهاد وبالإهمال وعدم حصولهم على الحماية اللازمة رغم خطورة ما يعانونه من تهديدات شبه يومية بعد تكرار عمليات الاغتيالات السياسية التي تستهدفهم من قبل النظام التركي.

ولأهمية الحدث طالب الرئيس إيمانويل ماكرون من وزير داخليته جيرارد دارمانان بالاهتمام شخصيا بهذا الملف “الكردي” وتشكيل حماية امنية مكثفة لنشطاء الأكراد السياسيين في باريس تستمر على مدار اليوم والليلة ولاسيما وأن حادث الجمعة لم يكن الأول فقد سبق وتم اغتيال ثلاثة ناشطات كرديات منذ عشر سنوات خلال ليلة 9 و10 يناير عام 2013 في الدائرة العاشرة الباريسية في جريمة هزت فرنسا آنذاك وهن: سكينة كانسيز المؤسسة المشاركة لحزب العمال الكردستاني وفيدان دوغان وليلى سويليميز بطلقات نارية في الرأس. وجميعهن ناشطات كرديات - في مبنى مركز المعلومات حول كردستان الواقع في 147 شارع لافاييت في باريس. تم إطلاق النار عليهن بأسلوب الإعدام بعدة رصاصات في الرأس.وفقًا لتحقيقات السلطات الفرنسية، وجه الاتهام الى جهاز الاستخبارات الوطنية التركية. كان القاتل ، عمر غوني، موظف صيانة تركي يبلغ من العمر 34 عامًا في مطار باريس شارل ديجول في باريس، تم تسريب تسجيل صوتي بين عمر غوني وعملاء المخابرات الوطنية التركية على الإنترنت.

كان لدى عمر غوني أيضًا مئات الصور للنشطاء الأكراد في هاتفه المحمول. تعرض منزل قاضية مكافحة الإرهاب جين دويي التي كانت مسؤولة عن التحقيقات؛ لعملية سطو من قبل المخابرات التركية التي سرق جهاز الكمبيوتر الخاص بها. تم اعتقال عمر غوني في 21 يناير 2013. عثرت وحدة مكافحة الإرهاب الفرنسية  على جواز سفر به ثلاثة طوابع من الرحلات إلى تركيا خلف الراديو في سيارة استعارها يوم القتل.

من هم الضحايا؟

ثلاثة أشخاص هم رجلان وامرأة وأصيب رجل بجروح خطرة وآخران جروحهما أقل خطرًا.

أما المرأة التي قُتلت فهي أمينة كارا وكانت قيادية في الحركة النسائية الكردية في فرنسا، بحسب المجلس الديمقراطي الكردي. وهي مغنية كردية شهيرة وقال المتحدث باسم الحركة أجيت بولات ، إنّها تقدّمت بطلب لجوء سياسي رفضته السلطات الفرنسية. أما الرجلان اللذان قتلا فهما مير بيروير وهو فنان كردي ولاجئ سياسي ملاحق في تركيا بسبب فنه الهادف بتوعية الأكراد من خطورة نظام أردوغان وعبد الرحمن كيزيل وهو مواطن كردي عادي يتردد على المركز الثقافي يوميا. 

ماذا حدث؟

قرابة ظهر يوم الجمعة، فتح ويليام م. النار في منطقة تسوق كردية في الدائرة العاشرة في باريس ، استهدف المركز الثقافي الكردي أحمد كايا ، الواقع في 16 شارع دينجيان ، كان يعرف الموقع جيداً ما إن وصل إلى هناك ، فتح النار حيث أطلق 4 رصاصات على ثلاثة أشخاص أمام المركز الثقافي الكردي، قتل رجلا وامرأة على الفور. الرجل الثاني الذي تم استهدافه لجأ إلى مطعم كردي يقع مقابله قبل أن يتوفى  فيما بعد متأثرا بجراحه. ثم توجه الارهابي إلى صالون لتصفيف الشعر بجوار المركز الكردي حيث أطلق 4 رصاصات أصاب ثلاثة رجال. هذا هو المكان الذي يتمكن فيه الحلاق من نزع سلاحه وإخضاعه والاتصال بالنجدة حتى وصول الشرطة. كانت أول كلمات ويليام م اثناء القاء القبض عليه وهو يهذي في حالة هيشتيرية "أنا اقتل الأجانب". 

وقال شاهد عيان يدعى رومان ، نائب مدير مطعم (Pouliche Paris ) القريب من الواقعة :لقد رأينا رجلا أبيضا عجوزا يدخل ويطلق النار على المركز الثقافي الكردي. ثم ذهب إلى صالون تصفيف الشعر المجاور . لقد لجأنا إلى المطعم مع الموظفين للاختباء ". ووفقًا لشاهد آخر ، وهو من سكان الحي كان يمر في الشارع ، "كان هناك أناس في حالة ذعر صرخوا أمام الشرطة:" إنه هناك يختبيء في صالون لتصفيف الشعر ، إنه هناك! هيا اقبضوا عليه"،. ورأيت الشرطة تدخل غرفة المعيشة ، حيث رأيت شخصين على الأرض ، مصابين في الساقين ، لكن الثالث اصابته خثيرة ورأيت الدماء  من جثتين "، واصفًا" الناس في حالة من الصدمة والذعر حتى اليوم ".

فتح مكتب المدعي العام في باريس تحقيقا في الاغتيالات ومحاولات الاغتيال والعنف بالسلاح وانتهاكات قانون الأسلحة والعنصرية. ولم يتم ضبط هذا التحقيق على مكتب المدعي العام لمكافحة الإرهاب على عكس ما يطالب به أكراد فرنسا. تم تسليمها إلى الشرطة القضائية.

ماذا نعرف عن المشتبه به؟

تم القبض على المشتبه به وهو فرنسي عنصري متطرف ويدعى ويليام م.يبلغ من العمر 69 عامًا ، وهو سائق قطار متقاعد كان يعمل في شبكة السكك الحديدية. وجاري التحقق من تاريخه العملي هل قتل اشخاص اثناء قيادته السيارة أو ارتكب حوادث خلال عمله في المترو الباريسي ..وهو معروف بالفعل لدى الدوائر القضائية بتهمة الاعتداء على المهاجرين. كان قد تم حبسه احتياطياً في 2017، حيث حُكم على الرجل بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ لحيازته أسلحة. لكن تم سدنه العام الماضي لمدة 12 شهرا بعد مهاجمته مخيماً للمهاجرين بالسيف في ديسمبر 2021 وجرح كرديين واحرق مخيماتهم في معسكر الأكراد بنية القتل وتم القبض عليه وسجن لنحو عام وأطلق سراحه منذ عشرة أيام بعدما استنفذ المدة القانونية للحجز الاحتياطي حيث تمكن محاميه من إخلاء سبيله المؤقت تحت مراقبة قضائية لحين محاكمته على جريمته الأولى وهي الشروع في قتل والتي كان من المنتظر أن ينال حكما بالسجن لنحو عشر سنوات مع النفاذ وكان كل بضعة ايام يتوجه الى قسم الشرطة ليوقع ويتعهد بعدم تعرضه للأكراد لكن مع جريمته الثانية والخطيرة وقتله ثلاثة أشخاص وجرح ثلاثة آخرين فإن الحكم الذي سيصدر ضده سكون مشددا وهو المؤبد.بعد التحقيق معه وردتنا معلومات أولية من مصادر التحقيق بأن القاتل وصف بأنه "اكتئابي" و "انتحاري" ، لم يعد محتجز لدى الشرطة منذ مساء أمس السبت. فقد اعتبر الطبيب الذي فحص ويليام م أن حالته الصحية تتعارض مع حجز الشرطة. تم نقله إلى عيادة الطب النفسي في مقر شرطة باريس. وأوضح الرجل لضباط الشرطة الذين استجوبوه أنه شعر "بكراهية مرضية تماما للأجانب ولا يطيق وجودهم بكثرة في فرنسا". السؤال الذي يطرح نفسه كيف لم تنتبه اليه اجهزة الأمن الفرنسية حيث قال وزير الداخلية جيرار دارمانان إنه غير معروف في ملفات استخبارات البلاد والمديرية العامة للأمن الداخلي و"لم يُصنف على أنه فرد من اليمين المتطرف" كما يطرح هذا الموقف تساؤلات حول عدم التعاون القضائي مع الأمني في فرنسا سيما وأن معظم الاعمال الارهابية التي تم ارتكابها في فرنسا كان منظموها معروفين لدى القضاء الفرنسي ويتم اخلاء سبيلهم بحجة حسن السلوك.

أراد قتل العرب والأفارقة في سان دوني

أوضحت لوري بيكواو المدعية العامة في باريس أنه "أراد دائمًا قتل المهاجرين ، الأجانب وليس فقط الأكراد فكراهيته للأجانب تعود إلى عملية السطو على منزله عام 2016 وفق ما أوضح القاتل في حجز الشرطة أنه قبل إطلاق النار في باريس على الأكراد، توجه أولا إلى منطقة سان دوني الواقعة بشمال باريس صباح الجمعة "لارتكاب جرائم قتل ضد الأجانب وهم من الأفارقة والعرب والهنود والباكستانيين". لكنه استسلم أخيرًا لكراهيته الأكبر للأكراد، هذا وفق تفاصيل المدعية العامة في باريس ، التي أبلغت عن كلمات المشتبه فيه حيث قال: كان هناك عدد قليل جدًا من الأشخاص الأجانب وكانت  ملابسه التي تمنعه من إعادة ملء سلاحه بسهولة . فعاد إلى والديه في وسط باريس قبل أن يغادر مسلحًا في شارع دينجين في الدائرة العاشرة لقتل الأكراد. كان يحمل حقيبة وبحوزته "حقيبة صغيرة" تحتوي على "مخزنين أو ثلاثة ممتلئة بالخراطيش، وعلبة خرطوش من عيار 45 فيها 45 رصاصة وبندقية صيد وذخيرة من 25 خرطوشة بالإضافة الى مسدسة الغير مرخص والذي استخدمه لكن لم يتمكن من استخدام البندقية.

النيابة تعلن نقل المتهم إلى مصحة نفسية

فتح مكتب المدعية العامة في باريس تحقيقا في قضايا اغتيال ومحاولة اغتيال وعنف متعمد بالسلاح ومخالفة قانون الأسلحة الموكلة إلى الضابطة القضائية.قالت النيابة العامة الفرنسية إنها قررت تمديد توقيف المشتبه به في تنفيذ هجوم على مركز ثقافي كردي. حيث قررت السلطات الفرنسية أمس السبت رفع قرار احتجازه وتم نقله لمصحة نفسية، وقالت النيابة العامة إنه تم رفع قرار احتجاز المتهم ونُقل إلى مصحة نفسية تابعة للشرطة. وأضافت أن "الطبيب الذي فحص المشتبه به اليوم خلص إلى أن الوضع الصحي للشخص المعني لا يتوافق مع إجراء الاحتجاز.. ولذلك، تم رفع إجراء الاحتجاز بانتظار عرضه على قاضي تحقيق عندما تسمح حالته الصحية بذلك"، مؤكدة أن التحقيقات مستمرة.

وأشارت إلى أن التحقيق اعتمد أيضا البحث في الدافع العنصري.بعدما أكد المتهم لشرطي عند توقيفه أنه فعل ذلك لأنه "عنصري"، كما ذكر مصدر قريب من التحقيقات المتواصلة لتحديد دوافع عمله.

وتركز التحقيقات الآن على تهم القتل ومحاولة القتل والعنف المسلح إضافة إلى انتهاك التشريعات المتعلقة بالأسلحة بدافع عنصري. وقالت النيابة "إضافة هذا الأمر لا يغيّر الحد الأقصى للعقوبة المحتملة والتي تبقى السجن المؤبد". حيث تمنع فرنسا عقوبة الإعدام بقرار لا رجعة فيه إذ أدرج الرئيس فرانسوا ميتران ذلك في الدستور  بعدما جمع في فرساي خلال جلسة موسعة ضمت الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ في (المادة 66) التي تنص: "لا يجوز الحكم على أي فرد بالإعدام". وتتمخض هذه المراجعة الدستورية عن العمل الذي شرعت فيه فرنسا من أجل إلغاء عقوبة الإعدام منذ صدور القانون رقم 81-908 في التاسع من أكتوبر عام 1981.

مظاهرات غاضبة

أعرب عدد كبير من أعضاء الجالية الكردية عن غضبهم من أجهزة الأمن الفرنسية، معتبرين أنها لم تقم بما يكفي لمنع إطلاق النار كما انهم يطالبون باعتبار هذا العمل إرهابي وليس عنصري فقط حيث جرت العادة حينما يرتكب الاجانب جريمة ينعتون بالارهابيين بينما اذا ما قام فرنسي بنفس العمل يصفوه بالعنصري او بالمجنون ونددوا بازدواجية المعايير. وهذا ما يفسر وقوع إصابات خلال مسيرة تكريم للضحايا شارك فيها آلاف في باريس حيث شهدت أعمال عنف واشتباكات بين الشباب الكردي الغاضب ورجال الشرطة الفرنسية يومي الجمعة والسبت في باريس راح أصيب فيها 31 شرطيا وتم اعتقال نحو 20 كرديا خلال أحداث شغب تم خلالها تدمير وحرق بعض السيارات منها سيارة للشرطة. في حين أصيب أحد المتظاهرين في رأسه، وقد تسببت المواجهات في تحطيم عدد من السيارات وإضرام النيران في حاويات النفايات، بينما تعرضت بعض واجهات المحال للكسر. وتعرضت أربع سيارات على الأقل للتخريب، وأضرمت النار في واحدة منها على الأقل، كما أحرقت حاويات قمامة. وألقى بضع عشرات من المتظاهرين مقذوفات على قوات الأمن التي ردت بالغاز المسيل للدموع. وهتف العديد من المتظاهرين "عاشت مقاومة الشعب الكردي". أما في مرسيليا، فنظمت مسيرة شارك فيها نحو 1500 شخص وجرت في أجواء سلمية، وفق الشرطة.من جهته، أدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "الهجوم المشين" الذي "استهدف الأكراد في فرنسا". وطلب من قائد شرطة باريس استقبال قادة الجالية الكردية السبت للتنسيق على إجراءات حمايتهم والاستماع الى مطالبهم. فالجالية الكردية تستمر في احتجاجها وتطالب باعتبار الهجوم "إرهابيا" واعلن المجلس الديموقراطي الكردي في فرنسا إنه من "غير المفهوم" عدم وصف إطلاق النار بأنه "هجوم إرهابي". وصرح بولات المتحدث باسم المجلس في مطعم يبعد مئة متر عن مكان الهجوم "من غير المقبول عدم الحديث عن الطابع الإرهابي ومحاولة الإيحاء بأنه مجرد ناشط يميني متطرف (...) جاء لارتكاب هذا الاعتداء على مقرنا".وأضاف أن "الوضع السياسي في تركيا فيما يتعلق بالحركة الكردية يدفعنا بشكل واضح إلى الاعتقاد بأن هذه اغتيالات سياسية"، قبل أن يضيف أن المجلس يعتقد أن الرئيس التركي رجب طيب "أردوغان والدولة التركية يقفان وراء هذه الاغتيالات". وتنديدا بالهجوم مازال ممثلو الجالية الكردية في فرنسا يجتمعون في وسط باريس حتى اليوم احتجاجا على ما حدث وللمطالبة بأجوبة بشأن مقتل ثلاثة أكراد في العاصمة الفرنسية. فهل تنظر فرنسا أخيرا في الملف الكردي بعين الاهتمام وتحمي أكرادها من هجمات اوردغان وهي الذي يعتبرهم قنابل موقوتة، ويعلن بأن منظماتهم إرهابية ومحظورة؟