الأربعاء 20 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

محافظات

عمرها قرنان من الزمان.. "النزلة" أقدم قرية تعيش على الحضارة الفرعونية في صناعة الفخار

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

وادي النزلة هو من أشهر المنخفضات وأقدمها بمصر، تجده أشبه بقطعة من سويسرا، لما يحيطه من زراعات خضراء شاسعة ببداية القرية العريقة، فعلي بعد نحو 45 كيلومترا من مدينة الفيوم تقع جنوبي غرب محافظة الفيوم، ويقطنها نحو 45 ألف مواطن، وعلي عمق ما يقرب من 33 مترًا من سطح الأرض، يقبع ذلك الوادي الغني بالطمي الأسود النقي، علي أطرافه نشأت تلك القرية الضاربة بعمق التاريخ، والتي اشتهرت بحرفة أجدادنا المصريين القدماء، والتي احترفوا صناعتها منذ آلاف السنين، حتى صارت منتجاتهم سفيرًا لهم في بعض دول العالم التي تقدر أهمية وقيمة الفن اليدوي. الذي ظل نحو القرنين من الزمن.

لم تكن قرية النزلة بمحافظة الفيوم التي تتبع مركز يوسف الصديق إداريا كمجلس مدينة، وأمنيا تتبع مركز شرطة الشواشنة بعد انفصالها عن مركز أبشواي منذ ما يقرب من 30 عاما، مجرد قرية احترف أبناؤها جيلًا بعد جيل حرفة صناعة الفخار اليدوي، فرغم أنها تعتمد في حرفتها علي الطرق التصنيعية البدائية، حيث توارث طريقة صناعتها الأبناء عن الآباء وعن الأجداد، حتي أنهم أطلقوا عليها "أم القرى" علي اعتبار أنها من أقدم القرى بالمحافظة، ويعتمد أهلها على الزراعة وصناعة الفخار منذ أكثر من قرن ونصف القرن فمنها التقاط بعض الصور يعود عمرها لعام 1897 م.

حسني يونس

النزلة والسينما

عرفت القرية الشهيرة بتلك الوادي المنخفض منذ عام 1850 نسبة إلى عائلة "شوكيت" وكانوا يشبهون "خواجات اليونان" - حسب رواية الأهالي - كما كانوا يملكون مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، وتتميز بالمنحدرات التي تكسوها الزراعات الخضراء وهو ما كان سببا في تسميتها "بالمنزلة" في بداية الأمر ثم حرفها الأهالي إلى النزلة وهو ما جعل صناع السينما يتخذونها مقصدا لهم في تصوير أفلام مثل "البوسطجي" عن قصة الكاتب إحسان عبد القدوس وبطولة شكري سرحان وزيزي مصطفى، وكذلك فيلم "دعاء الكروان" لفاتن حمامة وأحمد مظهر والإخراج للمبدع بركات. كما شهدت القرية تصوير وتسجيل عدة أفلام تسجلها السينما المصرية منذ الأبيض والأسود والألوان أيضا وعلي رأسهم هنري بركات وحسين كمال وغيرهم، لتصوير أهم أفلام السينما المصرية علي أرضها، فأخرج الأول "دعاء الكروان"، وأخرج الثاني "البوسطجي"، ومسلسل الكابتن "جودة" بطولة سمير غانم وسعاد نصر، وشدت الفنانة السورية أصالة نصري بأغنيتها الشهيرة "بنت أكابر"، فهي قرية سياحية من الدرجة الأولى تجذب السائحين من دول العالم مثل سويسرا وكندا وأمريكا المانيا وهولندا، وغيرها من الدول العربية، مثل الكويت والأردن.

فيلم دعاء الكروان

 صناع الخزف

بمجرد أن يؤذن فجر يوم جديد، نستيقظ نحن العاملين بالفخار بقرية النزلة كل يوم، حيث يتوزعون هنا وهناك بين تلك الورش البدائية، هكذا يتعايش حسني يونس صاحب الـ62 عاما من بينهم 50 عاما في هذه الحرفة، مستكملا حديثه لـ"البوابة" يتوزع العاملون بصناعة الخزف منهم من يخلط العجين من الطين، ومنهم من يشكله إلي قطعة فنية مختلفة، ومنهم من يتحمل لهيب الحريق داخل الأفران، ومنهم من هو قادر علي حمل تلك المنتجات لعرضها لكل من يرغب في اقتناء تحفهم الفنية، وتسويقها للتجار ومستخدميها وخصوصا أصحاب المزارع وحقول الورد.

وواصل "حسني" أقدم الأجيال في هذه الحرفة التي توارثها عن أجداه فهو يعتبر الجيل السابع لأجداده في هذه توارثه لها ويشاركه أبناؤه وأحفاده. 
وتابع: طيلة عقود وقرون طويلة حول أجدادنا قرية النزلة الطين إلي أشكال فنية، مصنوعة من الطراز الأول، ليعطي شكلًا تراثيًا مبهجًا، بصناعات فخارية رائعة غزت العالم، لتصبح هذه المنطقة الأشهر والأولى في صناعة الفخار، وأيضًا في التصدير للدول الأوروبية والعربية، ونحافظ عليها من الاندثار فهي حرفة أجدادنا الفراعنة ومازلنا نعمل بالطرق البدائية التي كان يعمل بها أجدادنا الفراعنة، رغم تغير الزمن والمناج والأجيال، لا يستهويني سوى الطرق البدائية وموسمنا في فصل الشتاء، وفي فصل الصيف لا نصنع إلا الزير للمياه.

وذكر بأن هناك آية قرآنية هي من أحببتني في صناعة الفخار والصلصال الذي توارثه من أجدادنا بالآية الكريمة "خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ"، لافتا أن سيدنا آدم عندما هبط على الأرض فكر فيما يأكل فهذه أقدم حرفة ومن هنا علمنا آدم عندما آتى بالطين والقش وصنعه وحرقه ومن ثم أكل في الفخار، فمازلت متمسك بالعهد الفرعوني الروماني الذي كان يوجد به مهنة الفخار وكذلك عند التنقيب يعثر على الأواني الفخارية، ونحتاج إلى الترويج والاهتمام حتى لا تندثر حرفتنا وتطويرها، وكذلك الاهتمام من التضامن الاجتماعي والمحافظة بإنشاء جمعية للحرفيين حتى تحمينا وتأمن أسرنا وحياتنا وتحافظ على حقوقنا.

 

وأضاف حسنى الفرخ صاحب الـ42 عاما بأنه يعمل منذ 30 عاما في هذه الحرفة هو وأشقاؤه الستة والذي توارثها أبا عن جد يعملون في صناعة منتجات الفخار منها "الزير والزلعة والقلل، والأباجورات والتحف وكذلك المنقد الريفي الذي قلما لم تجده في أي منزل بقرى الريف بمحافظة الفيوم للتدفئة عليها من البرد القارس، وكذلك الدفايات التي يتهافت عليها أصحاب الفنادق في دول أيطاليا وسويسرا وأسبانيا وهولندا، خاصة أنها تعمل على الفحم الطبيعي بدون استخدام الكهرباء، بالإضافة إلى خلية الحمام و"بُكل" لورود والزرع و"جفني" لصناعة الكسكسي، الذي كانت تطهيه ربة المنزل الريفية التي عفى عليها الزمن الآن وتطورت بحلل وأواني الأستالس والألومنيوم الفاخرة.


واستكمل "الفرخ" حديثه لـ البوابة " بأن هذه القرية تشبه الآن بعد تطويرها خلية نحل من العمال والحرفيين المهرة وحتى المباني الريفية الفريدة التي صممها الدكتور حمدي سطوحي وهذه المباني حصلت على جائزة بيئية ورقم 40 على العالم في العمارة البيئية ورقم 2 في اتحاد التعاونيين المصري بعد مبني حسن فتحي في محافظة الأقصر، وكان الهدف من التطوير لعدم انقراض المنتج والحرفه، واستخدامه في البناء مؤكدا بأنهم ينتمون لمختلف الأجيال، تتفاوت أعمارهم ما بين شيوخ وشباب ومراهقين، كأنهم بذلك يقومون بتوريث حرفتهم جيلا بعد جيل، يتمسكون بطريقتهم البدائية التي ورثوها عن أجدادهم المصريين القدماء، فتصنع أشكال فخارية متعددة، مثل "الأزيار والقلل والتنور، والزلعة والأباجورات".

وقال الأربعيني العاشق لحرفته قائلا "نحن الجيل السابع الذي يعمل في هذه المهنة الفرعونية العريقة ونقوم بتعليم الجيل الثامن وتاريخ الحرفه نفسها من تاريخ عمر القرية، فالبرغم من صناعة الفخار العالمية  التي تجدها في النزلة، تبهر الزائرين بمنتجات الفخار التي يجيدها الأهالي منذ عهد الفراعنة خاصة أن أجداده هم من ساهموا في بناء هرم سنوسرت الثالث الموجود فى اللاهون حتى الآن وهو الهرم المقام من الطين.

 

وأكد أن هذه الحرفة والصناعة لم تنقرض أبدا طول ما مصر بها فقر اقتصادي سيستخدم الفخار، وهناك مع التطور التكنولوجي هناك من يبحث ويعود للقديم والتراث والطبيعة، لافتا بأنه يطور من صناعته بإدخال بعض التصميمات الحديثة التي تواكب العصر الحالي مثل أشكال فرعونية تستخدم للزرع وطورته للأشكال الفرعونية، فعند دخول أفران حديثة بالغاز الطبيعي وصديقة للبيئة، لم تصمم كما أريد.


وتابع الفرخ بأن أهل القرية يعتمد في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة علي ما يجرفونه من طمي أسود لأرض واديهم، ويقومون بإضافة بعض المواد الأخري، كالرماد وقش الأرز ونشارة الخشب، وبعد الانتهاء من تشكيل الطمي يقومون بوضعه في أفران حارقة بدائية تعتمد علي الخوص والحطب أُقيمت على حافة الوادى، وذلك ليعطي للقطعة صلابة ومتانة، لافتا بأنه ما زال يشرب من مياه الزير  الفخار عازفا عن الثلاجة، ونحو 20 % من أهالي القرى ما زال يستخدم الزير ويشرب منه فمياه الزير في الصيف مع ارتفاع حرارة الجو يرويك وصحية كما يعمل على عملية تكرير للمياه ويمتص نسبة الرصاص بها ويحافظ على نحو 70 عنصرا من المياه مرة أخرى لها بعد ضخها في المواسير يرجعها حية بعكس مياه الثلاجة.

 بدوره قال ناصر ربيع الفرخ، بالعقد الرابع من عمره، إنه يعمل في هذه المهنة منذ 36 عاما منذ أن كان طفلا يلعب بصلصال الطين ويشكل بها حصانا، مشيرا بأن هذه الحرفة تعتمد على الطمي الناتج عن تجريف الأراضي وقش الأرز ونشارة الخشب بالإضافة إلى ماكينات الخلط اليدوية، ولا ننسى تطوير الجهات التنفيذية والمحلية بالمحافظة بأنها طورت الورش وأفران صناعة الفخار بشكل حضاري، بأساليب وتقنيات عالمية تمنع التلوث وتساعد على زيادة الإنتاج، ونحتاج إلى المزيد والدعم والتطوير الدائم.

وطالب الفرخ المحافظة باستكمال المسيرة للتطوير والاهتمام بشئون هذه الحرفة الغنية والتاريخية وأحد أعمدة المحافظة الرئيسية، وكذلك الاهتمام بهموم ومشاكل الحرفيين والاستماع إليهم، ونعلم أن المحافظة لم تتوان في مد يد العون لصناع الفخار فهم الأشهر على مستوى العالم، موضحًا أنه جرى تشييد بعض المباني من الفخار مثل الاستراحات ومركز الزوار، فالبرغم من زيارة الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم 3 مرات للمكان ولم يدعمه بالرغم من عرض الكثير من المنح من لشخصيات عدة من الزائرين للمكان، وعليه أن يحافظ على التراث وخاصة عند وقوع السيول في فصل الشتاء وتضرر منتجاتنا، ولا يمكننا سوى متابعة الأرصاد الجوية لعمل التدابير اللازمة وتغطية منتجاتنا بالبلاستيك للحفاظ عليها، ولم يستجب لنا مسئول للمساهمة في تلك الطوارئ والأزمات. 

منتجع سياحي ومركز لإنتاج الفخار

المهندس محمد شعبان رئيس الوحدة المحلية لقرية النزلة، أكد أن الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، يولى اهتمامًا كبيرا بقرية النزلة لتحويلها لمنتجع سياحي ومركز لإنتاج الفخار بكافة أشكاله، فجرى تحديث أفران حرق الفخار لتعمل بالغاز بدلا من الطرق التقليدية، وكذلك تركيب أعمدة إنارة، وتمهيد الطريق الذى يمتد لمنطقة الورش حيث أصبحت مزارا سياحيا مهما ومقصدا لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

وكشف شعبان الشرقاوي بأنه سيتواصل مع الدكتور حمدي سطوحي أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة لتطوير الاستراحات ومركز الزوار الذى جرى تشييده من منتجات الفخار وضع مادة قوية تحمى القباب والحوائط من الأمطار والمتغيرات الجوية تتماشى وطبيعة المكان، ومناقشة هذه الأزمة الطارئة التي يتضرر منها حرفيو هذه المهنة مع فصل الشتاء وضرب السيول لهذا المنخفض مع رئيس مجلس المدينة ومسئولي ملف البيئة وأدارة الطوارئ بديوان عام المحافظة لمناقشتها مع محافظ الفيوم لوضع خطة محكمة لتفادي هذه الأزمة والضرر الواقع على هؤلاء الحرفيين.

320892602_933450827637738_5606040347321611814_n
320892602_933450827637738_5606040347321611814_n
320897619_1357973418289679_5092764251648448057_n
320897619_1357973418289679_5092764251648448057_n
320909119_1332620913966857_9093675753929725483_n
320909119_1332620913966857_9093675753929725483_n
320911590_709839304193413_7938325113113514756_n
320911590_709839304193413_7938325113113514756_n
320928911_465793299087135_6248984713596925261_n
320928911_465793299087135_6248984713596925261_n
321001497_452205757124915_6689691733139923722_n
321001497_452205757124915_6689691733139923722_n
321079203_1614052592361207_446558968246099799_n
321079203_1614052592361207_446558968246099799_n
321216374_6527151653971349_5303158415607140352_n
321216374_6527151653971349_5303158415607140352_n
321306960_926501448257943_1862960266669370714_n
321306960_926501448257943_1862960266669370714_n
321432104_862407648343572_3726428612186776695_n
321432104_862407648343572_3726428612186776695_n
321480323_577302241073804_2070868015267207011_n
321480323_577302241073804_2070868015267207011_n
321584438_1528215644321219_4385529027666217426_n
321584438_1528215644321219_4385529027666217426_n