تعتبر أزمة الزيادة السكانية وارتفاع معدلات الإنجاب واحدة من أبرز الأزمات التي تواجهها الدولة المصرية، خاصة وأنه وبحسب الساعة السكانية التابعة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بلغ عدد سكان مصر 12 سبتمبر 2022 نحو 103 ملايين و908 آلاف و590 نسمة.
وانتقد عدد من أعضاء مجلس النواب طرق الحكومة المصرية في احتواء الأزمة، في ظل الزيادة المستمرة للسكان بصورة كبيرة. حيث أكد الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة والسكان، أن الدولة المصرية تعتمد في مواجهتها من خلال استراتيجيات ومعايير محددة، تم تبنيها بناء على خطط علمية قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة، مشيرًا إلى أن قضية السكان أكثر ثراء من اختزالها في أرقام أو التعامل مع السكان على أنهم أزمة أو عبء، فعلى الرغم من تزايد أعداد السكان على مستوى العالم، إلا أن التنوع الديموغرافى غير المسبوق الذى يشهده سكان العالم فى الوقت الراهن يتسم بنفس القدر من الأهمية.
وقال وزير الصحة والسكان، إن النمو السكاني السريع يجعل القضاء على الفقر، ومكافحة الجوع وسوء التغذية، وزيادة تغطية النظم الصحية والتعليمية أكثر صعوبة، كما أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، المتعلقة بالصحة والتعليم والمساواة بين الجنسين، سيسهم في تباطؤ النمو السكاني، ما يفرض ضرورة الاستثمار في تطوير رأس المال البشري من خلال ضمان الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم الجيد في جميع الأعمار ومن خلال تعزيز فرص العمل المنتج واللائق.
وأضاف الدكتور خالد عبدالغفار، أن القيادة السياسية في مصر تولي اهتماما كبيرا لملف السكان والتنمية حيث أطلقت الحكومة المصرية في فبراير 2022 المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية لضبط النمو السكاني، حيث كان من الضروري تسريع وتيرة العمل السكاني لتحقيق أهداف الاستراتيجية القومية للسكان والوصول لمستهدفات 2030، لذلك تبنت الحكومة المصرية هذا المشروع والذي يركز على الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري والأسرة بشكل عام.
ومن جهته، أكد الدكتور طارق توفيق، نائب وزير الصحة والسكان، في تصريحات تليفزيونية له، أن قضية السكان تؤثر على استدامة موارد الدولة.
وشدد على ضرورة مخاطبة المجتمع بمدى الفائدة التي ستعود عليه عندما يُصبح عدد السكان منضبطا، والعلاقة بين عدد أفراد الأسرة والمشاكل الصحية، وإتاحة خدمات محترمة تُقدم للمواطنين.
شبح يلتهم الموارد الاقتصادية
وفي هذا السياق، قالت النائبة هالة أبوالسعد، وكيلة لجنة المشروعات الصغيرة بمجلس النواب، إن الزيادة السكانية أصبحت شبحا يلتهم الموارد الاقتصادية للبلاد، ولا توجد تحركات حقيقية فعالة من جانب الحكومة لمواجهة الزيادة السكانية، مؤكدة ان الجهات المعنية بقضية السكان والزيادة السكانية فى مصر تقف متفرجة دون أن يكون لها ثمة دور أو استراتيجية عمل، وإنما تكتفي بالتصريحات الاعلامية وفقط.
وأكملت أبوالسعد أن الدولة المصرية لديها الجهاز القومي للسكان ولديها وزارة التخطيط ووزارة الصحة والسكان وجمعيات أهلية ومجتمعية تعمل على قضية السكان كجزء من أنشطتها الخدمية، لكن فى الحقيقة ليس لهم ثمة دور أو فعاليات بشأن مجابهة ومحاصرة الزيادة السكانية.
وطالبت وكيلة المشروعات الصغيرة، أن تقوم الحكومة بدورها وتقوم الأجهزة المعنية بدورها وتقوم مؤسسات المجتمع المدني بدورها لإيجاد حلول جذرية من شأنها الحد من الزيادة السكانية والتعامل مع الازمة بشكل أكثر جدية.
كما طالبت البرلمان بسرعة نظر قانون الزيادة السكانية المقدم منها والذي انتهت مناقشته باللجان المتخصصة لكنه ما زال حبيس الادراج ولم يدرج بالجلسة العامة لإقراره.
حملة طرق الأبواب
من جانبها، قالت مايسة عطوة، عضو مجلس النواب، إن توجيهات الرئيس بشأن تنظيم خطط تتضمن إطلاق حملة طرق الأبواب بالمحافظات والقرى والنجوع، بهدف تقديم خدمات الصحة الإنجابية واستفادة كافة الفئات بالمحافظات والقرى والنجوع، تمثل خطوة هامة للتوعية بخطورة الزيادة السكانية وستقدم خدمات الصحة الإنجابية للمواطنين لاسيما فى الكفور والنجوع والقرى، وذلك لتحقيق أكبر نسبة تغطية ممكنة لتلك الخدمات.
وأضافت مايسة عطوة، أن هذه الحملة سوف تساهم فى حل لمشكلة الزيادة السكانية وستعمل على نشر التوعية بخطورة الأزمة السكانية والتى تلتهم النمو الاقتصادي المصرى مؤكدة أن على كافة المؤسسات والجمعيات والمعنية بالمرأة الاشتراك فى هذه الحملة كي تؤتي بثمارها.
بينما تقدمت ريهام عبد النبي، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة موجه لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الصحة، ووزير التضامن، بشأن خطة الحكومة لمواجهة الزيادة السكانية.
وقالت النائبة: ما بين عشية وضحاها زاد عدد سكان مصر 5 آلاف و156 مواطنًا جديدًا، بعد أن أعلنت أرقام الساعة السكانية في مصر، وصول عدد السكان إلى 104 ملايين و317 ألفًا و836 مواطنًا، في تمام العاشرة والربع من صباح يوم الإثنين الماضي 12 ديسمبر 2022.
وأشارت النائبة، إلى أن زيادة 5 آلاف و156 مواطنًا جديدًا، وضعت على عاتق الدولة أمورًا كثيرة لازمة لرعايتهم، من ضرورة توفير 5 ملايين و156 ألف متر مكعب إضافية من المياه سنويًّا، بجانب توفير حد الفقر المائي المقرر عالميًّا بـ 1000 م3 سنويًّا للفرد، وهو أمر ليس متاحًا.
وتابعت: وسيزداد الأمر تعقيدًا، مع إدراك ثبات حصة مصر المائية من مياه النيل، منذ أن كان عدد سكانها -تقريبًا- يبلغ نحو 20 مليون نسمة، ومنذ ذلك الحين، يتقاسم المواليد الجدد نفس الحصة المائية المقدرة بـ 55.5 مليار م 3 سنويًّا.
خطر مستمر
وأكدت عضو مجلس النواب، أن الزيادة السكانية تظل خطرًا داهمًا تهدد عملية التنمية والإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الدولة، حيث تسارعت معدلات النمو السكاني بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن وصول عدد السكان داخل البلاد إلى 104 ملايين و318 ألف نسمة، بزيادة قدرها أكثر من 250 ألفًا خلال 56 يومًا، وزيادة 5 آلاف مواطن في يوم واحد فقط.
وقالت النائبة: على الرغم من الحملات التي تقوم بها الدولة لتدعو المواطنين إلى تحديد النسل على مدار عقود ماضية، والتي يرجع تاريخها إلى ما قبل الثمانينيات، ولكن لا يبدو أن هذه الحملات المجتمعية كافية لمواجهة تنامي معدل المواليد في مصر، إذ تشير التوقعات إلى سيناريوهات أسوأ في حال استمرار الزيادة السكانية بهذا الشكل، ما يدفع بالحكومة إلى وضع خطة عاجلة لمواجهة الزيادة السكانية.
وأكدت، أن زيادة معدل الإنجاب بهذا الشكل الكبير، يجعل الدولة ومعها مجلس النواب يتطرقون إلى التفكير في طرق أخرى لمواجهة هذه القضية.
وطالبت النائبة، بضرورة تبني استراتيجية لتنمية الأسرة المصرية، تتضمن تحديد عدد أفراد الأسرة المصرية، لأن الدولة تحتاج لوقفة حقيقة من مواطنيها لمواجهة مشكلة الزيادة السكانية، من خلال هدنة إنجابية للحفاظ على استقرار المجتمع، حيث إن الزيادة السكانية تلتهم موارد الدولة، وتؤثر على جودة الخدمات المقدمة من تعليم ورعاية صحية.