قد تكون محظوظة بالنشأة في بيت أشبه بصالون ثقافي، وأن تتفتح أعينها على مكتبة عظيمة تحوي أرففها كتبًا في كل أمور الحياة، وأبوين كاتبين لا يشق لهما غبار.
في شارع المبتديان، حيث وسط البلد وقلب القاهرة، عاشت صفاء الطوخي، عاشت في منطقة تحوي مزيجا رائعا، لا تنفصل كليا عن مصر الشعبية، ولا تدخل تماما في زمرة المناطق الرقية، جسر بين الحي الهادئ جاردن سيتي، والحي الشعبي الصاخب السيدة زينب.
حين اختارت الدراسة والعمل في الوسط الفني ممثلة وليس كاتبة مثل والديها عبد الله الطوخي، وفتحية العسال، كانت محظوظة بنصيحة من سعد أردش، جعلتها قادرة على تقديم أدوارها بغض النظر عن أفكارها ومشاعرها، ونصيحة أخرى من أحمد زكي بأن تشبه نفسها فقط.
صحيح أن الفنان لا ينفصل عن نشأته، وهو ما يبدو واضحًا على شخصية صفاء الطوخي، لكن الحظ لم يكن مجرد النشأة أو محاوطتها بقامات كبرى تنصحها، ولكن في قدرتها على الاستيعاب.
فكم من شخص نشأ نشأة كهذه، ولم يستفد منها شيئا، أو استمع لنصائح صم أذنيه عنها، لكن الطوخي شقت طريقها فعلا وهي تشبه نفسها فقط، لون بمفردها، تتنقل بخفة بين الأدوار لا يهمها أن الشخصية شريرة أو طيبة، ومساحة الدور كبيرة أو صغيرة.
درست «الطوخي» الفلسفة قبل التمثيل، وكانت قراءة المسرح العالمي بوابتها لعالم الفن، الذي تحمست له الأم وكانت مشجعة دائما، أما الأب كان ناقدًا شديدًا في تقييمها. فهو بيت في النهاية رغم كل تميزه يشبه البيوت المصرية، وأم رغم كل قضاياها الفكرية فهي "ست بيت" مصرية، وأب كان خائفًا بروح الفلاح داخله، التي تغلبت حين تعلق الأمر بابنته.
وعلى غير ما تبدو شخصيتها في الأدوار الجادة، فإن صفاء الطوخي تتمتع بخفة دم يشهد بها كل من يعرفها عن قرب، ورغم ذلك تجنبت طول مسيرتها أن تقدم أدوارًا كوميدية، بل أنها ما زالت تتذكر خجلها كلما ضحك الجمهور في مسرحية قدمتها في بدايتها.
تتمتع بروح حلوة شابة متجددة، وهو ما ينعكس على علاقتها بـ"جميلة"، التي تمنت ألا تكون ابنتها الوحيدة من أجل كليهما "هي وابنتها"، والتي تحلم بزواجها وإنجابها، ربما تعويضا عن صخب الحياة الذي خفت بوفاة الأم وسفر الأخوة.
تؤمن صفاء الطوخي بأن التفاصيل مفتاح الشخصيات، ورغم كل ما اكتسبته من خبرة، فإنها تدرك دورها جيدًا فتحترم تفاصيل الشخصية المكتوبة ودور المخرج في التوجيه، تقول: "لو اشتغلت مع مخرج مفصول عن الممثلين بتوه".
بدأت صفاء الطوخي من المسرح وكانت مخلصة، ولم تثنها الشهرة والنجاح، التي تعتبر حدوثهما مصادفة، في أن تحيا حياة عادية تُشبه حياة المصريين، كما كان بيت أبيها.
لا تشاهد «الطوخي» نفسها، لكنها دائمًا ما تُحب تذوق الفنون بروح الهاوية الخبيرة.