"مصر لا تتأخر أبدا عن دعم الأشقاء العرب في شتى ربوع وطننا العربي الكبير"، وهو الأمر الذي تجسد في كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال مشاركته في مؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة"، تلك القمة التي أقيمت في الأردن أمس الثلاثاء، حيث بعث الرئيس برسلائل موجزة خلال كلمته، أكد خلالها الالتزام الكامل بدعم العراق ورغبة مصر في تعزيز التعاون، جنبًا إلى جنب مع دعم جهود إعادة إعمار العراق، كما أكد السيسي رفضه القاطع لأى تدخل خارجي في شئون العراق من أجل الحفاظ على أمن واستقرار هذا البلد العظيم.
وقال المتحدث الرسمي السفير بسام راضي، إن مشاركة الرئيس تأتى في إطار دعم مصر لعودة العراق الشقيق لدوره الفاعل والمتوازن على المستوى الإقليمي، والحرص على ضمان أمنه واستقراره، حيث يسعى المؤتمر إلى البناء على النتائج التي أسفرت عنها الدورة الأولى من مؤتمر بغداد التي انعقدت في اغسطس 2021، وذلك من خلال مناقشة السبل الكفيلة لتعزيز مسار الحوار البناء بهدف حل المشاكل بالمنطقة، فضلًا عن تهيئة الظروف المناسبة لإقامة شراكة وتعاون وتكامل اقتصادي بين العراق ودول الجوار والدول الصديقة.
واضاف المتحدث الرسمي، أن تشهد الزيارة عددًا من اللقاءات الثنائية للرئيس مع الزعماء المشاركين بالمؤتمر، بما فيها مع شقيقه العاهل الأردني للتشاور حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية على كافة الأصعدة، وذلك في إطار الروابط الوثيقة والأخوية التي تجمع بين مصر والأردن، وحرص البلدين الشقيقين على تدعيم التعاون بينهما ومواصلة التشاور المكثف حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
كما شارك الرئيس أيضًا في قمة ثلاثية مع كلٍ من الملك الأردني ورئيس الوزراء العراقي والتي تهدف إلى دعم وتعميق العلاقات التاريخية المتميزة بين الدول الثلاث الشقيقة.
بيان ختامي يدعم إشراقة جديدة لمستقبل العراق
وفي ختام أعمال مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة بدورته الثانية، صدر بيان تضمن مجموعة من التوصيات من أجل التركيز على دعم جهود العراق لتحقيق التنمية الشاملة، والعمل على بناء التكامل الاقتصادي والتعاون معه في قطاعات عديدة.
وأكد المشاركون استمرار العمل للبناء على مخرجات الدورة الأولى لمؤتمر بغداد والمضي في التعاون مع العراق دعما لأمنه واستقراره وسيادته ومسيرته الديمقراطية وعمليته الدستورية وجهوده لتكريس الحوار سبيلا لحل الخلافات الإقليمية، كما أكدوا وقوفهم إلى جانب العراق في مواجهة جميع التحديات، بما ذلك تحدي الإرهاب، الذي حقق العراق نصرا تاريخيا عليه بتضحيات كبيرة وبتعاون دولي وإقليمي.
وجدد المشاركون إدانتهم التطرف والإرهاب بكل أشكاله، مجددين دعمهم للعراق في جهوده ترسيخ دولة الدستور والقانون وتعزيز الحوكمة وبناء المؤسسات القادرة على مواصلة التقدم وإعادة الإعمار وحماية مقدراته وتلبية طموحات شعبه.
وشدد المشاركون على دعمهم جهود العراق لتحقيق التنمية الشاملة والعمل على بناء التكامل الاقتصادي والتعاون معه في قطاعات عديدة تشمل الطاقة والمياه والربط الكهربائي والأمن الغذائي والصحي والنقل ومشاريع البنية التحتية وحماية المناخ.
وأكد المشاركون في هذا السياق أهمية آلية التعاون الثلاثي بين الأردن ومصر والعراق والمشاريع الاقتصادية التي اتفق عليها في سياقها، بما في ذلك مشاريع الربط الكهربائي بينها، كما أكدوا أهمية مشاريع التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي والعراق، وخصوصا في مجالات الربط الكهربائي والنقل، وغيرها من المشاريع الاقليمية التي تسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية، وبناء الجسور مع الأسواق العالمية، وبما ينعكس إيجابًا على المنطقة برمتها.
وشدد المشاركون على أن انعقاد هذا المؤتمر في دورته الثانية يعكس الحرص على دعم دور العراق المركزي في توسعة التعاون الاقتصادي الاقليمي، وفي بناء الجسور وتعزيز الحوار الإقليمي، ما يسهم في جهود إنهاء التوترات، وبناء علاقات إقليمية بناءة تحقق النفع المشترك. وأكد المشاركون أن تحقيق التنمية الاقتصادية ونجاح مشاريع التعاون الاقليمي يتطلبان علاقات إقليمية بناءة قائمة على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام القانون الدولي واعتماد الحوار سبيلا لحل الخلافات، وعلى التعاون في تكريس الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب وتحقيق الرخاء.
واستعرض المشاركون انعكاسات الأزمات الاقليمية والدولية على العراق والمنطقة، وأكدوا أن تجاوزها يستوجب تعاونا إقليميا شاملا، ومقاربات ومعالجات اقتصادية وسياسية جادة وفاعلة تعكس المصالح المشتركة، وتدعم العملية التنموية في العراق وتسهم في عملية التنمية الإقليمية.
وأكد المشاركون أهمية عقد الدورة الثالثة للمؤتمر الذي انطلق بتنظيم عراقي فرنسي وتشارك فيه المملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومملكة البحرين، والجمهورية التركية، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عُمان، ودولة قطر، ودولة الكويت، وجمهورية مصر العربية، وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. واتفقوا على عقد الدورة الثالثة للمؤتمر العام القادم وتحديد مكان انعقادها وتاريخها بالتشاور بينهم.
وفي هذا الشأن، أكد الدكتور حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية، أن الدولة المصرية تعمل منذ تولي الرئيس السيسي على تعزيز العمل العربي، من خلال دوائر أمن قومي تعزز الأمن العربي والإقليمي، كما تسعى إلى إحداث نقلة نوعية في العلاقات العربية، ويظهر ذلك جليا من خلال المشاركة الواسعة لدول عربية جديدة في القمة الثانية عبر مشاركة عمان والبحرين، من أجل التنسيق والتشاور في القضايا المهمة المشتركة.
وأضاف "فارس" في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" أنه لا يمكن لأي دولة عربية أو عالمية بمفردها أن تحدث الفارق بمفردعها ي العديد منا لقضايا الإقليمية المتشابكة، ومن هنا تظهر أهمية جهود التعاون والتضافر من أجل حل هذه القضايا.
أما الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، فيرى أن القمة المنعقدة في الأردن تكشف إصرار من المشاركين على الدعم الكامل للعراق في جميع القطاعات، ووحدة وسلامة الأراضي العراقية، ودعم العراق في الحرب الكبرى على الإرهاب.
وأضاف "سمير" أنه قبل 5 سنوات أعلنت العراق عن نجاحها في الحرب على الإرهاب والقضاء على تنظيم داعش، إلا أن فلول هذا التنظيم الإرهابي لا تزال تعرقل جهود التنمية في العراق، وعلى مدار الأيام الماضية شهدنا العديد من الهجمات الإرهابية، التي تهدد أمن واستقرار العراق، ومكافحة هذا الإرهاب بتطلب دعم الديش والشرطة العراقية من قبل جميع دول الجوار.