اعترت مشاعر الحزن الفلسطينيين، اليوم الثلاثاء، لاستشهاد الأسير والمناضل "ناصر أبو حميد"، في مُستشفى إسرائيلي، نُقل إليه أمس، بعد تدهور حالته الصحية في الأسر، وسط اتهامات من السلطة والفصائل الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي بقتله بالبطيء بعد تعمد إهماله طبيًا.
وأغلقت المتاجر أبوابها في مُختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، حدادًا على رحيله الذي كان متوقعًا في أي لحظة، بعد رفض الاحتلال طلبات مُتكررة للافراج عنه ليقضي آخر أيامه وسط أهله ومُحبيه بعد تأكد إصابته بسرطان الرئة في مرحلة مُتأخرة للغاية.
وهاتف رئيس فلسطين محمود عباس، والدة الشهداء والأسرى لطيفة أبو حميد "أم ناصر"، معزيا باستشهاد نجلها، ناصر، الذي ارتقى داخل سجون الاحتلال.
وحمّل أبو مازن، الاحتلال مسؤولية استشهاد أبو حميد، جرّاء سياسة الاهمال الطبي المتعمد التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الاسرى.
وقال أبو مازن، خلال الاتصال الهاتفي مع والدة الشهيد: "أعزي نفسي قبل ان أعزي أم الابطال باستشهاد ناصر ابو حميد".
ونعى رئيس وزراء فلسطين محمد اشتية، الشهيد "أبو حميد"، وحمّل الاحتلال مسؤولية استشهاده، داعيا الصليب الأحمر والمؤسسات الدولية والحقوقية إلى الإسراع بالتدخل من أجل الإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن والأسيرات والأطفال من سجون الاحتلال.
ونعى المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" الشهيد "أبو حميد"، وقال في بيان له، إنه استشهد جرّاء سياسة الاهمال الطبي المتعمد "القتل البطيء"، التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الاسرى.
وتابع البيان: "ناصر أبو حميد المقاتل، المطارد، الجريح، الأسير والشهيد قضى أكثر من ثلاثين عاما في سجون الاحتلال، بطل الانتفاضتين ورمزا من رموز المقاومة والحركة الأسيرة".
ونعى المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، الشهيد أبو حميد، وقال في بيان: "احتسب عند الله الشهيد أبو حميد، الذي وافته المنية مكبلا بقيوده بعد صراع مرير مع احتلال بغيض ومرض عضال، استفحل في جسده بسبب تعمد الإهمال الطبي من قبل سجانيه".
ونعى الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني الشهيد (فدا) "أبو حميد"، وقال في بيان صحفي إن ادارة سجون الاحتلال ظلت ترفض الاستجابة للطلبات المتكررة للإفراج عن أبو حميد بسبب وضعه الصحي إلى أنه استشهد فجر اليوم ملتحقا بركب القافلة الطويلة من شهيدات وشهداء الحركة الأسيرة الفلسطينية.
وأكد (فدا) أن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، تتحمل المسؤولية الكاملة عن استشهاد الأسير ناصر أبو حميد 232 أسيرا آخرين قضوا في سجونها منذ عام 1967 منهم (74) شهيدًا ارتقوا نتيجة لجريمة الإهمال الطبيّ (القتل البطيء) كانت من بينهم هذا العام، إلى جانب الأسير ابو حميد، الأسيرة الشهيدة سعدية فرج الله.
من جانبه، قال مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، إن دولة الاحتلال قررت اغتيال الشهيد الأسير ناصر أبو حميد (50 عامًا)، عن سبق إصرار وتعمد، جرّاء سياسة الاهمال الطبي المتعمد، وقال إن هذه الجريمة جريمة حرب مكتملة الأركان وإرهاب دولة منظم تمارسه حكومة الاحتلال بحق الأسرى والمناضلين القابعين خلف القضبان، عقابا لهم لأنهم فقط يطلبون الحرية ويسعون لها ويدفعون ثمنا لها من دمائهم وأرواحهم وزهرات شبابهم.
ونعى حزب "الشعب" الفلسطيني، الشهيد "أبو حميد" الذي استشهد نتيجة الاهمال الطبي المتعمد بعد إصابته بسرطان الرئة، وأكد في بيان أن دولة الاحتلال الاسرائيلي تتحمل المسؤولية الكاملة عن استشهاده لرفضها المتواصل الإفراج عنه من أجل تدارك تدهور وضعه الصحي في الوقت الذي كانت تتعمد عدم تقديم العلاج اللازم له، الأمر الذي أدى إلى تفاقم وضعه واستشهاده.
وأعلنت عائلة المناضل "أبو حميد" عدم فتح بيت عزاء للشهيد لحين الإفراج عن جثمانه.
وقالت العائلة، في بيان لها، "لن نتقبل العزاء بأبننا الشهيد القائد إلا بعد أن يتحرر جسده الطاهر ومعه سائر جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال، في مقابر الأرقام، وداخل ثلاجات الاحتلال".
وأكدت أن "ناصر قد ترجل روحا، ولم يترجل جسدا بحيث لن يتسنى لنا إكرامه بالدفن، بحسب قانون الاحتلال البغيض الذي يحرمنا إلى الآن من وداعه ومواراته الثرى".
ولد المناضل ناصر أبو حميد، عام 1972 في مخيم النصيرات، لأسرة لاجئة من قرية السوافير الشمالية في غزة، وقد انتمى إلى حركة "فتح"، وكان أحد كوادرها في الانتفاضة الأولى، وكانت الجماهير في المظاهرات تهتف باسمه شخصيا، واعتقل في الانتفاضة الأولى، وافرج عنه عام 1994.
ولأن النضال لدى ناصر "طبيعة" وليس "عارضًا" فقد استعاد نشاطه في مؤسسات فتح التنظيمية، وأصبح من قادة كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية أثناء الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى"، وبعد اعتقاله أصبح من قادة الحركة الأسيرة، ومثَّل المعتقلين في مواجهة إدارة سجون الاحتلال.
وقد وجه أبو حميد رسالة باسم الأسرى أثناء إضرابهم الشهير عام 2017، بعد 34 يوما من الاضراب، جاء فيها: "لا زلنا نطرق أبواب الزنازين من "شطة" إلى "عسقلان"، ومن "نفحة" إلى "النقب"، ومن "الجلمة" إلى "أيلون"، ومن عزل "مجدو" إلى "هداريم" و"السبع" و"نيتسان"، جيش باسل من خيرة أبناء هذا الشعب، نصرخ مكبّرين ومهلّلين ومتحدّين للسّجان وبطشه وإجرامه الوحشي".
وحاول الاحتلال اغتيال أبو حميد أكثر من مرة بعد أن تحول إلى مطارد، وفي الثاني والعشرين من ابريل 2002، اعتقل برفقة أخيه نصر في مخيم قلنديا ورافق اعتقاله الاعتداء عليه وإصابته إصابات بالغة، وتعرض لتحقيقٍ قاسٍ، وحكم عليه بالسجن سبع مؤبدات وثلاثين عامًا.
عدا عن ذلك، فهو شقيق الشهيد عبد المنعم أبو حميد، وشقيق الأسير نصر المحكوم بخمسة مؤبدات، وشريف المحكوم بأربعة مؤبدات، ومحمد المحكوم بمؤبدين وثلاثين عاما، وإسلام المحكوم بمؤبد وثماني سنوات.
وهدم الاحتلال منزل عائلة أبو حميد خمس مرات، ومنع أمه من زيارته لسنوات، وقد أُطلِقَ على والدته لقب "خنساء فلسطين" و"سنديانة فلسطين"، وقد توفي والده وهو داخل السجن، ولم يتمكن من المشاركة في تشييع جثمانه.
وباستشهاد القائد ناصر ابو حميد يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة، إلى (233) شهيدًا منذ عام 1967، منهم (74) شهيدًا ارتقوا نتيجة لجريمة الإهمال الطبيّ (القتل البطيء)، وكان من بينهم هذا العام إلى جانب الأسير ابو حميد، الأسيرة سعدية فرج الله التي استشهدت كذلك جراء الإهمال الطبي المتعمد، بحسب نادي الاسير.
ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال اليوم نحو 4700، من بينهم نحو (150) طفلا، و(33) أسيرة.