الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف نثق في الأخبار؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

  أثبتت العديد من الدراسات الحديثة أن المتعرضين للأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي تقل ثقتهم بهذه الأخبار بشكل مضطرد شهريًا على نحو واضح، إلا أن دراسات أخرى حديثة أثبتت أن هؤلاء المتعرضين للأخبار لا يتعرضون أصلًا لأخبار أخرى.

يقودنا هذا حتميًا لمتلازمة خبرية، إن صح التعبير، مفادها أن المتعرضين لهذه المواقع لا يثقون بكل الأخبار التي تطالعهم، يصيب هذا صناعة الأخبار بسهم قاتل سرعته تساوي سرعة انتشار الأخبار على التواصل الاجتماعي.
 كيف يمكن اليوم تقديم أخبار يثق بها القراء مع هذه النتائج؟ وكيف يمكن البناء على تلك الأخبار في تقديم وظائف الخبر الأخرى التي نعتمد على وصوله للقارئ وصولًا كاملًا؟ فالأخبار تكون أساسًا لتوجيه وتعليم وتثقيف الرأي العام. والأهم كيف يمكن للخبر أن يسجل ما يحدث اليوم كي يكون تاريخ الغد في ظل أزمة الثقة الحالية؟
 دعونا نستمر في مجال الدراسات الإعلامية والاجتماعية، لنرى ما قدمته من حلول في هذا المجال. بعض هذه الدراسات يرى أن الحل الوحيد لتلك الأزمة يتمثل في حظر نشر الأخبار من الأساس على مواقع التواصل الاجتماعي، بل والعمل على معاقبة تلك المواقع التي تنشرها بالغلق والمحو من على شبكة الإنترنت، شرعت بعض الجهات الدولية في تقنين قوانين دولية لشبكة الإنترنت تقنن نشر بعض المضامين على رأسها المضامين الخبرية لذات السبب الذي دعت له الأبحاث في هذا المجال، وأيضًا لحماية الملكيات الفكرية لبعض الجهات وأهمها وكالات الأنباء، لم تتمكن أية جهة من سن قانون يمكنه أن يوقف بث مضمون على الإنترنت بشكل قاطع. بل إن تحديد مكان انتاج ونشر هذه الأخبار في خد ذاته مازال يمثل مشكلة لواضعي القوانين في هذا المجال على الرغم من أن هذه الأمور بدت باديء ذي بدء من البديهيات.
   بعض الأبحاث الأخرى التي لحقت الأبحاث الأخيرة رأت أن علينا أن نحصن القاريء من الأخبار الغير موثوق بها عبر إجراءات توعية مختلفة. برز من هذه الإجراءات في منطقة الشرق الأوسط منهج تم تصميمه للمرحلة الابتدائية في الأردن. هذا المنهج سمي بمنهج "المواطن الصحفي" إن لم تخنني الذاكرة. يعمل هذا المنهج على تحقيق أهداف أساسية منها أن يصبح الطفل قادرًا على كلا الأمرين معًا ببراعة: (إنتاج الأخبار الجيدة وتلقي الأخبار الجيدة في ذات الوقت)، إذ ينتهي الأمر بالطالب مكتسبًا المهارات الأساسية التي تجعله يستطيع أن يبث خبرًا نصيًا على الإنترنت مصحوبًا بصور ثابتة وفيديو أصلي أو تقرير فيديو ممنتج مونتاجًا بسيطًا. كان الأمر نواة جيدة لتأسيس إنسان يجيد التعامل مع الأخبار فاسدها قبل صحيحها، لكنه في ذات الوقت يهبه سلاحًا ذو حدين، إذ يستطيع أن يبث أي أخبار ينتجها ببراعة مقبولة كي تكون واضحة  ومقنعة، لذا كان التركيز كبيرًا على القيم الإنسانية وقوة الخير في نشر الأخبار التي لا تؤذي ولا تقتحم حياة الآخرين على نحو سيئ.
  أيًا كان الإجراء الذي يجب أن يُتخذ، سواءَ كان دورًا رقابيًا قانونيًا، أو دورًا ذاتيًا يقوم به الفرد تلقاء نفسه ومجتمعه، أيًا كان هذا الإجراء فإننا لا يمكن أن ننكر مواجهتنا لعالم زادت فيه ظاهرة فيضان المعلومات لدرجة وجهت الأفراد رغمًا عنهم لاعتزال الكثير من أوعية المعلومات إلى معلومات محدودة هي الأقدر على الذهاب إليهم. صرنا أمام مشكلة تقول إننا نقترب من وقت قد تصبح فيه الأخبار وجعًا يعزف عنه القراء، وهو ما حدث لدى مجموعة ليست بالقليلة من القراء بالفعل خلال فترة الأزمات والكوارث الأخيرة. يجب أن تجد صناعة الأخبار طوق النجاة لتصبح موثوقًا بها، وإلا سنواجه ذات السؤال الذي واجهناه قبل عقدين من الزمان فيم يخص قدرة الصحافة الورقية على البقاء حية أمام الصحافة الإلكترونية، سنسأل أنفسنا عن قدرة الأخبار على الوصول للقراء صحيحة معافاة موثوقًا بها.