بنسبة مشاركة 11.22%.. أسدلت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس الستار على الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية التي أجريت السبت الماضي.
وعزا المحلل السياسي الدكتور علية العلاني أسباب ضعف نسبة الإقبال والمشاركة في انتخابات مجلس نواب الشعب إلى عدة أسباب، من بينها توقيت إجراء الانتخابات الذي وصفه بأنه "كان غير ملائم".
وقال العلاني - لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى تونس - إن توقيت إجراء الانتخابات كان غير ملائم، خاصة في ظل التأثيرات الدولية والضغوطات الاقتصادية التي تعاني منها العديد من دول العالم، من بينها تونس بسبب جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، مضيفا أن هذا الظرف الاقتصادي الدولي المتأزم؛ انعكس على تونس في ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.
وأضاف أن الأوضاع الاقتصادية المتأزمة تسببت في إحباط قطاع كبير من التونسيين، وسط معاناتهم من شظف العيش ولجوء الشباب للهجرة غير الشرعية عندما لم يجد الفرصة الكافية لتحسين أحواله في بلده، فضلا عن تآكل الطبقة الوسطي التي قامت من أجلها الثورة التونسية.
واعتبر أن نسبة المشاركة في الانتهابات، تحمل - في طياتها - رسالة لطرفين أساسيين هما رئيس الجمهورية والرأي العام، ففيما يخص الرئيس قيس سعيد، فإن هناك إجراءات سريعة كان ينبغي اتخاذها، علما بأن الرئيس نفسه أعرب في أكثر من مناسبة عن استيائه من بطء إجراءات التقاضي للعديد من القضايا.
وأشار العلاني إلى أن الرسالة الثانية للرأي العام مفادها بأن التغيير بالجلوس على الربوة ليس هو الحل الأمثل، فالمواطن الذي يطالب بتحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، أمامه العديد من الطرق والآليات لتحقيق مطالبه، من بينها المشاركة في هذه الانتخابات لإرساء المؤسسة التشريعية التي يمكنها إدخال تعديلات على القانون الانتخابي أو بعض مواد الدستور إذا لزم الأمر، وبالتالي فالمواطن يتحمل جزءا من هذه المسئولية، ولاتزال أمامه الفرصة في الجولة الثانية من الانتخابات التي تنطلق في 20 يناير المقبل ليعبر عن إرادته السياسية ويمارس حقه الدستوري.
وعن آليات تعزيز المشاركة في الانتخابات في جولتها الثانية، يرى العلاني أن الرئيس قيس سعيد عليه أن يسرع بالجلوس إلى المنظمات الوطنية الكبرى، مثل اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة ومنظمة الأعراف والمنظمات النقابية واتحاد الفلاحين ومع شخصيات اعتبارية مستقلة وحزبية بشرط ألا تكون متهمة في أي من قضايا الفساد، في إطار حوار وطني لبحث سبل تعزيز وعي الناخبين بأهمية المشاركة في الجولة الثانية التي تشهد انتخابات في 131 دائرة من إجمالي 161 دائرة.
وطالب العلاني، السلطة السياسية باتخاذ قرارات جدية وحاسمة، وأن يتم توجيه الحكومة للعمل كـ"حكومة طواريء اقتصادية واجتماعية"، تكون لها صلاحيات واسعة في مجال الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وتعمل وفق ورقة عمل نابعة عن جلسات حوار مع الأطراف الوطنية، وبالتالي ستشهد تونس حالة من الاستقرار الاقتصادي يتبعها تشجيع صندوق النقد الدولي على إتمام الموافقة على القرض المقدم لتونس، وكذلك دفع الدول الخليجية والجهات الدولية المانحة الآخرى على مساندة تونس اقتصاديا.
من جانبه، أكد الناطق الرسمي بإسم "حراك 25 جويلية" محمود بن مبروك أن جميع الأطراف تتحمل مسؤولية نسبة المشاركة في الجولة الأولى، معتبرا أنه من الخطأ الحكم على المسار الانتخابي من خلال الجولة الأولى فقط، كما أكد ذلك الرئيس قيس سعيد، ولكن يجب الانتظار حتى انتهاء الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية.
وأضاف "ابن مبروك" أن المسار الانتخابي يسير في إطار من النزاهة والشفافية منذ انطلاقه، وذلك بشهادة العديد من المنظمات الدولية التي راقبت عملية الانتخابات، فضلا عن غياب المال الفاسد عن المشهد السياسي، والذي كان يستخدم من قبل في مثل هذه الاستحقاقات الانتخابية، داعيا الناخبين التونسيين للمشاركة في الجولة الثانية وممارسة حقهم الدستوري.
وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس فاروق بوعسكر، قد أعلن مساء أمس، أن العدد النهائي لمن صوتوا في الانتخابات التشريعية بلغ مليونا و25 ألفا و418 ناخبا، بنسبة 11.22 % من إجمالي عدد الناخبين البالغ عددهم 9 ملايين ناخب.
وعقب الإعلان عن النتيجة النهائية للمشاركة في الانتخابات التشريعية، أكد الرئيس التونسي أن نسبة المشاركة في الانتخابات لا تقاس فقط بالجولة الأولى بل بالجولتين.
كما أكد الرئيس قيس سعيد أن هناك بعض الجهات المعروفة لم تجد هذه المرة شيئا تركز عليه سوى نسبة المشاركة في الجولة الأولى للتشكيك في انتخاب مجلس نواب الشعب القادم، في حين أن نسبة المشاركة لا تقاس فقط بالجولة الأولى بل بالجولتين، ومثل هذا الموقف القائم على التشكيك من جهات لا دأب لها إلا التشكيك، فضلا عن تورط البعض في قضايا لا تزال جارية أمام المحاكم، مردود على أصحابه بكل المقاييس، بل هو شبيه بالإعلان عن نتيجة مقابلة رياضية عند انتهاء شوطها الأول.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات في جولتها الثانية في 131 دائرة، حيث تنطلق الحملات الانتخابية في 20 يناير المقبل، ليتم الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية كاملة في 3 مارس المقبل على أقصى تقدير.