-شرعية مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية ولجنة تسيير الأعمال وبند الدورتين ألغام تهدد تعديلات القانون الجديد
-لدينا 288 رخصة فندق عائم يعمل منها 166 فندقا والباقي ليس له وجود.. والإشغالات 90% حاليًا
-وعي القيادة السياسية أدى لإنعاش السياحة الأثرية والنيلية رغم التحديات العالمية
أزمات وانتصارات يشهدها قطاع السياحة المصري خلال الفترة الحالية، في خلال معارك عديدة يخوضها مدعوما من الدولة للنجاة من طوفان الوباء العالمي والأزمة الاقتصادية والخلافات السياسية.. وحول ما يحمله قطاعا السياحة الدينية والثقافية، من مشكلات تأتي من داخل القطاع وخارجه، وضربات متلاحقة ألمت بالقطاعين، كان لنا هذا الحوار مع إيهاب عبد العال عضو مجلس إدارة غرفة شركات السياحة الأسبق.
ما تقييمك للعام الأول للعمرة في مصر تحت مظلة البوابة الإلكترونية؟
بداية كان هناك مقترح بإنشاء هيئة عليا للحج في عام 2011 بعد الثورة مباشرة، تتولى كل شيء يتعلق بملف السياحة الدينية، وذلك بالطبع قبل إنشاء البوابة الالكترونية للعمرة، وتصدى للفكرة مجلس إدارة غرفة شركات السياحة الذي يعد الأقوى في تاريخ الغرفة من نشأتها عام 1968، وكان برئاسة حسام الشاعر ونائبه ناصر تركي، وشرفت بعضويته، ثم تم التنكيل بالمجلس وإزاحته بعدها بعام على الأكثر، وظل الملف يتداول بشكل سري داخل وزارة السياحة دون اتخاذ قرار بتنفيذه، حتى ظهرت الفكرة البديلة في 2016 بإنشاء بوابة إلكترونية للعمرة تنظم العمل وتحفظ حقوق كافة الأطراف، ولكن ما توقعناه حدث بتدخل أطراف في المنظومة من خارج القطاع وليس لديها الخبرة الكافية بإدارته، وطبيعته، لذا فلم تحقق أي هدف من أهدافها.
ما أبرز سلبيات البوابة إذن؟
أرى أن البوابة نسخة كربونية من موقع وزارة السياحة، وأضيف لها شعار رسمي، وتم إنفاق مبالغ طائلة على هذا المشروع بداعي أنه سوف يدر للدولة ربحا كبيرا من الرسوم التي سيفرضها على مستخدميه، وذلك بحسب ما زعم من قدم المشروع للدولة، وهو كلام غير واقعي، وهو ما ثبت خلال التجربة الأولى لمدة 3 أشهر عام 2020 قبل تفشي جائحة كورونا، فلم يحدث أي عائد للدولة، وحدث تخبط للشركات بين ضوابط الوزارة ونظام البوابة والنظام السعودي، ويبقى الطرف الثالث وهو المواطن والذي تحمل رسوما مرتفعة لم تكن موجودة من قبل.
هل ترى عدم فائدة بوابة العمرة الإلكترونية؟
لست ضد وجود البوابة، لكن لابد من تفعيلها بشكل جيد وتقدم خدماتها لأي مسافر من مصر لأي دولة في الخارج، فالغرض من البوابة الحفاظ على أي مسافر مصري للخارج، وتحصيل رسوم حال هذا السفر لأي دولة خاصة وأن المسافر للخارج لديه القدرة المادية، بينما في ملف العمرة، فقد فتحت المملكة العربية السعودية أبوابها للعمرة هذا العام فيما ظلت وزارة السياحة المصرية شهرين تبحث الضوابط المناسبة والمتماشية مع بوابة العمرة، والتي ركزت في النهاية على شكل البرنامج وحصص التأشيرات ونصوص البوابة الإلكترونية، وبالنظر لضوابط العمرة منذ 2006 وحتى 2016 فكانت جميعها لا تخلو من بنود أساسية هي أسعار البرامج وأماكن السفر والإقامة وطريقة السفر سواء بري أو بحري، وضوابط العام الحالي لم تتضمن أية بنود فنية.
هل ساهم تطبيق نظام السقف المفتوح للتأشيرات في رواج رحلات العمرة الرسمية؟
فتح العمرة من خلال المملكة منذ شهرين قبل تطبيق المنظومة في مصر سمح للسماسرة بالعمل بحرية بينما تعطلت شركات السياحة، ثم الحالة الاقتصادية وارتفاع الأسعار أدت أيضا لتراجع الأعداد الرسمية، وبإضافة الأعداد المسافرة من خارج البوابة سنجد أن نحو 250 ألف مصري سافروا للعمرة في الجزء الأول من الموسم وهو عدد طبيعي لمعدلات السفر في ظل الحالة الاقتصادية، وما حدث هو سوء تنظيم داخلي أدى لضياع مبالغ طائلة على الدولة.
لابد لبوابة العمرة أن تتأقلم مع التيسيرات السعودية وليس العكس، فالعام الماضي تم طلب ربط بوابة العمرة المصرية بالنظام الإلكتروني السعودي وتم رفض الأمر بشكل مؤسف، فلم يكن من المعقول أن نتدخل في السيادة السعودية بهذه البساطة، ولكن مسؤولين بالوزارة والغرفة قرروا خوض تلك المغامرة غير المحسوبة.
كيف تحدث أزمات رغم وجود خبرات عديدة في اللجنة العليا للحج؟
هذا صحيح، ولكن الحقيقة أن اللجنة العليا للجنة والعمرة دورها انتهى منذ عام 2016، وباتت تصدق على القرارات دون تدخل، وتبلغ بها شركات السياحة فقط، ولكن في السابق كانت معبرة بالأكثر عن القطاع السياحي وتستمع جيدا للقطاع الخاص، وفي مجلس 2011 القوي، لم يحدث أن تم منع أي جهة من الرقابة على أعمال الغرفة والشركات بل كان هناك رفض للتدخل في شئون الشركات السياحية وإدارة أعمالها، حتى ولو كان من وزارة السياحة، فهناك فرق بين الرقابة والتدخل، وما حدث كله لم يكن بسبب أي جهة سوى القطاع السياحي نفسه، ومن داخله.
هناك تخبط واضح من وزارة السياحة في فتح رحلات العمرة فما هو السبب؟
نعاني من عدم الوضوح، فكان يجب إعلان الأعداد مبكرا طالما هناك حصة محددة لعدد المعتمرين، خاصة وأن اعلان ضوابط العمرة العام الحالي بعد شهرين من فتح باب العمرة في السعودية، أدى لانتعاش سوق السماسرة والعمرة من خارج البوابة الرسمية بواقع أكثر من 120 ألف مواطن سافروا قبل بدء الإجراءات الرسمية، ما أدى لخروج نحو 60% من الطاقة التشغيلية في السوق لخارج بوابة العمرة وشركات السياحة، كما يجب أن نعلم أن الدولة لن تسمح بخروج العملات الصعبة بكثرة في هذا التوقيت العصيب الذي يعيشه العالم، لذا يجب أن يتحد قدامى القطاع ويطالبون بشفافية واعلان تنظيم العمل وأعداد حصة العمرة المقررة في الموسم الجاري حتى نهاية رمضان، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يجوز منع أي مواطن من السفر إلا إذا صدر ضده حكم قضائي واجب النفاذ أو قرار بمنع السفر من المستشار النائب العام، في حين أن بوابة العمرة منعت المواطن البسيط من السفر ولم تستطع منع المواطنين الأكثر ثقافة من السفر، وهو ما يخالف الدستور المصري.
ما سبب ظاهرة تداول الباركود الرسمي لبوابة العمرة في السوق السوداء؟
أنا أعفي لجنة تسيير أعمال الغرفة من أية مسؤلية، فهي لجنة ليست لها سلطات واسعة، وبالتالي لا يمكنها توقيع عقوبات أو اتخاذ قرارات، ولكن هنا يجب أن يفهم المواطن أن بوابة العمرة ليست مصدرا للباركود فقط، ولكن يفترض أن تكون حامية وضامنة لحقوق المعتمر وهو ما لم يحدث، كما يتم إلزام المعتمر بشراء ساعة ذكية بجهاز تتبع وهي غير موجودة ولم يستلمها آلاف المسافرين، وثمنها قد يصل إلى ٦٠٠جنيه وهي في حقيقة الأمر تشبه اللعبة صينية الصنع.
بعض شركات السياحة متهمة بشل قدرة الوزارة على إجراء انتخابات الغرفة، فما ردك؟
الأحكام القضائية المتتالية أدت إلى انهيار غرفة شركات السياحة، وإضعاف الكيان وانتقال سلطاته وصلاحياته إلى الإداريين وبعض موظفي الوزارة، وذلك لا يعود للشركات، بل بسبب القانون 60 الضعيف وغير المطابق للوائح، والصادر له تعديلات في عام 2014، وكان سببا في الإسقاط المتتالي للغرف والاتحاد حتى تاريخه، وفي الوقت الحالي هناك قانون جديد لدى مجلس النواب، رقم ٦٨ وقانون ٣٨ واللذان ينظمان عمل الاتحاد المصري للغرف السياحية وايضا غرفه الشركات والذي يحسم مسألة شروط الانتخابات، ولكن علمت أن القانون الذي يناقش حاليا يصيبه بعض العوار في شأن صلاحية الدورتين المتتاليتين ومتى تكونا مكتملتين من عدمه، وكذا في توصيف الانتخابات، ما يفتح بابا للطعن عليه، لأن التوصيف ضعيف والشكل التنظيمي ما بين الاتحاد ووزارة السياحة كجهة منوط بها مراقبة الاتحاد، اعطي صلاحيات كثيرة للدولة وسحب صلاحيات كثيرة من القطاع الخاص، لذا كان يجب عرض صياغة القانون على أصحاب الشأن، وبالطبع ليست لجنة عينت لتسيير الأعمال، فهذا أيضا غير دستوري وسيتم الطعن عليه.
هل ترى القانون الجديد يتعمد التدخل الحكومي في شئون الشركات السياحية؟
لم يحدث، نحن من وصلنا بأنفسنا لهذا الوضع بسبب الصراعات والمصالح الشخصية، وسلمنا القطاع بإرادتنا لمن هم من خارجه وهم ليس على دراية كافية بطبيعة النشاط لذا نطالب بمجلس منتخب ينظر في تعديلات القانون الذي يجب بدوره أن ينبثق من القانون رقم 60 والقانون رقم 38 الخاص بإنشاء الغرف السياحية، كما يمكن إجراء الانتخابات بالقانون القديم مع الحذر عن تعديل القانون من تطبيقه على المجالس الحالية للغرفة، بأن يصبح لمن قضى دورتين بها حقا في الترشح مجددا لدورة جديدة، وهنا سنتقدم بطعن على دستورية هذا الأمر.
هل ترى وضع مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية قانونيًا بعد حل غرفتين؟
بالطبع وبدون نقاش وجود الاتحاد غير قانوني وغير دستوري، فهو يتشكل من الجمعية العمومية للغرف السياحية ومن بينها الشركات والفنادق، اللتان سقطتا بحكم قضائي، لذا فإن ما بني على باطل فهو باطل، ومن هنا فإن أي مشروع قانون وافق عليه مجلس إدارة الاتحاد الحالي هو أيضا غير دستوري من وجهة نظري.
وماذا عن تنظيم موسم الحج السابق؟
كان يجب سفر وفد عالي المستوى الى المملكة للتنسيق ويكون من وزارة الخارجية لأنها الجهة المنوطة بتمثيل مصر أمام الدول الأخرى، وهو ما يحدث في اتفاقات الحج، وتضم وزارات الداخلية والسياحة وبدعم من القيادة السياسية لوضع آلية الأعداد التي سيتم منحها لمصر من قبل المملكة العربية السعودية، وكان ذلك سوف يحسم الأمور، لكن ما حدث هو ترك الأمر مفتوحا وبدأت السعودية تمنح التأشيرات وفقا لحقها السيادي الأصيل، وسافرت وفود بعض الدول للتنسيق منها المغرب وتونس، بينما غابت مصر.
ماذا سيجد على موسم الحج المقبل مقارنة بالموسم الماضي؟
موسم الحج السابق كان بروتوكوليا فقط، كتجربة للعودة بعد كورونا، فمن مصر سافر فقط 9 آلاف حاج سياحة، ولا يوجد موسم حج ناجح أو فاشل طالما وصل الحج إلى جبل عرفة وأدى الفريضة، كما أن الشركات دائما ما تلتزم بالضوابط، ومن يخالف يعاقب، ولكننا ننادي من عام 2008 بأن يتم إسناد تنفيذ الحج بكامل التأشيرات لقطاع السياحة، وهو ما يوفر للدولة أموالا طائلة نتيجة سفر البعثات وخلافه، وحدثت مشكلات تتعلق بالثورة ثم ما تبعها بأزمات داخل البلاد، حتى وصلنا إلى عام 2016 الذي تم حل المجلس المنتخب فيه، ومنذ ذلك الوقت لا يصل صوتنا للقيادة السياسية لعدم وجود ممثلين رسميين عن شركات السياحة، ويجب العلم أن وزارة الداخلية تنفذ الحج منذ نحو 40 عاما، والتضامن الاجتماعي منذ 25 عاما، والسياحة منذ 40 عاما، لذا فلا يوجد بينهم من يفتقد الخبرة، لذا يجب أن تضم البعثة الرسمية ممثلين عن الجهات الثلاث.
هل قامت لجنة إدارة غرفة السياحة بدورها في رعاية مصالح الشركات؟
لم تقم غرفة شركات السياحة بأي دور خلال فترة تولي لجنة تسيير الأعمال، سوى الإجراءات الإدارية والتأمين الطبي، وبطبيعة الحال فإن رأي عضو لجنة تسيير الأعمال هو رأي شخصي لا يمثل إلا نفسه، ولا يعبر عن الجمعية العمومية، وكان لابد من الالتزام بالقانون وإجراء الانتخابات بعد 60 يوما، مثلما فعل الوزير الأسبق منير فخري عبد النور الذي أجرى الانتخابات في اليوم الـ59 لتولي لجنة تسيير الأعمال آنذاك حتى لا يخالف القانون، وللعلم فلم يحدث في التاريخ أن بقيت لجنة تسيير أعمال في إدارة غرفة شركات السياحة مثل المدة التي قضتها اللجنة الحالية.
ما الجديد في قطاع الفنادق العائمة باعتبارك أحد العاملين به؟
الأمور تسير بشكل جيد، ولكن هناك معضلة علينا النظر فيها، وهي أن عدد التراخيص الرسمية لهذا القطاع تبلغ 288 فندقا عائما يعمل منها فعليا 160 على الأكثر، وأغلب الباقي هي فنادق ليس لها وجود من الأساس، بل هي مجرد ترخيص فقط، وفي حين وقف إصدار تراخيص للفنادق من جانب وزارة السياحة، فقد طالبنا بسحب تلك التراخيص القديمة للفنادق غير الموجودة، وإعادة طرحها، أو الاكتفاء بالعدد الحالي الذي يعد مناسب للغاية طبقا للحركة الوافدة، حيث تبلغ نسب الإشغال حاليا نحو 90% وهي نسبة جيدة للغاية، وبكل الفنادق ثابتة وعائمة رغم رفع أسعار الغرف.
هل استفادت السياحة الثقافية والنيلية من طريق الكباش ونقل المومياوات؟
أولا من قام بالتنسيق وتنفيذ حفل طريق الكباش ونقل المومياوات هي الدولة، وتحديدا رئاسة الجمهورية وأجهزة سيادية، وليست وزارة السياحة أو القطاع الخاص، وهذا لنعطي الحق لأصحابه في هذا الإبهار التاريخي العظيم، وهنا يجب أن نؤكد أيضا أنه بات في مصر قيادة سياسية ولأول مرة تنظر للشريحة التي يجب الاهتمام بها من السائحين الدوليين، فالعالم كله لديه شواطئ خلابة، ومنتجعات، ولكن نحن فقط من لديه السياحة الأثرية والنيلية والثقافية، لذا ركزت الدولة على هذا الجانب، وكانت الصورة الذهنية في الخارج أن ميدان التحرير هو مكان للمعارك السياسية، ولكن موكب المومياوات غير الفكرة تماما، وبات العالم ينظر لميدان التحرير بنظرة مختلفة خاصة بعد التطوير الذي حدث قبل الموكب، وأصبح يمثل أيقونة حضارية وثقافية مصرية.