صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين العساسي، ضمن سلسلة التراث الحضاري، الجزء الثاني من كتاب «مباهج الإخوان ومناهج الخلان في حوادث الدهور والأزمان» للمؤرخ المصري شهاب الدين أحمد بن أحمد بن عبد الرحمن، المعروف بابن العجمي (ت: بعد 1045هـ/ 1636م) من تحقيق ودراسة الدكتور محمد جمال حامد الشوربجي.
ويحفل الجزء الثاني، بالعديد من الحوادث والوقائع الدالة والكاشفة عن طبيعة هذا العصر واضطرابه سياسيا واجتماعيا، ومدى شيوع الفساد الإداري الذي هيمن عليه، ولعل أهم ما يميز الكتاب عمومًا وهذا الجزء خصوصا التقاط المؤرخ صاحب الكتاب للحوادث والوقائع من خلال عين ورؤية المواطن والإنسان المصري العادي، غير المنتمي لسلطة أو فئة من الفئات الاجتماعية العليا في البلاد.
وكانت المدرسة التاريخية في العصر العثماني تسير في الأساس على طريقة التاريخ لمصر بفتح العرب المسلمين لها وما تبعه من توالي الدول، حتى دخول السلطان العثماني سليم الأول مصر سنة ٩٢٣هـ /١٥١٧م ، ثم التاريخ المختصر للسلاطين العثمانيين، ثم أخبار ولاتهم وقضاتهم في مصر، وما يتخلل ذلك من بعض الحوادث بصورة مختصرة، وشاركهم المؤلف في هذا الاتجاه بكتاب سماة «الأنوار المُضِيَّة في ذكر الدولة العثمانية ومن حكم بمصر من الباشاواة بالديار المصرية».
أما في «مباهج الإخوان» فلم يكن فيها مُقلّدًا لطريقة مؤرّخي عصره، وإنما بدأه مباشرة بدخول السلطان سليم الأول مصر، وهو وإن كان سار في أول الكتاب على طريقة مؤرّخي عصره بذكر ولاة بني عثمان والتاريخ لحكمهم إلا أن ذلك لم يكن إلا تمهيدًا لتاريخه الحولي الذي كانت تسير عليه المدرسة المملوكية، ولهذا يعتبر أول وأقدم كتاب وصلنا حتى اليوم بعد كتاب "بدائع الزهور" لابن إياس يعتمد النظام الحولي في تسجيل الحوادث.