أدلى رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون - الذي يعتبره الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حليفا رئيسيا لبلاده بتصريح مذهل مفاده أنه في حالة عودة القوات الروسية إلى الأراضي التي سيطرت عليها (شبه جزيرة القرم) قبل عمليتها العسكرية في 24 فبراير الماضي، فإن ذلك سيمثل أساسًا لإعادة فتح محادثات بين أوكرانيا وروسيا.
ويشير تصريح جونسون إلى أنه يتعين على أوكرانيا أن تقبل بأن سحب القوات الروسية من شبه جزيرة القرم لن يكون شرطا مسبقا لبدء المحادثات، وفقا لما نشرته صحيفة جارديان البريطانية في تقرير لها.
وجونسون من الدبلوماسيين الذين يؤمنون بأن عودة أوكرانيا للسيطرة العسكرية على شبه جزيرة القرم خطوة محفوفة بالمخاطر.
هنري كيسنجر، الدبلوماسي الأمريكي المخضرم، قدم اقتراحا مماثلا، يركز على جلاء القوات الروسية عن الأراضي التي سيطرت عليها بعد انطلاق عمليتها العسكرية هذا العام، موضحًا أن أي حديث عن إعادة «القرم» لسطلة كييف لن يكون محور مفاوضات إلا بعد وقف إطلاق النار، لافتا إلى أنه إذا أخفقت تلك المفاوضات فيمكن تطبيق استفتاءات خاضعة للإشراف الدولي بشأن تقرير مصير الأراضي التي سيطرت عليها روسيا منذ 10 أعوام.
والاحتفاظ بشبه جزيرة القرم بشكل ما ثمين للغاية بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدرجة أنه إذا شعر أنها تنزلق من قبضته، فربما يخشى البعض من أنه قد يتصرف بناء على تهديده بنشر أسلحة نووية تكتيكية، وهو التصعيد الذي يرعب واشنطن وأوروبا.
وتعارض أوكرانيا علنا وقف إطلاق النار مع احتفاظ بوتين بأي أرض ضمها منذ عام 2014، حسبما قال «زيلينسكي».
ويحاول «زيلينسكي» المساومة بورقة شبه جزيرة القرم حيث استثمر الوضع القائم فيها دبلوماسيا في إنشاء «منصة القرم»، وهي هيئة تنسيق للضغط على العالم لإبقاء الاحتلال غير القانوني.
من الواضح أن الجيش الأوكراني لديه خطة للدفع جنوبا، وعزل شبه الجزيرة، وقطع خطوط الإمداد الروسية، من الناحية المثالية عن طريق النزول من الجانب الشرقي لنهر دنيبرو، ثم الوصول إلى السد الذي يوفر 85 ٪ من المياه العذبة في شبه جزيرة القرم، لكن الحملة العسكرية لتقويض حصانة "القرم" لا تزال في مهدها.
من جهته، توقع فولوديمير هافريلوف، نائب وزير الدفاع الأوكراني: أن القوات الأوكرانية ستكون في شبه الجزيرة بحلول نهاية ديسمبر 2022.
ولكن هل إحكام الحصار الأوكراني على شبه جزيرة القرم قرار عملي أو حكيم؟ يشير المسؤولون العسكريون البريطانيون إلى نقاط الضعف في شبه جزيرة القرم بما في ذلك اعتمادها على البر الرئيسي لأوكرانيا للحصول على المياه، وفي بداية العملية العسكرية فبراير 2022، استعادت روسيا سد كاخوفكا الكهرومائي في الجنوب، وتسبب ذلك في فقد ما يصل إلى 80 ٪ من الأراضي الزراعية في شبه الجزيرة القرم، وأصبح من المستحيل زراعة محاصيل مثل الأرز.
ويعتقد المسؤولون البريطانيون أن هدف استعادة السيطرة الأوكرانية على محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية وكذلك قناة شمال القرم ممكنا.
بيد أن الحديث عن هجوم لطرد 30000 جندي روسي من شبه جزيرة القرم أمر يزعج الجيش الأمريكي، وقال الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة: إن احتمال حدوث ذلك ليس مستبعدا عسكريا".
ويقر دبلوماسيون أوكرانيون بأن الخوف من التصعيد في واشنطن والعواصم الأوروبية هو ما يعيق توريد أسلحة المدفعية بعيدة المدى اللازمة لإنهاء المهمة، بما في ذلك الاستيلاء على شبه جزيرة القرم.