الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الاحتكار هلاك للفقراء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يُعرف الاحتكار بأنه حبس السلع، وعدم طرحها في الأسواق بالبيع والشراء بهدف رفع اسعارها رغم توفرها لتحقيق أقصي ربحية ممكنة؛ فالمحتكر هو الشخص الذي حبس طعام الناس، وأقواتهم عند قلتها، وحاجتهم إليها؛ ليرتفع السعر ويغلى، ويُعرف الاحتكار في الاقتصاد بأنه تفرّد شخص، أو جماعة بعمل ما؛ لغرض السيطرة على الأسواق، والقضاء على المنافسة، وفي ذلك كله هلاك للضعفاء والفقراء من الناس، ويجب على الإنسان ألا يعيش لنفسه وحسب، بل لابد أن يتعدى نفعه وخيره للآخرين، ويكون الأمر أوجب، والأجر أعظم خاصة في وقت الشدائد والمحن والنكبات مثل التي تعصف ببلادنا هذه الأيام، وأدت إلى رفع غير مبرر لأسعار بعض السلع الأساسية والمواد الغذائية، وكل ذلك له آثار سلبية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع بالإضافة إلى عدم الاستقرار، وعدم توفر الأمن مما يتسبب بكثرة الجرائم فيه وظهور الطبقات الفقيرة.

اتفق جمهور الفقهاء على حرمة الاحتكار؛ لما فيه من تضييق على الناس؛ فعن معمر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «لا يحتكر إلا خاطئ» [صحيح مسلم]، والخاطئ هو المذنب العاصي، والحكمة من تحريم الاحتكار هي رفع الضرر عن عامة الناس، وكانت أمام الصحابي عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه، الفرصة ليربح أموالا طائلة، ولكنه رفض ابتغاءً لوجه الله؛ ففي عام الرمادة، عندما اشتد بالمسلمين الفقر والجوع، بسبب القحط، وعندما جاءت تجارته من الشام وكانت ألف بعير محملة بالتمر والزيت، والزبيب، فجاءه تجار المدينة، وقالوا له: تبيعنا ونزيدك الدرهم درهمين؟ فقال عثمان بن عفان رضي الله عنه لهم: لقد بعتها بأكثر من هذا، فقالوا: نزيدك الدرهم بخمسة؟ فقال لهم عثمان رضي الله عنه: لقد زادني غيركم الدرهم بعشرة، فقالوا له: فمن الذي زادك؟ وليس في المدينة تجار غيرنا؟ فقال لهم عثمان رضي الله عنه: "لقد بعتها لله ولرسوله، فهي لفقراء المسلمين" كانت أمامه الفرصة ليربح أموالا طائلة، ولكنه رفض ابتغاءً لوجه اللَّه؛ فلا يثبت على الأخلاق العظيمة في مختلف الظروف إلا العظماء؛ لأجل ذلك فقد أجمع جمهور العلماء على أنَّ للحاكم إجبار المحتكر على البيع، وأنْ يؤدبه على احتكاره، ولو كان ذلك بإحراق أمواله، فقد روي عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه أنه أحرق طعامًا احتكر بمائة ألف، وعلى الدولة التتدخل لحماية الناس من عبث تجار الأزمات، ومصاصي دماء الشعوب، وذلك باتخاذ الإجراءات المناسبة الكفيلة بقطع دابر الاحتكار.