الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

كوارتز أفريكا: هل تتخلص الولايات المتحدة من "فتورها" تجاه أفريقيا.. وتترجم الأقوال إلى أفعال؟

الرئيس الأمريكي جو
الرئيس الأمريكي جو بايدن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعلق إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن آمالا عريضة على القمة الأمريكية - الإفريقية الثانية، التي انطلقت فعالياتها أمس الثلاثاء في العاصمة واشنطن، بحضور ما يقرب من 50 قائدا وزعيما ورئيس حكومة من أرجاء القارة، وضمن جدول أعمال متخم بقضايا وطموحات وتحديات هائلة تتناولها جلسات القمة، التي تستمر على مدار ثلاثة أيام وتنتهي في 15 الجاري. 

وتحظى القمة باهتمام لافت داخل الأوساط الأمريكية في ظل رغبة واشنطن في إبراز رغبتها في العودة بقوة إلى القارة في أعقاب حالة الجفوة التي عاشتها العلاقات الأميركية الإفريقية أثناء حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي لم يبد رغبة في استضافة بلاده للقمة أثناء سنواته الأربع التي أمضاها في البيت الأبيض، كما أن واشنطن لن تتمكن من تحمل تبعات الابتعاد عن القارة السوداء في وقت تتسابق فيه القوى الأخرى لتثبت مواطئ أقدامها في أرجاء القارة. 

وترى دورية "كوارتز افريكا "، في حديثها عن العلاقات الأمريكية - الإفريقية أنه في أعقاب انعقاد القمة الأولى في 2014 في عهد باراك أوباما، الذي قام بعدها بعام هو وزوجته بجولة إفريقية شملت السنغال وجنوب إفريقيا وتنزانيا، وضعت الدبلوماسية الأمريكية علاقتتها مع القارة الإفريقية في ذيل أولوياتها، أو ما يعرف بـ "شعلة التسخين الهادئ"، حسب وصفها، واستمر الحال منذ ذلك الوقت، بل ساء الأمر ودخلت في حالة من الفتور والوهن أثناء حقبة ترامب. 

واتفقت "مؤسسة بروكينجز" الأمريكية مع تلك الرؤية، مؤكدة أن الولايات المتحدة بحاجة إلى أن ترى قارة إفريقيا "حليفة لها"، وعبرت عن ذلك في تقييم لها قائلة: "لسنوات طويلة، ظلت العلاقات الأمريكية مع إفريقيا تؤكد على تقليص الفقر، والمساعدات الأجنبية، وإيجاد حلول للصراعات وانعدام الأمن، بينما كان الأمر شديد الأهمية، أن تلك الأولويات لم تتواكب مع وتيرة التغيرات الدراماتيكة التي تحدث عبر المنطقة، فإفريقيا اليوم برزت كوجهة عالمية رائدة لمشروعات ريادة الأعمال المبتكرة والملهمة، لذا فالقمة الأمريكية الإفريقية النعقدة حاليا فى واشنطن تتيح للولايات المتحدة فرصة لن تعوض لإعادة ضبط نهجها تجاه ديناميكيات المنطقة سريعة التغير". 

كان الرئيس الأمريكي بايدن قد لخص مشهد العلاقات والطموحات والتحديات وآفاق التعاون بين الجانبين في بيان استباقي عن القمة في يوليو الماضي، قال فيه "استنادا إلى قيمنا المشتركة، سيعمل قادة الولايات المتحدة والزعماء الأفارقة المشاركون في القمة، على تعزيز أفضل لعلاقات اقتصادية جديدة، والتشديد على التزام الولايات المتحدة وإفريقيا بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وتخفيف تداعيات كوفيد-19 والأوبئة المستقبلية، والعمل المشترك لتقوية الصحة إقليميا وعالميا، وتعزيز الأمن الغذائين ودعم السلام والأمن، والاستجابة لأزمة المناخ، وتقوية الروابط مع الشتات والمغتربين".

ويقول المراقبون إنه لدى الولايات المتحدة مصلحة كبرى في إيجاد علاقة أقوى مع قارة تتألف من 54 دولة، ستمثل نحو ربع سكان العالم بحلول العام 2050، منذ عام 2019، ساعدت الولايات المتحدة في إبرام أكثر من 800 صفقة تجارة واستثمار متبادلة بين الجانبين في 45 دولة إفريقية، بقيمة إجمالية بلغت 50 مليار دولار في صورة صادرات واستثمارات، وعلى صعيد المساعدات الإنسانية، تعهدت الولايات المتحدة بتقديم 3ر1 مليار دولار للقرن الإفريقي، حيث يقطن 22 مليون شخص يواجهون خطر المجاعة. 

ورغم تحسن مؤشرات الانخراط مع القارة الإفريقية، فإن الباحثة فى الشؤون الإفريقية أنانيا باتاشاريا من دورية "كوارتز"، تؤكد أن واشنطن "لا تتحرك بسرعة كافية أو أنها لا تلتزم بالأمر من صميم قلبها"، وأضافت "لقد بدأ بايدن المسيرة وتحدث عما سماه "تعاون"، غير أن الولايات المتحدة حين تنظر إلى تلك الكلمة فإنها تنظر إلى القارة بوصفها مشكلة تبحث عن حل، أكثر من كونها تنظر إلى القارة باعتبارها شريك في التجارة والابتكار. 

وترى باتاشاريا أنه حين الحديث عن التعاون فإن الأمر بحاجة إلى إلى "ترجمة الأقوال إلى أفعال"، معبرة عن أملها ألا تكون جهود الولايات المتحدة وتحركاتها انطلاقا فقط من دوافعها لوقف زحف الصين وانتشارها في ربوع القارة، لكن ما تأمله الشعوب الإفريقية أن تساعد واشنطن بلدانها على إحراز التقدم. 

ولم تغفل "كوارتز" في تغطيتها للقمة الإفريقية الحديث عن المنافسة الشرسة التي تواجهها الولايات المتحدة من الصين وروسيا في ربوع القارة السوداء، فإذا كان الحديث عن التجارة والاستثمار، فإن الصين تتجاوز الولايات المتحدة بمراحل. 

وخلال الفترة من 2007 إلى 2017 منيت تجارة أمريكا مع إفريقيا بهبوط حاد بلغت نسبته 54 في المئة، بينما في المقابل قفزت تجارة القارة مع الصين بنسبة 220 في المئة. 

كما أنه في عام 2020، بلغت صفقات الصين الإجمالية 753 مليار دولار مع 623 شركة ومؤسسة، وفي المقابل كان أكبر حشد للشركات الأمريكية قد بلغ 80 شركة باستثمارات 22 مليار دولار منذ عام 2019. 

ترعى الصين 46 مشروع موانئ في إفريقيا، بينما لا توجد موانئ ترعاها الولايات المتحدة أو تشرف على تشييدها. 

وتتعاظم القوة الناعمة للصين في القارة الإفريقية، فمنذ عام 2006، تقوم بكين باستضافة منتدى التعاون الصيني الإفريقي كل ثلاث سنوات، كما أن الصين قامت بتركيب أجهزة تلفاز مرتبطة بالأقمار الاصطناعية في 10 آلاف قرية إفريقية، وقامت بتحميلها بقنوات بث تلفزيونية مدعوم محتواها من الدولة الصينية. 

وفي الوقت نفسه، تقوم روسيا على الجانب الآخر بتعزيز قبضتها عبر صفقات عسكرية وأمنية، ففي عام 2019، عقدت القمة الروسية الإفريقية، وروجت موسكو خلالها محطات نووية ومقاتلات حربية، وعند اندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا، وجد الكرملين داعمين له بين نافذين على مواقع التواصل الاجتماعي داخل القارة الأفريقية، بما يوحي بوجود انتصار ناعم وثقافي آخر على الولايات المتحدة. 

وتلفت "كوارتز" إلى أن دولتي الصين وروسيا، بخلاف الغرب، تعملان في القارة دون الحديث علانية عن السياسات، والبيروقراطية، واختلال معايير المساواة بين الجنسين، وغيرها من القضايا؛ ما يقلل من فرص اصطدام الخلافات الأيديولوجية مع صفقات الأعمال في أفريقيا. 

وقد تجسد تصاعد نفوذ الصين وروسيا بصورة ملفتة للأنظار عندما صوتت دول إفريقية بشأن قرارات تتعلق بروسيا في الأمم المتحدة، حيث بدا الانقسام ملحوظا، العديد امتنع عن التصويت، أو صوتوا ضد القرارات. 

وفي ضوء التحديات والآفاق والطموحات، ترى الدورية أن الولايات المتحدة ليست لديها رفاهية البعد عن إفريقيا ولا يمكن أن تنام عيونها عن الفرص الهائلة التي تمتلكها تلك القارة، التي تملك الملايين من الأيدي العاملة ممن يعملون لكسر حاجز الفقر والانتقال إلى الطبقات الوسطى في المجتمعات الإفريقية، ولاسيما أن القارة تضم أصغر تركيبة عمرية ديموجرافية على مستوى العالم، فمتوسط الأعمار في القارة حاليا يبلغ 8ر18 عاما، بينما يبلغ 30 عاما عالميا. 

كما أن الطبقات المتوسطة في القارة الإفريقية تضاعفت ثلاث مرات لتصل إلى 310 ملايين خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، ومن المنتظر أن تنمو القوى العاملة في البلدان الإفريقية بمعدل 20 مليون سنويا خلال العشرين سنة المقبلة. 

وتتمتع القارة بهيمنة ملحوظة على معادن نادرة وثمينة في العالم، إذ تحتوي الكونغو على أكثر من ثلثي مخزونات العالم من الكوبالت، وهو مكون رئيس لبطاريات الليثيوم المتأينة، كما أن غينيا لديها أكثر من ثلث إنتاج العالم من البوكسايت، ذلك الخام الرئيس لتصنيع الألومنيوم، في ظل توقعات أن تصبح القارة منصة تصنيع كبرى على مستوى العالم.