الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"الأقباط والحداثة".. صفحات من فلسفة اللاهوت والإصلاح الديني

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"الأقباط والحداثة.. صفحات من فلسفة اللاهوت والإصلاح الديني

5 فصول تناقش إعمال العقل وأزمة الفكر اللاهوتي في الكنيسة

يغوص الكاتب فى إشكاليات غطاء الرأس والحشمة

 

 

يعد كتاب الأقباط والحداثة، باكورة أسفار الفيلسوف الشاب باهر عادل. 

وعادل من مواليد 1990 متعدد المواهب، فهو أديب وباحث في الفلسفة واللاهوت، صدر كتابه بجملة :"إذا كنت متعصبا فلا تقرأ الكتاب ، إن كنت أحادي الفكر والرأي فلا تقرأ هذا الكتاب".

الكتاب من تقديم المفكر كمال زاخر والإهداء كما يرويه باهر:" إلي الأسقف المتنيح الأنبا أبيفانيوس شهيد الحق".

 والكتاب يقع  في 259 صفحة من القطع المتوسط صادر عن دار "روافد" للنشر والتوزيع وصمم الغلاف رائد مجدي .

 يحتوي علي خمسة فصول، تسبقها مقدمة بعنوان : الدين للشعب، والفصل الأول : الأقباط والحداثة والعلمانية، والفصل الثاني : أزمة الفكر اللاهوتي في الكنيسة، والفصل الثالث : في نقد التخلف والخرافة، والفصل الرابع : الشخصية القبطية الأزمة والحل، والفصل الخامس : لاهوت التحرير .وملحق وخاتمة .

الكتاب لا يهدف إلي إثبات صحة أي دين بل ينطلق من فرضية "الدين للشعب"، ويتعرض الكاتب لماهية التنوير وتاريخ التنوير المصري ويتساءل باهر :" صحيح نحن ننادي بالعودة للاهوت الشرقي، وهذا ليس تعصبًا أعمي ، بل لأننا نري أنه أقرب صورة صحيحة للمسيحية" ذلك هو المفتاح الذي يفتح لنا الكاتب فك شفرة "الأصولية" سواء الأصولية المسيطرة علي العقل القبطي ويعد " اصطفافا مع الأصولية الإسلامية المسيطرة علي العقل الجمعي في مصر المحروسة".

وينتقل بنا الكاتب إلي الإجابة عن سؤال من هم الأقباط ؟وعن وطنية الأقباط، ويشرح لنا معني الحداثة وما بعد الحداثة، طارحا الدلائل علي أصولية العقل المسيحي المصري ومخاصمته للحداثة عبر التعامل مع النص الديني، ومعايير التقليد، ويفجر قضية الإيمان بالإعجاز العلمي وبالمعجزات مع إيمانه بها، ويكتب عن رفض الشيوخ والإكليروس نظرية التطور في معاداة لإعمال العقل، وينتقل الي الدين والحداثة والتجديد والتطور، ويقف أمام رسالة المسيح في تجديد الخطاب الديني، ويشير إلي الوعظ في الكنائس القبطية، ونظرة بعض الوعاظ الأقباط إلي الكنائس الأخري وكيف يرونهم هراطقة، ويستشهد بمقولة الأب متي المسكين :"المسئول الأول عن التعصب الديني : هم القادة والمعلمون ..الذين لايراعون المستوي النفسي للمتدين ويلقنونه الحقائق الإيمانية دون نقاش" .متضمنا ذلك ماهية الخضوع لسلطة الكهنوت ،وكأن العلاقة بين أسياد وعبيد ، ويستشهد هنا باهر بالاب باسيليوس المقاري عن الأنبا أبيفانيوس بالقول :" لم يكن الأنبا إبيفانيوس يسمح لأحد أن يقبل يده ....ولا يترك الناس يعملون له "مطانية" ـ أي السجود علي الأرض ـ لأن ذلك ليس له أساس إنجيلي ".

أما عن الطاعة في المفهوم المسيحي عبر مقولة "ابن الطاعة تحل عليه النعمة " ويؤكد باهر أنه بالطبع ليس ضد العقيدة الأرثوذكسية ويستشهد بالقديس غريغوريس النبصي :" الحرية هي جوهر الصورة البشرية لله".

ويفرد الباحث مساحة للمرأة في المسيحية عبر رؤية المرأة في فكر الله : " فخلق الله الإنسان صورته .."، والمرأة في فكر الآباء سواء القديس أثانسيوس الرسولي :" أن المرأة قد خلقت أيضا علي صورة الله مثل الرجل تماما ...:" ويقول أيضا القديس كيرلس السكندري :" ويتنبأ بنوكم وبناتكم " وهذا كما يري الكاتب يعلن عمومية نعمة الله والمساواة التآمر بين الرجل والمرأة .

وينتقل بنا البحث إلي الإشكاليات حول المرأة من غطاء الرأس إلي الحشمة والرجل رأس المرأة إلخ، ومن هذا المنطلق يتطرق الكتاب إلي اللاهوت النسوي .

يري الكاتب أن الأقباط والدولة الحديثة ويتوقف على أن الأقباط يتعاملون كرعايا وليس كمواطنين، علما بأن الأساس العلمي للعلمانية هو المواطنة ، ويتطرق إلي الزواج المدني والزواج الديني .

أزمة الفكر اللاهوتي في الكنيسة :

ويستعرض باهر أولا، البعد العقائدي ، ثم اللاهوت القبطي المعاصر ومكوناتة : اللاهوت المدرسي ، واللاهوت العربي الوسيط ، ويشرح الكاتب باستفاضة وآراء الآباء والقديسين رؤيته .

أزمة الكنيسة القبطية : البعد التاريخي متمثلا في مجمع خلقودنية وانفصال الكنيسة وانحسارها علي نفسها وحركة التأقبط وإلغاء اللغة اليونانية ، ثم ما تأتي بعد الغزو العربي لمصر ، والرحلات التبشيرية من كاثوليك وبروتستانت إلخ، وينتقل بنا الباحث إلي تاريخ الإصلاح الكنسي من البابا كيرلس الرابع مرورا بحبيب جرجس والأنبا غورغوريس وصولا إلي الأب متي المسكين واللاهوتي جورج بباوي والتيار العلماني بقيادة كمال زاخر.

ويقدم لنا باهر جزءا خاصا عن الأب متى المسكين كراهب حقيقي ومؤلفاته الـ 181 كتابا والموقف منه ومن كتاباته ، ويسرد في سياق ذلك تاريخ وأعمال اللاهوتي جورج حبيب بباوي والأزمة التي حدثت معه حتي مماته،وفي البحث من يراهم ضد الإصلاح من التيارات المحافظة في الكنيسة، ويتوقف أمام سؤال :

لماذا فشل الإصلاحيون .. في إصلاح الكنيسة القبطية في القرن ال19 و حتى الآن ؟ :

أولاً : بسبب الثقافة العربية والإسلامية المحيطة ،وثانيا: ارتباك الهوية وثالثا :لأن الإصلاح كان حركة فردية رابعا: الغيرة والحقد وخامسا : سلطة الاكليروس وضعف ثقافة الشعب .

ومن ثم ينتقل الكتاب إلي نقد التخلف والخرافة ويعدد أوجه التخلف ويدعو إلي إعادة كتابة التراث الكنسي .

ويتنقل البحث من رؤية مختصرة لنقد الرهبنة المعاصرة ، وإشكاليات الاعلام الكنسي من ضعف القنوات المسيحية إلي تسييس بعض القنوات .

ويستمر الوعي النقدي في البحث ليصل إلي "المشورة الكنسية " ويتساءل :هل يوجد علم اسمه علم المشورة أم هو خلطة سحرية بين علم النفس والكتاب المقدس ؟ 

نصل إلي الفصل الرابع : الشخصية القبطية الأزمة والحل :

المنطلق الأول :

 عقلية المؤامرة وعقدة الاضطهاد .

المنطلق الثاني :

تقديس الجهل والسطحية والميل إلي الخرافة .

المنطلق الثالث : التعصب وإقصاء الآخر.

ويطرح الكتاب سبل الخروج من المأزق عبر التعامل بندية وعدم الحساسية المفرطة للنقد ، وإعمال العقل وقبول الآخر .

يقدم لنا الباحث فصلا عن لاهوت التحرير كنت أظن أن يكون في متن الحديث عن اللاهوت الذي تعرض له من قبل لأن وجوده متفردا يعد إضافة في غير موضعها ونسي أو لم يعرف الباحث كتابات الأب وليم سيدهم اليسوعي صاحب الـ 21 كتابا في لاهوت التحرير وتمصيره وتأسيس علي فكرة أسس جمعية النهضة العلمية والثقافية ، كما أضاف الكاتب ملحقا كنت أتمني أن يكون نواة منفصلا مع مجموعة مقالات الكاتب ، كما أنني أتمني للباحث الموهوب ألا يسرد في كتاب علمي بعض "الثرثرات "  من البعض ضد البعض الآخر، ورغم كل ذلك نحن أمام سفر علمي لباحث باهر يكفي أن مراجعه التي تبلغ ال 100 مرجع لمراجع مهمة ومنها أجنبية تبشر بقدوم باحث يقدم لنا رؤية جديدة للحداثة وليس للإصلاح ، تحية للكاتب الذي حاولت أن أعرضه فقط والباقي عليك عزيزي القارئ.