كعادة التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية فى إطلاق التصريحات التحريضية ضد مؤسسات الدول التى يكنون لها الحقد والعداء، على رأسها مصر التى أجهضت مشروعهم التخريبى فى ثورة الـ٣٠ من يونيو، وفى تونس أطلق أكاديمى إخوانى وهو محمد الحبيب المرزوقى المكنى «أبو يعرب المرزوقي»، والذى يواجه عدة تهم أمام القضاء التونسى، حُكم فى بعضها بعدم الاختصاص، تصريحات تحريضية ضد الرئيس التونسى ومؤسسات الدولة مثل مبنى البرلمان.
فى الوقت نفسه، حرَّض رياض الشعيبى، القيادى فى حركة النهضة الإخوانية، ضد الرئيس التونسى قيس سعيد، مطالبا باحتجازه على غرار ما حدث من وقائع فى دولة بيرو الواقعة بأمريكا الجنوبية.
وكان الإخوانى أبو يعرب المرزوقى، دعا أتباع حركة النهضة وجماعة الإخوان الإرهابية، إلى اقتحام مبنى البرلمان التونسى بالقوة فى خطوة استباقية قبل إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة فى ١٧ ديسمبر الجارى.
فى تدوينة نشرها، الخميس الماضى، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، أكد فيها أن التظاهرات التى تنظمها حركة النهضة وداعموها مثل جبهة الخلاص الوطنى ضد الرئيس قيس سعيد، تصب فى مصلحة الرئيس لأنها تعلن للعالم أنه لا يقيد الحريات ويسمح لمنتقديه بالتظاهر فى العاصمة التونسية دون تضييق أمنى، لذا طالب المرزوقى بالكف عن التظاهرات السلمية والتوجه لاقتحام مبنى البرلمان والسيطرة عليه قبل الانتخابات التشريعية القادمة وإجبار الجهات الأمنية والجيش على الوقوف إلى جانب خطواتهم الإرهابية.
وقال «المرزوقي»: «الحل الوحيد هو الإقدام على افتكاك البرلمان قبل الانتخابات المهزلة.. فالتظاهر فى قلب العاصمة لا فائدة منه وهو يضفى على المنقلب الشرعية التى يدعيها بدعوى عدم منع حرية الرأى والتظاهر».
واتهم المرزوقى التيارات القومية والوطنية التى تدعم الرئيس التونسى ومسار ٢٥ يوليه الإصلاحى بالمافيا والمنافقين، وأنها تيارات تقف مع الدولة بساق وتقف مع خصومه بساقها الأخرى، كما اتهم رؤساء ومديرى الجامعات والتعليم العالى ووصفهم بأنهم أفسد يسار فى التاريخ، قائلا: ولا أعجب من سكوت الجامعيين ونقابة التعليم بمستوياته كلها، فمن يسيطر عليهم هم أفسد يسار عرفه تاريخ البشرية، والظاهرة ليست جديدة، الجديد فيها هو افتضاح عمالتها لمؤسسات لا يتوقفون عن التعبير عن احتقارهم لأصحابها».
من هو أبو يعرب المرزوقي؟
يشار إلى أن محمد الحبيب المرزوقى، واحد من الأكاديميين والمتخصصين فى مجال الفلسفة، يكنى نفسه بأبى يعرب المرزوقى، ويحلو له أن يصف نفسه بـ«المفكر أو الفيلسوف» متجاهلا دوره فى الترويج لمشاريع الجماعات الإرهابية والمتطرفة، واستلهام أفكارهم المتطرفة ومصلحاتهم التكفيرية فى مقالاته ومؤلفاته التى يصفها بالفلسفة.
ينشط المرزوقى فى الترويج لكل الإشاعات التى يطلقها تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، مثل عمالة كل خصومهم للصهيونية، أو عودة المجتمعات العربية لزمن الجاهلية كما ادعاها من قبل منظر التكفير سيد قطب، أو وصف الأنظمة السياسية التى لفظتهم بأنها تعيش عزلة سياسية من جميع دول العالم متجاهلا زيارات عدة قامت بها الدول لتونس أو العكس، كما تجاهل القمة الفرنكوفونية الأخيرة التى استضافت خلالها تونس لأكثر من ٩٠ وفدا من وفود دول العالم.
هذه الإشاعات يروجها إعلام الإخوان دائمًا، ولا فرق بين إعلامى ساذج ممول وبين أكاديمى يطلق على نفسه «البروفسيور»، كلاهما يروج لإشاعات خطط لها التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية بمساعدة أجهزة أجنبية.
لا يليق به لقب «فيلسوف»
من جانبها، قالت الدكتورة مريم الدزيرى، باحثة تونسية فى مجال الأدب القديم وأدب التصوف: أبو يعرب المرزوقى حصل على دكتوراة الدولة فى الفلسفة، وسبق أن درَّس فى الجامعة التونسية، وتولى رئاسة مؤسسة بيت الحكمة، لكنه إخوانى أسهم فى تدمير تونس، ولا يليق به لقب «فيلسوف»، فهو لا يؤمن بالوطن.
وأضافت الدزيرى فى تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز»، من المريب أن تجد شخصًا يدعى أنه صاحب فكر حر وفى نفس الوقت ينتمى لجماعة الإخوان، وأتساءل: هل فعلا اطلع على الفلسفة! حتى مع الفلسفة الإسلامية الإشراقية نأت الفلسفة عن الإيديولوجيا الدينية.
وتابعت أنه من المستحيل تخريج أجيال تؤمن بالفكر ودور الفلسفة من تحت يد أمثال المرزوقى، لأن عباءة الإخوان لا تنتج فكرا، ولا تدعو إلى التفكير أصلا، هى مسلمات جاهزة من اختراعهم لا تنتج إلا تخلّفا وجهلا.
وشددت الكاتبة التونسية على أن كل من اقترب من الإخوان خلعوا عليه عباءة تخلفهم وإجرامهم بحقّ شعوبهم، أبو يعرب المرزوقى وصف ما فعله الرئيس قيس سعيد يوم ٢٥ جويلية بالانقلاب، فى حين أن الرئيس نفذ إرادة شعبية فى التخلص من جور الإخوان وإرهابهم.
وحول إمكانية الجمع بين رحابة الفلسفة وضيق أفق الجماعات المتشدد، قالت الدزيرى: من المؤسف أن يتحول المفكر إلى بيدق (قطعة شطرنج) لدى جماعة إرهابية، حيث تنتفى الفلسفة والفكر عندما ينضوى إلى جماعة الإخوان، فلا يجوز الحديث عن الفيلسوف وفلسفة فى هذه الحال.
اختراق المؤسسات التربوية
أكدت الإعلامية التونسية ليلى الجلاصى، أنه من التناقض أن تجد مثقفا يعمل فى خدمة تنظيم دولى مثل جماعة الإخوان، كوادره وقياداته العليا تمثل أمام المحاكم بتهم إرهابية خطرة على سبيل تبييض الأموال، وتسفير الشباب إلى بؤر الحروب ليكونوا وقودا فى النار التى تلتهم البعض من الدول العربية على غرار سوريا بالأساس.
وقالت «الجلاصى» فى تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز»، أن تدوينات المرزوقى احتوت على «عبارات وألفاظ تمس من هيبة الدولة التونسية، وفيها إساءة كبيرة وتهجم واضح على القائد الأعلى للقوات المسلحة فى شخص رئيس الجمهورية قيس سعيّد»، وأيضا شملت التطاول على الغير، سواء كان مسئولا فى الدولة أو غيره، وهو ما لا يليق بالإنسان، خاصة إذا كان صاحب فكر ومرتبطا بمادة الفلسفة بما هى وعى بكنه الإنسان، وبحث فى أغوار الطبيعة ودراية دقيقة بالأخلاق وطبيعة العلاقات الاجتماعية.
ولفتت «الجلاصى» إلى أنها لا تستغرب انتماء المرزوقى إلى الإخوان، ولو فكريا، لأن التنظيم اعتاد ضم وتجنيد المثقفين، ومن يحملون الشهادات العليا، كالمحامين والأطباء والأساتذة الجامعيين والمهندسين، وهنا يتبادر للذهن سؤال بديهى: هل نحن فى مرحلة تسخير جهود العلم فى خدمة التنظيم الإخواني؟ والإجابة نعم.
واستكملت: يتلخص تسخير العلم فى خدمة التنظيم الإخوانى فى عنصرين: العنصر الأول يكمن فى تغيير البرامج التعليمية، وقد انطلق ذلك منذ فترة الوزير الأول الأسبق محمد مزالى فى عهد بورقيبة حيث انطلق فى تعريب مادة الفلسفة، وتغيير المنهاج التعليمى بشكل يخدم مصالح الفكر الإخوانى، ولم يكن التعريب فى كامل مراحل التعليم، بل توقف فى منتصف الطريق، فأصبح الطالب غير قادر على مجاراة نسق التطور العلمى، وافتقد البعد النقدى، واستعاض على ذلك بتصديق ما يقدم له من خرافات ومن شعوذات.
وتابعت: أما العنصر الثانى فيتمثل فى تسلل المدرسين الحاملين للفكر الإخوانى، أو على الأقل حاملى الفكر المحافظ والرجعى، ويكفى ملاحظة المدرسات المحجبات لنفهم هول سيطرة هذا الفكر على الناشئة، بداية من الروضة إلى المؤسسات التعليمية الجامعية، وهو ما يتنافى مع الأمانة العلمية، إذ ليس للعِلم لون إيديولوجى.
واختتمت: لقد نجحت حركة النهضة فى اختراق المؤسسة التربوية بزرع وكلائها فى وزارة التربية على مستوى الموظفين والمدرسين وذلك منذ ٢٠١١، وخاصة بعد العفو التشريعى العام، وعلى الدولة فى أقرب وقت أن تبادر بالإصلاح التربوى وتغيير من برامج التدريس بشكل يخدم الفكر النقدى، ويرفع من مكانة المنهجية العلمية، كما عليها تخليص القطاع من كل مظاهر الأخونة وخاصة لدى المدرسين.
تاريخ قديم
وظل «المرزوقى» عنصرًا إخوانيًا غير معروف فى الأكاديمية، فهو إخوانى بدرجات علمية متقدمة فى مجال الفلسفة والفكر، حيث اعتاد «التنظيم» تصعيد عناصره المختفية إلى أماكن مرموقة داخل الجامعات، وعنصرًا غير معروف فى الحزب الاشتراكى الدستورى، كما ظنت النخبة السياسية التونسية أنه أحد التقدميين واليساريين؛ ليجدوه فجأة على رأس قائمة حركة النهضة الانتخابية.
وليس مستغربًا فى اللحظة الحالية أن نكتشف حقيقية مجموعة من الشخصيات، عاشت دهرا طويلا وسط اليسار والمعارضة أو الأحزاب السياسية الحاكمة قبل ٢٠١١ لتأخذ دورها كقيادات أصيلة وسط جماعات الإسلام السياسى المتطرفة. واستقال «المرزوقى» من المجلس الوطنى التأسيسى الذى سيطرت عليه حركة النهضة الإخوانية، قائلا «لو كنت أعلم أن تعيينى من باب الترضية لنأيت بنفسى عن المشاركة»، ثم ظل وفيًا للتنظيم الدولى فلا يدع مناسبة إلا ويهاجم مصر التى أسقطت رأس الأفعى الإخوانية فى ثورة الـ٣٠ من يونيو، أو الهجوم على الرئيس قيس سعيد الذى أطاح بحركة النهضة وكشف زيفها أمام الشارع التونسى، أو الظهور فى القنوات والمنصات الإعلامية للإخوان للتحليل السياسى والتعليق على الأحداث.