السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوارات

عبد الرحيم علي في حواره مع مجلة الدبلوماسية العالمية السويسرية: اهتمامي بدراسة الحركات الإسلامية بدأ منذ اغتيال الرئيس السادات.. والبرلمان الأوروبي أخطأ عندما استجاب لمناقشة تقارير إخوانية مغلوطة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا يمكن الحديث عن الحريات في بلد ما دون الوعي بما يواجهه من معارك مصيرية

مصر واجهت محنة السقوط والتفتت بعد يناير 2012

التوازن بين ثقافة المجتمعات وقضايا حقوق الإنسان ضرورة ملحة 

لا يمكن أن يتحول العالم إلى نسخ طبق الأصل من بعضنا البعض

لا تتاح للقارئ الفرصة كل يوم لمقابلة رجل متعدد الملكات؛ دعنا نقول بإيجاز إنه كاتب وصحفي انتُخب عضوًا بمجلس النواب المصري السابق، وهو باحث متخصص في الحركات الإسلامية، وله العديد من الكتب في هذا الميدان.

وهو أيضًا المدير المؤسس لمركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، وكذلك المركز العربي للصحافة، ناهيك عن كونه رئيس تحرير صحيفة "البوابة " المصرية اليومية والموقع  "البوابة نيوز".

لقد أتيحت لنا فرصة اللقاء معه في باريس؛ حيث -على الرغم من جدول أعماله المزدحم- فإنه أعطانا الوقت الكافي للإجابة عن أسئلتنا العديدة.

مجلة الدبلوماسية العالمية السويسرية

دكتور علي: هل يمكن أن تخبرنا عن مسيرتك الفكرية؟

أنا بدأت العمل الصحفي في عام ١٩٨٧ في جريدة الأهالي، وكان الإرهابيون وقتها قد نفذوا حادث اغتيال السادات عام ١٩٨١ وكنت مهتما منذ ذلك التاريخ بدراسة أفكارهم وتاريخهم وجذور الجماعات المماثلة لهم في التاريخ الإسلامي، الأمر الذي جعلني أتخصص في هذا المجال وهو مجال دراسة الإرهاب وحركات الإسلام السياسي، أنشأت المركز العربي للبحوث والدراسات في مصر وهو مركز متخصص في دراسة الإرهاب، ثم أنشأت جريدة وموقع البوابة نيوز، أنتجت خلال مسيرتي البحثية عشرين كتابًا حول تاريخ وأفكار تلك الجماعات منها: الملفات السرية لتنظيم الإخوان وتنظيم القاعدة، عشرون عامًا والغزو مستمر، وأسامة بن لادن الشبح الذي صنعته أمريكا، والإسلام وحرية الرأي والتعبير.. ترجم منها ثلاثة كتب إلى اللغة الفرنسية وهي: دولة الإخوان، وداعش في منطقة مضطربة، والأفكار الشيطانية للإخوان، ونشرتها دار لارماتان. انتُخبت نائبًا في البرلمان المصري في برلمان ٢٠١٥. وبعدها أنشأت مركز دراسات الشرق الأوسط في باريس، وموقع ديالوج للحوار بين الشرق والغرب.

 

 أنت رجل متعدد المواهب، وتُدير مجموعة إعلامية كبيرة في بلدك، ونحن عندما نتحدث عن الصحافة فإننا نفكر بشكل أساسي في حرية الصحافة، فماذا عن الصحافة والإعلام وحرية التعبير في بلدك؟

لا يمكن الحديث عن حرية الصحافة والإعلام في أي بلد بمعزل عما دار ويدور به من أحداث، فنحن بلد واجه محنة السقوط والتفتُّت بعد أحداث يناير ٢٠١١، ثم واجه الإرهاب المدعوم إقليميًا ودوليًا بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣؛ حيث سقط أكثر من 3500 شهيد من رجال الجيش والشرطة بخلاف عشرات المدنيين من المسلمين والمسيحيين على السواء في أكثر من 1200 عملية إرهابية مدعومة ماديًا ومعنويًا من دول إقليمية ودولية ويقف وراءها تنظيما الإخوان المسلمين وتنظيم داعش.. لا يمكن الحديث عن حرية التعبير إلا بدراسة هذه الفترة؛ ففي بعض الدول الأوروبية فرنسا على سبيل المثال، مجرد عمليات محدودة دفعتهم إلى إصدار قانون للطوارئ والإرهاب.. مصر واجهت الإرهاب نيابة عن العالم، ولا تلك المعركة التي خضناها بشرف، ودفعنا فيها من دمنا وأرواح أولادنا لكان الإرهاب قد طرق أبواب أوروبا بمطارق من حديد ونار.. بالطبع تم تنظيم العمل في مجال الصحافة والإعلام في هذه المرحلة بما يتوافق مع المعركة الكبرى التي يخوضها مجتمع عانى من ثورتين متتاليتين، ومن صراع مُدمِّر مع قوى الإرهاب والتطرف فسنَّ البرلمان قوانين تحافظ على الأمن القومي ووحدة المجتمع من انتشار الشائعات والتحريض ضد الجيش والشرطة والأقباط.. واعتبر البعض أن ذلك تضييق على حرية الإعلام والصحافة.. ولكن ماذا عن الآن فبعد أن زال كابوس الإرهاب الذي جثم على صدور المصريين لأعوام عشرية من السنوات بدأنا الحوار الوطني وفي القلب منه فتح المجال لحرية الصحافة والإعلام، وبدأ الجميع (جميع التيارات السياسية) في الحديث بحرية ووضع التصورات المستقبلية لإعلام حُر، وصحافة حرة، وهو ما نأمله خلال الحقبة القادمة.

 

 لقد انتُقِدَت مصر مؤخرًا من قِبل المجتمع الدولي وخاصة من قبل البرلمان الأوروبي؛ لأنها لم ترفع حالة الطوارئ السارية في مصر منذ عام 2017، لماذا برأيك لم تفعل السلطات المصرية ذلك حتى الآن؟

لقد أخطأ البرلمان الأوروبي في إطلاق هذا الاتهام؛ لأن حالة الطوارئ تم رفعها بالفعل في مصر في الخامس والعشرين من أكتوبر عام ٢٠٢٠، ولكن لأن البرلمان الأوروبي يستقي معلوماته من تنظيم الإخوان الذي يخوض حربًا ضروسًا ضد مصر والمصريين وليس ضد النظام في محاولة للعودة إلى سدة الحكم في مصر فقد خانته الدقة. أيضًا جاء هجوم البرلمان الأوروبي في توقيت غريب بعد أن نجحت مصر في تنظيم مؤتمر المناخ وأصبحت حديث العالم. على الرغم من محاولات تنظيم الإخوان وحلفائه إفشال المؤتمر بالدعوة إلى ما أسموه ثورة 11 -11، الأمر الذي لم يستجب إليه أي مصري على الإطلاق فلجؤوا إلى محاولة حرف المؤتمر عن مقرراته الأساسية في مساعدة الدول النامية وتعويضها عن الانبعاثات السامة والضارة التي تسببت فيها الدول الغنية، فراحوا يتحدثون عن ما سموهم سجناء الرأي، وطرحوا أسماء وعقدوا مؤتمرات صحفية بداخل المؤتمر، ولكن كل ذلك لم يأتِ بنتيجة حتى رؤساء الدول كالرئيس الأمريكي، ورئيس الوزاراء البريطاني، والمستشار الألماني الذين رددوا كلامهم تفهموا الموقف المصري عندما تم مناقشتهم في المؤتمر عندما فشلت كل تلك التحركات في إفشال المؤتمر وحرفه عن مساره، راحوا يلعبون لعبتهم مع البرلمان الأوروبي الذي ردَّد مزاعمهم دون تدقيق في أي منها، فجاءت مزاعمه كافة غير دقيقة، أو مخالفة -على الأقل- لما يحدث الآن في الحوار الوطني في مصر. 

أنت مهتم بقضيتين رئيستين: قضية الإرهاب وقضية حقوق الإنسان، هل يمكن أن تشرح لنا أسباب ذلك؟

 أنا مهتم بقضية الإرهاب أولًا وثانيًا وثالثًا؛ لأنها قضية العصر؛ محاولة مجموعة من التنظيمات سلب العالم كل ما توصل إليه من قِيَم وحضارات في محاولة يائسة للعودة إلى الوراء آلاف السنين. إن هذا الخطر هو الذي يُهدِّد المجتمعات الأوروبية أكثر مما يهددنا نحن.. فبعض تلك المجتمعات تتعامل مع الإرهابيين ومنظماتهم باعتبارهم مناضلين من أجل الحرية خاصة أولئك الذين يعتمدون أسلوب التقية؛ فيُخفون الجزء الإرهابي منهم تحت عباءة أفكار ليست أقل من فعل الإرهاب في شيء؛ فجماعة الإخوان التي ينتشر تنظيمها الدولي في أوروبا بشكل مكثف لا تقل خطورة عن تنظيم داعش إن لم تكن أخطر منه؛ إذ إنها تخطط للاستيلاء على أوروبا خلال ربع قرن من الآن عبر إسقاط أعمدة المجتمع المدني، وصنع جيتوهات منغلقة تطبق قانونها الخاص وسط تلك المجتمعات، وكذا الانتشار المكثف لأفكارها وسط الشباب الأوروبي، ولهذا أنا مهتم بهذه القضية.

أما قضية حقوق الإنسان فأنا أنظر إليها من خلال كيفية التوازن بينها وبين مواجهة الإرهاب في بعض الدول من ناحية، وأيضًا ثقافات تلك الشعوب من ناحية أخرى، فلا يُعقل أن تطبق عليَّا ما أنتجته حضارتكم من قِيَم باعتبارها شيئًا مُسلَّمًا به بينما ثقافتي ترفض بعض من تلك القيم كقضية المِثلية الجنسية، وحرية ممارسة الجنس، والدعاية له على سبيل المثال، فهناك بعض القضايا التي لا تتوافق مع ثقافات بعض الشعوب يجب أن نحترم تلك الثقافة ونحن نخاطبهم. أما قيم الخير والحب والإخاء والحرية والديمقراطية فهي قيم إنسانية لا خلاف عليها، الخلاف فقط في سُبل وأدوات تطبيقها وهو ما يستدعي نقاشًا حُرًّا بين الشرق والغرب آن أوانه، ومن هنا كانت فكرة موقع ديالوج للحوار بين الشرق والغرب.

 

 عندما نتابع أوضاع حقوق الإنسان في مصر نسمع عن اعتقالات كثيرة وعن حالات أشخاص مثل حالة علاء عبد الفتاح، لماذا لا يتم الإفراج عن تلك الحالات وتصفية أوضاع المحبوسين؟

  لماذا تنظرون إلى تلك الحالات الفردية ولا تنظرون إلى الآلاف من الشباب الذين يتم الإفراج عنهم تباعًا وفقًا للجنة التي تم تشكيلها لهذا الغرض؟! للأسف هناك تغييرات مهمة على الأرض في هذا الملف لا يتم الالتفات إليها، ويتم التركيز على أسماء، وهناك لجنة العفو الرئاسي التي تم إعادة تفعيلها بقرار جمهوري في ٢٦ أبريل هذا العام ٢٠٢٢، ومنذ ذلك التاريخ تم الإفراج عن 1148 من المحبوسين احتياطيا في قضايا الرأي وغير المتورطين في قضايا جنائية أو المنضمين لجماعات مسلَّحة بينهم أسماء أهم من علاء عبد الفتاح، منهم: 

 المحامي والبرلماني السابق زياد العليمي.

 والمهندس يحيى حسين عبد الهادي مؤسس الحركة المدنية.

 وحسام مؤنس الناشط السياسي.

   وشادي محمد.

 أما علاء عبد الفتاح فقصته مختلفة؛ هذا شاب حرض على قتل ضباط الجيش والشرطة، وطالب باقتحام وزارة الداخلية المصرية، كما طالب بخطف أطفال وأمهات الضباط، وهذه أمثلة من التويتات الخاصة به على حسابه على تويتر: ماذا تفعلون هنا في أوروبا عندما يقوم شخص سويسري أو فرنسي بنشر مثل هذا الكلام؟

 

استضافت مصر مؤخرًا مؤتمر COP27، وكان نجاحًا كبيرًا للبلد المُضيف المُنَظِّم، لكن هذا النجاح لم يمنع المنظمات غير الحكومية من التظاهر والشكوى، ما رأيك في ذلك؟

وهذا النجاح أيضًا يُحسب لمصر، فلم تسمح دولة من قبل من الذين نظموا هذا المؤتمر لمنظمات حقوقية بالتظاهر داخل المؤتمر، ولكن مصر سمحت لهم كما سمحت لبعضهم بعقد مؤتمرات صحفية عالمية على هامش المؤتمر ينتقدون فيه حالة حقوق الإنسان، وكل ذلك تم بموافقة الدولة المصرية، ولولا إحساس القائمين على تنظيم الحدث والقائمين على تنظيمه بقوة موقف الدولة المصرية واستعدادها للإجابة عن أية أسئلة تُثار ما كانت سمحت لهم بذلك؛ فالسماح لهم، ووجود تلك التظاهرات من وجهة نظري دلالة قوة من ناحية، ودلالة على الديمقراطية والحرية من ناحية أخرى.

 

قريبًا في نادي الصحافة السويسري ستشارك في مؤتمر في مدينة جنيف بنادي صحفيي الأمم المتحدة حول موضوع الإرهاب وحقوق الإنسان في مصر وفي العالم، ما الأسباب وما الغاية المنشودة من هذه الفعالية السياسية المهمة في قلب أوروبا والأمم المتحدة بالعاصمة السويسرية؟

الغاية المنشودة من هذا المؤتمر هي أن يسمع الغرب صوت من بالشرق، وأن نتناقش مع صحفيي الغرب حول قضايانا، وأن يسمعوا منا لا أن يسمعوا من منظمات لديها ثأر تاريخي مع بلدان الشرق وفي مقدمتها مصر. نحن نريد أن نفرق بين حريات يتمتع بها بلد مستقر نسبيا وحريات في بلد عانى من ويلات الإرهاب؛ ففي فترة المواجهة مع الإرهاب كان لا بد من سَنِّ قوانين، ووضع أطر للتعامل مختلفة، أما الآن فنحن نرى بعد انقشاع غيمة الإرهاب الحوار الوطني وآليات لجنة العفو التي تسعى للإفراج عن جميع المعتقلين، ومناقشة قانون الحبس الاحتياطي وحماية المُبلِّغ والشهود وأشياء أخرى ستنقل مصر بعد هذا الحوار الذي يشارك فيه كل أطياف المجتمع المصري إلى مكان آخر تمامًا نرضى عنه ويصبو إليه المصريون.

 باعتبارك صحفيًا مصريًا، هل تعتقد أن الصحفيين الغربيين يفتقرون إلى المعرفة بالعالم العربي (ممكن نضيف: وما الدور الذي تضطلع به في أوروبا لعلاج ذلك)؟

بالطبع هناك فقر كبير وواضح في المعلومات خاصة حول ثقافات وحضارات تلك الدول في الشرق؛ عاداتهم، وتقاليدهم، دياناتهم.. يجب أن نخلق متخصِّصين عديدين من خلال الدراسة والخبرة والدورات التدريبية، يجب إتاحة المعلومات أيضًا من قبل المسئولين في تلك الدول للمراسلين الغربيين، وترتيب الرحلات لهم والسماح لهم بإجراء كل المقابلات؛ فليس لدى مصر أو هذه الدول شيء يخفونه في عالم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

كلمتي الأخيرة إلى القرَّاء.. تدور حول ضرورة الحوار البنَّاء بين الشرق والغرب على أرضية الاحترام المتبادَل، وعدم التدخل في شئون الغير، خاصة العادات والتقاليد، والثقافة، والحضارة؛ فالاختلاف في هذه المناطق ميزة وليس عيبًا، وإثراء وليس إخفاقًا للتراث الإنساني العالمي؛ إذ من المستحيل أن نكون جميعًا متشابهين أو قيمنا واحدة وإلا سنصبح نسخًا مشوهة لبعضنا البعض.