أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين العساسي، كتاب «شعرية العقل.. قصيدة نثرية» للدكتور أبو اليزيد الشرقاوي.
انتهى الكتاب إلى أن جيل الخمسينيين شكل قطيعة جمالية حقيقية مع ما سبقه، مؤسساً قصيدة التفعيلة وفق جماليات تخصها ليست امتدادا لتجارب التحديث التي شاعت في العصر الحديث منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، ومن ثم يمكن الحديث باطمئنان عن جماليات قصيدة التفعيلة، خلال الحديث عن جيل الخمسينيات، وأن جيل الستينيات امتداد الخمسينيين، عمق التجربة أحيانًا، وسطحها أحيانًا أخرى لكنه في غالبه امتداد لنفس الجمالية الخمسينية، ومن ثم لا يمكن الحديث باطمئنان عن جماليات قصيدة الستينيين باعتبارها تؤسس قطيعة جمالية وتنشئ جمالية خاصة بها جديدة وهذا عكس ما وجدته مع السبعينيين الذين نجحوا في تأسيس هذه القطيعة الجمالية وتأسيس وعي جمالي خاص بهم، جاءت أهم ملامحه في هذه النقاط السبع: بناء الصورة التي لا يمكن تخيلها بصرياً، - الوصول بالصورة إلى أقصى مراحل بنائها، الشاعر لا يكتب من منطلق موضوع، لكن موضوعه هو القصيدة، قضية الشاعر في بناء القصيدة، الغرض لا يسبق القصيدة والقصيدة تخلق موضوعها، الهدف متضمن في الكتابة، الأغراض كامنة في لا وعي الشاعر ، وتظهر في أثناء الكتابة.
تمثل هذه النقاط السبع في رأي المؤلف، أسس الوعي الجمالي الذي يجب أن ينطلق منه الوعي النقدي المرافق لقصيدة النثر كما كتبها السبعينيون مع الأخذ بعين الاعتبار أن النقطتين الأولى والثانية لدوران حول الصورة الشعرية لكن من جهتين فتنفي النقطة الأولى فكرة المحاكاة، لأن الصورة أصبحت مغرقة في الخيال لا تهتم بالقرينة التي تجعلها - بالقياس إلى الموروث البلاغي - مدركة بصرية، والثانية نتيجة للأولى وهي الوصول بالمجاز، إلى أبعد مراحله.
وحاول المؤلف تطبيق ذلك على دواوين نصف جانبا من المشهد الشعري (وليس كله)، فاختار: "كأنها نهاية الأرض" لرفعت سلام، دیوان محمد سلیمان، مهمل تستدلون عليه بظل لعلاء عبد الهادي، "فقه اللذة" لحلمي سالم.
وكان لكل دراسة خاص بها، فلا تتكرر المداخل أو ملامح الدراسة وجاءت كل دراسة في فصل يبحث الأول في الموضوع الشعري باعتباره أحد أهم التطورات التي لحقت بقصيدة النثر، بعد أن غاب الموضوع كما تم تلخيص ذلك في رقم ٢ و ٥ من النقاط السبع أنفة الذكر، وإذ يتحقق ذلك في الديوان ويكون الموضوع هو القصيدة، وأن القصيدة تخلق موضوعها، حيث لا يكون ثمة غرض سابق - جاهز في ذهن الشاعر، ففي اعتقادي هذا أكبر التحديات التي واجهت قصيدة النثر واحتاج التغلب عليها إلى مهارات فائقة، كشف الفصل الأول من الدراسة هذا الإجراء وأسبابه ونتائجه والقيمة الجمالية والفنية المترتبة عليه.
والفصل الثاني يتعلق بالنقطتين ١ و ٢ من النقاط السبع السابقة، من خلال قراءة ذلك في بعض إبداع محمد سليمان، وكيف يسد بناء الصور والمجاز فجوة غياب الموضوع متتبعا الإجراءات الإبداعية المتخذة في هذا السياق لبناء قصيدة تظل معدودة ضمن الشعر الجيد بعد أن غاب عنها الموضوع، ولا يخفى أن هذا أحد التحديات التي تواجه المبدع في هذه الحال.
والفصل الثالث ينطلق من النقطة الرابعة قضية الشاعر في بناء القصيدة). من خلال دراسة ديوان يتحدى المفاهيم التي تشكل أطر إدراكنا للنوع الأدبي (الشعر)، فيمزج النثري بالشعري وتتداخل الفنون فيه بصورة فذة، ويشكل النثر ٢٤ من حجم الديوان متحديا بذلك المفاهيم النقدية لدينا عن الشعر، ويظل الديوان رغم ذلك شعراً وهذا مما يحتاج إلى وقفة نقدية تفحص هذا الإجراء لاستخراج القيمة الفنية فيه.
والفصل الرابع ينطلق من النقطتين ٦ و ٧ وأن الهدف متضمن في الكتابة وكيف تطرح الكتابة الموضوع، وتم استكشاف الأبنية اللغوية لديوان (فقه اللذة) من خلال الدراسة النصية لأبنية الكلام وكيف تُسهم هذه الأبنية في تحقيق جمالية شعرية تخص قصيدة النثر.